موقع 24:
2025-06-23@23:44:28 GMT

ترامب..بين الشعارات الانتخابية ومحك السلطة

تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT

ترامب..بين الشعارات الانتخابية ومحك السلطة

كطائر "الفينيق" الأسطوري الذي يقوم من الرماد، استطاع دونالد ترامب أن يتجاوز كل الصعوبات والتحديات التي واجهته منذ هزيمته في الوصول إلى البيت الأبيض بعد ولايته الأولى، حيث حوّل الكثير من هذه التحديات إلى فرص حقيقية مكنته من الفوز بولاية رئاسية جديدة رغم التنافس الشديد الذي طبع الحملة الرئاسية.
ففي مواجهة التهم الثقيلة التي واجهه بها القضاء الأمريكي، اعتبر أن الكلمة الفيصل في هذا الشأن، ستكون لإرادة المواطن عبر صناديق الاقتراع، كما استطاع أن يظهر بمظهر الزعيم القوي بعد محاولة الاغتيال التي استهدفته، ويستغلّها في تكريس خطاب لا يخلو من مظلومية.


ومنذ توليه زمام السلطة ضمن ولايته الثانية، أطلق الكثير من الخطابات المثيرة للجدل على المستويين الداخلي والدولي، حيث أظهر إصراراً كبيراً على تنفيذ مجمل تعهداته التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، والمتمحورة حول شعاره المتكرر «أمريكا أولاً»، سواء تعلق الأمر بإعادة بناء وتقوية الحزب الجمهوري، واعتماد إصلاحات اقتصادية وإدارية، أواتخاذ تدابير صارمة في مواجهة الهجرة غير الشرعية، والتخفيف من وطأة ما يسميه ب«الدولة العميقة» وذلك بتعيين عدد من المقربين منه سياسياً في مناصب وازنة وحسّاسة.
وعلى المستوى الخارجي، أطلق مجموعة من التصريحات التي حظيت بنقاشات سياسية وأكاديمية مكثفة، حيث اعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستفد من العولمة، بالقدر الذي استفادت منها الكثير من الدول، كما هو الشأن بالنسبة للصين، أو بالنسبة لعدد من البلدان الصاعدة، ولذلك لم يخف رفضه لهذه العولمة وإصراره على الانسحاب من مختلف مؤسساتها.
كما اعتبر أيضاً أن زمن الحماية الأمنية المجانية قد ولى بالنسبة للشركاء والحلفاء أيضاً، فهو وبحكم تجربته ومرجعيته الاقتصادية، يرى بأن ضمان أمن هذه الأطراف يتطلب تقديم المزيد من الأموال، حيث اعتبر أن هذه الأقطار بما فيها دول «الناتو» ملزمة بدفع نصيبها «العادل» في ما يتعلق بالضمانات الأمنية أو الصفقات الاقتصادية.
كما أعلن عن انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية متهماً إياها بعدم تحمل مسؤولياتها خلال جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير في الأمن العالمي بمفهومه الإنساني الشامل، وفي اقتصاد الولايات المتحدة بشكل خاص، مبرزاً الإمكانات المالية التي تدفعها هذه الأخيرة للمنظمة في مقابل أقساط رمزية تدفعها دول أخرى كالصين.
وجدير بالذكر أن ضغط الولايات المتحدة على المنظمات أو الانسحاب منها، ليس جديداً، فكثيراً ما امتنعت عن دفع أقساطها المالية للأمم المتحدة بذريعة اعتمادها لسياسات منافية لمصالحها (الولايات المتحدة)، بل وصل بها الأمر إلى حد الضغط باتجاه عدم تجديد ولاية ثانية لبطرس غالي على رأس أمانة الهيئة في سنوات التسعينات.
كما أعلن أيضاً الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ما سيساهم في إرباك الجهود الدولية المتصلة بحماية البيئة، خصوصاً أن الولايات المتحدة تتموقع ضمن أهم الدول المتسببة في انبعاث ثاني أكسيد الكربون الناجم عن صناعاتها المختلفة.
أما بخصوص القضية الفلسطينية، فقد طالب الأردن ومصر باستقبال سكان غزة، مع التأكيد على رغبته في السيطرة على القطاع. بينما عبر عن اهتمامه أيضاً بشراء جزيرة «غرينلاند» من الدانمارك، وهو ما رد عليه بعض الدانماركيين من جانبهم برغبتهم في اقتناء «كاليفورنيا». كما طالت التصريحات الجار الشمالي كندا، وذلك بالتأكيد على أن هذه الأخيرة ستكون في وضع أفضل إذا أصبحت الولاية الأمريكية رقم 51.
وفي مواجهة تصاعد أدوار الصين على المستوى الدولي، أشار إلى أنه سيواجه تمددها باتخاذ مزيد من العقوبات الاقتصادية، فيما عبر عن رفضه القاطع لدخول إيران إلى النادي النووي. وفي مقابل ذلك فقد نهج خطابات أقل حدة مع كل من روسيا وكوريا الجنوبية..
ثمّة ملاحظات أساسية نطرحها في هذا السياق، وهي أن توجهات ترامب، ورغم الجدل الذي أثارته داخلياً ودولياً، قد تكون مجرّد مناورات لرفع السقف من أجل الحصول على حد مقبول من الفوائد والمكتسبات. كما أنه لا يمكن اعتبار هذه التوجهات "نشازاً" أو استثناء في السياسة الخارجية لأمريكا منذ فترة الحرب الباردة وما شهدته من تدخلات زجرية في عدد من مناطق العالم كفيتنام وكوبا وبنما..، أو سنوات الثمانينات من القرن الماضي مع إطلاق مبادرة «حرب النجوم» في عهد رونالد ريغان، أو بالتدخل في العراق والصومال والسودان وليبيا، وإحداث معتقل غوانتانامو، رغم الخطابات "المتفائلة" التي اعتاد إطلاقها عدد من الرؤساء بصدد إرساء نظام دولي عادل، مبني على السلام والأمن وحماية البيئة وتفعيل هيئة الأمم المتحدة، وحلّ القضية الفلسطينية. ومن ثم تظل سياسات الولايات المتحدة مبنية على مجموعة من الثوابت التي تضمن مصالحها وتكرّس مكانتها العالمية، غير أن بلورتها تختلف من رئيس إلى آخر تبعاً لطبيعة شخصيته ولخطاباته المتأرجحة بين الصرامة تارة والدبلوماسية تارة أخرى.
وعموماً، فما زال الوقت مبكراً للحديث عن تحوّل جذري في السياسات الخارجية الأمريكية، لاعتبارات داخلية متصلة بمواقف المعارضة عبر الهيئة التشريعية واللوبيات الاقتصادية والسياسية ومختلف القوى المؤثرة داخل المجتمع، بالإضافة أيضاً إلى ردود الفعل المتوقعة للدول المعنية بهذه السياسات كالمكسيك والصين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الكونجرس الأمريكي لا قيمة له عند ترامب.. والبيت الأبيض أيضاً

 

 

تتصاعد أصوات الجدل داخل الساحة السياسية الأمريكية حول دور المؤسسات التقليدية في ظل ظهور قيادة تحمل طابعاً شعبوياً شديداً، فقد صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الكونجرس الأمريكي ليس سوى هيئة عابرة لا تملك القدرة على تحقيق الإصلاحات التي تتطلبها البلاد؛ مواصِّلاً بذلك رسالة واضحة بأن السلطة التنفيذية، وبخاصة البيت الأبيض، تتفوق على كل ما تحمله الهيئات التشريعية التقليدية، تأتي هذه التصريحات في إطار جدل سياسي معقد يعكس الصراع بين رؤية مؤسسية قديمة وشغف بالتحديث والتحول الجذري يعتمدان على تركيز القوة في يد واحدة.. ويعتقد ترامب أنه هذه اليد الواحدة.
يرتكز موقف ترامب على اعتقاد أن الآليات البيروقراطية للكونجرس، وتلك المناقشات الطويلة بين الأحزاب، ليست سوى عائق أمام إنجاز الأمور الحقيقية التي تعاني منها الأمة -حد زعمه-، ففي خطاب سابق وصف ترامب هذا البرلمان بأنه مؤسسة متعطلة تتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة، مما يؤدي إلى إهدار الثقة العامة في العمل التشريعي.. وفي الوقت نفسه انتقد ترامب البيت الأبيض التقليدي لكونه ملاذاً للسياسات القديمة التي لا تواكب التحديات المعاصرة، مؤكداً على أن للإدارة التنفيذية دوراً مركزياً يجب أن تُستمد منه حلول سريعة وفعالة للأزمات الدولية والاقتصادية.
هذا التوجه ينبع من واقع سياسي تحفّهُ التحديات الداخلية والتقسيمات الحزبية المتفاقمة منذ سنوات في الداخل الأمريكي، ففي ظل تزايد الانقسامات داخل “الكابيتول”، يرى ترامب أن الكونجرس قد فقد علاقته المباشرة مع مطالب الشعب الأمريكي، وأنه أصبح يتصرف وفق مصالح حزبية ضيقة بدلاً من خدمة المصلحة الوطنية الشاملة.. وفي المقابل تبرز رؤية جديدة تقوم على تعزيز سلطة الرئيس وتجاهل العقبات الإجرائية التي تفرضها المؤسسات الأخرى، مما قد يؤدي إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية في الولايات المتحدة بطريقة تترك أثرها على موازين السلطة الدستورية، ويبدو أن هذه الرؤية قد بدأت باستهداف إيران لانتشال إسرائيل من الضربات الإيرانية التي تتلقاها إسرائيل بسبب ما تسميه الضربة الاستباقية باستهداف إيران تحت يافطة مكتوب عليها “الحد من خطر النووي الإيراني” الذي لا وجود له أصلاً رغم تأكيدات النظام الإيراني بأنه لا يرغب بإنتاج السلاح النووي وفق عقيدته الدينية.
على صعيد آخر أثارت تصريحات ترامب جدلاً واسعاً بين الخبراء والمحللين السياسيين الذين يشيرون إلى أن تجاهل صلاحيات الكونجرس والانتقادات اللاذعة للبيت الأبيض يمثلان محاولة لتضييق ميدان النقاش السياسي إلى صورة شخصية وحيدة تتجاوز نظام فصل السلطات الذي أرسى الأساس للديمقراطية الأمريكية.. وقد حذر منتقدو هذه الفكرة من أن تُسفر مثل هذه التحولات عن سيطرة قيادية مركزية قادرة على تجاوز آليات المراقبة والمساءلة، مما يفضي إلى إضعاف النظام الديمقراطي وإعادة فتح الباب أمام استبداد السلطة بصورة غير مسبوقة، وهو ما يسعى إليه ترامب للسيطرة على المنطقة العربية والإسلامية وكل ما يخالف السياسة الأمريكية العالمية.
أخيراً.. تكشف تصريحات ترامب عن تحول جذري في الطريقة التي يُنظر بها إلى المؤسسات السياسية الأمريكية، فبينما يمثل الكونجرس والبيت الأبيض حجر الزاوية في النظام الدستوري، الأمريكي يسعى ترامب إلى تجاوز هذه الهياكل التقليدية حد قوله، لإرساء سلطة تنفيذية مركزة يُنظر إليها على أنها أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة في حماية إسرائيل والسيطرة الأنظمة الدولية، خصوصاً أنظمة الحكم في دول الخليج وكثير من الدول العربية والإسلامية.

مقالات مشابهة

  • عراقجي يحذر الولايات المتحدة: "جاهزون للرد مجددا"
  • الكونجرس الأمريكي لا قيمة له عند ترامب.. والبيت الأبيض أيضاً
  • رويترز: إيران أبلغت الولايات المتحدة عبر قناتين دبلوماسيتين قبل ساعات من الهجمات على قطر وأبلغت الدوحة أيضا
  • إيران تهدّد بتفعيل خلايا نائمة داخل الولايات المتحدة 
  • محلل أميركي يتنبأ: تورط الولايات المتحدة في حرب ضد إيران سيحطم إرث ترامب
  • ذا هيل: 5 نقاط بارزة بعد دخول الولايات المتحدة حربا مع إيران
  • ما هي المنشآت النووية الثلاث التي استهدفتها الولايات المتحدة في إيران؟
  • ترامب: الولايات المتحدة أخذت على عاتقها حماية إسرائيل
  • سي إن إن: السلطات تراقب التهديدات الإيرانية المحتملة داخل الولايات المتحدة
  • هل ستخوض الولايات المتحدة حربًا ضد إيران؟ اسألوا سارية العلم!