يوسف عوض العازمي
"إذا فعلت نفس الشيء كل يوم ستحصل على نفس النتائج كل يوم أيضًا" توني روبنز.
********
جاء شهر البركات والإيمانيات، شهر الرحمة والمغفرة بإذن الله لنا جميعا، وهو الشهر الذي قال عنه جل في علاه: "شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" (البقرة: 185)، وكعادة المسلمين يهتمون به وبمقدمه الكريم أشد الاهتمام؛ فهو الضيف الكريم العزيز الذي ينتظر هلاله المسلمون في كل سنه، وهو الشهر الذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر كما قال تعالى، جعلنا الله من أهل هذا الشهر ومن صيامه وقيامه ومن المقبولين.
وهذا الشهر الكريم كريم أيضا بطرائف يتندر بها الناس، وكذلك باختلافات سنوية لا يكاد يمر رمضان إلّا وهي حاصلة، مثال ذلك أنه في أحد بلاد المسلمين اختلف أهل الحارة (الفريج باللهجة الكويتية) حول موعد إقامة الصلاة بعد أذان المغرب في مسجد الحارة، وقام أحد المجتهدين بعمل استبيان بجروب واتساب يجمع رواد المسجد، الذين هم أساسا سكان الحارة، واتفق الجميع على أن تكون الإقامة بعد خمس عشرة دقيقة بعد الأذان، وتم الاتفاق، ومبارك عليكم الشهر وتقبل الله طاعتكم، وكل عام وأنتم بخير.
ما الذي حدث؟ إذ عندما بدأ أول يوم ظهر للبعض وليس الكل طبعًا بأن الربع ساعة لا تكفي حتى لفنجان قهوة مع فذة تمرة التي تتخللها أحاديث تصف الجو البارد الذي أشغل الناس هذه الأيام، مع فذة وفنجانين وإلّا صوت المؤذن يقيم الصلاة، وكل مفطر ينظر لصاحبه بغرابة خاصة أحدهم الذي صوت على الخمس عشرة دقيقة واكتشف بعدها فداحة الأمر.
ما الحل إذن، الحل واضح وكعادة بني يعرب المتفوقين في الجدالات والنقاشات حصلت اقتراحات بأن تكون الإقامة بعد خمس دقائق حتى يتفرغ بعدها المصلون للإفطار دون الانشغال بموعد الإقامة، أو كما عادة الكثير من المساجد بجعل الإقامة بعد 20 دقيقة، وما زالت النقاشات والحوارات والجدل قائمة حول الخمس عشرة دقيقة، رغم سهولة الحل، لكن صدق عز من قائل: "وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا" (الكهف: 54)، ثمة يطرأ سؤال مهم: أين دور وسلطة إمام المسجد وهو المعني الأساسي بهذا الترتيب، ولماذا لم يفعِّل صلاحياته القانونية الدارجة في مثل هذه الأمور، وهو الذي بإمكانه قتل كل النقاشات والجدل، بوضع ورقة تعلق على أحد جدران المسجد وبأن توقيت إقامة الصلوات هو الوقت الفلاني في كل صلاة، بعدها لينظم كل وقته وفق هذا الترتيب الموضوع، ولتنتهي قصة فذة التمرة وفنجان القهوة لا يكفي الوقت لها، أو قصة هل نبدأ بالشوربة أم بالطبق الرئيسي، إن تفعيل دور كل جهة هو الذي يجعل زمام الأمور متزنا وفق الأنظمة واللوائح التي لن يختلف حولها عاقل كونها من جهة مختصة بذلك، أما وإن وكل الأمر للناس، ستكون الجدالات بادية وصعبة الانتهاء، وأستغفر الله لي ولكم.
طباع بني يعرب وغير بني يعرب كذلك ولماذا نظلم العرب في كل مقارنة، لو قرأت تاريخ أوروبا في العصور المظلمة أو بالعصور الوسطى لوجدت العجب، إلى أن وسد الأمر لأهله، ورأينا أوروبا التي نراها الآن، من الأهمية بمكان ألا نخشى القانون، وألا نتوجس من تطبيقه، فأساس المسألة أن القانون للناس وليس عليهم، ولولا الإشارات الضوئية لوجدت حوادث السيارات لا تغطيها أوراق وتحقيقات.
انتهى المقال، لا لم ينتهِ لكني تركته لفكرك وتفكيرك وكيف تسقط قصة توقيتات الإقامة في رمضان، وعدم الاتفاق حولها، بغياب تفعيل الإمام لصلاحياته لتحديد التوقيت المناسب الذي يراه هو وليس هم، وبالتأكيد سيضع التوقيتات وفقًا للمصلحة العامة.
ترتيب أمور الحياة إن لم يكن وفق ترتيبات مناسبة ستفلت بعدها الأمور، رئيس الدولة مسؤول عن الدولة، والوزير مسؤول عن وزارته، ومدير الشركة مسؤول عن شركته، ومدير المدرسة مسؤول عن الطلبة، وصاحب المصنع مسؤول عن منتجاته، ورب الأسرة مسؤول عن الأسرة، وحتى إمام المسجد مسؤول عن المسجد، ولنتذكر المثل الشعبي الدارج: "إذا أنت قائد وأنا قائد من الذي يقود الجنود؟".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«الأوقاف» تفتتح مسجداً جديداً في غرافة الريان
افتتحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممثلة بإدارة المساجد، مسجدا في منطقة غرافة الريان، والذي يقع على مساحة واسعة تبلغ (2463) متراً مربعاً، ويلحق بالمسجد بيت إمام.
ويأتي افتتاح المسجد الجديد الذي أوقفه راشد بن ناصر المسند المهندي- جزاه الله خيراً- ليكون منارة للعبادة، وبيتاً من بيوت الله العامرة بالصلاة والذكر والقرآن، باسم: (فاطمة بنت خليفة المهندي، وشمة بنت خليفة المهندي، وعائشة بنت خميس المهندي)، في إطار خطة الوزارة الرامية إلى التوسع في أعداد المساجد وتطويرها في جميع مناطق الدولة، ولمواكبة النمو العمراني والزيادة السكانية، تماشياً مع الرؤية الوطنية للبلاد 2030.
وإن ما قام به الواقف الكريم من هذا العمل المبارك يُعد من أعظم القُربات، فهو صدقة جارية تفيض أجراً وثواباً لا ينقطع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبّل هذا الوقف المبارك، وأن يجعله ذخراً له في ميزان حسناته.
ويضم المسجد الجديد وهو مسجد فروض ورقمه (م. س 1438) قاعة رئيسية للصلاة تتسع لعدد 258 مصلياً، بالإضافة إلى قاعة للنساء تتسع لـ 52 مصلية.
ويشتمل المسجد على متوضأ متسع بالإضافة إلى عدد كبير من المواقف العامة للسيارات، خُصص عددٌ منها لخدمة ذوي الإعاقة مع تنظيم المداخل والمخارج، كما يعلو المسجد مئذنة مرتفعة.