هل تشهد المنطقة العربية سقوط الكويكب المدمر بعد 8 سنوات؟
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
في أواخر العام الماضي، رصد علماء فلك باستخدام مرصد "المقراب الكبير جدا" في تشيلي كويكبا جديدا يُعرف باسم "واي آر 4-2024″، مما أدى إلى تفعيل أنظمة التحذير التلقائي المصممة لمراقبة الأجسام التي قد تصطدم بالأرض.
ومنذ ذلك الحين، تصدّر هذا الكويكب بسرعة قائمة المخاطر، وهي قاعدة بيانات تسجل جميع الأجرام السماوية التي تمتلك فرصة ولو ضئيلة للاصطدام بكوكبنا، وفي تلك الأثناء راجت أخباره على وسائل التواصل بافتراض أنه "الكويكب المدمر القادم للأرض".
ورغم تأكيد العلماء أن الوضع لا يزال بعيدا عن التبعات الكارثية المحتملة، فإن احتمال الاصطدام قد تضاعف تقريبا، مرتفعا من 1.2% في يناير/كانون الثاني إلى نحو 2.3% حاليا، والذي يظل احتمالا ضعيفا، لكن هذا الارتفاع أدى إلى تكثيف الجهود العالمية لرصد مسار الكويكب وفهم المخاطر المحتملة بدقة أكبر.
وفقا للحسابات الحالية، فقد أشارت وكالة ناسا إلى أنه إذا وقع الاصطدام، فسيحدث في 22 ديسمبر/كانون الأول 2032 في وضح النهار، ويظل هذا التقدير عرضة للتغيير مع جمع مزيد من البيانات والدلالات الأخرى على مدار السنوات اللاحقة.
وبالمثل، لا يزال موقع الاصطدام الدقيق غير مؤكد، لكن رغم ذلك حددت ناسا نطاقا واسعا من المواقع المحتملة على امتداد أسفل خط الاستواء، بحيث تشمل المحيط الهادي الشرقي، وشمال أميركا الجنوبية، والمحيط الأطلسي، ومنتصف القارة الأفريقية، وبحر العرب، وجنوب آسيا.
يضع ذلك دولا مثل الهند وباكستان وبنغلاديش وأجزاء من الجزيرة العربية وإثيوبيا والسودان وفنزويلا وكولومبيا والإكوادور في المسار المحتمل لضربة الكويكب، لكن هذه المسارات تظل احتمالية تماما، وستتغير بمرور الوقت واقتراب الكويكب.
إعلانويؤكد هذا الغموض أهمية استمرار المراقبة، إذ يمكن لتعديلات بسيطة في الحسابات المدارية أن تغير التوقعات بشكل كبير، مما يؤثر على مستوى الاستعداد المطلوب في المناطق المعرضة للخطر.
ما الذي نعرفه عن الكويكب حتى اللحظة؟تراوح التقديرات الحالية لحجم الكويكب بين 40 إلى 90 مترا، وهو تفاوت كبير قد يؤثر بشكل مباشر على شدة الاصطدام المحتمل.
وعلى عكس الكويكبات الغنية بالحديد التي تكون أكثر صلابة ومقاومة للتفتت، يتكون كويكب "واي آر4-2024" في الغالب من مادة صخرية، وذلك يعني أنه قد يتحطم ويتفتت إلى قطع أصغر لدى دخوله الغلاف الجوي، وتبعا لذلك سيقل تأثيره المدمّر.
ويصنف هذا الكويكب حاليا عند المستوى 3 على مقياس تورينو لخطر الاصطدام، وهو نظام يستخدم لتقييم مدى خطورة الأجسام القريبة من الأرض. ويعني هذا التصنيف أن احتمال الاصطدام يتجاوز 1%، مما يستدعي اهتماما علميا دقيقا. وتعد التوعية العامة في هذه المرحلة أمرا ضروريا، إذ تتطلب الأجرام المصنفة عند المستوى 3 أو أعلى مراقبة دقيقة ومناقشات حول إجراءات الاستعداد.
ولغرض المقارنة، يراوح مقياس تورينو من المستوى 0 (عدم وجود خطر) إلى المستوى 10 (كارثة عالمية محتمة). ورغم أن تصنيف الكويكب عند المستوى 3 لا يشير إلى كارثة وشيكة، فإن وصول أي كويكب إلى هذا المستوى يُعد نادرا، وذلك ما يجعله أولوية لدى وكالات الفضاء العالمية.
وتشير ناسا إلى أن كوكب الأرض يتعرض يوميا لأكثر من 100 طن من الحطام الفضائي، إلا أن هذه الجسيمات تكون صغيرة جدا بحيث تحترق وتتفتت في الغلاف الجوي من دون أن تسبب أي ضرر. أما إذا كانت الكويكبات أو النيازك يزيد قطرها على 20 مترا، فإنها تشكل تهديدا حقيقيا على نطاق ضيق، والأمر ينطبق على هذا الكويكب المكتشف. ويُذكر أن مثل هذه الكويكبات تسقط على الأرض كل بضعة آلاف سنة.
إعلانومع تبقي 8 سنوات على موعد الاصطدام الذي حدده الفلكيون وفقا لتوقعاتهم وللنسبة الضئيلة جدا، لا يزال لدى العلماء متسع من الوقت لتحسين توقعاتهم واستكشاف إستراتيجيات الدفاع المحتملة.
وربما مع تكثيف الأبحاث، يتقلص تهديد الاصطدام فجأة إلى الصفر لا سيما أنه حدث مع كويكبات سابقة، أبرزها كويكب "99942 أبوفيس" الذي كُشف عنه في عام 2004 ونال تقييما عاليا في مقياس تورينو، حاصلا على المستوى الرابع من الخطورة، ثم ما لبث أن تراجع إلى المستوى صفر في الأيام اللاحقة، ويتوقع أن يكون الأمر كذلك في حالة "واي آر4-2024".
يعتمد تأثير كويكب يراوح حجمه بين 40 إلى 90 مترا على الأرض على جملة عوامل، منها تركيبه وسرعته وزاوية دخوله وموقع الاصطدام، ولكن إذا كان الكويكب صغيرًا (40-60 مترًا) فقد ينفجر في الغلاف الجوي بدلا من ضرب الأرض.
لكن هذا الانفجار قادر على التسبب في أضرار جسيمة على مساحة واسعة بسبب موجة الصدمة، مثلما حدث في حالة نيزك تشيليابينسك في روسيا عام 2013 والذي كان بعرض 20 مترًا، وأطلق طاقة تعادل 30 ضعفًا من طاقة قنبلة هيروشيما، وتسببت موجة الصدمة في إتلاف أكثر من 7 آلاف مبنى وإصابة أكثر من 1500 شخص، ومعظم الإصابات كانت من الزجاج المحطم.
أما إذا كان الكويكب أكبر (80-90 مترا) فقد ينجو جزئيا من دخول الغلاف الجوي ويصطدم بالسطح أو يخلق انفجارًا جويا أكبر، وإذا وصل الكويكب إلى الأرض فقد يخلق حفرة بعرض مئات الأمتار ويسبب دمارًا إقليميا، إذ يمكن أن يؤدي التأثير إلى تدمير كل شيء في نطاق 10-50 كم ويسبب حرائق في الغابات، مع قدر من الطاقة يعادل 15 ميغاطنا (ألف مرة من قنبلة هيروشيما).
أما إذا ضرب المحيط فيمكن يمكن أن يتسبب كويكب بقطر 90 مترا في حدوث تسونامي هائل (بارتفاع 10-50 مترًا) يؤدي إلى إغراق المدن الساحلية.
إعلانوبعكس الكويكبات الأكبر حجمًا (أكبر من 1 كم)، لن يتسبب كويكب يراوح قطره بين 40 و90 مترا في كارثة عالمية، ولكن فقط قد يؤدي الغبار والدخان الناتج عن حرائق الغابات أو الانفجار إلى تبريد المناخ المحلي مؤقتًا. ومع ذلك، ستكون التأثيرات إقليمية وليست عالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الغلاف الجوی
إقرأ أيضاً:
فوهة غاز دارفازا بوابة الجحيم في صحراء تركمانستان
فوهة غاز دارفازا في تركمانستان من أكثر المواقع الغامضة والمثيرة في آن واحد على كوكب الأرض، بسبب تواصل اندلاع النيران فيها منذ 1971 نتيجة خطأ بشري، وظل هذا الحريق مستمرا.
تقع فوهة دارفازا في قلب صحراء كاراكوم، في الجزء الأوسط من تركمانستان، على بعد نحو 270 كيلومترا شمال العاصمة عشق آباد.
يعود تاريخ الحفرة إلى عام 1971 عندما كان المكان عبارة عن تجويف ضخم مغطى بطبقة من الرمال ويبدو مثل الصحراء العادية، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى قرية "دارفازا" التي كان الناس فيها يعيشون بسلام، ولم يتوقعوا أن اسم قريتهم سيصبح مشهورا على مستوى العالم.
عندما بدأ فريق استكشاف من الاتحاد السوفياتي الحفر في المنطقة بحثا عن رواسب الغاز، انهارت الطبقة العليا من التربة فجأة، مما أدى إلى بروز حفرة ضخمة. ورغم أنه لم يصب أحد بأذى، فإن الغاز الطبيعي تسرب من التجويف بشكل كبير.
ولتجنيب السكان المحليين خطر التسمم بغاز الميثان، قرر الجيولوجيون إشعال النار في الحفرة على أمل أن يحترق كل الغاز بالكامل في بضعة أيام.
لكن الغاز الطبيعي المتسرب من الحفرة -التي بلغ قطرها نحو 60 مترا وعمقها 20 مترا- بقي مشتعلا بشكل مستمر ليلا ونهارا، ولم تنطفئ النار فيه منذ ذلك الحين.
تسمى الفوهة "بوابة الجحيم"، وفي تركمانستان يطلق عليها السكان تسمية أقل إثارة للخوف: "غاراغوم يالكيمي"، وهي عبارة تعني "شعلة الصحراء".
إعلانتجذب الفوهة المشتعلة انتباه الناس من جميع أنحاء العالم، وتتسبب في مناقشات ضخمة. فبينما يتحدث البعض عن ضرورة إخمادها يصر آخرون، على العكس من ذلك، على الحفاظ على هذه الظاهرة الجيولوجية الفريدة.
تظل الفوهة مشتعلة باستمرار بسبب وجود تراكم ضخم من غاز الميثان تحت الأرض يتسرب تدريجيا إلى السطح مشعلا مئات الحرائق، التي يصل ارتفاع لهب بعضها إلى 15 مترا.
يمكن أن تصل درجات الحرارة في محيط الفوهة إلى ألف درجة مئوية، وهي درجة حرارة مماثلة لتلك المستخدمة في أفران صهر المعادن.
"غاراغوم يالكيمي" هي أكبر حفرة غازية من حيث المساحة في العالم، ويصل محيطها إلى أكثر من 200 متر (قطرها نحو 70 مترا)، ومساحتها أكثر من 2800 متر مربع ويصل عمقها إلى 20 مترا.
في تركمانستان عبارة مشهورة تقول إنه لا يتوجب عليك أن تموت لترى الجحيم، إذ تكفي زيارة فوهة غاز "دارفازا".
ورغم أنها تسمى "بوابة الجحيم"، فإنها من أكثر المناطق جذبا للسياح وإثارة للاهتمام، إذ يزورها نحو 10 آلاف شخص سنويا، وأصبحت جزءا من بطاقة التعريف بالبلاد.
بحسب البيانات الرسمية، لم يسقط أي سائح على الإطلاق في حفرة دارفازا، وقد أحاطتها السلطات بسياج يبقي الزوار على مسافة آمنة.
والشخص الوحيد الذي دخل الحفرة وهي تحترق هو المستكشف الكندي جورج كورونيس عام 2013، وبتمويل من مؤسسة "ناشيونال جيوغرافيك"، وقد ارتدى بدلة واقية ونزل لجمع عينات التربة من قاع الحفرة.
كان الهبوط مخططا له بعناية، وبعد أن أمضى 17 دقيقة في الحفرة، تمكن من العودة إلى الخارج بأمان.
أصبح الغلاف الجوي في محيط الحفرة ملوثًا بالعديد من المواد مثل النفايات الكيميائية والجسيمات الدقيقة والغبار والرماد والأسبستوس والسخام، وحتى المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص.
إعلانلكن الخطر الأعظم هو تراكم الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وخاصة غاز الميثان، الذي يعتبر أكثر خطورة على الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون بنحو 84 مرة.
في عامي 2010 و2022، دعا الرئيس التركماني آنذاك قربان قولي بردي محمدوف إلى إيجاد طريقة لإطفاء الحفرة، وشارك علماء من مختلف بلدان العالم بتقديم خيارات مختلفة، كتغطية الحفرة بغطاء عملاق أو إطفاء النيران عن طريق ملء الحفرة بالأسمنت سريع الجفاف.
لكن بسبب غياب ضمانات السلامة وعدم وجود أخطار بحدوث انفجارات أو عواقب كارثية أخرى لا تزال الحفرة مشتعلة، ولا توجد معلومات مؤكدة حول متى ستنفد احتياطيات الغاز فيها.
وكشفت دراسات من مؤسسات محلية ودولية أن احتياطيات الغاز في "دارفازا" كافية لحريق طويل الأمد، مما يعني أنه إذا لم يتم إخماد نار الحفرة فإنها قد تظل مشتعلة مئات السنين.