أقدم المدافن الأثرية بالأسكندرية.. تعرف على مقابر الشاطبي
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقوم الأسكندرية الحديثة على أطلال مدينة قديمة دفنت تحتها بفعل الزلازل فى عصور قديمة، وبسبب أعمال الهدم والبناء المختلفة تم إكتشاف أماكن أثرية عديدة سواء عن طريق الصدفة أو عبر عمليات البحث والتنقيب ومنها منطقة مقابر الشاطبى الأثرية.
تعرف بمقابر نيكروبوليس، وهى من أقدم وأشهر مقابر الأسكندرية، وتعود لعدة عصور، بداية من العصر اليوناني ( 331 ق.
تعود أهمية المقابر إلى معرفتنا باللغة الآرامية وذلك من خلال النقوش الموجودة على شواهد القبور اليهودية التى تعود للقرن الثالث ق. م ، ويعتقد أنها ليست لليهود فقط، بل دفن بها أيضا أجانب آخرين مثل أرشستراوس من أثينا وسيموتيرا من سيدون وأيضا يوجد بها موتى من تساليا وكريت وميغارا، كما يعتقد أيضا أنها للمرتزقة الذين كانوا يعملون لدى البطالمة.
يعود اكتشاف المقابر الى الكسندر ماكس دى زوجيه، الذى قام عام 1892 بالبحث فى منطقة الشاطبى وحتى الابراهيمية حتى توصل إلى إكتشاف المقابر من خلال عمليات تنقيب قام بها فريق أثرى فى منطقة سبورتنج بجوار نفق الابراهيمية ، استمرت عمليات التنقيب والحفائر منذ عام 1907 وحتى عام 1928 وتركزت بالأخص عامى 1912 و 1916 ، تتكون المقابر من أربعة قاعات ، تحتوى كل قاعة على فتحات للدفن تعلو بعضها وتصل عدد الفتحات فى الصف إلى أربعة فتحات ، كما تحتوى على زخارف ملونة وعبارات جنائزية باللغة اليونانية .
المقبرة الأولى
وهى من أوائل المقابر المكتشفة ، وتسمى مقبرة الجنود وتتكون من فناء يتوسطه عمودين من الطراز (الدوري) نسبة الى الدوري مؤسسي حضارة الإغريق ، منحوتين فى الصخر وللمقبرة سقف مقبب وبها فتحتين عثر بداخلهما هياكل بشرية يتجاوزون العشرة هياكل وعثر أيضا على عدد كبير من القطع الأثرية بحالة جيدة عبارة عن مسارج وقنينات عطور وأواني مختلفة أهمها إناء (الهدرا) التي انتشرت فى العصرين اليوناني والروماني ، وكانت تستخدم ليوضع بها رماد المتوفى بعد حرقه ومنقوش عليها مناظر جنائزية ومدون عليها إسم المتوفى باللغة اليونانية وقد عثر عليها بحالة جيدة داخل كوة منحوتة فى الصخر ، تبين أن المقبرة تم إستخدامها لأكثر من مرة فى عصور مختلفة .
المقبرة الثانية
ويطلق عليها توابيت الإبراهيمية ، وهى مصنوعة من مادة الرخام المقطوع من أحجار كبيرة وتحتوى على زخارف ، عثر على إحدى هذة التوابيت عند تقاطع شارع شيديا مع شارع كانوب ، وعثر على اثنين آخرين فى شارع مجاور لشارع ميكيرنيوس ، تعود هذه التوابيت إلى النصف الثاني من القرن الثاني للحقبة المسيحية بها ثمان درجات سلم منحوتة فى الصخر وتؤدى هذه السلالم إلى باب المقبرة ولكل تابوت مساحة أمامية بها ثلاثة مستويات كبيرة منقوشة بالنقش البارز عليها زهور وفواكه ويتدلى منها عنقود عنب كبير ، كما تحتوى أيضا على أرلعة تماثيل على شكل ذكور وتستند هذه التماثيل عاى قواعد مكعبة ، أما الجزء الداخلي يوجد به زوج من تماثيل صبية عراة أجسامهما غير متشابهة ، أما الزوايا فتحتوى على تمثالين صغيرين لشابين كل منهما يلبس رداء يسمى (أنيس) وهو عبارة عن رداء ذو أكمام طويلة يغطى الساق حتى الكاحل من خلال سروال يلف الرداء الى الظهر ويربط طرفى الرداء حول الرقبة ، والرداء يكون منفوخا عند البطن والصدر ويلبس على رأسه خوذة ، وعثر فى الجزء الجنوبي للموقع على جثتين لم يوضعا فى التابوت ، أحدها لطفلة صغيرة والآخر للأم ، كما عثر معه على شاهد قبر منقوش باللغة اليونانية ، كما وجد أيضا على أربعة وثلاثين شريحة ذهبية على شكل أواني وأعضاء تناسلية وأصابع وعثر فى القاع على ثلاثة خواتم من الذهب وفسيسفاء من القرن الثالث الميلادي .
المقبرتين الثالثة والرابعة
وهما مقبرتين أعمق من المقبرة الأولى، توجد إحداهما فى إتجاه الشمال والأخرى فى إتجاه الجنوب، عثر بداخلهما على عدد كبير من القطع الأثرية مثل المسارج والأواني الفخارية .
تستقبل جبانات الشاطبي زوارها وذلك بعد إغلاقها لمدة لمدة ثلاثة سنوات لتنفيذ مشروع ترميم وحماية الجبانات من المياة الجوفية والأمطار ، والذي قامت به مؤسسة لفنتيس القبرصية حيث قامت بترميم جميع أجزاء المقبرة واحاطتها بسور للحماية وذلك على مساحة 3500 متر مربع .
IMG-20250211-WA0008 IMG-20250211-WA0007 IMG-20250211-WA0006 IMG-20250211-WA0005المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإسكندرية IMG 20250211
إقرأ أيضاً:
حتى نحن نجهل إيران أيضا
في ظل الأوضاع السياسية الراهنة التي يمر بها محيطنا الإقليمي نلجأ إلى كنف الأدب لمحاولة فهم سياق الصراع والعنف المستشري لدى البعض الواقعين تحت سطوة الأيديولوجيا، وأحيانا نلوذ بالأدب كإعلان تضامن مع الشعوب التي تتعرّض للتدمير والقتل؛ نتيجة لوقوفها مع القضايا الإنسانية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لذلك فإن تضامننا -أضعف الإيمان- مع الشعب الإيراني جعلنا نلتفت إلى الثقافة الإيرانية؛ للتعرف على سر مكونات الشعب الصامد والمبدع والوطني أيضا؛ إذ عبّر العديد من المثقفين الإيرانيين المختلفين مع النظام، أو بعض المعارضين له عن وقوفهم ضد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، وإدانتهم لما يتعرّض له الشعب الإيراني من قصف وتدمير.
هذه الأيام قرّبتنا من السينما الإيرانية التي تُعد العمود الفقري للفن الإيراني الباهر. كما اطلعنا على المتوفر من الأدب الإيراني المترجم إلى العربية، ونعترف بالقصور على التأخير في الالتفاتة إلى هذه الثقافة المجاورة؛ للتعرف أكثر على الإنسان والمكان في تلك المنطقة.
شاهدتُ بعض الأفلام الإيرانية المتاحة على الإنترنت مثل فيلم (أبناء السماء) و(إخوة ليلى). كما اطلعت على الروايات التي كتبها أدباء إيرانيون، مثل الكاتب والروائي أمير حسن جهلتن (1956) الذي سبق أن قرأت له روايته البديعة غرام في القاهرة، وكتبتُ عنها في هذا العمود. فالمهندس المولود في طهران بدأ بنشر أعماله الأدبية أثناء دراسته الجامعية، وكانت عبارة عن مجموعتين قصصيتين. وعندما كتب الرواية مُنع عمله الأول «رثاء القاسم»؛ لأن البطل ينتمي «لفدائيي خلق» المحظورة في الجمهورية الإسلامية. أصدر جهلتن عدة روايات منها «قاعة المرايا» 1991، و«نبات المحبة» 1999، و«عشق وسيدة لم تكتمل» 2000، لكن أعماله الأهم التي اشتهرت وطبعت خارج طهران هي ثلاثية طهران «طهران مدينة بلا سماء» و«طهران شارع الثورة»، و«طهران آخر الزمان»، والعديد من الأعمال الأدبية الأخرى.
صدرت رواية خطاط أصفهان عام 2015، وترجمها عن الفارسية المترجم غسان حمدان، ونشرتها دار سؤال عام 2023. وتدور أحداثها في مدينة أصفهان عاصمة الدولة الصفوية قبل سقوطها عام 1722م في أيدي قبائل الباشتون الأفغانية، بعد حصار استمر ما يقارب نصف السنة، تعرضت خلالها المدينة إلى مجاعة قاتلة، وانتشار مرض الطاعون.
تبدأ الرواية بافتتاحية خبر انقضاء فترة عزاء والد السارد الذي لا نعرف اسمه؛ إذ توقف عن الحديث بمجرد حصوله على مخطوط قديم في صندوق والده المتوفى، لينوب عنه اللهيار حفيد أشهر خطاط في أصفهان. طعّم الكاتب مقدمة الرواية بمعلومات مشوقة تحبس القارئ بين صفحات الرواية حتى نهايتها، وهذا أسلوب يتمتع به الكاتب جهلتن. وقد سبق الإشارة إلى ذلك عند الحديث عن روايته غرام في القاهرة.
فالراوي الذي وجد مخطوط شجرة العائلة المكتوب عام 1850م، يخبر زوجته أنه اكتشف أن هناك دماء فرنسية في دمه، ولكنها ردت عليه «أنا متيقنة أن كثافة تلك الدماء لا تبلغ دم العرب والأتراك والمغول»؛ كرمزية للتقارب بين الأعراق في تلك المنطقة.
كانت الوثيقة التي حملت متن الأحداث تشير إلى مجيء الوفد الفرنسي إلى إيران «في أوائل القرن الثامن عشر كانت ماري بيتي قد أوفدت إلى بلاط إيران مع وفد فرنسي بأمر من ملك فرنسا لويس الرابع عشر، ومع أنها لم تكن تملك أي منصب واضح في ذلك الوفد إلا أنها كانت تقدم نفسها بوصفها ممثلة عن أميرات فرنسا». وكان اللهيار (الذي تولى سرد الحكاية) قد اكتشف سر لوحة المرأة الإفرنجية التي وضعته، ثم تخلت عنه ورجعت إلى باريس مثلما أخبره جده عن اقتراب أجله.
بعد ذلك تبدأ الأحداث في التصاعد على خبر بداية محاصرة الأفغان للمدينة التي بدأت تتلاشى فيها عناصر الأمان والاطمئنان، فبدأ الناس بتجميع المؤن، وظهرت بوادر المجاعة التي قضت على خطاط أصفهان الشهير المهتم بكتابة الشاعر جلال الدين الرومي، وتحمّل في ذلك مشقة الازدراء من قبل السلطتين السياسية والدينية؛ إذ كان ينبذ التعصب المذهبي والطائفي، ويشيع المحبة بين الناس.
لا يمكن اختزال الرواية في المعاناة التي تعرّض لها المحاصرون والجياع، وهو مشهد يُذكّرنا بما يحدث الآن في غزة. ولكن رواية «خطاط أصفهان» تتعمق في تفاصيل الفترة الزمنية التي تتحدث عنها أيام الدولة الصفوية من صراع طائفي وتشدد مذهبي. في النهاية يتوصل القارئ الحصيف للرواية إلى فهم العبارة التي ذكرها السارد في مقدمة الرواية «مع أننا إيرانيون لكننا لا ندري بالضبط ما يعني أن نكون إيرانيين؛ فهذا الأمر لغز بالنسبة لنا. كما أن الاستمرار التاريخي لهذه البلاد سر في حد ذاته». وهنا نتفق مع السارد أننا أيضا نجهل الكثير عن الثقافة الفارسية التي تقترب مع الثقافة العربية أكثر مما تبتعد.