لطالما أسر المريخ خيال العلماء وعشاق الفضاء، أصبح بالإمكان إرسال البشر إلى الكوكب الأحمر من أجل العيش بعد أن كان هناك صعوبة بسبب عدم القدرة على الصمود في بيئته القاسية، ومن أكبر العقبات تأمين مصدر مياه موثوق، وهو حاجة ماسة للشرب والتنفس وزراعة الغذاء، وحتى إنتاج الوقود.

موقع مثالي على هذا الكوكب 

منح اكتشاف حديث الأمل لدي الراغبين فى العيش على المريخ حيث حدد فريق من العلماء، بقيادة عالمة جيولوجيا الكواكب إيريكا لوزي من جامعة ميسيسيبي، موقعاً واعداً على المريخ، حيث يوجد جليد ضحل تحت السطح مباشرة.

الحياة على المريخ.. هل ستكون سجنًا حديثًا؟المريخ يستعد لعروض ساحرة في سماء مصر خلال أيامالبحث عن الماء على المريخ

الماء مورد أساسي لاستمرار الحياة لأي مستوطنة بشرية مستقبلية على المريخ، سيحتاج رواد الفضاء إلى أكثر بكثير من مجرد بضع زجاجات. فهو ضروري ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، بل أيضًا لأنشطة مثل زراعة الغذاء وإنتاج وقود الصواريخ لرحلة العودة إلى الأرض.

سيكون جلب كل الماء اللازم من الأرض مكلفًا للغاية ويكاد يكون مستحيلًا. لهذا السبب يركز العلماء على إيجاد مصادر محلية للمياه - وهي عملية تُعرف باسم " استغلال الموارد في الموقع" (ISRU) .

من المعروف أن المريخ يحتوي على كميات هائلة من الجليد المائي عند قطبيه، إلا أن الظروف القاسية هناك - البرد القارس وقلة ضوء الشمس - تجعل هذه المناطق غير مناسبة لمهام الطاقة الشمسية. 

ولكن توفر خطوط العرض الوسطى بيئة أكثر توازناً، حيث تكون درجات الحرارة وأشعة الشمس أكثر ملاءمةً لاستدامة الموائل البشرية.

الموقع المثالي للبشر

ركزت لوزي وفريقها جهودهم على سهول أمازونيس بلانيتيا، وهي سهل بركاني واسع يقع في خطوط العرض الوسطى للمريخ. 

وبفضل صور فائقة الوضوح من مسبار استطلاع المريخ التابع لناسا ، تمكن الفريق من رصد معالم مهمة، مثل فوهات بركانية ذات حواف لامعة، وأنماط تصدعات متعددة الأضلاع، وتموجات سطحية دقيقة، وكلها تشير إلى وجود جليد أرضي. 

يُعتقد أن هذا الجليد يقع على عمق أقل من متر واحد تحت السطح، مما يجعله ضحلًا بما يكفي ليتمكن رواد الفضاء المستقبليون أو الحفارات الآلية من الوصول إليه.

ما يجعل هذا الموقع جذابًا بشكل خاص هو التوازن المثالي بين ضوء الشمس ودرجة الحرارة، وكما توضح لوزي: "تُقدم خطوط العرض المتوسطة التوازن المثالي - فهي تحصل على ما يكفي من ضوء الشمس لتوليد الطاقة، لكنها لا تزال باردة بما يكفي للحفاظ على الجليد قرب السطح".

الجليد على المريخ 

يحمل اكتشاف الجليد قرب سطح المريخ أهميةً تتجاوز مجرد دعم البعثات البشرية، إذ يفتح آفاقا واعدة لفهم ماضي الكوكب وإمكانية وجود الحياة فيه، فعلى الأرض، يحافظ الجليد على العلامات البيولوجية القديمة، بل ويمكنه دعم الحياة الميكروبية في البيئات القاسية.

إذا احتوى جليد المريخ على أدلة مماثلة، فقد يوفر ذلك دليلاً حيوياً على ما إذا كان الكوكب صالحاً للحياة يوماً ما، و تقترح لوزي وفريقها أن الجليد في أمازونيس بلانيتيا قد يحتجز غازات أو جزيئات عضوية ظلت محمية من الإشعاع السطحي القاسي لملايين السنين.

من المرجح أن تتضمن الخطوة التالية إرسال مركبة جوالة أو مركبة هبوط مزودة بحفارات وأجهزة قياس الطيف لتحليل الجليد مباشرةً. 

وكما يشير جياكومو نودجومي، الخبير في وكالة الفضاء الإيطالية ، "لن نكون متأكدين أبدًا من شيء ما إذا لم يكن لدينا مركبة جوالة أو مركبة هبوط أو إنسان لأخذ قياسات حقيقية. لن نكون متأكدين تمامًا إلا إذا ذهبنا إلى هناك وقمنا بقياسه ".

ربما لا تزال رحلات ناسا المأهولة المستقبلية إلى المريخ على بعد عقد من الزمان أو أكثر، ولكن كل قطعة جديدة من الأدلة تقربنا خطوة واحدة من حلم الاستيطان البشري على الكوكب الأحمر.

طباعة شارك المريخ فوهات بركانية العيش على المريخ جامعة ميسيسيبي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المريخ العيش على المريخ جامعة ميسيسيبي على المریخ

إقرأ أيضاً:

كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تنقذ الكوكب

هل يمكن أن تسهم اللغة في إنقاذ البيئة؟ قد يبدو هذا السؤال غير واقعي، فالأزمات البيئية تقاس بمعدلات التلوث، وانبعاثات الكربون، وذوبان الجليد.. لا بألفاظ ولا باستعارات، لكن الدكتور أران ستيبي يقدم إجابة صادمة ليفتح أمامنا بابا جديدا لفهم علاقتنا بالعالم من خلال اللغة.

"علم اللغة البيئي، اللغة وعلم البيئة والقصص التي نحيا بها" كتاب صدر عن دار روتليدج بطبعته الثانية المنقحة عام 2021، وتولى المركز القومي للترجمة في مصر ترجمته إلى العربية عام 2023 بجهد 5 من المترجمين، يطل ستيبي على قضايا البيئة من نافذة اللغة بما تحمله من رؤى، وما تكنه من أنساق وتصورات، في زمن تتفاقم فيه التحديات البيئية حول العالم، إذ لم تعد الأزمة شأنا علميا محضا قاصرة على دراسة الظواهر الناجمة عن التحديات البيئية وقياس آثارها، بل غدت أزمة وعي ونظرة إلى العالم، وامتدت أيضا إلى الخطاب اللغوي الذي نعبر به.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازدهروا في دمشقlist 2 of 2طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب إيرانend of list

هذا المقال يأخذك في جولة داخل هذا الحقل المعرفي الآخذ في النمو، حيث تتحول النصوص إلى خرائط ذهنية، والاستعارات إلى بوصلات، وتغدو الكلمات أدوات حماية، أو أدوات دمار.

يعد الكتاب مشروعا نقديا بارزا أسهم في ترسيخ علم اللغة البيئي، وهو تخصص يبحث في العلاقة المتبادلة بين اللغة والبيئة، وطرائق تأثير النصوص والخطابات في تشكيل تصوراتنا وسلوكنا تجاه العالم الطبيعي.

اللغة قوة مؤثرة تنتج نماذج ذهنية، تؤطر فهمنا للعالم، وتوجه استجاباتنا السلوكية، سواء بشكل واع أم غير واع (شترستوك) اللغة ليست مرآة بل صانعة للعالم

استقر في ميدان العلوم اللسانية اللغوية الحديثة أن اللغة قوة مؤثرة تنتج نماذج ذهنية، تؤطر فهمنا للعالم، وتوجه استجاباتنا السلوكية، سواء بشكل واع أم غير واع، وليست مرآة عاكسة فحسب، وعلى هذا أسس ستيبي مشروعه، فاللغة تشكل الواقع وتعيد إنتاجه، وتنسج أنساقا عميقة توجه وعينا دون أن نشعر، يسمي ستيبي هذه الأنساق قصصا، ولا يقصد هنا بالقصة حكاية أحداث، وإنما تصورات ذهنية كامنة في الخطاب اللغوي، تشكل رؤيتنا لأنفسنا ولمكاننا في هذا الكوكب، إنها أشبه ما تكون بالبنية التحتية الثقافية والفكرية التي تنظم علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين وبالطبيعة من حولنا.

إعلان

تكشف تحليلات ستيبي أن ما يسمى بـ "القصص المهيمنة"، كقصة النمو الاقتصادي غير المحدود، التي تفترض ضمنا أن الاقتصاد يجب أن ينمو بلا نهاية ولا ضبط متجاهلة الطاقات البيئية للكوكب، أو قصة تفوق الإنسان على الطبيعة وهيمنته عليها، وغيرها من القصص، ليست مجرد رؤى فلسفية أو نظريات اقتصادية مجردة، بل هي سرديات عميقة تتغلغل في لغتنا اليومية، وتظهر في جوانب الحياة المختلفة، وفي الإعلانات، وفي السياسات العامة، وتدرس ضمن المناهج التعليمية. هذه القصص لا تحكى فحسب، بل تعيد تشكيل العالم، من خلال ترسيخ أنماط من التفكير والسلوك تدفعنا نحو الاستهلاك الجائر، وتفضي في نهاية المطاف إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتفكك النظم البيئية.

وضمن هذا الإطار، يقدم ستيبي أمثلة تحليلية تكشف كيف تصنع اللغة الفارق في إدراك الواقع، فمثلا، قد يعرض أحد النصوص تغير المناخ بوصفه "مشكلة" تتطلب حلولا تقنية وإدارية، بينما يقدمه نص آخر على أنه "مأزق" وجودي يستدعي إعادة نظر جذرية في علاقتنا بالطبيعة، هذا التباين اللفظي، الذي يبدو طفيفا، ينم عن اختلاف عميق في النموذج المعرفي الذي يستند إليه كل خطاب، وفي الطريقة التي يدعو بها القارئ إلى التفكير والفعل.

أدوات تحليل الخطاب البيئي

ما يميز كتاب ستيبي هو أنه لا يكتفي بكشف الأنساق الكامنة في هذه القصص، بل يمنح القارئ صندوق أدوات منهجية يمكنه من تفكيك الخطابات البيئية وفهم آليات تأثيرها، ومن أبرز أدواته:

تحليل الإطار: ويتمثل في كشف الزاوية التي يختارها النص لتقديم الموضوع، والجانب الذي تبرزه، على سبيل المثال: هل يقدم الغابة بوصفها "موردا اقتصاديا" أو "كائنا حيا"؟ التحليل المجازي: ويقصد به تحليل الاستعارات البلاغية التي نعبر بها عن العالم، كأن نصف الأرض بأنها "آلة" قابلة للإصلاح والتفكيك، أو "أمّ" تستحق الرعاية والعناية. تحليل التقييم: كيف تبنى الأحكام في اللغة؟ هل يوصف مشروع ما بـ "التنموي" لمجرد أنه يضخ الأموال، بغض النظر عن تدميره لمساحات طبيعية؟ تحليل التمثيل: كيف تصور الكائنات غير البشرية؟ هل هي فاعلة أم مهمشة؟ هل تصور الإعلانات الدواجن مثلا على أنها منتج اقتصادي، أو أنها كائنات حية لها خصوصيتها البيئية؟ تحليل الهوية: كيف تحدد اللغة هويتنا بوصفنا بشرا؟ هل نحن "سادة الطبيعة"؟ أو "جزء من نسيجها الحيوي"؟

من خلال هذه الأدوات، ينتقل القارئ من استهلاك اللغة إلى مساءلتها، ومن تكرار القصص المهيمنة إلى تفكيكها وإعادة بنائها.

يقدم الدكتور أران ستيبي في كتابه أمثلة تطبيقية متنوعة تكشف كيف تؤثر اللغة في تصوراتنا (مواقع التواصل) مفاهيم مركزية: التكريس والتغييب والفلسفة البيئية

لا يكتمل مشروع ستيبي دون استيعاب مفاهيم أساسية قدمها في دراسته، ومنها:

البروز: (التكريس) ويشير به إلى أن اللغة تسلط الضوء على عناصر بعينها، فتبرزها، وتجعلها أكثر حضورا في الذهن، وتهمش أخرى، فحين تبرز الخطابات السياسية والإعلامية أرقام الأرباح في مشاريع استثمارية، وتسكت عن العدالة البيئية، أو خسائر الكائنات غير البشرية، فإنها بذلك تؤطر الوعي، وتوجه الحكم. التغييب: ويقصد به تغييب عناصر البيئة من الخطاب اللغوي، بالتجاهل مثلا، أو بالإشارة الهامشية، أو بتصنيفها بطريقة ينزع عنها قيمتها الحقيقية، كما في النصوص التي تتحدث عن الإنتاج دون الإشارة إلى التلوث المترتب عليه، ويعد ستيبي تصنيف الغابة على أنها "مورد" مثالا صارخا على هذه العملية. الفلسفة البيئية (الإيكوصوفيا): يقدمها ستيبي في الفصل الختامي على أنها الرؤية الفلسفية البيئية التي تقف خلف تحليل الخطاب اللغوي، ويؤكد أن الفلسفة البيئية ليست محايدة، بل تستند إلى منظومة قيمية بيئية، تحدد المرغوب في الخطاب اللغوي والمرفوض منه؛ إنها المعيار الذي يمكننا من التمييز بين القصص الصديقة للبيئة، والأخرى المدمرة، ويقترح ستيبي معياره، أو فلسفته اللغوية البيئية الخاصة المستندة إلى قيم منها: الاحترام، والرعاية، فالفلسفة البيئية عنده هي البوصلة النقدية التي تساعد القارئ على التمييز بين الخطابات المضللة، والخطابات التي تبني وعيا بيئيا مستداما. إعلان

وبحسب ستيبي، فإن هذه المفاهيم ينبغي ألا يقتصر دورها على التحليل فحسب، بل ينبغي أن تصبح فاعلة في صياغة خطابات جديدة أصلح للحياة.

ويقدم ستيبي أمثلة تطبيقية متنوعة تكشف كيف تؤثر اللغة على تصوراتنا، من أبرزها تحليله للخطاب الإعلامي حول صناعة الدواجن، حيث تستخدم مصطلحات مثل "الإنتاج الضخم" و"الكفاءة الاقتصادية" دون أدنى إشارة إلى الآثار البيئية الضارة.

وفي الإعلام، كثيرا ما يستخدم خطاب "التنمية" لتبرير المشاريع ذات الأثر البيئي المدمر، عبر تغييب الأثر البيئي، أو تصوير الاحتجاجات البيئية بوصفها "عقبات في وجه التقدم". وهنا، تتجلى أهمية القراءة البيئية الناقدة للنصوص.

لغة تصنع الوعي

على النقيض من القصص المهيمنة، يدعو ستيبي إلى اكتشاف ما يسميه "بالقصص المقاومة"، وهي تلك الأنساق اللغوية التي تعزز قيم الاحترام والتكافل والتنوع والمرونة البيئية، ويرى ستيبي أن إعادة تشكيل اللغة هو شرط ضروري لإعادة تشكيل الوعي، ومن ثم السلوك البيئي.

هذه القصص البديلة لا تكتب في الكتب فقط، بل تبدأ من الخطاب التعليمي، ومن السياسات العامة، ومن الحملات الإعلامية. ولذلك، فإن اللسانيات البيئية ليست علما أكاديميا فقط، بل هي أداة للنضال الثقافي والتحول المجتمعي.

يعد كتاب علم اللغة البيئي لأران ستيبي دراسة في تحليل الخطاب اللغوي من منظور بيئي، تسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين اللغة والواقع البيئي، وتوضح كيف تؤثر الخطابات اليومية بقصصها ومجازاتها وأطرها في رؤيتنا للطبيعة وسلوكنا تجاهها، في سياق تتقاطع فيه القضايا البيئية مع الأبعاد الثقافية والسياسية، داعيا إلى تحمل المسؤولية الأخلاقية اللغوية تجاه البيئة، مؤمنا بقدرتها على التغيير.

وفي السياق العربي، حيث تتزايد آثار تغير المناخ، وشح المياه، وتدهور الأراضي، تبدو الحاجة ماسة إلى إعادة نظر في علاقتنا باللغة والبيئة معا. يقدم كتاب ستيبي للقارئ إطارا نظريا رصينا يجمع بين اللسانيات وعلم البيئة ومنهجا تطبيقيا عمليا لتحليل النصوص الإعلامية والتعليمية والإعلانية.

مقالات مشابهة

  • مدربة لياقة: عمرو دياب نموذج مثالي لأسلوب الحياة الصحي
  • من الأرض إلى المدار.. "كرو دراغون" ترسو بنجاح في محطة الفضاء الدولية
  • قفزة نوعية.. قمر صناعي «كمومي» يعالج البيانات بسرعات تفوق الخيال
  • "فلكية جدة": هلال العام الهجري الجديد يُزيّن السماء اليوم
  • “فلكية جدة”: هلال العام الهجري الجديد يُزيّن السماء اليوم
  • التلسكوب “جيمس ويب” يرصد كوكبًا غازيًا جديدًا خارج المجموعة الشمسية
  • كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تنقذ الكوكب
  • سيناريو كارثي في 2032.. انفجار نووي على القمر يطلق “رصاصات فضائية” باتجاه الأرض
  • نيالا تعيش في فوضى عارمة