قراءة خلف السطور لحديث البرهان
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يقول ماكس فيبر عن الشرعية ( أن نظام الحكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه المواطنون بأن ذلك النظام صالح و يستحق التأييد و الطاعة)
جاءت ردود الفعل متعددة و متباينة و بعضها تغلف بشيء من الحدة على كلمة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش التي كان قد القاها أمام "القوى الوطنية السياسية المجتمعية" ببورسودان.
و أيضا يمكن القول؛ أن سبب ردود الفعل المتباينة؛ لكلمة البرهان لأنها نقلت الحديث من السر إلي الجهر، و من التفكير الذاتي المغلق إلي التفكير الجمعي بصوت عال،.. و هنا يأتي السؤال لماذا قرر البرهان أن يقول كلمته السياسية أمام " جمع سياسي" و ليس في منبر عسكري؟ مع العلم أن البلاد ما تزال في حالة حرب.. لأن كلمة القائد العسكري في المنابر العسكرية لا تناقش بل هي لرفع الروح المعنوية و توجيهات للتنفيذ .. أما المنبر السياسي يقبل الخلاف و المجادلة حول الرؤية المطروحة و لا يقبل المسلمات.. و بدلا من التخيلات التي لا تسندها وقائع أن تطرح القضية بكلياتها أمام الناس لمعرفة الأراء المختلفة و المتدثرة.. فالخروج بالتفكير إلي العلن هو الذي أدى إلي هذا الحراك السياسي و تقديم الأراء رغم حدة بعضها، و من الضروري أن يخرج النفس الحار من الصدور حتى يستطيع الناس أن يفكروا عقلانيا.. أن غياب القوى السياسية و عجزها أن تقدم تصوراتها تجعل الآخرين يفكرون نيابة عنها، و يملأوا الفراغ الذي تخلفه في الساحة السياسية..
في هذه المقال أطرح أربعة قضايا خلافية و أحاول أقدم فيها رؤية مغايرة للذ تم طرحه في كلمة رئيس مجلس السيادة البرهان:-
القضية الأولي – الوثيقة الدستورية التي ذكرها البرهان و قال أنهم بصدد تعديلها.. أن الوثيقة كانت قد أتخذت شرعيتها بشرعية ثورية و ليست دستورية، و تعديلها أيضا تنقصه الشرعية، و يصبح وضع شاذ جديد في الساحة السياسية.. و المكون العسكري موافق عليه لآن الحركات متمسكة بالوثيقة، ليس لمصلحة عامة، و لكن لكي تبقي علي " اتفاق جوبا" الذي يعطي قيادتها أمتيازات عن الأخرين، رغم أن الحرب جعلت كل ولايات السودان دون استثناء تعاني من التهميش.. و الأفضل الرجوع لشرعية دستورية كان متفق عليها من أغلبية القوى السياسية، و هو دستور 2005م و الذي تترتب عليها نقلة مباشرة للشرعية الدستورية، أي انتخاب رئيس للجمهورية، و الذين يريدون استمرار الجيش في قمة السلطة عليهم بترشيح القائد العام لرئاسة الجمهورية بعد استقالته من موقعه في الجيش، و تكون البلاد انتقلت مباشرة للشرعية الدستورية...
القضية الثانية – السبب الذي أغضب العديد من النخب الإسلامية من كلمة البرهان هي بعد الكلمة من أدبيات السياسة و الدبلوماسية .. إذا كان البرهان قال أن الفترة التأسيسية لا تشارك فيها أية قوى سياسية فقط تشكل من التكنقراط كان حسم الموقف تماما..
القضية الثالثة – غضب الجماهير من قول البرهان أننا سوف نرحب بأي شخص ينزع يده من الجانب الأخر و يتخذ موقا وطنيا.. أن الجماهير رافضة مقولة " عفا الله ما سلف" و هي كلمة مشجعة للأخرين أن يمارسوا ذات الفعل مرة أخرى.. و بالتالي لابد من الإشارة إلي المحاسبة بقدر الجرم الذي وقع من أية شخص.. من الصعب جدا أن تكسب الجماهير عبر مراحل طويلة و سهلا تخسرها بكلمة واحدة.. لا اعتقد هناك أية شخص مع ممارسة افعال الانتقام و لكن ترسيخ مبدأ العدالة مسألة ضرورية في المجتمع حتى لا ينحرف إلي العنف و أخذ الحق باليد..
القضية الرابعة – أن أية سلطة دون جهاز رقابي و محاسبي هي دعوة صريحة للمفسدة.. إذا أصرت السلطة الحالية أن تشكل جهاز تنفيذي من التكنقراط يجب عليها أن تشكل مجلس تشريعي من خلال قيام انتخابات لمجالس الأحياء، و كل ولاية تبعث مناديب يتم اختيارهم انتخابيا من هذه المجالس ليكونوا المجلس التشريعي.. أن شرعية وضع اليد لن تصلح البلاد غير أنها تخلق خلافات عميقة بين الناس..
الحكم ليس شعارات تطلق في الهواء، أنما هي أفكار تقدم للحوار، و الغريب أن الأحزاب المناط بها تقديم المبادرات و الأفكار، أصبحت مجموعة من العناصر تقدم انتقادات سالبة لرؤى الآخرين، دون أن تقدم بدائل للأراء التي ينتقدونها.. صحيح أن الحرب قد وحدت قطاع عريض من الشعب و وقف مع الجيش في معركة الكرامة، و البعض الأخر ذهبوا مقاتلين في الاستنفار و المقاومة الشعبية، هؤلاء جميعا كان هدفهم الانتصار على الميليشيا حتى لا يكون لها وجد مستقبلا إذا كان عسكريا أو سياسيا.. و أيضا عدم الرجوع إلي فترة ما قبل 15 إبريل 2023م .. هذا التحول السياسي لا يمكن التنازل عنه، و الحرب أيضا سوف تخلق قيادة جديدة في المجتمعات السودانية في الأقاليم المختلفة.. هذا التحول يجب قيادة الجيش أن تدركه و تعرف كيف تتعامل معه في ظل الصراع على السلطة.. نسأل الله حسن البصيرة..
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى السیاسیة
إقرأ أيضاً:
«الجبهة الوطنية»: كلمة الرئيس السيسي تأكيد جديد على الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية
أكد الدكتور عمرو سليمان أمين مساعد الأمانة المركزية للأزمات والتدخلات العاجلة بحزب الجبهة الوطنية، إنّ كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة بشأن الأوضاع في قطاع غزة شكّلت تأكيدًا جديدًا على الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية.
وأضاف، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية هبة فهمي، عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن القضية الفلسطينية تعد قضية محورية لمصر، وهناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، لا سيما في ما يتعلق برفض التهجير القسري ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن مصر لم تكن فقط أكبر دولة أدخلت مساعدات إنسانية لغزة، بل قامت بذلك عبر كافة مؤسساتها: من القوات المسلحة والهلال الأحمر إلى الأحزاب والمجتمع المدني، ما يعكس التزامًا وطنيًا وشعبيًا بالوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين.
وأوضح أنّ الرسالة التي وجهها الرئيس السيسي جاءت في توقيت بالغ الأهمية، حيث بات واضحًا أن مصر تتحرك على كل المستويات: إنسانيًا ودبلوماسيًا وميدانيًا، بالتنسيق مع القوى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة الطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد أن مصر، في ظل ظروف غير مسبوقة من المعاناة الإنسانية، شددت على الحق في الحياة كحق أصيل للفلسطينيين، يفوق في أهميته الحديث عن باقي الحقوق الأساسية، مثل التعليم أو السكن أو الماء، داعيًا المجتمع الدولي إلى فرض التزام حقيقي على الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يحترم أي مواثيق دولية.
اقرأ أيضاًاليوم.. «الجبهة الوطنية» يعقد مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحه لمجلس الشيوخ في المنوفية
لها أهداف تحريضية.. «الجبهة الوطنية» يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج
إدخال 166 شاحنة مساعدات لـ القطاع.. «الجبهة الوطنية» يشيد بجهود مصر في دعم القضية الفلسطينية