المسيرات.. سلاح الحروب الحديثة الذي يغير موازين القوى
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
وتناولت حلقة برنامج "المرصد" بتاريخ (2025/2/10) الدور المحوري الذي تلعبه المسيرات في الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، وكيف تحولت من أداة استطلاع إلى سلاح رئيسي في العمليات القتالية، مما دفع الدول المتحاربة إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية من هذه التقنية العسكرية منخفضة التكلفة ومرتفعة الفعالية.
وفي مدينة لفيف الأوكرانية، لم تعد الطائرات المسيرة مجرد أدوات تكنولوجية متقدمة، بل أصبحت جزءًا من المناهج الدراسية، حيث يتلقى الطلاب تدريبات مكثفة على تشغيلها.
ويقول أحد المدربين، وهو مقاتل سابق في الخطوط الأمامية: "الحرب مستمرة، وعلينا أن نكون مستعدين. التحكم في الطائرات المسيرة بات مهارة ضرورية، سواء في الميدان العسكري أو الحياة المدنية".
وفي روسيا، ازداد إنتاج المسيرات بوتيرة غير مسبوقة، إذ تسعى موسكو إلى تصنيع 32 ألف طائرة مسيرة سنويًا بحلول عام 2030، وفق ما أُعلن خلال اجتماع عسكري ترأسه الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرًا، حيث تم الكشف عن خطط لإنشاء 48 مركزًا لإنتاج المسيرات خلال العقد المقبل.
وأصبحت الطائرات المسيرة السلاح الأكثر استخدامًا في الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تتبادل القوات الأوكرانية والروسية شن هجمات دقيقة عبر مسيرات استطلاعية ومسلحة، قادرة على التحليق لمسافات بعيدة وإلقاء القنابل على أهداف محددة.
إعلان مختبر مفتوحوتشير تقارير إعلامية إلى أن القوات الأوكرانية تعتمد على مسيرات "إف بي في"، التي تتميز بسرعة تصل إلى 60 كيلومترًا في الساعة، وقدرتها على حمل كيلوغرام من المتفجرات، مع إمكانية توجيهها عبر نظارات خاصة وأجهزة تحكم محمولة، مما يمنح الجنود رؤية مباشرة لساحة المعركة.
ومع استمرار الحرب، تحولت أوكرانيا إلى مختبر مفتوح لتطوير المسيرات، حيث تعمل شركات ناشئة على تصميم طائرات مسيرة قادرة على تجاوز أنظمة التشويش الروسية، والقيام بمهام استطلاعية وهجومية أكثر تعقيدًا، وقد أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطة لرفع إنتاج المسيرات إلى مليون وحدة سنويًا.
في المقابل، تواجه روسيا تحديات في تأمين مكونات التصنيع بسبب العقوبات الغربية، إلا أنها تعتمد على مصادر بديلة مثل الصين وإيران، فضلًا عن استغلال الكفاءات المحلية لزيادة إنتاج المسيرات الهجومية والاستطلاعية.
ولم تقتصر استخدامات المسيرات على الحرب الروسية الأوكرانية، بل امتدت إلى ساحات قتال أخرى حول العالم، حيث غيّرت تكتيكات المعارك التقليدية، وأصبحت خيارا مفضلا للجيوش النظامية والجماعات المسلحة على حد سواء.
فبكلفة إنتاج منخفضة قد لا تتجاوز ألف دولار للوحدة الواحدة، يمكن لطائرة مسيرة أن تحدث أضرارا تفوق بأضعاف تكلفتها.
وباتت الطائرات المسيرة سلاحا لا غنى عنه في الحروب الحديثة، فإن استخدامها المتزايد يثير مخاوف أمنية عالمية، خاصة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي قد تجعلها قادرة على اتخاذ قرارات هجومية ذاتية دون تدخل بشري، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيدا وخطورة في النزاعات المستقبلية.
10/2/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الطائرات المسیرة إنتاج المسیرات
إقرأ أيضاً:
يعنينا فهم روسيا وليس أن تفهمنا
من الواضح أن أمريكا لم تعد القطب الأوحد ولم تعد من يحكم العالم كما كان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ولكن الواضح أيضاً هو أن أمريكا تتصرف كأنها الحاكم لمنطقة ما تسمى الشرق الأوسط..
ولا أستطيع فهم تصرف الأقطاب الأخرى مثل الصين وروسيا تجاه هذا الوضع أو التموضع الأمريكي وبما لم يعد في أي منطقة..
الطريقة التي دخلت بها روسيا إلى سوريا للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب ـ كما قيل ـ كانت غامضة، ولكن الأكثر غموضاً، بل واللغز المحير كان في الطريقة التي تم بها ترحيل وإسقاط نظام بشار الأسد..
في العدوان على إيران طرحت علامات استفهام حول ما إذا كانت روسيا أدت دورها بالحد الأدني كحليف مع إيران في ظل ما تمثله إيران من مصالح كبرى لروسيا وللأمن القومي الروسي، فهل مثل هذا يمثل إضافة للغموض أم هو شيء غير ذلك؟..
عندما نتابع حالة الأنظمة العربية ومواقفها من جرائم الإبادة الجماعية واستعمال التجويع كسلاح وهو ما لم يحدث مثله في العصر الحديث فهذا يعيدنا ربطاً بالغموض الذي أشرنا إليه إلى سايكس بيكو القديم كمخاض لجديد أو للجديد، وهذا بين الاستنتاجات والاحتمالات، مع أنه بات صعباً كثيراً السير في مقايضات، بل إن العصر وواقع العالم المتغير يفقد مثل هذه المقايضات المحتملة واقعها وواقعيتها ولكنها تظل غير مستحيلة «على الأقل»..
ولهذا يعنينا أن لا نغرس رؤوسنا في الرمال تجاه هذا الاحتمال أو غيره في هذه المرحلة المفصلية والصعبة..
المفكر الروسي الكبير «الكسندر دوجين» بين طرحه عن المنطقة يركز على أهمية وضرورة توحد المسلمين وهو يعرف أكثر مما أعرف صعوبة واستعصاء هذا التوحد وبسبب المتراكم الأمريكي، فإذا الهدف تحميل العرب والمسلمين المسؤولية فذلك متحقق ـ مع الأسف ـ ولكن ماذا عن المصالح الكبرى لروسيا والصين بالمنطقة وفى ظل الأمر الواقع للمتراكم الأمريكي؟..
إنني بهذا التعاطي لا أريد التأثير بأي قدر على إنجازات المنطقة بالتحالف وحتى العلاقات مع الصين وروسيا والتواصل القوي والمستمر بل إن الاجتماع الثلاثي بين الصين وروسيا وإيران في طهران يؤكد شراكة استراتيجية إن لم تكن تحالفات استراتيجية..
طرح مستوى من الغموض أو طرق علامات استفهام يمثّل حاجيات للفهم والتفكير في إطار الحرية الواعية أو المقيدة بالوعي..
في خيار العالم المتعدد الأقطاب والأكثر عدالة فإن الصين وروسيا والاصطفاف العالمي هما في حاجة لهذه المنطقة مثلما المنطقة بأمس الحاجة للسير في خيار العالم المتعدد الأقطاب..
مثل هذا الهدف العالمي الكبير يحتاج لتجاوز تموضعات المنطقة بل وإلى مواجهة بكل الوسائل والسبل للمتراكم الأمريكي أياً كان تجذره أو تأثيره..
يعنينا ومن جانبنا أن نتعمق في قراءة التجارب، فالسوفيت مثلاً نصحوا عبدالناصر ـ مجرد نصيحه ـ أن لا يكون البادئ في الحرب ١٩67م لأن أمريكا تهدد باستعمال النووي ونتوقف عند نقطتين:
الأولى .. أن جمال عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة التي كانت تفصل بين مصر والكيان الصهيوني أصبح في الحرب فعلاً..
الثانية أن السوفيت قدموا لعبدالناصر مجرد نصيحة كان بمقدوره أن لا يأخذ بها..
وإذاً لا يفترض ربط أو تبرير فشلنا أو هزائمنا بالسوفيت أو بغيرهم..
مثل هذا علينا إسقاطه على الأحداث القائمة، وهاهي إيران على سبيل المثال استطاعت احتواء الصدمة لليوم الأول للعدوان أو ليومين واستطاعت أن تسير في رد هو الأقوى جعل إسرائيل من خلال أمريكا استجداء إيقاف الرد الإيراني حتى أن إسرائيل لم تعد تتحمل الحرب وليومين فقط..
ويكفي أن إيران ربما اشتكت أو احتاجت لتلميح عن قصور من الحليف الروسي في هذا، ولكنها أدت واجبها ونجحت في صد العدوان في ظل مشاركة أمريكية كاملة في الإعداد والتحضير للعدوان ثم بالمباشرة في هذا العدوان، والحديث عن نواقص أو قصور بعد ذلك جائز بل ومطلوب للسير إلى ثقة أكبر وأعلى وعلى طريقة «العتاب صابون القلوب»..
تموضع ومواقف أنظمة عربية كثيرة نعرفها وهي معروفة في السياق التاريخي والمتراكم مما يجعلها متوقعة..
الحرب النفسية الإعلامية على شعوب المنطقة باتت الفاعل الأهم، لأنها تمارس ترويض المنطقة إسرائيلياً من خلال الشعوب والمزيد من ترويض هذه الشعوب لأنظمة خائنة بالأمركة والصهينة هو بالتلقائية لصالح الكيان الصهيوني، وكل هذا يستوجب أن شراكة المصالح في تحالفاتنا واستمرار واستمراء خط الأمركة والصهينة عربياً هو خيانة الحاضر والمستقبل!!.