ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
نشر موقع " شيناري إيكونومتشي" تقريرا سلّط فيه الضوء على فشل النماذج الاقتصادية التقليدية "دي إس جي إي" في التنبؤ بالأزمات المالية، إذ تفترض أن البنوك المركزية تتحكم في المعروض النقدي، بينما الواقع يُظهر أن 90% من الأموال تُخلق عبر القروض البنكية الخاصة، ما يجعل النظام المالي أكثر هشاشة وأقل قدرة على الاستجابة للصدمات.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النماذج الاقتصادية التقليدية تفترض، وجود نظام نقدي تسيطر فيه البنوك المركزية بشكل كامل على عرض النقود من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإن هذه الفرضية ليس لها أي أساس من الصحة، إذ إن العرض النقدي الإجمالي اليوم هو بنسبة 90% نتيجة لنشاط الإقراض الذي تقوم به البنوك الخاصة، وهو مستقل تقريبًا عن البنك المركزي.
ومع ذلك، فإنه من خلال دمج النماذج الاقتصادية التقليدية مع المستجدات في مجال العملة المالية التي أنشأتها المبادرة الاقتصادية الإيطالية للإصلاح النظام النقدي "مونيطا بوزيتيفا" من خلال "ساير" (النظام المتكامل للادخار الحكومي)، سيأخذ النظام النقدي شكلًا مختلفًا جذريًا:
1- سيتم إنشاء النظام المتكامل للادخار الحكومي"ساير" مباشرة من قبل الدولة، دون أي ديون مرتبطة به. وهذا الإصدار النقدي سيؤدي تدريجيًا بمرور الوقت إلى تقليل آلية إنشاء النقود القائمة على الدين، والتي تميز النظام المصرفي الحالي.
2- لن يكون النظام المصرفي التقليدي بعد الآن هو الجهة التي تنشئ الغالبية العظمى من النقود الموجودة في النظام الاقتصادي من خلال الائتمان، بل سيعمل في منافسة مع "ساير" الذي يتم إنشاؤه من قبل الدولة.
وأوضح الموقع أنه لدمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية، فسيكون من الضروري إعادة تصميم آلية الإصدار المباشر للنقود: إدخال عنصر "الدولة" كوكيل اقتصادي يقوم بإصدار النقود وفقًا لاحتياجات الاقتصاد، دون توليد ديون. ويتطلب ذلك إعادة صياغة معادلات عرض النقود بحيث تعكس الواقع بشكل أكثر دقة.
إن إعداد آلية إدارة لـ"ساير" يتم تمثيلها كوحدة تنظم عرض النقود استنادًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل الرفاهية العادلة والمستدامة "بي إي إس"، ومستويات التوظيف، والتضخم، كي تعمل كأداة استقرار تلقائي.
وأشار الموقع إلى أنه في النماذج الاقتصادية التقليدية، تعكس معادلات التوازن المالي للوكلاء الاقتصاديين (الأسر، الشركات، الدولة) التفاعلات بين الادخار والاستثمار والديون، ومع إدخال "ساير" و"مونيطا بوزيتيفا" سيتوجب إعادة النظر في هذه المعادلات مع الأخذ في الاعتبار ما يأتي:
1- التأثير على الدين العام: من خلال إصدار "ساير"، ستقوم الدولة تدريجيًا بتقليل إصدار السندات الحكومية في السوق، ما سيؤدي إلى تغيير جذري في ديناميكيات وإدارة الموازنة العامة.
2- إدخال متغير جديد عبر "ساير": يوفّر "ساير" آلية حقيقية لحماية الادخار الخاص، وفقًا لما ينص عليه الدستور الإيطالي في المادة 47، من خلال عزله عن التقلبات والمضاربات السوقية. هذا المتغير سيؤثر بشكل مباشر على قرارات الإنفاق العام وإعادة التوزيع، ليصبح عنصرًا أساسيًا في استقرار الاقتصاد.
في النماذج الجديدة للنماذج الاقتصادية التقليدية سيكون من الضروري تحليل التأثيرات التي ستنتج عن السياسات الاقتصادية الجديدة المستندة إلى عمل "ساير"، خاصة في حالة حدوث صدمات اقتصادية.
في الواقع، في حالة:
صدمة في الطلب: إذا حدث انخفاض في الطلب الكلي، فإنه يمكن لـ"ساير" تنشيط استثمارات عامة جديدة لتحفيز الاقتصاد، ما يساهم في تخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمة.
سياسات مالية مضادة للدورات الاقتصادية: يتيح "ساير" اختبار سياسات مالية تلقائية تقلل من الحاجة إلى التدخلات الاستثنائية، ما يحسن سرعة الاستجابة الاقتصادية.
التحكم في التضخم والانكماش: يمكن ضبط عرض النقود مباشرة عبر "ساير" لدراسة تأثيره على التضخم واستقرار الأسعار، ما يوفر رؤى جديدة حول إدارة السياسة النقدية.
أزمة الائتمان: في حال حدوث انخفاض في الإقراض للقطاع الخاص، يمكن لـ"ساير" أن يتيح تقديم قروض جديدة مباشرة به، أو استخدامه كضمان للحصول على تمويل من النظام المصرفي التقليدي.
وذكر الموقع أن دمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية سيفتح المجال أمام عمليات محاكاة وسيناريوهات جديدة، يمكنها أن تُبرز الإمكانات الهائلة لهذه الأداة. فهي تتيح لكل دولة إمكانية اتباع سياسة اقتصادية مستقلة، بعيدًا عن القيود والتدخلات الخارجية.
من خلال "ساير" وتبنّي الرفاهية العادلة والمستدامة، سيصبح النظام الاقتصادي:
أكثر استقرارًا: حيث ستنخفض كمية الائتمان المصرفي داخل النظام، ما يقلل من مخاطر الأزمات المالية.
أكثر كفاءة من حيث النمو المتوازن والمستدام: وذلك بفضل تفضيل الإنفاق على الاستثمارات بدلًا من الإنفاق الذي يؤدي فقط إلى الاستهلاك أو المضاربات.
أكثر تجانسًا: إذ سيساهم في تصحيح الفجوات الاجتماعية الكبيرة التي تفاقمت خلال الأربعين عامًا الماضية، ما يجعل النمو الاقتصادي أكثر عدالة وشمولية.
وبذلك يُعد دمج النظام المتكامل للادخار الحكومي (ساير) في النماذج الاقتصادية التقليدية فرصة مثيرة لاستكشاف آثار نظام نقدي بديل قائم على "مونيطا بوزيتيفا".
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن هذا يتطلب مراجعة جذرية للأسس النظرية للنماذج الاقتصادية التقليدية وتكييف هياكلها بحيث تستوعب مفاهيم جوهرية، مثل الإصدار المباشر للنقود من قبل الدولة دون توليد ديون. ومع ذلك، فإن هذا الجهد سيفتح المجال لنقاش تقني معمّق حول الإمكانات الحقيقية للنقدية الضريبية وكيفية تفاعلها مع النظام الاقتصادي ككل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الاقتصادية الادخار اقتصاد امريكا أوروبا ادخار المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عرض النقود من خلال
إقرأ أيضاً:
تقرير الدبلوماسية الاقتصادية: 4.2% النمو المتوقع للناتج المحلي 2025
دبي: محمد نعمان
نظَّمت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية أمس فعاليات الدورة الخامسة من منتدى الإدارة الحكومية 2025، تحت عنوان «الآفاق الاستراتيجية.. تقرير الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات 2024-2025 تمكين السياسات والتجارة والشراكة العالمية من خلال الرؤى المبنية على الأدلة»، وذلك في مقر الكلية بمركز دبي التجاري العالمي، بمشاركة نخبة من صناع القرار والدبلوماسيين وخبراء الاقتصاد والسياسات العامة.
شهد المنتدى تقديم نتائج تقرير الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات 2024-2025، الذي أُعدّ بالتعاون بين أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية وكلية محمد بن راشد وبمشاركة 14 باحثاً ما بين دبلوماسيين وأساتذة جامعات، بينهم باحثون متخصصون وسفراء من داخل الدولة وخارجها. وفي كلمة افتتاحية، أكد الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي للكلية، أن المنتدى يمثل منصة نوعية لدعم توجهات الدولة نحو نموذج متقدم للدبلوماسية الاقتصادية يقوم على المعرفة والتحليل ويعزز فاعلية القرار الحكومي.
من جانبه، أكد د. محمد إبراهيم الظاهري، نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، خلال بث افتراضي بالمنتدى، أن الإمارات تتعامل بمنهج استباقي مع التغيرات العالمية المتسارعة التي تشهدها الأسواق وسلاسل الإمداد والتوريد والتحديات المرتبطة بالأمن الغذائي والمناخي والطاقة.
يستعرض التقرير محاور رئيسية تشمل تحليل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة وتقييم أثرها على التنافسية والأمن الغذائي وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
وفي جانب السياسات الاقتصادية الداخلية، سجل عام 2024 إصدار أكثر من 200 ألف رخصة اقتصادية جديدة، ليصل عدد الشركات العاملة في الدولة إلى أكثر من 1.1 مليون، فيما أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي نمواً متوقعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2% خلال 2025. وعلى صعيد التجارة الخارجية، أشار المنتدى إلى أن دولة الإمارات تقترب من تحقيق هدفها المعلن بوصول التجارة الخارجية غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم بحلول 2031، حيث سجلت في الربع الأول من 2025 نحو 835 مليار درهم، بنمو 18.6%.