يمانيون:
2025-08-11@22:18:38 GMT

بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة

سليم البطاينة

لا نحتاج للتعمق كثيراً في كتاب Return To Mecca للكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2012، الغلاف بحد ذاته قصة، ويحتوي على صورة للحرم المكي تتوسطه الكعبة ويعلوه رمز التفليين اليهودي (رمز اليهودية).

الكتاب يدعو إلى إحلال النفوذ اليهودي محل الوجود الإسلامي في مكة والمدينة والى إعادة رسم حدود جديدة لإسرائيل انطلاقاً من مبدأ استعادة أرض بني إسرائيل (أرض الميعاد) باعتبارها جغرافيا داخلة ضمن حدود مملكة داود وجزءاً لا يتجزأ من إسرائيل الكبرى الممنوحة من الرب لبني إسرائيل كما ذكرت التوارة في سفر (يشعوبن نون) وهي الوطن التاريخيّ لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغيير.

يقول مؤلف الكتاب: علينا غزو جزيرة العرب واحتلال الحجاز وتبوك وهدم الكعبة والتي هي أهم لنا من هدم الأقصى وبناء الهيكل ولنا الحق في إرث جدنا إبراهيم.

قد يُصاب البعض بالذهول؛ ما أكتبه ليس من نسج الخيال، فما نخاف منه هو ان نجد أنفسنا أمام تهديد عام موجود في كل مكان بعد ان أصبحت غالبية الأنظمة العربية في حضن إسرائيل، فما كان صعباً بات الآن ممكناً ولا استحالة لأي شيء، خصوصاً بعد ما تشابكت الجغرافيا مع السياسة بفضل مواقف الكثير من العرب الذين يتسابقون فيما بينهم لإثبات ولائهم لإسرائيل بطرق عدة.

الليالي من الزمان حُبلى تَلِدنَ كل عجيب وتستحق المراقبة وسط خنوع عربي لم يشهده التاريخ إلا في زمن البرابرة والتتار، وكل عربي يشاهد بأم عينيه سقوط أحجار وطنه العربي ويرى تصدع جدرانه الآيلة للسقوط.

بشكل عام، يعيش العالم العربي هذه الأيام نشاطاً واسعاً في سوق بيع الأوطان وينتقل من كارثة إلى أخرى كأنه خارج مزارع الموز، ولا نعلم من هي الدولة العربية التي تلي سوريا على أجندة المشروع الصهيوني!

إذعان واستسلام، أمة عربية منقسمة داخلياً ومهزومة نفسياً، وتحوُّلٌ سياسي عربي يمكن ان نطلق عليه عصر الرِّدة العربية ومخاضات ستنتهي بظهور مولود جديد ستتغير معه تركيبة المنطقة وشكلها.

موالاة إسرائيل أصبحَ يتم الجهر بها علناً واللعب بات على المكشوف ومن بابه الواسع، ومطالبة إسرائيل بخيبر ومناطق قينُقاع وبني النضير وبني قُريظة ليست نكتة، وهذا ما نبّه له مُبكراً المفكر العربي (عبدالوهاب المسيري) في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قال: قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها الإنسان العربي صهيونياً وظيفياً يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها الصهيوني الأصلي.

بالتأكيد الطريق إلى مكة بات مفتوحاً أمام إسرائيل وكتاب العودة إلى مكة يمثّل تطوراً لافتاً للأحلام الإسرائيلية في استعادة أرض الميعاد التي تحدثت عنها نصوص التوراة كما يقولون.

من منكم يتذكر العبارات التي قالتها رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة العرب عام 1967: إني أشم رائحة بلادي في الحجاز وهي وطني الذي على أن أستعيده. وبعدها بسنوات طويلة جاء نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) وقال: طموحنا السياسي والجغرافي لا حدود له وحدود دولتنا ليست فلسطين بل تمتد إلى الأردن وحتى خيبر في السعودية والى حيث توجد دباباتنا وأقدام جنودنا.

أضحكني فيديو تم نشره قبل حوالي أربع سنوات تقريباً للإعلامي الإسرائيلي (إيدي كوهين) الذي تحدى فيه الحكام العرب جميعاً في أن يتجرأ أحد منهم على سحب سفرائهم من واشنطن اعتراضاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب وقتها بنقل سفارة أمريكا إلى القدس والمضحك فيما قاله إنه سيعلن إسلامه إن حدث ذلك.

دعوني أعود إلى سؤال قديم: ما الفرق بين رؤية الرئيس القذافي قبل ثلاثين عاما ورؤية كل حكام العرب؟ وإذا كان القذافي مجنوناً -كما يقولون- فمن العاقل فينا ومن المجنون؟

الكارثة قادمة والحديث هنا بلا حرج، ولا نملك من أمرنا شيئاً! والمطلوب أن نُجيب على سؤال قديم لنزار قباني: متى يعلنون وفاة العرب؟ الجواب: الآن حان وفاة العرب.

فهل يفطن من يهمهم الأمر خطورة المنزلق؟

كاتب اردني

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل

منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي على غزة، اتضح أن المعركة ليست فقط على الأرض، بل هي أيضا معركة على الوعي، على الرواية، وعلى الحقيقة ذاتها. الاحتلال لم يكتفِ بالقصف والتجويع والتدمير، بل سعى بكل ما أوتي من أدوات إلى طمس الصورة ومنع الكلمة الصادقة من العبور إلى العالم.

أغلقوا أبواب القطاع في وجه وسائل الإعلام العالمية، وفرضوا حصارا مزدوجا: حصارا على الإنسان وحصارا على المعلومة. فالمراسلون الأجانب ممنوعون من الدخول، والمراسلون المحليون يعيشون تحت القصف المستمر، بلا حماية ولا ضمانات، بل مستهدفون عمدا.

الصحفيون الفلسطينيون في غزة أثبتوا أنهم جنود الصف الأول في معركة كشف الحقيقة. هم الذين يوثقون الجرائم، بالصوت والصورة والكلمة، في وجه آلة عسكرية تمتلك قوة النيران وقوة التضليل.

لكن الاحتلال يدرك خطورة هؤلاء الجنود غير المسلحين، ولذلك يضعهم في مرمى النيران، ويبرر جرائمه بحقهم بأكاذيب رخيصة واتهامات جاهزة.

اليوم، أضاف الاحتلال جريمة جديدة إلى سجله الأسود باغتيال الصحفي أنس الشريف، مراسل الجزيرة المعروف، الذي شكّل نموذجا للمهنية والشجاعة.

لم يكن أنس يحمل سلاحا سوى الكاميرا، ولم يكن يقاتل إلا بكلمة الحق، لكنه في عرف الاحتلال كان خطرا يجب إسكاته. لماذا؟ لأنهم يغتالون الصحفيين حين يعجزون عن اغتيال الحقيقة التي يحملونها. اعتقلوه في الماضي ثم أطلق سراحه، ثم تم تهديده بأنه إن لم يصمت فسيتم اغتياله وهذا ما حصل.

هذا الاغتيال ليس حادثا فرديا ولا خطأ عرضيا، بل هو جزء من سياسة ثابتة. وفق منظمات حقوقية دولية، قُتل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى اليوم مئات الصحفيين والعاملين في الإعلام في غزة، فيما وصفته "مراسلون بلا حدود" ولجنة حماية الصحفيين، بأنه الاستهداف الأكثر دموية للصحفيين في تاريخ النزاعات الحديثة.

إعلان

هذه الأرقام المروعة تعكس نية واضحة: كتم الشهود على الجريمة، ومنع توثيقها، وتخويف كل من يحاول أن ينقل الحقيقة.

إن ما يجري في غزة هو اختبار صارخ للمجتمع الدولي: هل سيقف العالم مكتوف الأيدي أمام جريمة مركّبة تجمع بين قتل المدنيين، وقتل من يحاول أن يوثق مأساتهم؟ هل سيقبل أن تتحول حماية الصحفيين من نصوص في القانون الدولي إلى مجرد شعارات جوفاء؟

أقول بوضوح: هذه الجرائم يجب ألا تمر بلا حساب. اغتيال أنس الشريف وكل زملائه الشهداء هو اغتيال لحق كل إنسان في أن يعرف، واغتيال للمادة الخام التي تُبنى عليها العدالة.

نحن نطالب بتحقيق دولي مستقل وشفاف في كل حالة قتل لصحفي في غزة، ومحاسبة كل من أمر أو نفذ أو برر هذه الجرائم. كما نطالب الأمم المتحدة والمؤسسات الإعلامية العالمية بأن تتحمل مسؤوليتها في حماية الصحفيين، لا بالتصريحات فقط، بل بالضغط الحقيقي والمساءلة الجادة.

قد يعتقد الاحتلال أنه بقتل الصحفيين يغلق ملف الحقيقة، لكنه يخطئ. الحقيقة لا تُقتل، بل تنتشر أكثر؛ لأن دماء الشهداء من الصحفيين تكتب فصلا جديدا من رواية شعب لا يرضى أن يُمحى من الذاكرة.

أنس الشريف رحل، لكن كلماته وصوره ستبقى، شاهدا على أن في غزة من يقف في وجه الموت ليقول للعالم: نحن هنا، وهذه هي الحقيقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • دير البلح.. ذاكرة المدينة الصغيرة بين إرث الحضارة وتهديد الإبادة.. قراءة في كتاب
  • العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من روائع الرواية العربية الحديثة
  • التعايش الاستبدادي العربي مع الإبادة الجماعية الإسرائيلية
  • سرايا القدس تقصف عدة مناطق في إسرائيل
  • أخبار جنوب سيناء.. السكرتير العام بطريركية القدس يزور سانت كاترين.. وبدء امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية
  • البرلمان العربي: القرار ينسف جهود السلام
  • أوقاف المغاربة في القدس كتاب يعرض تاريخ المغاربة ودورهم في المدينة المقدسة
  • تعرف على قرعة العرب في دوري أبطال أفريقيا!
  • البرلمان العربي يدين قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي إعادة احتلال قطاع غزة