«عيد».. عاقلٌ وحيد يُتهم بالجنون في عالم مختل!
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
قدمت فرقة الشفق المسرحية عرضها المسرحي «عيد»، في اليوم الثاني والأخير من الليلتين اللتين أحيتهما يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وكانت الليلة الأولى بتقديم العرض المسرحي «أصبع روج»، وذلك على مسرح كلية الدراسات المصرفية والمالية ببوشر.
في الليلة الثانية، وقبل انطلاق العرض المسرحي، الذي رعاه المكرم الدكتور عبد الكريم بن جواد اللواتي، عضو مجلس الدولة، تم تكريم عدد من الجهات الداعمة والشخصيات المسرحية، كما كانت الفرصة سانحة لحديث رئيس فرقة الشفق المسرحية، عاصم الهاشمي، ليعلن عن حدثين مسرحيين خلال العام الحالي 2025، تمثل الأول في مهرجان بازار لمسرح الشارع، الذي سيقام في ولاية صحار في موقع مشروع «بازار صحار» في شهر أكتوبر المقبل، وسوف يضم المهرجان 21 عرضًا مسرحيًا بواقع 3 عروض يوميًا، وسيبلغ إجمالي قيمة الجوائز 5000 ريال عماني، كما أعلن عن فتح باب التقدم للمشاركة في المهرجان من خلال نوافذ سيتم الإعلان عنها في حسابات الفرقة المسرحية على منصات التواصل الاجتماعي.
إلى جانب ذلك، أعلن الهاشمي عن الحدث الثاني المتمثل في مهرجان الشفق التجريبي، وسيكون في مسقط خلال شهر ديسمبر القادم، وقد خُصص للمهرجان 5000 ريال عماني كإجمالي قيمة الجوائز المقدمة.
«عيد»
بعد ذلك انطلق العرض المسرحي «عيد»، وهو من أعمال الكوميديا السوداء، تحكي قصة «عيد»، رب الأسرة المحاط بعائلته المختلة عقليًا، فيعيش في صراع معهم طوال فترة حياته، فجميعهم لديهم قناعات تخالف الفطرة والمنطق والمعقول، فلا المرحاض مكان مخصص لقضاء الحاجة، وفرشاة الأسنان أداة لتنظيف أصابع القدم، والوسادة مكان لراحة الأرجل، والنظافة شيء منبوذ، والقذارة ميزة تُحسب للمتقدم للزواج!
تدور أحداث هذه العائلة في خط درامي متوازٍ بين حكاية الراوي تارة، وحكايات العائلة تارة أخرى، فجرت المسرحية في قالب «مسرحية داخل مسرحية».
يجد «عيد» نفسه تارة متهمًا من قبل الشرطة، فالعائلة التي لم تحتمل تصرفاته تشكوه للشرطة، ليدخل عليهم الضابط محاولًا حل مشكلاتهم، لكنه يُجن حينما يعرف بأفعال «عيد»، ناصحًا العائلة بأن تتوجه للطبيب النفسي، فالشرطة لا يمكنها حل المشكلات العائلية من هذا النوع.
ومن ثم يجد الطبيب النفسي نفسه كذلك في مشكلة كبيرة، فـ«عيد» السوي المحاط بالمجانين لا بد أن يساير عائلته، والشرطي، وكذلك الطبيب، فهو لم يكن محاطًا بعائلة مختلة فقط، بل بمجتمع مختل برمته، حتى الرجل الذي جاء ليتقدم لخطبة ابنة «عيد».
وفي ظل هذه الضغوط، يجد «عيد» نفسه خاضعًا وخانعًا ومنقادًا لعبثية واقعه، مرددًا «حاضر» و«نعم» و«أمركم».
العمل من تأليف الكاتب المصري يوسف مسلم، ومن إخراج وليد المغيزوي، الذي شارك في التمثيل بدور «عيد»، إلى جانب كل من ملوك النوفلية في دور الزوجة، وإبراهيم المعشري في دور الراوي، وبمشاركة إبراهيم السيابي، وسهيل الحراصي، وجهاد البلوشي، وصالح الرئيسي.
انطباع شخصي
على المستوى الشخصي، بدا لي العرض المسرحي تجربة مؤلمة أكثر منها كوميدية، فقد عايشت مأساة «عيد» كشخصية مضطهدة وسط عالم عبثي لا منطقي، لكن التساؤل الذي ظل يراودني طوال العرض هل كانت عائلة «عيد» مجنونة حقًا، أم أنهم أرادوا دفعه نحو الجنون؟ هذا الاضطراب في الإدراك جعلني أشعر بثقل الحكاية - قليلًا - رغم طابعها الساخر.
كذلك، لم أستطع التفاعل مع الكوميديا التي استندت إلى إهانة الزوجة والأبناء لوالدهم، والاستهزاء به، بل والصراخ عليه وإجباره على الخضوع، حتى بدا خوفه منهم وكأنه جزء من الموقف الكوميدي، وهو ما لم يكن سهل التقبل بالنسبة لي.
ومن ناحية الأداء، بدا مأزق نسيان النص واضحًا في بعض اللحظات، ورغم محاولات التدارك ظل أثره حاضرًا، خصوصًا عند من لعب دور الراوي. وهنا أشير إلى أن هذا الدور أربكني بحضوره المتداخل مع الشخصيات، إذ كنت أتوقع أن يسير في خط منفصل موازٍ للأحداث، لكنه في لحظات عدة دخل في المشاهد وحاول التفاعل والتوجيه، فلم أفهم دوره حقيقة، وكأنه كان يؤدي دور المخرج أكثر منه راويًا في العمل، وهو أمر لم يكن واضحًا بشكل كافٍ.
أؤكد فيما سبق أنه انطباع شخصي، فلا يعني أن العمل لم يكن جديرًا بالمشاهدة، إنما هي ملاحظات على أجزاء يسيرة من عمل جميل في مجمله، استطاع أن يشد الانتباه في مواضع كثيرة، ويصنع الضحك كذلك.
الجلسة النقدية
أعقب العرض المسرحي جلسة نقدية قدمها الكاتب والمخرج المسرحي محمد بن خلفان الهنائي، بحضور مخرج العمل وليد المغيزوي.
وعن العمل قال الهنائي: «ينتمي نص (وليمة عيد) إلى الكوميديا السوداء، حيث يسخر من الواقع الإنساني والاجتماعي بشكل خاص. تتجسد هذه السخرية من خلال المفارقات السردية والدرامية التي تبرز العبث واللامعقول في النص، مما يجعل المسرحية تنتمي إلى مسرح العبث والتجريب. العمل قائم على بناء درامي تجريبي، يتخلله عنصر الرمزية، حيث تدور الأحداث حول الشخصية الرئيسية «عيد»، الذي يعيش في مجتمع عبثي مشوَّه القيم، يحوّل الإنسان إلى مجرد مادة استهلاكية. نتيجة لذلك، يصبح عيد ضحية اضطهاد الأسرة والمجتمع، لينتهي به الحال كوليمة مأساوية. تحمل المسرحية العديد من الرسائل، أبرزها الصراع بين القوة والعقل، وبين القيم الاستهلاكية والقيم الإنسانية، وهو ما تم التأكيد عليه مرارًا في العمل، كما اعتمدت المسرحية على تكرار بعض العبارات، مثل قول الشخصية الرئيسية (حاضر... حاضر)، الذي يرمز إلى الاستسلام والخنوع، وهو أسلوب شائع في المسرح العبثي».
وتابع الهنائي: «أما على مستوى الإخراج، فقد وظف المخرج تقنية المسرح داخل المسرح من خلال شخصية الراوي، الذي كان يحرّك الأحداث ويتفاعل مع الجمهور، كاسرًا الجدار الرابع، في نقد ساخر للواقع المطروح في المسرحية. كذلك، لعب المكان دورًا رمزيًا مهمًا، حيث دارت معظم الأحداث داخل دورة مياه، مما يعكس طبيعة القمع والضياع التي يعيشها البطل. وتعددت الشخصيات في المسرحية، بين الشخصية الثانوية للزوجة وأولادها، الذين مارسوا سلطة القمع، وشخصيات أخرى مثل الضابط والطبيب، الذين كان يُفترض أن يكونوا مناصرين للإنسان، لكنهم في الواقع كانوا أدوات لتعزيز القهر، حتى الطبيب النفسي، الذي يُفترض أن يعالج المجتمع، كان يمثل ضررًا إضافيًا للشخصية الرئيسية، مما يعكس التناقضات العميقة التي يتناولها العمل».
أما وليد المغيزوي مخرج العمل فقد قال معقبا على المشاركين في الجلسة: «أود أن أشكركم على ملاحظاتكم القيّمة، نحن كفرقة نشعر بأننا محظوظون للغاية، فمن النادر أن تتاح لك الفرصة لعرض عملك أمام جمهور ومن ثم تحصل على تغذية راجعة صادقة ومفصلة تساعدك على تصحيح الأخطاء وتحسين العرض في المستقبل، نحن ممتنون لكل فرد من الجمهور الذي حضر، وخصص من وقته لمتابعة العرض، وصبر على التفاصيل، وتفاعل مع العمل، هذا الدعم والتوجيه يجعلنا أكثر حرصًا على تطوير أدائنا وتقديم عروض أفضل في المستقبل، أود أيضًا أن أشكر الممثلين وكل من عمل على هذا العرض، من الجميل أن نشعر بأن الجمهور يمنحنا فرصة حقيقية لتقديم أنفسنا، وهذا ما يجعل المسرح العماني مميزًا».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العرض المسرحی لم یکن
إقرأ أيضاً:
خبراء التمويه.. حقائق مدهشة عن عالم الأخطبوطات المذهل
تعد الأخطبوطات كائنات آسرة، تجمع بين الغموض والجمال، وقد نسجت حولها الأساطير المخيفة والمذهلة في آن، ويوجد أكثر من 300 نوع منها تعيش في جميع بيئات المحيطات، لكنها تتعرض لتحديات كبيرة جراء التغير المناخي والصيد الجائر.
أصبح أخطبوط كارنارفون المكتشف حديثًا لا يتجاوز عرضه 5 سنتيمترات الأصغر من بينها أنواع الأخطبوطات، فيما يعد "أخطبوط المحيط الهادي العملاق" أضخم الأنواع المعروفة إلى الآن، ويمكن أن يصل طوله إلى نحو 9 أمتار ووزنه إلى نحو 270 كيلوغراما، ويعيش في شمال المحيط الهادي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسة: 61% من أنواع الطيور في العالم تتراجع أعدادهاlist 2 of 2دراسة: الأراضي المتاحة لإعادة التشجير أقل مما يعتقدend of listيرمز الأخطبوط، بأذرعه الثمانية ومهاراته الاستثنائية في حل المشكلات، إلى الإبداع والمرونة والذكاء في عالم الطبيعة. فالأجسام الناعمة لهذه الكائنات قادرة على تغيير شكلها بسرعة، مما يسمح لها بالمرور عبر المساحات الضيقة أو التمدد عند الحاجة. ويُعدّ جهازها العصبي ووظائف دماغها من بين أكثر الوظائف تعقيدا لدى اللافقاريات.
بفضل ذاكرتها القوية وفضولها ومهاراتها في حل المشكلات، تُعتبر الأخطبوطات التي تنتمي إلى فصيلة الرخويات اللافقارية وتعيش في المحيطات منذ ملايين السنين، من أذكى الحيوانات في المحيط، وأكثرها قدرة على التكيف.
وهي كائنات ذات قدرات نادرة في الحياة البحرية، حيث يمكنها حل الألغاز، والهروب من الأحواض، وفتح الجرار، وحتى استخدام الأدوات، ولذلك تستخدمها بعض أحواض السمك، وتزودها بألعاب أو ألعاب ذكاء لإظهار مهاراتها أمام الجمهور.
يمتلك الأخطبوط 3 قلوب، يضخ قلبان منهما الدم إلى الخياشيم، ويضخه القلب الثالث إلى باقي الجسم، وتعمل هذه القلوب الثلاثة معا لتعويض ضعف بروتين نقل الأكسجين في دمه (الهيموسيانين) مما يمنحه نمط حياة نشطة.
إعلانكما أن لون دمه أزرق بسبب احتوائه على النحاس بدلا من الحديد، وهو ما يُساعده على البقاء على قيد الحياة في المناطق الباردة والعميقة من المحيط.
وتشير الدراسات إلى أن الأخطبوط، الذي تعيش معظم أنواعه غالبا سنة أو سنتين فقط، يتوقف قلبه الرئيسي عن النبض عندما يسبح، ولهذا السبب يُفضل الزحف، فهو أسهل وأقل إرهاقا.
وتمتاز إناث الأخطبوط العملاق بأنها أكبر حجمًا من الأخطبوط الذكر، وهي تضع ما بين 50 ألفا و200 ألف بيضة حسب النوع، كما أنها تحضن بيضها لمدة تتراوح بين 6 أشهر و4 أعوام ونصف، وهي أطول فترة معروفة لحضانة البيض لأي حيوان، حسب بعض الدراسات.
وخلال فترة الحضانة تمتنع الأم عن أكل أي طعام بهدف حراسة البيض، وبعد فقس البيض تموت الأم مباشرة من الجوع والإجهاد.
واكتشفت الدراسات أيضا أن الأخطبوطات تتمكن من تنسيق عمل أذرعها الـ8 بشكل مرن للغاية عبر مجموعة من السلوكيات، من البحث عن الطعام إلى بناء أوكار، أو التحرك في قاع البحر.
ويستطيع كل ذراع من الأذرع الثمانية أن يتحرك بمفرده، كما لو أن له دماغا خاصا به، فمعظم خلايا الأخطبوط العصبية موجودة في أذرعه، وليس في رأسه. هذا يعني أنه يستطيع القيام بأشياء كثيرة في آن واحد.
كما تمتاز الأخطبوطات بقدرتها الفائقة على الاختباء، فهي قادرة على تغيير لونها ونقوشها، وحتى ملمس جلدها خلال ثوان، لتندمج مع الصخور أو الرمال أو الشعاب المرجانية، ويساعدها ذلك على الاختباء من الحيوانات المفترسة أو إرسال إشارات إلى الأخطبوطات الأخرى.
وعلى الرغم من براعتها في مطابقة الألوان، يعتقد العلماء أن الأخطبوطات في الواقع مصابة بعمى الألوان، وقد تساعدها عيونها الفريدة على رؤية الضوء والأنماط بطريقة مميزة.
ليس الأخطبوط فريسة سهلة، وإذا شعر الأخطبوط بالخوف، فإنه يُطلق سحابة من الحبر الداكن، وهو ما يُخفيه عن الحيوانات المفترسة، ويُربكها أيضا بتأثيره على حاستي الشم والتذوق لديها، وهي خدعة ذكية تُتيح للأخطبوط وقتًا للهرب على الأقل.
كما تمتلك جميع الأخطبوطات نوعا من السم تستخدمه لصعق فريستها قبل أكلها، لكنه ليس خطرا على البشر، باستثناء سم الأخطبوط الصغير ذي الحلقات الزرقاء وموطنه في أستراليا، والذي قد يكون ضارا، حسب بعض الدراسات.
ورغم فرادة الأخطبوط وسحره، فإنه يواجه حاليا تحديات كبيرة في المحيطات العالمية، ومع تفاقم ظاهرة التغير المناخي وزيادة التلوث البحري، تتعرض العديد من بيئات الأخطبوط للتدمير.
ويشكل التلوث بالبلاستيك خصوصا تهديدا كبيرا لحياة الأخطبوط والكائنات البحرية الأخرى، بالإضافة إلى الإفراط في صيدها وهو ما أدى إلى تقليص أعدادها بشكل ملحوظ.
وقد شهدت السنوات الأخيرة دعوات متزايدة لحماية المحيطات وكائناتها الفريدة، واتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التلوث البلاستيكي وحماية الموائل البحرية التي يعتمد عليها الأخطبوط والكائنات الأخرى للبقاء.
ويتم الاحتفال سنويا باليوم العالمي للأخطبوط يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول للتذكير بأهمية هذا الكائن المهيب، ودوره في النظام البيئي للكوكب.