عناصر استقرار الدولة ثلاث :
الأمن والاطمئنان
الرضا في السياسية
الرخاء في المعاش
إذا تراجعت واحدة من هذه العناصر ؛ يجب معالجتها منفردة بالأصلاح للحفاظ على الثنائية الآخري ..
في مثل هذا اليوم من العام 2018 قبل ما يعرف بتظاهرات ديسمبر دخلت الي أمدرمان عن طريق الشارع الغربي النيل (طريق المتمة امدرمان) متأخرا بعد منتصف الليل بنصف ساعة .

موقف المواصلات خاوي ولا أحد يرضى بمشوار الي وسط الخرطوم ..
أذكر أنني أخرجت هاتفي (في الرمق الاخير من طاقة البطارية) فتحت البيانات قلت اجرب تاكسي عبر تطبيق ترحال .. فوجئت بقبول طلبي من عدد من المركبات اخترت أقربها ..اتصل بي واتفقنا على المشوار بعد أقل من دقيقتين
وصلتني عربة (دبدوب) قديمة لكنها انيقة .. تقدمت اليه وتحركنا صوب الخرطوم عبر بحري كبرى الحلفايا .. شيئاً من بقايا الليل يسارع الجميع لطي صفحة ذلك النهار بمسائه النبيل قلت لرفيقي أشعر وليست جائعاً وفي مقدور التحمل الي الغد لكن لي رغبة في العشاء طلبت منه أن يختار مطعما في طريقنا .. بدلاً أن يرد على حديثي اخرج الهاتف واتصل وتمتم ببعضع كلمات ليس من بينها إعداد وجبة الطعام
لا أفقه في طرقات مدينة امدرمان لكن سائقي بدلا من المواصلة في كبري الحلفايا انحرف جنوباً وعاد الي شوارع جانبية مظلمة .. بطبيعتي لست جباناً لأسأل الي أي تريد أن تذهب .. لكنني شجاعا ً جداً إذا مضت الأحوال لغير صالحي وشعرت بإقتراب الخطر ..
توقفت الشاب الأربعيني إلى منزل لا يبدو أنه (مطعم) طلب مني النزول وتقدمني وأنا اتبعه واستقر بي الحال في (هول)منتصف شقة صغيرة أبوابها الخارجية مهملة سهلة الكسر والشقة مكونة من غرفة ومطبخ صغير بدون جلست وأنا في حيرة وصمت مطبق .. قليلا دخلت علينا شابة بيهية الطلعة على شفتيها ابتسامة ( السلام عليكم جاهزين اجيب العشاء) مبشرة أشارت لي الي موقع غسل اليدين ..
جلسنا ثلاثتنا (نأكل) من الاطباق اذكرها جيدا سلطة مايونيز وبيض مسلوق وبقايا ثلاجة (سحق مع بطاطس مقلي) هم يتحدثون بهمس أنيق وتبادل في النقاش بأدب جم اللغة لغتي لكن لم استطيع معرفة النقاش وتأكد لي انه استكمال لحديث تم عبر الهاتف ..
انتهينا .. غاب هو داخل الشقة وبيقيت هي معي قالت مرحب بيك والله نورت . انا زوجة الفاضل إبراهيم (سائقي)
أنا متعودة على مثل هذه الزيارات الليلة لان الفاضل يعمل من بعد صلاة العشاء لانشغاله في وظيفة نهارية وجميع الزبائن هم مثلك (مقطوعي منتصف الليل) كانت مطايبة وود لم اشهد له مثيل عاد صديقي .. وطلب مني بلطف ان نواصل المشوار (مشواري طبعاً وانا نسيت نفسي) غادرنا المنزل وشكرت سيدة الموقف ..
الثالثة إلا ربع عندما توقفت السيارة حيث اريد.. تعجل في مطالبته بقيمة الأجرة حسب نظام ترحال .. هممت ان ازيد المبلغ للضعف نظير العشاء لكنه رفض (المبلغ وقتها حالياً لا يشتري قطعة من كيك السيسي الشهير). .. تعامل معي باحترافية عالية وثقة في النفس .. عاد هو ودخلت موقعي وأنا أراجع ما حدث معي قبل دقائق لعل ذلك يساعدني على النوم . لكن بعد أن مضى سائقي هممت بدخول استقبال العمارة لاستئجار شقة لليلة واحدة فوجئت أن صاحب المكان.. وهو يعرفني باعتباري زبون .. قال لي لا يمكن أن نعطيك شقة دون أن يكون معك احد هذه توجيهات جهاز الأمن الوطني وقتها ولا يمكن تجاوزها لاي شخص مهما كان …. شاهدي في القصة :
الخرطوم كانت وديعة
الخرطوم كانت هادئة
الخرطوم كانت محمية
الخرطوم كانت محروسة
هذا الامتداد الكبير الواسع بحري أمدرمان الخرطوم باحيائه المخططة ومنازله العشوائية تباينات الترف والكتلة البشرية
التي تسكن عاصمة البلاد بالملايين هذا كله يخضع لرقابة صارمة ومتابعة لصيقة ..
مهما كانت ادعاءات المعارضة وقيادتها للرأي العام ومحاولة
تقديم نفسها على أساس أنها ستقدم أفضل من ما كان يقدمه (الإسلاميين) أحداث ذلك الشريط والذي حديث معي ليلتئذ يحمل الرد بيان بالعمل ..
كانت الحالة الاقتصادية رُخا والأمنية أمان والاجتماعية رضاً واما السياسية بؤسها يتحدث عنه قادة حراك سبتمبر 2013 .. زعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة الداخلية وغِش العوام من الشعب بالرفاهية ونعيم الجنة ان هو خرج وطرد الإنقاذ تحت شعار (تسقط بس) سقطت بنفس مواصفات الهتاف وبذات أدوات الخديعة
كانت ملحمة امدرمان تقدم وجبة لسته أصدقاء لحم الضأن المشوي مع (الشربوت والبطيخ) والحساب جميعه لا يزيد عن قيمة نصف دستة من قطع الخبر البائسة بسعر اليوم ..
على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله :
الأمن والأمان
السعادة والاستقرار
الرضا بالموجود

Osman Alatta

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الخرطوم کانت

إقرأ أيضاً:

قيمة الريال من قيمة الشرعية

الجديد برس- بقلم- عبدالخالق عطشان| الحقيقة أنه قبل حدوث اي أزمة مالية أو تدهور لسعر الصرف وارتفاع في الأسعار يسبق ذلك عند مسؤولي الدولة أزمة ضمير وتدهور مريع في حمل المسؤولية وهبوط حاد في الأخلاق والمبادئ. تربع على السلطة(الشرعية) – والتي تتباهى باعتراف عالمي- شركة تتكون من شركاء متشاكسون كل له أطماعه ومصالحه الخاصة ( فردية او حزبية) جعلوا من المنصب مغنما ووسيلة للثراء، لم تكن الأزمة والحرب الدائرة لاستعادة الدولة منذ 10 اعوام إلا فرصة لهؤلاء الشركاء يتسابقون بهوان وذلة وإراقة ماء وجه للإنبطاح للبقاء في سجلات وكشوفات التعيينات والترقيات والإعاشات على حساب استعادة الدولة وكرامة الأمة. شركاء ألِفوا واعتادوا وتطبعوا مع وضع بقائهم خارج الوطن وتأقلموا مع حياة منزوعة عنها كل اشكال النزاهة والأمانة والوطنية، يمموا شطر مصالحهم الضيقة وانانيتهم المفرطة وولَّوا ادبارهم من الزحف ومن التضحيات واصحابها، اسقطوا عنهم فريضة حمل الأمانة بمنشور وتغريدة وزعموا انهم يجاهدون بالكلمة. كل شركاء المنظومة الحاكمة دون إستثناء يتحملون مصاب الأمة وعنائها كلٌ حسب موقعه وأثره ومكانته وحجمه وفاعليته. من يدعي من شركاء المنظومة الحاكمة انه بريء من هذا الفساد والعبث طيلة هذا العقد وانه لاحول له ولاقوة على التأثير والتغيير وان يقول كلمة حق امام سلطان جائر فاليخرج للشعب ويعلنها صراحة: من المتسبب؟ وان يتبرأ من هذا العبث و يخلع عن نفسه مسؤولية ومنصبا ليس للشعب منه إلا الشقاء. تذكير: مع كل أزمة مالية تعصف بالريال يتم الاعلان عن منحة مالية او وديعة لتدارك الأمر ولكنها إجراء تخديري غير مجد بيد انه مُجدٍ للمسؤلين ونافع لهم لديمومة فسادهم وعبثهم ختاما تتميز الشرعية بمسؤولين استطاب لهم الهوان واستعذبوا الذل و أُشرِبوا في قلوبهم الفساد بل وجاهروا به. اللهم ريحا عاصفا تهوي بهم إلى مكان سحيق

مقالات مشابهة

  • مواقيت الصلاة اليوم السبت 5 يوليو 2025 في المدن والعواصم العربية
  • شيكا قالي اقلع الجاكيت.. إبراهيم فايق يرد على انتقادات ارتداء قميص الزمالك
  • موعد صلاة الظهر.. مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4 يوليو 2025
  • مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في المدن والعواصم العربية
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • دعاء فقدان الحاجة واسترجاع الأشياء الضائعة
  • قيادة الأمن الداخلي في محافظة حلب تلقي القبض على المجرم عبد الرحمن دحروج، أحد عناصر ما يُعرف بميليشيا الدفاع الوطني، والمتورط في انتهاكات بحق الشعب السوري
  • مواقيت الصلاة اليوم الخميس 3 يوليو 2025 في المدن والعواصم العربية
  • ???? البيت الأبيض السوداني تدمر تدميرا كاملا من قبل مليشيا الدعم السريع
  • قيمة الريال من قيمة الشرعية