تحاول إسرائيل -برأي محللين- فرض واقع جديد من خلال مواصلة احتلال أجزاء مهمة في جنوب لبنان، وذلك ضمن مساعيها لإحداث تغييرات جديدة بالمنطقة بدعم من الولايات المتحدة الأميركية.

وكان من المفترض أن تنسحب إسرائيل من كامل الأراضي التي دخلتها خلال الحرب الأخيرة بحلول أمس الثلاثاء، تنفيذا لاتفاق إطلاق النار الذي رعته واشنطن وباريس، لكنها رفضت الانسحاب من 5 نقاط، وقالت إنها تخطط للبقاء فيها طويلا.

وفي حين أعلنت الدولة اللبنانية عزمها التوجه إلى مجلس الأمن لإنهاء هذا الوجود الإسرائيلي الذي قالت إنها تعتبره احتلالا بدءا من الموعد المقرر للانسحاب، لا يبدو حزب الله قادرا على العودة للقتال في الوقت الراهن، حسبما يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا.

ووفقا لما قاله حنا لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن هذه النقاط الخمس تمنح الجانب الإسرائيلي تفوقا عسكريا، لأنه سيكون قادرا على جمع المعلومات الاستخبارية وأيضا على القيام بعمليات في العمق اللبناني وقتما شاء.

تنازل واستسلام لبناني

لذلك، فإن القرار الأممي 1701 يجري تطبيقه بما يخدم المصالح الإسرائيلية فقط، وهو أمر يعكس -برأي حنا- أن اتفاق وقف إطلاق النار حمل تنازلات كبيرة من الجانب اللبناني.

إعلان

الرأي نفسه ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية بجامعة جون هوبكنز الدكتور خليل العناني بقوله إن ما تقوم به إسرائيل هو تكريس لواقع جديد بدعم أميركي، مؤكدا أن الموقف اللبناني الرسمي "ينم عن ضعف واستسلام، لأن الضعفاء هم من يذهبون لمجلس الأمن".

كما أن هذا الموقف يبين -برأي العناني- أن اتفاق وقف إطلاق النار "كان مهينا للجانب اللبناني وكان أيضا ينم عن الاستسلام، لأنه لم ينص على الانسحاب الفوري للقوات الإسرائيلية".

وخلاصة ما يجري حاليا هو تكريس هزيمة لبنان وحزب الله، لأن إسرائيل تبدي استخفافا كبيرا بالجدول الزمني للانسحاب وتضع مطالب جديدة بسبب ضعف الموقف اللبناني، كما يقول العناني، مؤكدا أننا إزاء احتلال دائم وليس مؤقتا، لأن الإسرائيليين لم ينسحبوا يوما من أرض دخلوها إلا بالقوة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الاحتلال الجديد يمثل جزءا من الرؤية الإسرائيلية الأميركية الجديدة التي تقوم على إنهاء خطر إيران، وربما ضرب مفاعلاتها النووية بحلول منتصف العام الجاري، حسب العناني.

أما الهدف الثاني الأساسي لهذه الرؤية -كما يقول المتحدث- فهو تصفية قضية فلسطين تماما، اعتمادا على مسؤولين أميركيين أكثر صهيونية ويتخذون مواقف غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة بتبنيهم تهجير الفلسطينيين من أرضهم.

إجبار لبنان على التطبيع

ولم يختلف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس الدكتور زياد ماجد عن الرأي السابق، مؤكدا أن لبنان حاليا يحصد نتائج الحرب الأخيرة، وأنه لن يحقق أي مكاسب ما دامت أميركا متواطئة مع إسرائيل.

وفي حين يعتقد ماجد بضرورة التحرك الدبلوماسي، فإنه في الوقت نفسه لا يعتقد أن إسرائيل يمكنها الخضوع لأي ضغط خارجي أو قانون دولي ما دامت محمية بالفيتو الأميركي.

في الوقت نفسه، يعتقد ماجد أن ما تقوم به إسرائيل "هو محاولة لخلق خلاف داخل لبنان لإجباره على التطبيع معها من أجل استعادة أراضيه، خاصة في ظل عدم قدرة حزب الله على العودة للحرب".

إعلان

ويلخص ماجد الوضع الحالي في أنه فرض من الجانب الإسرائيلي لواقع جديد بقوة النار لا يمكن تغييره بالبيانات، ويقول إن موازين القوى باتت واضحة للجميع، وإن لبنان وحزب الله لا يملكان تغيير هذا الواقع عسكريا.

حكومة لبنان الجديدة هي نتاج توافقات عديدة وهي ليست موالية لحزب الله، وهناك انقسام داخلي بشأن حزب الله، وما يحدث حاليا هو نتاج للحرب التي خاضها حزب الله، وموازين القوى الحالية واضحة ولا يمكن تغييرها بأي بيانات.

ويتفق المتحدثون على تراجع احتمالات قيام حزب الله بأي عمل عسكري في الوقت الحالي لأسباب كثيرة، من بينها سقوط نظام بشار الأسد الذي قطع عنه الإمداد، وخلو المناطق التي بقيت فيها إسرائيل من السكان، مما يعني أن المواجهة تتطلب عملا مباشرا وليس مقاومة شعبية، كما يقول ماجد.

وبالمثل، يقول العميد إلياس حنا إن لبنان حاليا يعيش تداعيات ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي خلقت واقعا جديدا مختلفا، وجعلت إسرائيل تفرض قواعد اشتباك جديدة من خلال تكوين منطقة عازلة بالقوة في الداخل اللبناني.

ومع إقراره بأن حزب الله ليس مستعدا للعودة للقتال حاليا، وأنه ألقى بالكرة في ملعب الجيش اللبناني عندما أكد التزامه باتفاق الطائف، فإن حنا يعتقد أن الحزب قد يعود لتنفيذ عمليات في المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب الله فی الوقت

إقرأ أيضاً:

دعوة عاجلة.. إيهود باراك يقول إن إسرائيل تنهار ويدعو للعصيان المدني

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك أن "إسرائيل التي عرفناها والرؤية الصهيونية تنهاران ويجب تأمل الواقع بشجاعة"، مشيراً إلى أن إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة في العالم وأغلبية الشعب فقدت ثقتها في الحكومة. اعلان

وفي مقال رأي نشرته صحيفة "هآرتس"، وجه باراك "دعوة عاجلة لرصد الواقع بشجاعة والعمل لوقف الانهيار" مطالباً بـ "حالة الطوارئ".

"حرب خداع"

ودعا إلى ضرورة إدراك خمسة أسئلة: ماذا يحدث لنا؟ من المسؤول عن هذا؟ ما هو العمل، وهدفه، والنتيجة المرجوة؟ من يجب أن يدعو إلى هذا العمل ويقوده؟ ومن يجب أن يعمل ويحققه؟.

وفي إجابته على هذه الأسئلة، اعتبر باراك أن الجيش الإسرائيلي "حقق إنجازات كبيرة في لبنان وإيران وسوريا لكننا عالقون في حرب استنزاف بقطاع غزة"، ووصفها بأنها "حرب خداع".

وفي حديثه عن الوضع في إسرائيل، اعتبر باراك في مقاله أن "الدماء تسيل وعائلات جنود الاحتياط تنهار وتم التخلي عن المخطوفين على مذبح البقاء في السلطة". وأضاف أن الحراك الوحيد الذي يمكنه إنقاذ إسرائيل يتمثل في "عصيان مدني وإضراب عام حتى تغيير الحكومة أو استقالة رئيسها" في إشارة لبنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة.

Related "لست واهمًا.. ما أقوله يحدث": رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت يحذّر من اندلاع حرب أهلية في إسرائيلأولمرت يصف حكومة نتنياهو بأنها "عصابة بلطجية" ويتهمها بارتكاب جرائم حربٍ في غزةإيهود باراك يحذر: استراتيجية نتنياهو ستترك إسرائيل غارقة في "مستنقع غزة"

"الوقت المناسب"

وقال باراك إنه عندما يتم تعطيل إسرائيل كلها فستخضع الحكومة لإرادة الشعب وتُخلّي مكانها لأخرى أفضل منها، وإنه "عندما يخرج مليون إسرائيلي إلى الشوارع فستسقط الحكومة وقد آن الأوان لنخرج جميعا على مدار الأسبوع".

واقترح باراك الخروج في التظاهرات في ثلاث نوبات في الساحات، والتقاطعات، والجسور، والجلوس على الطرق، وفي مواكب السيارات، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حتى تُطرد الحكومة ورئيسها، معتبراً أن هذا الوقت هو المناسب وبعده يكون قد فات الأوان.

ارتفاع حدة الانتقادات

انتقد باراك مراراً الحرب على غزة، في أبريل/ نيسان الماضي، اعتبر أن الحرب لا تضغط على حركة حماس بل تحكم على الأسرى المحتجزين في القطاع بـ"الإعدام"، واتهم رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو بمواصلتها بهدف البقاء في الحكم والحفاظ على ائتلافه الحكومي.

من بين رؤساء الوزراء السابقين لم يكن باراك وحدة من انتقد استمرار الحرب، فإيهود أولمرت انتقدها بشدّة واتهم إسرائيل بارتكاب "جريمة حرب".

آخر الانتقادات من أولمرت كانت، الخميس، حيث قال في مقابلة تلفزيون إن "لا حاجة لتوسيع أو إطالة أمد الحملة العسكرية في قطاع غزة"، معتبرا أن استمرار الحرب "جريمة يجب أن تتوقف فورًا".

أولمرت هو الآخر كتب مقالاً في "هآرتس" في مايو/ أيار الماضي، بعنوان "كفى، طفح الكيل! إسرائيل ترتكب جرائم حرب"، قال فيه إن حكومة إسرائيل تشنّ حالياً حرباً بلا غاية، وبلا أهداف أو تخطيط واضح، وبلا فُرَص للنجاح.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يعلنون تصعيدا جديدا واستهداف جميع السفن التي تتعامل مع إسرائيل
  • عاجل. الكلمات لن تكون كافية... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاح
  • مقتل شخص بغارة إسرائيلية.. الرئيس اللبناني: لا أحد يريد الحرب ونعالج ملف السلاح بواقعية
  • إنطباعات خارجية قاتمة عن التجاوب اللبناني مع مساعي براك وحديث عن أيلول ساخن
  • كيم جونج أون يقرع طبول الحرب .. استعدوا لمواجهة عسكرية حقيقية
  • لحل مسألة السلاح... اتصالات مباشرة بين الرئيس عون وحزب الله!
  • 41 عاما من الاعتقال.. من هو المناضل اللبناني جورج عبد الله؟
  • دعوة عاجلة.. إيهود باراك يقول إن إسرائيل تنهار ويدعو للعصيان المدني
  • إسرائيل تغتال عنصراً في حزب الله جنوبي لبنان
  • حزبكم.. جيريمي كوربين يطلق حزبا يساريا بريطانيا جديدا لمواجهة المحافظين والعمال وتسليح إسرائيل