الأسبوع:
2025-05-13@07:13:19 GMT

تحالفات الفشل في السودان

تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT

تحالفات الفشل في السودان

يحاول الدعم السريع أن يكسب بعد خسارته الحرب مستغلًّا محترفي النصب السياسي في البلاد للحصول على مكاسب فشلت كل جرائمه طوال عامين في تحقيقها. فها هو الدعم وأنصاره من الحركه الشعبية في جبال النوبة بزعامة عبد العزيز الحلو يشكلون تحالفًا سياسيًّا لحكم البلاد، وقد وقَّعوا على دستورهم الثلاثاء الماضي بالعاصمة الكينية نيروبي تمهيدًا لتشكيل حكومة موازية وجيش موازٍ وأقاليم منفصلة ودولة علمانية وكأنهم يصنعون أشكالًا أخرى غير السودان المستقر، وكأنهم أيضًا يحاولون إرضاء الأنظمة الأوروبية ويتناسون تمامًا وجود 45 مليون سوداني وقفوا خلف جيشهم منذ اندلاع التمرد في أبريل 2023.

والغريب أن حمدتي نجح في استقطاب عبد العزيز الحلو، هذا المسن الذي تجاوز الثمانين وأنفق أكثر من نصف عمره يقاتل معاديًا لوحدة السودان وباحثًا عن أوهام دولة في خياله ليس لها أثر في الواقع. ومع بقايا الدعم انضم أيضًا بقايا حزب الأمة بزعامة (برمة ناصر) لإعلان الدستور الانتقالي الجديد وتشكيل الحكومة الموازية. ونص الدستور السوداني الجديد على ما أسماه بتعزيز دعائم الوحدة الوطنية الطوعية، وهو ما يعني ضمنًا أن من حق الأقاليم التي ترفض هذه الوحدة الطوعية الانفصال وتشكيل كيانات خاصة بها. كما أن تحالف نيروبي منح الأقاليم الثمانية الحقَّ في تشكيل دساتير خاصة بها بزعم مراعاة خصوصيتها، وهو تقسيم واقعي لتلك الأقاليم وتمهيد لتقسيم السودان إلى ثماني دويلات مستقلة، بعد منح كل إقليم دستورًا وتنصيب حاكم خاصٍّ به. ويرى المراقبون أن هذا البند هو الأكثر وضوحًا في سعي تحالف الدعم السريع بنيروبي لتقسيم السودان بشكل علني، خاصة مع إصرار التحالف على تدمير الجيش السوداني والأجهزة الأمنية وكل مؤسسات الدولة القائمة واستبدال جيش آخر بها يتشكل من الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية بزعامة عبد العزيز الحلو وبعض الفصائل المسلحة الأخرى. وهو ما يعني أن هذا التحالف قد قرر تقسيم السودان بعد الانتهاء من شكل الدولة السودانية الحالي، وفقًا لطموحاته وأطماعه في الحصول على الدعم المالي والعسكري من دول إقليمية وغربية تقوم بحماية هذا التحالف منذ الانقلاب على الرئيس السابق عمر البشير.

والغريب أيضًا أن تحالف الدعم السريع الذي يعمل من نيروبي يتحرك بخطوات موازية مع نظيره تحالف (صمود) بزعامة عبد الله حمدوك، الذي أعلن أيضًا عن تصوره للتغيير وتشكيل السودان الجديد القائم وفقًا لرؤيته على الديمقراطية والمدنية والعلمانية وحقوق المرأة، والتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وكل هذه المصطلحات التي يقدم حمدوك نفسَه بها باعتباره ممثلًا للمجتمع الدولي في السودان، وهو نفس التقديم الذي جاء به بعد الانقلاب على البشير وفشله الذريع أثناء رئاسته للحكومة في إدارة البلاد أو إخراجها من أزمتها الاقتصادية وتحقيق العدالة أو إقامة نظام للحكم يتمتع بتأييد شعبي. ومع ذلك فهو يأتي اليوم بنفس الشعارات أملًا في تحقيق نتائج جديدة، مما يضع المراقبين للشأن السوداني في حيرة كبيرة من تخبط النخبة السودانية وإصرارها على الفشل. وعلى الرغم من الرفض الموسع للحكومة الموازية ودستورها المزعوم فإن إلحاح ممثليها على أندية الدعم الأوروبي يمكن أن يشكل ضغوطًا على صناع القرار في الدول الأوروبية، خاصة وأن هؤلاء الممثلين يجيدون العزف على معزوفة محاربة الإسلاميين التي تلقى صدًى واسعًا في الأوساط الأوروبية.

تخريب وتدمير السودان إذًا تتطوع به ميليشيات عسكرية وجماعات سياسية سودانية تلهث ليلًا ونهارًا بحثًا عن حفنة من الدولارات ثمنًا لوطن كبير يمكن أن يمنح شعبَها وكلَّ أمة العرب أمنَها الغذائي الذي تفتقده.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

100 يوم من حكم ترامب.. تحالفات تنهار وخرائط يعاد رسمها بالتدخل المباشر

انقضت مئة يوم فقط على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أن آثار هذه العودة تبدو كأنها تعادل سنوات من التحولات الجذرية في النظام الدولي. 

منذ اليوم الأول لتنصيبه، أعاد الرئيس الأمريكي تشكيل ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، معيدًا إلى الواجهة أسلوبه الخاص الذي يتّسم بالصدامية، الأحادية، والمفاجآت السياسية والاقتصادية التي لا تتوقف. 

وبينما يُنظر إلى هذه الفترة القصيرة تقليديًا كمؤشر على اتجاهات الرئاسة، فإن أداء ترامب حتى الآن يشير إلى مسار غير مسبوق من إعادة رسم التحالفات، وزعزعة استقرار النظام العالمي، وتوسيع نطاق التدخل الأمريكي المباشر.

إعادة ترتيب النظام الدولي

شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من ولاية ترامب الثانية تحولات كبرى في توجهات السياسة الأمريكية. إذ فرض الرئيس الأمريكي رؤيته الأحادية للعالم تحت شعار "أمريكا أولاً"، وأطلق مجموعة من الرسوم الجمركية الشاملة التي طالت دولًا حليفة وعدوة على حد سواء، في محاولة لإعادة تعريف المصالح الأمريكية ضمن منظور الصفقات لا الشراكات.

كما لم يتردد ترامب في تهميش الحلفاء الأوروبيين، وتخفيض المساعدات الخارجية بحجة مكافحة "الهدر"، مؤكدًا أنه لا يؤمن إلا بمبدأ "الأخذ والعطاء" في العلاقات الدولية. وعلى المستوى الداخلي، دخل ترامب في صراع مفتوح مع السلطة القضائية، مثيرًا جدلًا واسعًا حول طبيعة الحكم وشرعية بعض مؤسسات الدولة.

تقارب استراتيجي مع موسكو

من أبرز التحولات في السياسة الخارجية الأمريكية، التقارب اللافت مع روسيا. فقد أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين استمرت 90 دقيقة في فبراير، ما وضع حدًا للعزلة الدولية التي فرضتها إدارة بايدن على الكرملين عقب غزو أوكرانيا.

وأعقب ذلك مفاوضات أمريكية-روسية غير مسبوقة في السعودية، تمحورت حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، مما يشي بإمكانية عقد لقاء مباشر بين الزعيمين قريبًا. في المقابل، شددت إدارة ترامب لهجتها تجاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث شن ترامب ونائبه جاي دي فانس هجومًا لاذعًا عليه خلال لقاء في البيت الأبيض، ما أثار القلق حول التزام واشنطن تجاه كييف.

ومع تعثّر مفاوضات الهدنة بين روسيا وأوكرانيا، لم يتردد ترامب في التهديد بالانسحاب من العملية التفاوضية، ما لم تُحقق نتائج سريعة.

مفاوضات مع إيران

في تطور غير متوقع، استأنفت الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة مع إيران، عقدت جولتين منها في سلطنة عمان وروما بقيادة المفاوض ستيف ويتكوف، أحد المقربين من ترامب.

ورغم استمرار سياسة "الضغوط القصوى"، ألمحت إدارة ترامب إلى تفضيلها الحل الدبلوماسي بشأن البرنامج النووي الإيراني، مع التهديد الصريح بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري إذا ما تطلب الأمر ذلك.

كوريا الشمالية.. غائب بارز في أولويات واشنطن

على عكس ولايته الأولى التي شهدت لقاءات متكررة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، تغيب كوريا الشمالية بشكل شبه كامل عن أجندة إدارة ترامب الحالية. وكان الرئيس الأمريكي قد وصف سابقًا علاقته بكيم بأنها "علاقة حب"، بعد أن كاد يشن حربًا ضده في بدايات حكمه الأول.

ويأتي هذا الغياب في وقت يشهد فيه شرق آسيا توترات متزايدة، ما يثير التساؤلات حول أولويات إدارة ترامب في هذه المرحلة.

تصريحات مثيرة وتهديدات بضم أراضٍ ودول

واصل ترامب إطلاق التصريحات الصادمة التي اعتاد عليها الرأي العام خلال ولايته الأولى. فقد أعلن خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في فبراير، أن غزة يمكن أن تصبح "ريفييرا الشرق الأوسط"، في إطار خطة تقودها الولايات المتحدة لإعادة إعمار القطاع بعد الحرب، لكنها تتضمن نقل سكانه إلى دول أخرى — ما أثار موجة إدانات عربية ودولية واسعة.

كما كرر ترامب رغبته في ضم كندا، قائلًا إن الحدود بين البلدين "خط مصطنع"، وعبّر عن نيته "استعادة" قناة بنما، إضافة إلى اقتراحه السابق بضم غرينلاند، في تصريحات أثارت الاستهجان والسخرية عالميًا.

سياسة الهجرة والتشدد الداخلي

على المستوى الداخلي، كثّف ترامب من سياساته المتشددة تجاه المهاجرين. فقد أمر بترحيل آلاف المهاجرين غير النظاميين، وتم نقل بعضهم إلى سجون شديدة الحراسة في السلفادور. كما شن حربًا على عصابات المخدرات المكسيكية، معتبرًا إياها "منظمات إرهابية أجنبية"، في خطوة تندرج ضمن مساعيه لتشديد قبضة القانون على الحدود.

صراع مع القضاء الأمريكي

في مشهد غير مألوف في الديمقراطيات الغربية، هاجم ترامب القضاء الفدرالي بشراسة بعد أن أوقف أحد القضاة قرارًا رئاسيًا بترحيل مهاجرين. وطالب علنًا بإقالة القاضي، واصفًا إياه بـ"الفاسد" و"المسيس"، في تصعيد غير مسبوق ضد السلطة القضائية.

ويُعد ترامب أول رئيس أمريكي يُدان بحكم جنائي، بعد محاكمته العام الماضي في نيويورك، وهو ما يعكس عمق الأزمة القانونية والسياسية التي تواجه إدارته، خاصة في ظل تلميحاته المتكررة بنيّته الترشح لولاية ثالثة، رغم أن الدستور الأمريكي لا يجيز ذلك.

100 يوم تثير القلق وتُمهّد تحولات كبرى

رغم قصر المدة التي قضاها ترامب في ولايته الثانية، إلا أن السياسات التي انتهجها أعادت ترتيب أولويات الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا، وأثارت قلقًا عالميًا بشأن استقرار النظام الدولي.

وفيما يسود اعتقاد بأن ما يحدث هو محاولة لتثبيت نفوذ أمريكي جديد قائم على السيطرة الاقتصادية والسياسية المباشرة، لا يزال العالم ينتظر ليرى ما إذا كانت هذه المئة يوم مجرد بداية لحقبة من الفوضى، أم أنها مقدمة لتحولات إستراتيجية محسوبة ضمن أجندة ترامب السياسية.

طباعة شارك ترامب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمريكا الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • السودان يلوح بوقف صادرات نفط جنوب السودان بعد هجمات بورتسودان
  • الخرطوم تحذر من احتمال وقف تصدير النفط من جنوب السودان
  • 100 يوم من حكم ترامب.. تحالفات تنهار وخرائط يعاد رسمها بالتدخل المباشر
  • السودان تحت القصف
  • يوم يقنعو من الدعم السريع حيعملو ليك فتنة جديدة
  • توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم
  • السرديات المضللة في حرب السودان
  • زيارة ترامب ماذا تحمل لأهل السودان؟
  • السودان: 50 مليون دولار خسائر وزارة التعليم العالي
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: المسيّرات تُقوّض فرص السلام