مصطفى بيومي.. ناقد أنصف «المسكوت عنه فى الأدب والحياة»
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مصطفى بيومى لم يكن مجرد أستاذ أو مفكر، بل كان ظاهرة ثقافية تعكس عمق الأدب والفكر العربي. أعماله وأفكاره لمست أجيالًا، وزرعت فيهم حب الأدب وشغف المعرفة.
مصطفى بيومى لم يكن مجرد ناقد أدبى وروائى بارع، بل كان صاحب رؤية ثقافية متفردة، استطاع من خلالها أن يعيد قراءة الأدب العربى بعين ناقدة تلتقط الجوانب المسكوت عنها، وتكشف عمق النصوص الأدبية.
لكن مصطفى بيومى لم يكن ناقدًا فحسب، بل كان إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ. كان صاحب قلب كبير ويد ممدودة دومًا لكل من يمتلك الموهبة ويحتاج إلى الدعم. آمن بأن الكتابة ليست مجرد مهارة، بل موهبة تحتاج إلى من يكتشفها ويرعاها، وكان هو ذلك الداعم الحاضر دائمًا، الذى لم يبخل بنصيحة أو توجيه. كثير من الكتّاب الشباب مدينون له، فقد كان الناصح الأمين، والمحفز الأول لهم، والمؤمن بقدرتهم حتى قبل أن يؤمنوا هم بأنفسهم.
على المستوى الشخصي، كان لى شرف العمل معه، والتعلم منه، بل والتقرب منه كأخ أكبر وأب روحى وصديق حقيقي. كان من أولئك الأشخاص النادرين الذين يتركون أثرًا عميقًا فى حياة من يعرفهم، ليس فقط بما يكتبونه، بل بما يغرسونه فى القلوب من قيم الحب والعطاء والإخلاص. ستظل ذكراه حيّة، لا فقط فى كتبه وإبداعاته، بل فى نفوس كل من عرفوه وتعلموا منه معنى الإنسانية قبل الأدب.
لطالما كان أدب نجيب محفوظ مرآة عاكسة للتحولات الاجتماعية والسياسية فى مصر، حيث عالج فى رواياته قضايا شائكة بأسلوب يجمع بين الواقعية والرمزية، ورغم كثافة الدراسات النقدية التى تناولت أعماله، لا تزال هناك موضوعات ظلت بعيدة عن الضوء أو لم تحظَ بالنقاش الكافي.. ولم يهتم النقاد بدراسة وتحليل أدب نجيب محفوظ مثلما اهتم مصطفى بيومى فأذدر العديد من الدراسات التى تناولت إبداعاته، ومن تلك الدراسات المهمة كتاب "المسكوت عنه فى أدب نجيب محفوظ" الذى يسعى إلى كشف القضايا المسكوت عنها فى أدب محفوظ، مسلطًا الضوء على الجوانب الجريئة التى طرحها الروائى الكبير فى أعماله.
على الرغم من كثافة التناول النقدى للكاتب الكبير، فإن عشرات الجوانب فى عالمه لم تحظ ببعض ما تستحقه من اهتمام وتحليل، ومن هنا تأتى هذه دراسة مصطفى بيومى التى تضم اثنين وعشرين بابًا، وتتناول بعض المسكوت عنه نقديًا.
يركز مصطفى بيومى فى كتابه على تحليل الموضوعات التى تجنبتها بعض الدراسات التقليدية، مثل علاقة السلطة بالمجتمع، وأدوار المؤسسة العسكرية والشرطة، إلى جانب قضايا اجتماعية حساسة كالقمار، والانتحار، والطلاق، والشذوذ الجنسي. ومن خلال هذا التحليل العميق، يكشف بيومى كيف استطاع محفوظ توظيف الأدب لمناقشة قضايا جوهرية بأسلوب يتسم بالذكاء والعمق، ما يعزز من فهمنا لمشروعه الإبداعى ورؤيته النقدية للمجتمع المصري.
يقول مصطفى بيومي، فى مقدمة موسوعته المهمة عن المسكوت عنه فى عالم نجيب محفوظ الروائية، «يمثل نجيب محفوظ قيمة مضيئة فى تاريخ الثقافة المصرية، والعربية والإنسانية، ذلك أنه يقدم نموذجًا فذًا للمثابرة والجدية والدأب من ناحية والتمسك بالتفاعل الإيجابى مع معطيات الواقع الاجتماعى دون إهمال التجديد الفنى من ناحية أخرى».
وتستحق هذه الموسوعة المهمة أن نعرض لها تفصيلًا لولا ضيق المساحة المتاحة، وهو ما سنحاوله فى أقرب وقت تقديرًا لروح أستاذنا الراحل الكبير.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصطفى بيومي مصطفى بیومى المسکوت عنه نجیب محفوظ لم یکن بل کان
إقرأ أيضاً:
أزمة الباحثين مع شركات الدراسات..
عبدالرحمن الشقير*
في ظل التقدم الملحوظ في حوكمة الإنفاق العام عبر منصة “اعتماد”، برزت ثغرة مقلقة تتكرر في مشاريع تقديم الخدمات الاستشارية؛ وهي قيام بعض الشركات بإدراج أسماء خبراء وسيرهم الذاتية في العروض الفنية دون علمهم أو موافقتهم، لمجرد استيفاء متطلبات التقييم الفني.
وقد تعرضت شخصيًا لذلك أكثر من مرة، منها إدراجي دون علمي في عرض فني لمشروع أعمل فيه مستشارًا لدى الجهة المالكة، ما وضعني في موقف تضارب مصالح غير حقيقي.
وفي حالة أخرى، شاركت فعلًا في إعداد عرض علمي، وجرى استبعادي لاحقًا دون مبرر، رغم مساهمتي الجوهرية؛ وفي حالات أخرى استُخدم اسمي لدعم عروض لم أتواصل معها إطلاقًا.
هذه الممارسات تمثل انتهاكًا للبيانات الشخصية، وتكشف خللًا تنظيميًا وأخلاقيًا في آليات التقديم والترسية، كما أنها تحمل مخاطر مهنية جسيمة؛ إذ قد يُدرج اسمٌ في عروض تحتوي على بنود مالية وهمية تُحتسب نظير مشاركته ولا تصله.
ولمعالجة هذه الظاهرة، أقترح:
– إلزام الشركات بتوثيق موافقة الخبير عبر “نفاذ” وربطها بـ”اعتماد”، فلا يُقبل أي عرض فني دون موافقة موثقة لكل خبير مشار إليه.
– منع صرف مستخلصات العقود إلا بعد التحقق من مشاركة الخبراء فعليًا، وربط ذلك برفع تقارير أداء المستشارين.
– فرض غرامات على استخدام السير الذاتية دون إذن، وتجميد الشركات المخالفة.
– سنّ أنظمة تجرّم سرقة الهوية العلمية، وتمنح المتضرر حق التعويض المالي والمعنوي.
– ضمان استمرار التعاقد مع الخبراء بعد فوز الشركة، ومنع استبعادهم دون سبب مهني مشروع، خصوصًا إن ساهموا في الإعداد العلمي.
إن الاستغلال غير المشروع لأسماء الخبراء يُلحق الضرر بالكفاءات ويسيء للمنظومة، ويضعف مصداقية المشاريع وجودتها، ويُربك الجهات الحكومية.
*كاتب سعودي