على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
عناصر استقرار الدولة ثلاث :
الأمن والاطمئنان
الرضا في السياسية
الرخاء في المعاش
إذا تراجعت واحدة من هذه العناصر ؛ يجب معالجتها منفردة بالأصلاح للحفاظ على الثنائية الآخري ..
في مثل هذا اليوم من العام 2018 قبل ما يعرف بتظاهرات ديسمبر دخلت الي أمدرمان عن طريق الشارع الغربي النيل (طريق المتمة امدرمان) متأخرا بعد منتصف الليل بنصف ساعة .
أذكر أنني أخرجت هاتفي (في الرمق الاخير من طاقة البطارية) فتحت البيانات قلت اجرب تاكسي عبر تطبيق ترحال .. فوجئت بقبول طلبي من عدد من المركبات اخترت أقربها ..اتصل بي واتفقنا على المشوار بعد أقل من دقيقتين
وصلتني عربة (دبدوب) قديمة لكنها انيقة .. تقدمت اليه وتحركنا صوب الخرطوم عبر بحري كبرى الحلفايا .. شيئاً من بقايا الليل يسارع الجميع لطي صفحة ذلك النهار بمسائه النبيل قلت لرفيقي أشعر وليست جائعاً وفي مقدور التحمل الي الغد لكن لي رغبة في العشاء طلبت منه أن يختار مطعما في طريقنا .. بدلاً أن يرد على حديثي اخرج الهاتف واتصل وتمتم ببعضع كلمات ليس من بينها إعداد وجبة الطعام
لا أفقه في طرقات مدينة امدرمان لكن سائقي بدلا من المواصلة في كبري الحلفايا انحرف جنوباً وعاد الي شوارع جانبية مظلمة .. بطبيعتي لست جباناً لأسأل الي أي تريد أن تذهب .. لكنني شجاعا ً جداً إذا مضت الأحوال لغير صالحي وشعرت بإقتراب الخطر ..
توقفت الشاب الأربعيني إلى منزل لا يبدو أنه (مطعم) طلب مني النزول وتقدمني وأنا اتبعه واستقر بي الحال في (هول)منتصف شقة صغيرة أبوابها الخارجية مهملة سهلة الكسر والشقة مكونة من غرفة ومطبخ صغير بدون جلست وأنا في حيرة وصمت مطبق .. قليلا دخلت علينا شابة بيهية الطلعة على شفتيها ابتسامة ( السلام عليكم جاهزين اجيب العشاء) مبشرة أشارت لي الي موقع غسل اليدين ..
جلسنا ثلاثتنا (نأكل) من الاطباق اذكرها جيدا سلطة مايونيز وبيض مسلوق وبقايا ثلاجة (سحق مع بطاطس مقلي) هم يتحدثون بهمس أنيق وتبادل في النقاش بأدب جم اللغة لغتي لكن لم استطيع معرفة النقاش وتأكد لي انه استكمال لحديث تم عبر الهاتف ..
انتهينا .. غاب هو داخل الشقة وبيقيت هي معي قالت مرحب بيك والله نورت . انا زوجة الفاضل إبراهيم (سائقي)
أنا متعودة على مثل هذه الزيارات الليلة لان الفاضل يعمل من بعد صلاة العشاء لانشغاله في وظيفة نهارية وجميع الزبائن هم مثلك (مقطوعي منتصف الليل) كانت مطايبة وود لم اشهد له مثيل عاد صديقي .. وطلب مني بلطف ان نواصل المشوار (مشواري طبعاً وانا نسيت نفسي) غادرنا المنزل وشكرت سيدة الموقف ..
الثالثة إلا ربع عندما توقفت السيارة حيث اريد.. تعجل في مطالبته بقيمة الأجرة حسب نظام ترحال .. هممت ان ازيد المبلغ للضعف نظير العشاء لكنه رفض (المبلغ وقتها حالياً لا يشتري قطعة من كيك السيسي الشهير). .. تعامل معي باحترافية عالية وثقة في النفس .. عاد هو ودخلت موقعي وأنا أراجع ما حدث معي قبل دقائق لعل ذلك يساعدني على النوم . لكن بعد أن مضى سائقي هممت بدخول استقبال العمارة لاستئجار شقة لليلة واحدة فوجئت أن صاحب المكان.. وهو يعرفني باعتباري زبون .. قال لي لا يمكن أن نعطيك شقة دون أن يكون معك احد هذه توجيهات جهاز الأمن الوطني وقتها ولا يمكن تجاوزها لاي شخص مهما كان …. شاهدي في القصة :
الخرطوم كانت وديعة
الخرطوم كانت هادئة
الخرطوم كانت محمية
الخرطوم كانت محروسة
هذا الامتداد الكبير الواسع بحري أمدرمان الخرطوم باحيائه المخططة ومنازله العشوائية تباينات الترف والكتلة البشرية
التي تسكن عاصمة البلاد بالملايين هذا كله يخضع لرقابة صارمة ومتابعة لصيقة ..
مهما كانت ادعاءات المعارضة وقيادتها للرأي العام ومحاولة
تقديم نفسها على أساس أنها ستقدم أفضل من ما كان يقدمه (الإسلاميين) أحداث ذلك الشريط والذي حديث معي ليلتئذ يحمل الرد بيان بالعمل ..
كانت الحالة الاقتصادية رُخا والأمنية أمان والاجتماعية رضاً واما السياسية بؤسها يتحدث عنه قادة حراك سبتمبر 2013 .. زعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة الداخلية وغِش العوام من الشعب بالرفاهية ونعيم الجنة ان هو خرج وطرد الإنقاذ تحت شعار (تسقط بس) سقطت بنفس مواصفات الهتاف وبذات أدوات الخديعة
كانت ملحمة امدرمان تقدم وجبة لسته أصدقاء لحم الضأن المشوي مع (الشربوت والبطيخ) والحساب جميعه لا يزيد عن قيمة نصف دستة من قطع الخبر البائسة بسعر اليوم ..
على الشعب السوداني ان يتحسس قيمة نفسه ليبحث بعدها عن قيمة الأشياء من حوله :
الأمن والأمان
السعادة والاستقرار
الرضا بالموجود
Osman Alatta
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الخرطوم کانت
إقرأ أيضاً:
السوداني خلال القمة العربية يعلن اطلاق 18 مبادرة وتبرعات لغزة ولبنان بـ40 مليون دولار
الاقتصاد نيوز - بغداد
أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم السبت، عن إطلاق 18 مبادرة وتقديم تبرعات بقيمة 40 مليون دولار لإعمار غزة ولبنان، مؤكداً أن العراق ينتهج سياسة عدم الاصطفاف في المحاور.
وقال السوداني في كلمة العراق التي ألقاها خلال افتتاح القمة العربية في بغداد، "أعلن العراق عن إطلاق 18 مبادرة وتقديم تبرعات بقيمة 40 مليون دولار لإعمار غزة ولبنان. إن العراق يتبع سياسة خارجية تقوم على الشراكة والتعاون كأولوية، مع تعزيز المصالح المشتركة للبلدان، والالتزام بمبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بالإضافة إلى التصدي للإرهاب بكل صوره."
ورحب السوداني بضيوف القمة العربية، قائلاً: "أرحب بكم باسم الشعب العراقي وبضيوف قمتنا، وفي مقدمتهم السيد بيدرو سانشيز، رئيس وزراء مملكة إسبانيا، التي تربطنا بها علاقات عميقة. كما نرحب بالأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، مثمنين جهوده ومواقفه الداعمة لقضايانا العربية."
وأكد السوداني على أن "العراق يسعى دائماً ليكون مركزاً للفكر والحضارة، وداراً للتآخي والتعايش والوحدة، وملتقى للأشقاء والأصدقاء، مشدداً على أهمية وضع مصلحة شعوب المنطقة فوق كل اعتبار في ظل الأحداث العالمية الراهنة."
وأشار السوداني إلى "التزام العراق بالحلول القائمة على الحوار والتفاهم، ودوره في تقريب وجهات النظر المختلفة، من خلال دبلوماسية بناءة تهدف إلى تنمية روابط الأخوة والدين والفكر المعتدل."
وفي الشأن الفلسطيني، جدد السوداني "دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني، مطالباً بوقف العدوان المستمر الذي يغذي الصراع والعنف، ورفض التهجير القسري، مع التأكيد على أهمية فتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية."
وشدد السوداني على "ضرورة اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ غزة، ودعا إلى إعادة تفعيل دور وكالة الأونروا في القطاع والضفة الغربية، مع دعم وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وإدانة الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق."
وفيما يتعلق بسوريا، أكد السوداني "موقف العراق الثابت في دعم وحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها على أراضيها، مع الرفض التام لأي اعتداء أو هيمنة على أي جزء من أراضيها."
وأشاد السوداني "بقرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا، معرباً عن أمله في أن يسهم ذلك في التخفيف من معاناة الشعب السوري."
كما جدد دعم العراق لوحدة اليمن وسيادته،" مؤكداً "ضرورة إنهاء الصراع والانقسام هناك لوقف معاناة الشعب اليمني."
وفي الشأن السوداني، دعا السوداني إلى "الحفاظ على وحدة السودان وحقن دماء أبنائه، مع ضرورة إيجاد حلول مستدامة للأزمة الإنسانية."
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، شدد السوداني على "أهمية الحوار لحل الخلافات، مؤكداً دعم العراق لاستقرار ليبيا وإنهاء الانقسام الداخلي."
واختتم السوداني كلمته بالتأكيد على أن "القمة الرابعة والثلاثين ليست مجرد لقاء، بل بداية لمشروع جديد يضمن مستقبلًا يليق بشعوب المنطقة وتطلعاتها."
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام