عربي21:
2025-05-16@21:02:43 GMT

اليمين الإسرائيلي من الهامش إلى الهيمنة

تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT

المقدمة

منذ عقود كان المشهد السياسي في إسرائيل موزعا بين تيارين رئيسيين: اليسار الذي تبنى سياسات أكثر انفتاحا وديمقراطية، واليمين الذي ركّز على تعزيز الطابع اليهودي للدولة متبنيا التوسع الاستيطاني، لكن المؤسسات السياسية والأمنية كان لها دور في خلق نوع من التوازن داخل إسرائيل. مع تصاعد قوة الأحزاب اليمينية، ولا سيما بقيادة بنيامين نتنياهو وتحالفاته مع الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة، بدأت تظهر تشققات واضحة في بنية المجتمع الإسرائيلي، تحديدا منذ التسعينيات عندما بدأ اليمين يحقق تقدما كبيرا في المشهد السياسي، متجاوزا التيار اليساري الذي ضعف بعد انتفاضة الأقصى عام 2000م، حيث اتبعت هذه التيارات سياسات قائمة على تأجيج العداء الداخلي بين التيارات الليبرالية والعلمانية من جهة، والتيارات الدينية والقومية من جهة أخرى.



تعزيز القومية الدينية

مع صعود بنيامين نتنياهو إلى السلطة عام 2009، بدأ تيار اليمين يتجه نحو سياسة تأجيج المخاوف الأمنية وتعزيز الهويات القومية والدينية، والاستفادة من التغيرات الديموغرافية، مثل ازدياد نفوذ اليهود الحريديم (المتشددين دينيا) والمستوطنين، مما منح الأحزاب اليمينية قاعدة شعبية قوية. وفي عام 2018 أقر الكنيست الإسرائيلي "قانون القومية"، الذي ينص على أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، مع إعطاء العبرية وضعا رسميا وتهميش للغة العربية والذي اعتبره اليمين انتصارا للهوية اليهودية.

ارهاصات تفكك المجتمع الاسرائيلي

منذ بداية عام 2023، حاولت حكومة نتنياهو تمرير إصلاحات قضائية بالهجوم على القضاء واستقلال المؤسسات بهدف تقليص صلاحيات المحكمة العليا، مما أدى إلى احتجاجات غير مسبوقة داخل إسرائيل، هذه الخطوة اعتبرت من قبل اليساريين بداية عهد جديد من اليمين الإسرائيلي لتقويض الديمقراطية وتحويل النظام السياسي إلى حكم استبدادي يخدم أجندة اليمين المتطرف. هذا الإجراء يعتبر بداية صراع وانقسام المجتمع بشكل غير مسبوق، بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع، في مشهد يعكس عمق الشرخ الداخلي بين مؤيدي اليمين ومعارضيه وتحول المظاهرات من سلمية الى تصادمية تدريجية، وما زاد الشرخ حدة قانون التجنيد والذي ستكون له عواقب سياسية ومجتمعية داخل المجتمع الإسرائيلي.

العلاقة مع التيارات الدينية: شراكة أم تهديد للعلمانية؟

يتمتع التيار الديني القومي بنفوذ قوي داخل اليمين الإسرائيلي بهدف الحفاظ على الهوية اليهودية، حيث فرضت هذه الأحزاب أجندتها الدينية على السياسات العامة، مثل منع وسائل النقل العام يوم السبت، وفرض مناهج دينية في المدارس، وإعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، والذي أدى بدوره إلى توتر متزايد بين العلمانيين والمتدينين، حيث بات الشعور من اليهود العلمانيين بأن إسرائيل تتحول تدريجيا إلى دولة دينية، مما دفع بعضهم إلى الهجرة خارج البلاد أو الانخراط في الاحتجاجات ضد الحكومة. هذه السياسات اليمينية بدأت تصاعديا بتعزيز الهوية القومية معتبرين أن السيطرة على القضاء بهدف حماية الدولة من الضغوط الداخلية والخارجية، وأن النخب الليبرالية منعزلة عن الواقع وأنها تسعى لجلب المخاطر على الدولة القومية، إلا أنها فعليا بدأت بتفكك المجتمع الإسرائيلي.

انقسام داخلي يهدد استقرار إسرائيل
السياسات اليمينية في إسرائيل لم تعد مجرد خيار سياسي، بل أصبحت عاملا رئيسيا في تشكيل مستقبلها سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وبينما يرى اليمين أن هذه السياسات ضرورة لحماية الهوية اليهودية، الا أنها بداية تفكيك المجتمع الإسرائيلي وزيادة العداء بين مكوناته المختلفة
يشهد المجتمع الإسرائيلي تحولات اجتماعية كبرى نتيجة لهذه السياسات، حيث يتفاقم الصراع بين اليهود الشرقيين والأشكناز، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين اليسار واليمين، كما أن صعود القوى الدينية المتشددة وزيادة نفوذها في الحكومة والجيش يهدد قطاعات واسعة من المجتمع التي تخشى تحول إسرائيل إلى دولة دينية على حساب الطابع الديمقراطي. ومن جاب آخر فالتوسع الاستيطاني انعكس بالتوتر مع الفلسطينيين في الداخل فاليمين يعتبر دعم الاستيطان أحد الركائز الأساسية لسياساته، فمنذ تولي اليمين الحكم في إسرائيل توسعت المستوطنات في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق خلال العقدين الأخيرين بتعزيز وجود المستوطنين ببؤر استيطانية سرطانية سريعة الانتشار، هذه التوترات انعكست على الداخل الإسرائيلي بازدياد حدة العنف بين اليهود المتطرفين والفلسطينيين داخل الخط الأخضر، خاصة خلال أحداث أيار/ مايو 2021، عندما اندلعت مواجهات عنيفة في مدن مختلطة مثل اللد وعكا والمثلث، وتصاعدت بعد الحرب على قطاع غزة.

الخاتمة

تشير التطورات الأخيرة إلى أن السياسات اليمينية في إسرائيل لم تعد مجرد خيار سياسي، بل أصبحت عاملا رئيسيا في تشكيل مستقبلها سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وبينما يرى اليمين أن هذه السياسات ضرورة لحماية الهوية اليهودية، الا أنها بداية تفكيك المجتمع الإسرائيلي وزيادة العداء بين مكوناته المختلفة. وفي ظل هذه الانقسامات العميقة، يبدو أن إسرائيل تقف على مفترق طرق حاسم، حيث سيكون للقرارات السياسية القادمة تأثير طويل الأمد على استقرارها وتماسكها الداخلي، فهل سيتمكن اليمين من تحقيق رؤيته دون إحداث تصدع داخلي خطير؟ أم أن الاحتجاجات والمقاومة الداخلية ستعيد رسم المشهد السياسي الإسرائيلي خلال السنوات المقبلة؟ لكن المؤكد أن إسرائيل لم تكن يوما بهذا الانقسام الحاد، وأن مستقبلها بات أكثر غموضا من أي وقت مضى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات إسرائيل اليمينية انقسام إسرائيل انقسام تطرف اليمين مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة رياضة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الإسرائیلی هذه السیاسات فی إسرائیل أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ يقدم وظيفة ومنحة دراسية لأبناء ضحية العنف الأسري ببني سويف

قرر النائب نادر يوسف نسيم وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ تقديم وظيفة ومنحة دراسية لأبناء السيدة منال نجيب ضحية العنف الأسري ببني سويف، خلال زيارة روحية كنسية وفي أجواء عائلية إنسانية مفعمة بالعواطف والمحبة والتلاحم العائلي.

 

زار سيادة النائب نادر يوسف نسيم وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، والقمص اسطفانوس سليمان سكرتير نيافة الحبر الجليل الأنبا غبريال أسقف بني سويف، والقمص يوانس مسيحه راعي كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بمدينة ناصر، أسرة وأبناء المنتقلة الفاضلة السيدة منال نجيب، لتقديم الدعم النفسي لهم في هذه المحنة الكبيرة. وتحدث الآباء الكهنة معهم حديثًا روحيًا وكلمات تعزية.

 

كما تحدث معهم سيادة النائب نادر يوسف نسيم حديثًا أبويًا مفعمًا بالمحبة والعواطف الإنسانية، وأعلن عن توفير فرصة عمل للابنة الكبرى "مارينا" بمجمع المعاهد العليا، ومنح دراسية جامعية كاملة للابنة "مريم" بكلية العلاج الطبيعي بجامعة اللوتس الخاصة والمملوكة لسيادته، مع التكفل بكافة مصاريف الإقامة والانتقالات طوال سنوات الدراسة الأربعة.

 

وأكد القمص يوانس مسيحه أن الأسرة ستحظى برعاية كاملة من كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بمدينة ناصر، وأن الكنيسة، بتوجيه من نيافة الحبر الجليل الأنبا غبريال، ستوفر كامل متطلبات الأسرة، وستدعمها حتى تعبر من هذه المحنة.

 

ووجهت الأسرة في نهاية اللقاء الشكر لكافة وسائل الإعلام، وأكدوا أنهم قرروا إيقاف أي لقاءات صحفية أخرى والنظر إلى ما هو قادم.
 

زيارة ابناء السيدة ضحية العنف الاسري ببني سويف زيارة ابناء السيدة ضحية العنف الاسري ببني سويف

 

وكيل تعليم بني سويف: إمتحانات الشهادة الإعدادية لن تعقد بنظام البوكليت بسبب فوضى الطلاب بالفصول.. محافظ بني سويف يُحيل إدارة مدرستين للتحقيق مصرع عامل و6 آخرين في إنهيار سقف مسجد تحت الانشاء ببني سويف إحباط تلاعب بمنظومة الـITG بمحطة وقود وتجميع بنزين وسولار ببني سويف وكيل تعليم بني سويف تتفقد كنترول الصناعي استعدادًا لامتحانات الدبلومات الفنية إيقاف رئيس وحدة زراعية عن العمل لحصوله على رشوة 1000 جنيه ببني سويف تحرير 300 محضر مخالفات تموينية في حملات مكثفة لضبط الأسواق ببني سويف قطع الكهرباء عن 10 مناطق سكنية و5 قرى لصيانة المُغذيات ببني سويف دون خسائر بشرية.. السيطرة على حريق منزل بقرية قمن العروس ببني سويف تعليم إهناسيا ببني سويف تستعد لإمتحانات الفصل الدراسي الثاني لسنوات النقل

مقالات مشابهة

  • المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد من وتيرة الإبادة الجماعية في غزة
  • بالذكرى الـ77 للنكبة.. احتجاجات في إسبانيا ضد الحكومة بسبب إسرائيل
  • خبير سياسي: ترامب أسوأ من الأسوأ.. ومواقفه تكشف نفاق السياسات الأمريكية
  • وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ يقدم وظيفة ومنحة دراسية لأبناء ضحية العنف الأسري ببني سويف
  • وزير الرياضة: الحوار مع الشباب يساعد على صياغة السياسات وتنمية المواهب
  • الأردن: نرفض العدوان الإسرائيلي على غزة وندعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته
  • حاخام إسرائيلي يهدد بالرحيل ومعه طلاب المدارس الدينية.. ما السبب؟
  • هاشم: لمواجهة السياسات المتهورة الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية
  • ‏الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل
  • الاحتلال الإسرائيلي يُصدر تحذيرًا بإخلاء ثلاثة موانئ في اليمن بعد إطلاق صاروخ تجاه إسرائيل