هل نسفت أحكام إنستالينغو في تونس أي فرصة للحوار؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
أثارت الأحكام القضائية بتونس، في ما يعرف بملف"إنستالينغو"، مخاوف كبيرة عند السياسيين والحقوقيين والصحفيين، واعتبرت بمثابة التصعيد الخطير الذي سيزيد من تأزم الوضع والنسف الحقيقي لكل حديث عن التهدئة وإمكانية الذهاب إلى حوار وطني.
وبصدور الأحكام التي وصفت"بالقاسية جدا والجائرة"، والتي تراوحت بين خمس سنوات و 54سنة سجنا مع مصادرة أملاك بعض المتهمين وغرامات مالية مع منع من الترشح للانتخابات، أكد المتابعون للشأن السياسي أن التبعات ستكون سيئة وستزيد من تعمق الأزمة.
"أحكام تصعيدية"
وقال الأكاديمي والأستاذ الجامعي زهير إسماعيل"الوصف شبه المجمع عليه حول الأحكام الصادرة في قضية إنستالينغو، أنّها أحكام ثقيلة وقاسية جدّا، وهو انطباع حاصل حتى عند من لم يستوعب ملف هذه القضية المعقدة على ما يبدو، وتعقيد هذه القضية يأتي من أنّها شملت السياسي ورجل الأعمال والأمني والصحفي من مشارب مختلفة".
وأوضح الأكاديمي في حديث خاص لـ"عربي21" أنه "يعود سبب هذا الانطباع حول قسوة الأحكام إلى ما راج من حديث عن الانفتاح والتهدئة "صادرة عن منظومة 25 يوليو، الحاكمة نفسها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة والملابسات التي حفّت بها ونسبة المقاطعة التي فاقت الـ70 بالمئة".
يشار إلى أن تسريبات إعلامية قد تحدثت مباشرة بعد الأحداث التي شهدتها سوريا وسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، عن قرب الدخول في حوار وطني بتونس لتوحيد الصف وتجاوز الخلافات، كما تزامن ذلك مع مبادرة برلمانية تقدم بها عدد من النواب تدعو إلى حوار وطني وإطلاق سراح معتقلي الرأي وتأكيد إرساء المحكمة الدستورية واستقلالية القضاء.
بدوره قال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغير"الحوار مطلبنا الرئيسي كحزب معارض وهو من بين أسباب اعتقال الأمين العام لحزبنا عصام الشابي، ولكن نحن على يقين على أن ماتم تسريبه من حوار سيدعو له النظام القائم لا أساس له من الصحة".
وشدد الصغير في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "كل حديث عن حوار وطني من النظام مجرد إدعاءات كاذبة، والأحكام الصادرة يقين على ذلك وهي أحكام للتنكيل بالمعارضة وتؤكد النزعة الاستبدادية لهذا النظام"على حد تعبيره.
وأضاف الصغير"لم يعد هناك أي مجال للشك أنه وبعد صدور الأحكام أن المنظومة قائمة على التشفي والتنكيل بمنافسيها وخصومها،الأحكام قاسية فحتى من يرتكب جرائم قتل لاتسلط عليه مثل هذه الأحكام".
يشار إلى أن الأحكام والتي شملت أكثر من 40 اسما بين وزراء سابقين وأمنيين وصحفيين قد تجاوزت في مجموعها وفق هيئة الدفاع أكثر من 760سنة سجنا وهي أحكام غير نهائية قابلة للطعن وفق القانون في غضون 10 أيام.
وشدد وسام الصغير على أن "الأحكام حملة تصعيدية ومواصلة في خيار إسكات كل صوت معارض لمنظومة الحكم".
أي دور للمعارضة؟
وعن دور المعارضة في الخروج من الأزمة رد الصغير"عليها أن تبقى صامدة وصوتا يعبر عن حجم الانتهاكات حتى لانصل لحالة من التصحر وهو ما تسعى له السلطة الحالية" وفق تقديره.
وأردف الصغير"على المعارضة أن تبقى صوتا منددا ومشهرا بكل الإخلالات والإنتهاكات التي تقترفها منظومة الحكم،وهذه مسألة على غاية الأهمية ولاتراجع عنها"مشيرا"لابد من مراجعات جذرية عند المعارضة لتموقعها وخياراتها واسلوب فعلها وتقاربها في ما بينها وتجاوز خلافاتها".
من جانبه قال الأكاديمي زهير إسماعيل "المعارضة تقر بضعفها وتشتتها لأسباب ذاتية العجز عن الالتقاء على مشترك وطني وأخرى موضوعية طي صفحة الانتقال لا تخفي بأنّ الأحكام القاسية وظروف إصدارها لا تنمّ عن قوة الحكم وترى فيها عنوان ضعفه وعجزه عن مواجهة الأزمة المركبة والمتفاقمة".
وتابع"كما لا ترى فيها وعيا منه بخطورة الأزمة وحجمها وتحدّيها الاجتماعي الأخطر ولا تلمح من خلالها اعتبارا بزلازل المنطقة وآثارها إقليميا وعالميا منذ طوفان الأقصى، ويمثل انهيار نظام البعث في سوريا وتداعياته الاستراتيجية أهمها، وإيقاف العدوان على غزة وملابسات الاتفاق المبرم بين المقاومة والكيان أحد منعطفاتها".
ولفت الباحث "من الواضح أن رد فعل المعارضة بخصوص الأحكام يفصح، رغم إظهارها التفاجؤ بها، عن موقف ضمني يسعى إلى عدم رد الفعل لتجنب نتيجته الوحيدة المتمثلة في حالة توازن الضعف، والسبب العميق أن هذا التوازن بين الحكم والمعارضة يؤبّد الأزمة بتأبيد شروط إدارتها بدل حلّها".
ورأى اسماعيل "تبدو المعارضة أميل إلى الانسحاب، بتقدير أن الانسحاب يبسّط المعادلة السياسية ويترك السلطة في مواجهة مباشرة مع الاستحقاق الاجتماعي، وهو في حقيقته انسحاب مفروض بقدر ما يشهد عن تجريف متواصل باسم الوحدة الوطنية الصمّاء برنامجا للحكم ينطق بعجز المعارضة البنيوي عن بناء مشترك وطني لا بديل عنه لاستعادة الديمقراطية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المعارضة تونس معارضة سجن قيس سعيد المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حوار وطنی
إقرأ أيضاً:
البردعي: عراقيل كثيرة تعيق برلمان الشباب... ولا تنمية دون إشراكهم (حوار)
انطلقت الأربعاء الماضي بمدينة الرباط، أشغال الدورة السابعة من البرلمان المغربي للشباب، الذي يستهدف الشباب المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 17 و27 سنة.
وللتعرف أكثر على أهداف هذه المبادرة والتحديات التي تواجهها، وكذا على مستجدات الدورة الحالية، أجرى « اليوم 24 » حوارا مع نزار البردعي، رئيس الجمعية المغربية للبرلمانيين الشباب التي تشرف على المبادرة.
بداية هل يمكن أن تقربنا أكثر من مبادرة « برلمان الشباب »؟
البرلمان المغربي للشباب هو مبادرة نشأت سنة 2019، وجاءت في سياق خاص اتسم بتفاقم ظاهرة عزوف الشباب عن العمل السياسي والحزبي، ونحن انطلاقا من إيماننا بأن الشباب المغاربة يجب أن يتدرجوا في العمل السياسي ويشكلوا حلقة مهمة في تنمية بلادهم، ارتأينا أن نخلق منصة تمكننا من التواصل كل سنة مع مشاركين يأتون من مختلف جهات المملكة، في احترام لمبدأ المناصفة بين الذكور والإناث، ولعدد المقاعد بمجلس النواب.
هؤلاء الشباب يجتمعون سنويا في مدينة الرباط، وينتظمون في ست لجان برلمانية، يشتغلون في إطارها على مشاريع قوانين تغطي مختلف الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، التي لها علاقة بمواضيع الساعة.
حاليا هذه دورتنا التشريعية السابعة، وقد فكرنا هذه السنة في الانفتاح على مجموعة من المؤسسات الدستورية، حيث كان لنا لقاء مع السيد رئيس المحكمة الدستورية، كما نظمنا يوما دراسيا بشراكة مع الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، حول موضوع اللامركزية والجهوية المتقدمة، بحضور كاتب الدولة في التجارة الخارجية، وكذلك كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، إضافة إلى لقاء آخر مع خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
كم عدد المشاركين في الدورة الحالية وما هي المواضيع المطروحة؟
يشارك في هذه الدورة 100 شاب وشابة من خيرة الشباب المغاربة المدفوعين برغبة حقيقية في التغيير، تم اختيارهم من بين حوالي 2500 شخص تقدموا بطلب للمشاركة.
وبخصوص المواضيع المطروحة في هذه الدورة، فتتمثل في مشروع قانون متعلق بتنظيم الممارسات التجارية وحماية القدرة الشرائية للمستهلك، ومشروع قانون متعلق بتحديث أنظمة النقل ومعايير السلامة الطرقية، إلى جانب مشروع قانون متعلق بإصلاح منظومة البحث العلمي ودعم ريادة الأعمال الجامعية، ثم مشروع قانون متعلق بالدبلوماسية الاقتصادية وجاذبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب.
كل هذا إضافة إلى مشروعين باللغة الفرنسية، يتعلق الأول بتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية وإدماج الأسر، فيما يهدف الثاني إلى تحسين وإصلاح البنيات التحتية للتطهير والماء الصالح للشرب.
انطلاقا من التجربة التي راكمتموها على مدى ست دورات هل تعتقدون أن هذه المبادرة قادرة على حل مشكلة العزوف السياسي عند الشباب؟
هذا المشروع راكم ولله الحمد تجربة كبيرة واستطاع أن يكسب ثقة مجموعة من المؤسسات، كما ساهم في التحاق مجموعة من الشباب بأحزاب سياسية مختلفة ومشاركتهم في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، ونحن الآن مقبلون على سنة انتخابية جديدة، ونتمنى أن تبذل الأحزاب السياسية مجهودا أكبر من أجل إدراج الشباب في لوائحها، سواء في الانتخابات التشريعية أو المحلية.
وهنا أود أن أذكر بأننا في الجمعية المغربية للبرلمانيين الشباب لا نقوم بانتقاء الشباب واقتراحهم على أحزاب معينة، فنحن مؤسسة تابعة للمجتمع المدني، وليس لنا أي انتماء حزبي، وما يحركنا هو الرغبة في مساعدة الشباب على فهم كيفية اشتغال المؤسسات التشريعية، وإيصال صوتهم ومقترحاتهم بخصوص المواضيع الراهنية.
ونحن اليوم عندما نرى أن هناك مؤسسات تستقبلنا كشباب وتصغي إلينا، نشعر بأننا حققنا الهدف من وراء هذه المبادرة، وإن كنا ندرك أننا لن ننجح أبدا بمفردنا في بلوغ كل ما نسعى إليه، لذلك نتمنى أن يفهم الفاعلون السياسيون أن الشباب يملكون الحل الحقيقي من أجل تطوير بلادنا، وأن لا تنمية يمكن تحقيقها دون إشراكهم.
ما هي التحديات التي تواجهكم؟
هناك عراقيل كثيرة تعيق عملنا، بدءا من الجانب اللوجيستيكي، مرورا بالجانب المالي، ووصولا إلى الجانب التنظيمي والتأطيري، كل هذا في ظل ضعف في الإمكانيات المتوفرة لدينا، ورفض مجموعة من المؤسسات حتى التواصل معنا، علما أننا لا نطالب بأمور كثيرة، فنحن مجرد شباب لديهم رغبة في إسماع صوتهم وإيصال أفكارهم، وهناك من المشاركين من تكبد عناء السفر من مدن بعيدة، وسخر وسائله الذاتية من أجل الالتحاق بنا في مدينة الرباط، لذلك نتمنى أن تمد لنا يد العون من طرف الجهات المسؤولة حتى نتمكن من تطوير هذا المشروع وإيصاله إلى الشباب في مختلف مناطق المملكة.
هل تؤخذ توصياتكم بعين الاعتبار من طرف الجهات المعنية؟
نعم، هناك بعض التوصيات يتم أخذها بعين الاعتبار، ومنها مشروع قانون متعلق بتطوير الأرضية الرقمية في المغرب، كنا اشتغلنا عليه سنة 2022 وتم التفاعل مع توصيات المشاركين في برلمان الشباب بخصوصه، والحمد لله أصبحنا نلتقي عقب كل دورة بالمؤسسات والقطاعات الوزارية المعنية، ونقدم لها تقريرا تفصيليا يضم المقترحات والتوصيات التي توصلنا إليها.
وإن شاء الله هذه السنة أيضا سنقوم ببرمجة هذه اللقاءات، ونتمنى أن نرى التوصيات التي نتقدم بها مجسدة على أرض الواقع، وأن لا تبقى حبرا على ورق، لأنها تضم أفكارا جدية، فمن تقدموا بها هم شباب من خيرة أبناء هذا الوطن، لا تنقصهم سوى ثقة المؤسسات.
كلمات دلالية الجمعية المغربية للبرلمانيين الشباب العزوف السياسي برلمان الشباب نزار البردعي