بين المغالطات التاريخية والبذخ الإنتاجي.. هل فشل مسلسل معاوية؟
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
#سواليف
كان #الجدل الذي أثاره #مسلسل_معاوية متوقعا إلى حد كبير، نظرا لما تحتله شخصية صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أسس الدولة الأموية من مساحة هامة في التاريخ الإسلامي، لكن ما لم يتوقعه كثيرون هو ذلك الجدل الفني الذي نتج عن ضعف وعدم دقة لا يليقان بعمل بلغت تكلفته طبقا لتقارير صحفية 100 مليون دولار، وهو رقم لم يصل إليه عمل فني عربي من قبل.
المسلسل انتهى تصويره وتم تجهيزه للعرض في رمضان الماضي ولكنه لم يعرض، وهو من تأليف الصحفي المصري خالد صلاح، وإخراج كل من طارق العريان وأحمد مدحت، وبطولة لجين اسماعيل، وأيمن زيدان، وسامر المصري، ويزن خليل، وميسون أبو أسعد، وفادي صبيح.
لم تسجل أي جهة غيابا في كشف المعلقين على العمل، إذ انطلق جمهور مواقع التواصل الاجتماعي معلقا بقسوة على المسلسل منذ المشهد الأول الذي كان بداية أكثر من تقليدية لعمل غلب على ظن الجمهور والنقاد أنه لن يكون تقليديا أبدا، لكن ولادة الصحابي معاوية بن أبي سفيان في المشهد الأول أدت بشكل تلقائي إلى توقع وفاته غالبا في المشهد الأخير؛ في حكاية لا يبدو فيها الطموح الإبداعي على مستوى الطموح الإنتاجي!
مقالات ذات صلةوتصدى علماء الأزهر والنقاد والبرامج المختلفة للتعليق، وانخرط الجمهور في معارك استقطابية حاولت استعادة أجواء الفتنة، لكن مع نسبة لا بأس من “الأخطاء التاريخية” طبقا لما هو شائع في المراجع الأكثر شهرة.
ورغم أن الأعمال الفنية لا تلتزم عادة بحوادث التاريخ، فإن عليها الالتزام بحقائقه، وهو أمر يحتاج إلى نظر في العمل الذي ينتظر أن تحمل حلقاته القادمة مفاجآت جديدة وأسئلة خلافية جديدة.
تاريخٌ موازٍ؟
لم يصور المسلسل قصة حياة الصحابي معاوية بن أبي سفيان تحديدا، ولكنه يقدم صورة أراد صناعها أن تكون لحياة معاوية، ومن ثم أطلق صناع العمل لخيالهم العنان في إعادة صياغة التاريخ وكتابة أحداثه وبناء شخصياته بشكل لا يتسق مع ما روته كتب التاريخ.
ورغم خطورة “المغالطات التاريخية” في العمل، فإن القفزات الزمنية التي تجاوز بموجبها صناع العمل أحداثا مفصلية في حياة صاحب السيرة قد تمثل جريمة فنية بسبب دورها الكبير في توضيح الصورة وبيانها، فلا وجود في العمل لغزوتي بدر وأحد إلا بمرور سريع جدا.
وإذا كانت أشكال المنازل وتصميمها خارجيا وداخليا والملابس والإضاءة والإكسسوارات قد جاءت مغايرة تماما لما ينبغي أن تكون عليه الملامح الاجتماعية والثقافية لتلك المرحلة، فإن “تغيير” بنية الصحابي الجليل أبي بكر الصديق بدا مدهشا، فبينما ظهر الممثل الذي جسد دوره ضخم البنية قويا أكد الرواة والمؤرخون أن أبا بكر كان نحيلا.
وقد بلغ ذلك “التغيير” والتعديل” حدودا لا تليق حين صوّر نساء تلك المرحلة المبكرة من تاريخ الجزيرة العربية والإسلام وقد ارتدين ملابس لا تليق بهن ولم يصح نقل أي وصف لما ترتديه نساء المسلمين بهذا الشكل، وخاصة ما ارتدته الصحابية هند بنت عتبة والدة مؤسس الدولة الأموية.
والغريب أن ذلك التغيير يبدأ من سنة ميلاد الصحابي معاوية بن أبي سفيان التي وردت باعتبارها قبل الهجرة النبوية بـ13 عاما، بينما ترجح الروايات أنها في السنة 15 قبل الهجرة.
ويصور العمل إسلام معاوية قبل فتح مكة، بل يقدم صناع العمل مشهدا لمعاوية بن أبي سفيان يتوضأ للصلاة، بينما يدخل جيش المسلمين إلى مكة، في حين أورد الرواة والمؤرخون أنه أسلم بعد الفتح أو يوم عمرة القضاء.
وأكد الخطأ التاريخي في استخدام سيوف دمشقية لم تشتهر وتعرف إلا في مرحلة تالية أن صناع العمل لم يرهقوا أنفسهم بتوظيف مراجعين لتاريخ مرحلة بهذه الأهمية والحساسية في تاريخ المسلمين.
فكرة قوية ونص ضعيف
منذ الحلقة الأولى، يظهر البذخ الإنتاجي في المشاهد، بتصويرها الفخم وديكوراتها، وهو ما دفع البعض إلى اعتباره “أقوى عمل درامي إسلامي” في تاريخ الدراما العربية.
وقدم العمل معاوية -الذي يؤدي دوره الممثل لجين إسماعيل- كشخصية مركبة، فهو قائد طموح، لكنه يتألم ويخطئ كأي إنسان. ورغم معقولية الفكرة، جاء الحوار، الذي كان يفترض أن يكون بليغا وملحميا، فاترا وضعيفا، يفتقر إلى العاطفة، كما افتقر إلى العمق في بناء الشخصيات، إذ بدت سطحية وغير مؤثرة، كما لو أن صانع العمل لم يكلف نفسه الغوص عميقا في تفاصيل شخصية معاوية السياسي والقائد ومعاونيه.
كان على صناع العمل أن يدركوا أنهم في مواجهة شرسة مع توتر بدأ منذ أكثر من 14 قرنا ولم ينته حتى اليوم، وقد رافق هذا التوتر أحداث الفتنة التي بدأت بحصار الخليفة عثمان بن عفان، مرورا بكل سنوات الأزمة وظلالها التي مزقت العالم الإسلامي.
لم يدرك صناع العمل ذلك “التوتر” الذي تستدعيه ذاكرة الأمة، فجاء إيقاع العمل باردا وهادئا، بينما تدور المواجهات التاريخية دون أدنى مستوى من الانفعال، خاصة مع عشوائية التنقل بين تلك المواجهات.
فخامة إنتاجية وتاريخ فقير
خلال الحقبة التي عاشها معاوية بن أبي سفيان، كانت الملابس بسيطة وعملية تتناسب مع بيئة صحراوية قاسية وحياة قبلية، وقد كان يلبس الرجال أردية خفيفة من الصوف أو الكتان ذات ألوان طبيعية تميل إلى البيج أو البني الفاتح، بلا زخرفة، أما النساء، مثل هند بنت عتبة والدة معاوية، فكنّ يرتدين ثيابا فضفاضة تغطي الجسم مع غطاء رأس بسيط مزين أحيانا بقليل من الحلي القبلية المصنوعة يدويا من الفضة أو الحجر.
لكن الشخصيات ظهرت بأزياء أكثر فخامة مما يناسب العصر بينها أقمشة لامعة أو مطرزة بزخارف غنية، تشبه أزياء العصور الإسلامية اللاحقة (مثل الحقبة العباسية) أو حتى تأثيرات عصرية.
فعلى سبيل المثال، إذا ارتدت هند ثوبا حريريا مزخرفا وارتدى أبو سفيان عباءة ذات ألوان زاهية مع إكسسوارات معدنية لامعة فهذا يتناقض مع بساطة تلك المرحلة، إذ لم تكن التجارة العالمية قد جلبت بعد مثل هذه المواد الفاخرة، وقد تكون رؤية المخرج تتعلق بإضفاء لمسة درامية بصرية لكنها في الواقع أضعفت المصداقية التاريخية.
وينطبق الأمر نفسه على البيوت التي كانت من الحجر الخام، والأسقف التي صنعت من جريد النخل أو القماش الثقيل مع أرضيات ترابية أو مغطاة بحصر من سعف النخيل، وأثاث محدود مثل الأسرّة المنخفضة أو الحصير.
ومن ثم فإن مشهد الولادة كان ينبغي أن يصوّر في غرفة ضيقة تحوي مصباحا زيتيا واحدا وأدوات بسيطة مثل إناء للماء أو قطعة قماش للمساعدة، ولكن مشهد البداية جاء خياليا تماما.
يعدّ مسلسل “معاوية” الذي بدأ عرضه مع أول أيام شهر رمضان الكريم عملا جريئا في طموحه، إذ يحاول إعادة صياغة شخصية تاريخية بإنتاج ضخم يستحق الإشادة بصريا، لكنه يعاني من سيناريو ضعيف افتقر إلى البلاغة والعمق، وأداء بارد لم يرتق إلى التوقعات لشخصيات تاريخية كبرى.
الجدل الديني والسياسي والمنع
امتد الجدل، بين الجمهور وبين مختلف الجهات، إلى المضمون التاريخي والديني، إذ عبر الدكتور عبد الفتاح العواري من الأزهر الشريف عن رفض تجسيد الصحابة مثل معاوية واعتبر ذلك “حراما شرعا”، في حين أجازت دار الإفتاء المصرية التجسيد بشرط عدم التشويه، لكن باستثناء الصحابة العشرة وآل البيت، وهو ما أثار تساؤلات عن ظهور علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان.
ومنع العراق عرض العمل الذي أثار جدلا كبيرا إذ رأى منتقدون أن المسلسل قد يقدم معاوية من “وجهة نظر سنية متشيعة”.
وأثار الاختلاف في الروايات “شبهات” حول الدقة التاريخية، خاصة مع تجسيد أحداث حساسة مثل صراع معاوية مع الصحابي الجليل علي بن أبي طالب، مما جعل العمل متهما بتحريف الحقائق لأغراض درامية أو سياسية.
ردود فعل الجمهور على مواقع التواصل كانت من جانبها مرآة لانقسام بين المشاهدين، حيث أشاد البعض بالعمل، مشيرين إلى قوة معاوية التاريخية التي صنعت “إمبراطورية ثالث أقوى دولة في التاريخ”. ورأى أحد المستخدمين أن الحلقة الأولى “لا بأس بها”، مع أمل بتحسن لاحق، مما يعكس انطباعا متفائلا محدودا.
لكن السلبيات سيطرت بسرعة؛ فبعد 3 حلقات، وصف أحد المشاهدين الشخصيات “بالبرود” والحوارات “بالضعف”، مشتكيا من افتقارها إلى العاطفة أو القوة الملحمية، ومطالبا بخطابات تليق بمعاوية كشخصية محورية. تعليق آخر هاجم الجودة، واصفا المسلسل بأنه “رديء” ومخز”، مع اتهامات للعمل بالتجسيد “غير اللائق” لصحابية، في إشارة إلى مشاهد ولادة هند لمعاوية.
ولعل أزمة مخرج العمل طارق العريان الذي انسحب تاركا المجال للمخرج أحمد مدحت إثر خلافات غامضة قد أسهمت في شعور البعض بأن مستوى العمل متواضع ومملوء بالمشاهد الضعيفة، كما وُصف على منصة “إكس”.
هذا الاستقطاب جعل المسلسل حديث الساعة، لكن صناع العمل دفعوا الثمن إذ فقدوا ثقة جزء كبير من الجمهور بمصداقيته الفنية والتاريخية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الجدل مسلسل معاوية معاویة بن أبی سفیان صناع العمل
إقرأ أيضاً:
خريطة دراما رمضان 2026.. عودة قوية لنجوم الصف الأول
بدأت ملامح الموسم الدرامي لرمضان 2026 تتبلور تدريجيا، مع توالي إعلانات عدد من المشاريع الفنية التي انطلق التحضير لها في الوقت الراهن. ويشهد الموسم المقبل عودة لافتة لعدد من الثنائيات الفنية، حيث يشارك العديد من النجوم في أعمال درامية جديدة يجري العمل عليها حاليا، تمهيدا لعرضها خلال شهر رمضان المقبل.
تيم حسن يجدد تعاونه مع البرقاوييواصل الفنان تيم حسن تعاونه الناجح مع المخرج سامر البرقاوي، بعد سلسلة من الأعمال المشتركة التي لاقت صدى جماهيريا واسعا، أبرزها "الهيبة"، "الزند: ذئب العاصي"، "تاج"، وآخرها مسلسل "تحت سابع أرض" الذي عُرض في رمضان 2025.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من الرواياتlist 2 of 2من سقوط بغداد إلى حصار دمشق.. "سيوف العرب" ينعش الذاكرة التاريخية للمشاهدend of listويبدأ الثنائي حاليا التحضير لمسلسل جديد بعنوان "مولانا"، من تأليف لبنى حداد، وتشاركه البطولة الممثلة السورية نور علي. ومن المقرر أن يُصوَّر العمل في لبنان خلال الفترة المقبلة، تمهيدا لعرضه في موسم رمضان 2026.
ويأتي هذا المشروع بعد أن حسم تيم حسن مشاركته فيه، في الوقت الذي تم فيه تأجيل مسلسل "الناطور"، الذي كان من المخطط بدء تصويره قريبا، ويتكوّن من 60 حلقة.
يستعد صنّاع مسلسل "المداح" لتقديم الجزء السادس من السلسلة بعنوان "أسطورة النهاية"، والمقرر عرضه ضمن الموسم الدرامي لرمضان 2026، حيث يواصل الفنان حمادة هلال تجسيد شخصية صابر المداح، في رحلة جديدة من المواجهات مع عوالم الجن والماورائيات.
وكان المنتج صادق الصباح قد صرّح في وقت سابق أن تقديم هذا الجزء جاء استجابة لرغبة الجمهور وتفاعلهم مع الأجزاء السابقة، مؤكدا أن "أسطورة النهاية" سيكون الجزء الختامي للسلسلة، على أن يتجه حمادة هلال بعدها لتقديم أدوار وشخصيات جديدة، حيث بدأ بالفعل التحضير لعمل مختلف يُعرض في رمضان 2027.
ويضم الجزء السادس من "المداح" مجموعة من النجوم، من بينهم هبة مجدي، يسرا اللوزي، خالد الصاوي، إلى جانب عدد من الفنانين المشاركين في الأجزاء السابقة.
بعد غياب عن السباق الرمضاني، يعود النجم ظافر العابدين إلى الدراما التلفزيونية في عمل جديد يجمعه بالنجمة اللبنانية نادين نسيب نجيم، في ثنائية فنية ينتظرها الجمهور بشغف. المسلسل من إخراج أمين درة، ولم يُحسم بعد العنوان النهائي له، إلا أن العمل يتناول قضية اجتماعية معاصرة.
وتُعد هذه المشاركة عودة قوية لنادين نجيم إلى موسم رمضان 2026، بعد غيابها عن المنافسة في رمضان الماضي، حيث كان آخر ظهور درامي لها في مسلسل "2024" الذي عُرض العام الماضي.
إعلان "درجة الغليان" بين منة شلبي وعمرو سعدتعود النجمة منة شلبي إلى السباق الرمضاني من خلال مسلسل جديد يحمل عنوان "درجة الغليان"، الذي يجمعها بالممثل عمرو سعد، ويكتبه المؤلف محمد هشام عبية، الذي سبق وتعاونت معه في مسلسل "بطلوع الروح" عام 2022.
ويمثل هذا العمل عودة عمرو سعد إلى الدراما الاجتماعية، بعد سلسلة من الأعمال ذات الطابع الشعبي، حيث يتكوّن المسلسل من 30 حلقة، ويُعرض ضمن خطة دراما رمضان 2026.
ويجري حاليا التحضير للعمل واختيار فريق التمثيل، تمهيدا لانطلاق التصوير خلال الفترة المقبلة.
وعلى صعيد آخر، كانت منة شلبي قد تعاقدت مؤخرا على مسلسل ثانٍ مع المخرج السدير مسعود، تدور أحداثه في إطار اجتماعي نفسي، حول امرأة تواجه تحديات قاسية في حياتها.
الكينغيشهد موسم رمضان 2026 عودة عدد من النجوم إلى المنافسة الدرامية، مع انطلاق تحضيرات عدة أعمال بارزة، على رأسها مسلسل "الكينغ" الذي يُعيد الفنان محمد عادل إمام إلى الشاشة الصغيرة.
المسلسل، من تأليف محمد صلاح العزب وإخراج شيرين عادل، كان قد تأجّل من الموسم الماضي بسبب طبيعة تصويره التي تتطلب تحضيرات مكثفة ومشاهد خارج مصر. وتدور أحداثه في إطار من الأكشن والتشويق، حول شاب يدخل في صراعات مع عصابات المافيا.
في المقابل، تخوض الفنانة ماغي بو غصن سباق رمضان المقبل بعمل درامي اجتماعي من تأليف طارق سويد، ويجري حاليا الاتفاق على باقي فريق العمل بالتعاون مع شركة الإنتاج.
كما أعلنت الفنانة مي عمر عن استعدادها للعودة بمسلسل جديد في رمضان 2026، بينما يستعد الفنان محمد رمضان هو الآخر لعمل درامي بعد غياب عن المنافسة الرمضانية منذ مشاركته في مسلسل "جعفر العمدة" عام 2023.
ومن الأعمال التي بدأ التحضير لها أيضا مسلسل "المماليك" من بطولة الفنان مكسيم خليل، ومن المتوقع أن يكون ضمن قائمة الأعمال العربية البارزة في الموسم المقبل.