سواليف:
2025-12-11@11:06:59 GMT

خواطر رمضانية

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

يعتقد بعض المسلمين أن القرآن أنزله الله بلغة قريش لأنه موجه لها، لذلك فهم يرون تفسير السلف الصالح، ومن يدعونهم بأهل التأويل كافيا، وعلمهم محيطا بكل علوم القرآن، وبناء عليه فهم لا يقبلون الا التفسير القديم ويرفضون التفسير المعاصر.
في حقيقة الأمر، الرسالة الختامية بخلاف كل الرسالات السابقة التي كانت محددة بقوم معين، أرادها الله لكل العالمين: جغرافيا لكل عوالم البشر، وزمانيا لكل زمان من العوالم القادمة، لذلك أراد أن يبقى القرآن معجزة باقية أبد الدهر، وفي كل عصر، وكلما تقدم البشر في العلم، فسوف يجدون في كل زمن تفسيرا للنصوص الثابتة يتوافق مع الحقائق الجديدة التي توصلوا لاكتشافه.


وعليه يجب أن يكون التفسير متطورا فيما يتعلق بالمتغيرات (ظروف الحياة ومتطلباتها)، وثابتا لا يتعدل فيما يتعلق بثوابت العقيدة مثل التوحيد والعبادات والتشريعات.
لذلك عندما يأتي المتأخرون بتفسير مختلف في المتغيرات، مثل الآيات الكونية والتكوينية إنما جاءوا به بناء على دعوة الله لدوام التفكر فيها، وكلما توصلوا الى فهم سر من أسرارها قالوا: ” رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [آل عمران:191].
إن التفكر الدائم يعني عدم التوقف عند فهم الأقدمين بل البحث في تفسير الآيات القرآنية، مستفيدين من معارف تحققت حديثا مما لم يكن الأقدمون يعرفونه، مثل أن الناس كانوا يعتقدون أن الأرض منبسطة وثابتة، والسماء سقف بشكل قبة نصف كروية وأن الشمس والقمر قرصان صغيران بالنسبة لها يدوران في هذه القبة.
هذه المعلومات التي تبين للبشر بعد بضعة قرون من الزمن خطؤها، صبغت تفسيرات من عاصروا التنزيل (السلف الصالح)، عند فهمهم للآيات القرآنية التي تحتوي على آيات الله الكونية والتكوينية، وبنوا عليها التأويل أيضا.
صحيح أن التفسير هو لغوي، والأقدمون أفصح لسانا، لذلك فهم أقدر من المتأخرين، إنما ما يجب على الجميع الأقدمين والمتأخرين الابتعاد عن تفسيره هو موضوع الصفات الإلهية والتجسيد والإستواء على العرش والكرسي..الخ، فتلك مما لا يمكن للبشر التوصل لفهمها، وهي من الأمور التي لا يعلمون تأويلها إلا يوم القيامة، لذا لا يجوز الخوض فيها.
سأورد تاليا مثلا على أن الله قد أودع في كتابه العزيز آيات موجهة الى الأزمان القادمة، لأنه لا يمكن أن يحيط بها الأقدمون بدليل أن المعلومات الواردة فيها، اكتشفها الإنسان حديثا، ولم تكن معروفة إلا منذ ثلاثة قرون.
يقول تعالى في سورة الأنبياء: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ . وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ . وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ “.
في هذه الآيات خمس آيات من آيات الله الكونية المبهرة، والتي اكتشفها البشر بعد تقدمهم المعرفي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، لذلك فقوله تعالى بأسلوب الإستفهام الإستنكاري (أولم ير الذين كفروا).. حتما لم يكن بإمكان كفار قريش ولا حتى الذي آمنوا معرفة هذه المعلومات، فكيف يستنكر الله عليهم انكار هذا الإعجاز الخلقي؟.
إذا فالخطاب موجه الى كفار هذا العصر، الذين يصرون على الكفر بالخالق رغم ما يرونه وأثبته العلم الحديث، وهو:
1 – نظرية تكون الكون (الإنبثاق العظيم).
2 – لا كائن حي يخلو جسده من الماء وهو أساسي لحياته.
3 – الجبال وظيفتها تثبيت القشرة الأرضية لتقاوم السرعة العالية لدوران الأرض.
4 – هناك طرق ممهدة موجودة قبل وجود الإنسان في كل مناطق الأرض.
5 – الغلاف الجوي يحفظ الكرة الأرضية من الأشعة الكونية والأجسام السابحة في الفضاء ويحفظ الغيوم (بخار الماء) من التبدد في الفضاء، وهو باق محفوظ (وليس حافظا فقط) وبتقدير الخالق الحكيم.
الآيات الخمس لم تكن مكتشفة بالعلم البشري التجريبي، وإنما ذكرها الله بكتابه العزيز، وحث المؤمنين على التفكر، ويعني البحث العلمي مستعينا بالعلم النقلي الذي أرسله الله لعباده عبر القرآن، لكن سيطرة الفكر السلفي الإستنساخي، كان حاجرا على الخروج من التفسيرات القديمة، وبدلا من يستفيد العلماء والمفكرون من هذه المعلومات في كتاب الله، خروا عليها صما وعميانا خوفا من الإتهام بالإبتداع والتكفير، وتركوا البحث والتطوير للكفار، لذلك تقدموا على المسلمين.

مقالات ذات صلة خواطر رمضانية 2025/03/05

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: خواطر رمضانية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

الحكمة من النهي عن قراءة القرآن أثناء الركوع والسجود

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الصلاة هي أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وأن من أرقى وأفضل أركانها الركوع والسجود، لما فيهما من خضوعٍ كامل، وخشوعٍ تام بين يدي الله.

 استشهدت بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الوارد في صحيح مسلم: «إن أفضل الصلاة الركوع والسجود»، وهو ما يعكس مكانة هذين الركنين في تحقيق روح العبادة، والركوع مقام لتعظيم الرب جل جلاله، أما السجود فهو لحظة القرب الأعمق، حيث يلتقي القلب بالدعاء والتضرع والتسبيح في أسمى صوره.


 

قراءة القرآن في الركوع والسجود

أوضحت دار الإفتاء أن الركوع والسجود ليسا موضعًا لقراءة القرآن، بل للتسبيح والذكر والدعاء، وذلك استنادًا إلى نصوص صريحة من السنة النبوية، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في هاتين الحالتين، مبينًا أن الركوع لتعظيم الله، والسجود للاجتهاد في الدعاء.

هذا النهي كان أساسًا لإجماع العلماء قديمًا وحديثًا، حيث اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على كراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود، مؤكدين أن موضع القراءة هو القيام فقط، لأن ذلك هو الموضع الشرعي لتلاوة كتاب الله.

 

آراء المذاهب الأربعة.. اتفاق على الكراهة

جاءت نصوص الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لتؤكد اتفاقهم على كراهة القراءة في الركوع أو السجود:

الحنفية: نص ابن عابدين على كراهة القراءة فيهما بإجماع الأئمة.

المالكية: أكد الخرشي في شرحه لمختصر خليل كراهة القراءة في الركوع والسجود والتشهد.

الشافعية: بيّن زكريا الأنصاري أن القراءة مكروهة في غير القيام لأنه ليس موضعًا لها.

الحنابلة: ذكر ابن قدامة أن القراءة في الركوع والسجود مكروهة باتفاق أهل العلم.


هذا الاتفاق الفقهي يعكس مكانة الركوع والسجود كمواضع خضوع لا يناسبها تلاوة القرآن.

 

تعظيم القرآن وتكريم القارئ

بيّن العلماء أن القرآن الكريم هو أشرف الكلام، وقراءته تحتاج حالًا يتناسب مع علوّ قدره، ولذلك، كان القيام هو الموضع اللائق بتلاوته، أما الركوع والسجود فهما حالان من الانخفاض والذل، يناسبهما الذكر والتسبيح والدعاء فقط.

وأشار بعض العلماء إلى أن منع القراءة فيهما هو تكريم للقرآن الكريم، وحفظٌ لمقامه السامي، وتعظيمٌ لشأنه، فضلًا عن أن السجود خصوصًا هو مقام الدعاء الذي تُرجى فيه الإجابة.


 

الدعاء بالآيات القرآنية

لفتت دار الإفتاء إلى أن الكراهة متعلقة بمن يقرأ القرآن في الركوع والسجود بنية التلاوة. أما إذا قرأ المصلي آيات تتضمن دعاءً بقصد الدعاء نفسه لا بقصد التلاوة، فلا كراهة في ذلك.


ويأتي ضمن ذلك الأدعية القرآنية المشهورة مثل: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا» و«ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين».

هذا الاستثناء أجازه المالكية والشافعية وغيرهم، باعتبار أن المقصود هنا هو الدعاء المشروع في موضعه الصحيح، لا تلاوة القرآن في غير محلّها.

 

 

مقالات مشابهة

  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • عدية يس.. ما حقيقتها وهل لها أصل في السنة؟ | اعرف حكم الشرع
  • قاعدة النصر الإلهي ووعي الأُمَّــة
  • مصر في القرآن الكريم والحديث النبوي.. كم مرة ذكرت في القرآن صراحة؟
  • مشروعية زيارة الأماكن التي تحتوي على التماثيل
  • أهمية الحفاظ على الآثار التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
  • كيف أرى النبي فى المنام؟.. داعية: المحافظة على هذه الأدعية يوصلك لذلك
  • احتفالات رمضانية في خيمة البابا
  • الحكمة من النهي عن قراءة القرآن أثناء الركوع والسجود