عادل بن رمضان مستهيل

adel.ramadan@outlook.com

 

في عالمٍ يتسم بالتعقيد المتزايد، تزداد الحاجة إلى رؤية مختلفة تُلقي الضوء على الجوانب الخفية من واقعنا، وتفتح آفاقًا جديدة للفهم والعمل. "النصف الآخر" ليس مجرد عنوان، بل هو دعوة لإكمال الصورة الناقصة، عبر عقلانيةٍ ترفض الانحياز، ومرونةٍ تسمح بفهم الآخر، وحكمةٍ تُترجم الأفكار إلى أفعال مؤثرة.

يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه: "لا وجود للحقائق؛ بل هناك تأويلات". هذه العبارة تختصر جوهر فكرة "النصف الآخر"؛ فالحقيقة المطلقة تظل وهمًا، وما نراه لا يمثل سوى جزء من المشهد الأكبر. خذ النقاشات السياسية أو الاجتماعية على سبيل المثال؛ كثير منها يتحول إلى صراع عقيم لأن كل طرف يتمسك بوجهة نظره دون محاولة رؤية الأمور من زاوية الآخر. لكن، ماذا لو جربنا النظر من عين الخصم؟ حينها، يتحول الحوار من معركة إلى فرصة للبناء والتفاهم.

الأمر ذاته ينطبق على العلاقات الإنسانية؛ فكم من خلافات عائلية أو زوجية اشتعلت لأن أحد الأطراف رفض رؤية المشاعر من منظور الآخر؟ غالبًا لا يكون التحدي في إثبات صحة وجهة النظر، بل في محاولة فهم ما وراء كلمات الآخر، كما تقول الباحثة الأمريكية برينيه براون: "الإنسان يحتاج إلى أن يُفهم قبل أن يُحكم عليه".

نحن في عصر الأخبار الزائفة والخطابات العاطفية المبالغ فيها، تصبح العقلانية درعًا ضروريًا لحماية الفكر من الانجراف. لكنها لا تعني البرود أو التجرد من المشاعر، بل القدرة على التمييز بين الوقائع والانطباعات، والبحث عن الأدلة قبل إصدار الأحكام.

خذ على سبيل المثال قرارات الاستثمار أو الشراء؛ الناجحون هم من يدرسون المخاطر والفرص بعيدًا عن التوجهات العاطفية السائدة في السوق. وفي بيئة العمل، تشير دراسة أجرتها جامعة هارفارد إلى أن 85% من النجاح المهني يعتمد على المهارات الاجتماعية مثل التعاطف وحل النزاعات، بينما تعتمد 15% فقط على المهارات التقنية. وهذا يؤكد أن "العقلانية العاطفية" -أي المزج بين المنطق وفهم المشاعر- هي مفتاح التعامل مع التحديات بذكاء.

 

إنَّ رؤية الأمور من زاوية مختلفة لن تكتمل دون القدرة على التصرف بحكمة، أي تحويل الأفكار إلى ممارسات عملية. عبر التاريخ، لم تحدث التغييرات العظيمة بالكلمات وحدها؛ بل بالأفعال الجريئة. المهاتما غاندي، على سبيل المثال، لم يحرر الهند بالخطابات فقط، بل بتغيير طريقة تفكير الناس حول الخوف من الاستعمار.

اليوم.. يمكن تطبيق هذا المبدأ في أبسط المواقف: كموظف يواجه تحديًا إداريًا، أو كمواطن يرى مشكلة في مجتمعه. البديل ليس الصمت أو الغضب، بل البحث عن حلول تبدأ بسؤال: "ماذا لو جربنا نهجًا جديدًا؟" أحيانًا، الإبداع في التصرف -ولو بخطوات صغيرة- هو ما يُحدث الفرق الحقيقي.

في الختام: النصف الآخر.. اكتمالٌ لا انقسام.. والحديث عن "النصف الآخر" ليس دعوةً للتخلي عن المبادئ؛ بل لإثرائها بوجهات نظر تُكملها. كما أن البحر لا يُعرف بعمقه فقط؛ بل بمده وجزره، وأن الإنسان لا يُقاس بثباته على رأيه؛ بل بقدرته على رؤية ما لم يكن يراه من قبل؛ فلنكن ذلك النصف الذي يرفض الانغلاق، ويفتح الباب لحوار يخلق الحلول. في النهاية، العالم كبير بما يكفي ليستوعب الجميع.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المحمدية..قطار يدهس شاباً بعين حرودة في ظروف غامضة

شهدت منطقة عين حرودة، ضواحي مدينة الدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، حادثاً مأساوياً بعد مصرع شاب دهساً تحت عجلات القطار، في واقعة لا تزال ملابساتها مجهولة حتى الآن.

وبحسب مصادر محلية، فقد تم العثور على جثة الشاب مرمية بمحاذاة السكة الحديدية، دون أن تتضح ما إذا كان الأمر يتعلق بحادث عرضي أو بمحاولة انتحار.

ويتعلق الأمر حسب نفس المثادر بشاب في مقتبل العمر تجهل هويته حتى الآن.

وفور علمها بالحادث، انتقلت إلى عين المكان عناصر الأمن الوطني والوقاية المدنية، حيث جرى نقل جثمان الضحية إلى مستودع الأموات، بينما باشرت المصالح الأمنية تحقيقاتها الأولية للكشف عن أسباب وملابسات الواقعة.

مقالات مشابهة

  • أفارقة يثيرون الرعب ويخربون أملاك مواطنين بعين حرودة
  • بن نافل يُثمن تأهل الهلال المونديالي: “خطوة أخرى لممثل الوطن”
  • فهد بن نافل بعد التأهل: لن نقبل بالابتزاز وبعض اللاعبين ندموا بعد رؤية الهلال في المونديال
  • الأهلي يقترب من ضم ياسين مرعي لمدة موسم على سبيل الإعارة
  • سطيف.. جريمة قتل راح ضحيتها شاب عشريني بعين ولمان
  • مصر في الصدارة.. وفاة 7 ملايين شخص حول العالم بسبب التدخين في 2023
  • سياحة الأماكن الخطرة.. حينما تكون المجازفة غاية السفر
  • دوران يقترب من فنربخشة على سبيل الإعارة
  • وزير دفاع الاحتلال: نلتزم بالهدنة مادام الطرف الآخر ملتزما بها
  • المحمدية..قطار يدهس شاباً بعين حرودة في ظروف غامضة