البحوث الإسلامية: العلم والإيمان يتشاركان في حل المعضلات العقائدية والشرعية
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
شارك مجمع البحوث الإسلامية في فعاليات الندوة التي نظمتها لجنة الفضاء بنقابة المهندسين بالتعاون مع مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلامية، والتي عقدت بعنوان: "الكون بعيون العلم والإيمان..رحلة في آفاق الفضاء"، وذلك في إطار رؤية الأزهر الشريف لتعزيز التكامل بين العلوم الشرعية والتطبيقية، وبتوجيهات وكيل الأزهر الشريف، وإشراف الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وبالتعاون مع المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين.
وتأتي هذه الأمسية في إطار التعاون المثمر بين مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء ولجنة الفضاء بالنقابة العامة للمهندسين، لبحث المستجدات العلمية المرتبطة بعلوم الفضاء والفلك والاستشعار عن بعد، وتسليط الضوء على الرؤية الشرعية والعلمية لهذه القضايا، من خلال مناقشة محاور متعددة، تشمل التكامل بين العلم والدين في فهم نشأة الكون، وإسهامات العلماء المسلمين في علوم الفلك، ودور التكنولوجيا الفضائية في تحقيق مقاصد الشريعة، إضافة إلى دراسة تأثير الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الفلكية واستكشاف الفضاء.
وفي بداية كلمته نيابة عن وكيل الأزهر أكد الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف، بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، يولي اهتمامًا بالغًا بالقضايا العلمية المستجدة، ويحرص على مواكبة التطورات الحديثة في مجالات العلوم التطبيقية، لاسيما علوم الفضاء والفلك، بهدف دعم البحث العلمي وتعزيز التكامل بين العلم والإيمان.
وأكد أن صلة العلم والإيمان تتجلى بعلوم الفلك في عدة جوانب تجمع بين التأمل الكوني والمعرفة العلمية، وتؤكد على عظمة الخلق وإبداع النظام الكوني، وهو ما يتضح من خلال عدة حرانب منها: التأمل في الكون وتعظيم الخالق؛ حيث يدعو الإيمان إلى التأمل في السماوات والنجوم والكواكب.
وورد في القرآن الكريم: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ" (آل عمران: 190)، كذلك فإن الفلك يعزز هذا التأمل من خلال كشفه عن عجائب الكون واتساعه الهائل.
وأوضح الجندي أن الجانب الثاني يتمثل في الدقة والنظام في الكون، فالإيمان يرسّخ فكرة أن الكون يسير وفق نظام محكم دقيق، كما أن علم الفلك يثبت ذلك عبر قوانين الجاذبية وحركة الأجرام السماوية، مما يؤكد انسجام العلم مع الإيمان، فيما يتمثل الجانب الثالث في التقويم وتحديد العبادات، حيث يعتمد التقويم الإسلامي على الظواهر الفلكية، مثل رؤية الهلال لتحديد بدايات الشهور الهجرية، فأوقات الصلاة مرتبطة بحركة الشمس، مما يجعل الفلك جزءًا أساسياً من العبادات اليومية.
وتابع قائلًا: يمكن أن نبين هذا الترابط من خلال بيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
وما به من إشارات فلكية في النصوص الدينية، مثل قوله تعالى: "وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (الأنبياء: 33)، والتي تتوافق مع اكتشافات علم الفلك حول مدارات الكواكب.
وبين الأمين العام أن الإسلام يحث على طلب العلم، وعلم الفلك أحد المجالات التي توسع مدارك الإنسان وتدفعه لاكتشاف عظمة الكون، كما أن العلماء المسلمين في العصر الذهبي أسهموا في تقدم علم الفلك، مثل البيروني وابن الهيثم، وكان للمسلمين دور بارز في علم الفلك خلال العصور الوسطى، ومن أبرز علماء الفلك المسلمين: البيروني والذي قدم إسهامات مهمة في قياس محيط الأرض، ووضع نظريات حول دوران الأرض حول محورها، البتاني والذي طور حسابات دقيقة عن السنة الشمسية وحدد مواقع العديد من النجوم، أبو الوفاء البوزجاني الذي أضاف إلى علم المثلثات الفلكية وساعد في تطوير الحسابات الفلكية، وغيرهم.
شهدت الأمسية مشاركة من عدد من العلماء والخبراء البارزين، من بينهم فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس لجنة العقيدة والفلك بمركز الأزهر للفلك، والدكتور محمد يحيى إدريس، رئيس قسم الطاقة الكهربية والإلكترونيات بشعبة الفضاء بهيئة الاستشعار عن بعد، والدكتور هيثم مدحت، مدير الإدارة العامة المركزية بوكالة الفضاء المصرية، والدكتور حاتم العطار، المدير التقني للذكاء الاصطناعي بشركة كواليتى ستاندرد لتكنولوجيا المعلومات.
و تأتي هذه الأمسية في إطار الجهود المستمرة لتعميق الحوار بين العلماء والفقهاء والمهندسين حول المفاهيم الحديثة لعلوم الفضاء، وتسليط الضوء على العلاقة التكاملية بين العلم والدين في فهم الكون. ويتناول المتحدثون خلال الأمسية عدة محاور علمية وفكرية، منها دور الاستشعار عن بُعد في الدراسات الفلكية، وتأثير الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الفلكية، وأثر تطور علوم الفضاء على الاجتهاد الفقهي.
وتعد هذه الأمسية العلمية خطوة مهمة في مسار تكامل المعرفة الشرعية مع العلوم الحديثة، بما يعزز من دور الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية في دعم قضايا البحث العلمي، ويؤكد على ريادة مصر في مجال علوم الفضاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البحوث الإسلامية أمين البحوث الإسلامية علوم الفضاء نقابة المهندسين الوجود الأزهر الشريف المزيد البحوث الإسلامیة العلم والإیمان الأزهر الشریف علوم الفضاء بین العلم علم الفلک من خلال
إقرأ أيضاً:
انفجار كوني خارق يفجر أسرار الكون ويهز نظريات العلماء
أعاد فريق من علماء الفلك في الولايات المتحدة رسم ملامح فهمنا للانفجارات الكونية، بعد توثيقهم أطول انفجار لأشعة غاما في سجل الرصد الفلكي الحديث، وهو الحدث المعروف باسم GRB 250702B الذي استمر لما يقرب من سبع ساعات متواصلة، على نحو تجاوز كل ما كانت تتوقعه النماذج العلمية السابقة بشأن كيفية تشكل هذه الظاهرة النادرة.
كشف الخبراء بجامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل أن هذا الانفجار، الذي التقطته بداية مراصد فضائية متخصصة، ظهر لاحقا على هيئة توهج خافت داخل مجرة ضخمة مغمورة بالأتربة الكونية، ما اضطر الباحثين للاعتماد على تلسكوبات أرضية عملاقة لرصد آثاره التي تواصلت على غير المعتاد.
شارك الفريق الأمريكي في حملة رصد دولية مستعينة بأكبر المراصد البصرية، بالتزامن مع بيانات تلسكوب هابل الفضائي ومرصد “فيري لارج تليسكوب” الأوروبي ومتابعات أشعة إكس، ليستنتج الباحثون أن الانفجار قد يكون نتاج انهيار نجم فائق الكتلة أو اندماج بقايا نجمية غريبة أو حتى تمزق نجم تحت قوة جذب ثقب أسود، غير أن الأدلة الحالية ما زالت عاجزة عن ترجيح سيناريو واحد بشكل حاسم.
أكد الباحث جوناثان كارني، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن طول مدة هذا الانفجار غير مسبوق “إلى حد يجعله خارج حدود النماذج المعتمدة لتفسير انفجارات أشعة غاما”، مشيرا إلى أن الظاهرة منحت العلماء فرصة نادرة لدراسة بيئتها المحيطة بتفاصيل غير متاحة عادة في مثل هذه الأحداث التي تتلاشى سريعا.
أوضح العلماء أن مصدر الانفجار يقع في مجرة بعيدة شديدة الغبار، الأمر الذي أخفى الضوء المرئي وجعل الرصد ممكنا فقط عبر الأشعة تحت الحمراء والطيف عالي الطاقة. كما رصدوا نفاثة مادية هائلة انطلقت بسرعة تقارب سرعة الضوء بنسبة تبلغ 99%، واخترقت طبقات كثيفة من الغبار الكوني.
يبين الباحث إيغور أندريوني أن هذا الحدث وقع على بعد مليارات السنين الضوئية داخل بيئة كونية شديدة التعقيد، وأن تحليل البيانات كشف عن ظاهرة طاقية غير مألوفة دفعت مادة فائقة السرعة نحو اتجاه الأرض، بما يمثل تحديا صريحا للنظريات الراسخة حول طبيعة هذه الانفجارات.
يسهم فهم انفجارات أشعة غاما في إلقاء الضوء على أكثر البيئات تطرفا في الكون، حيث تتضاعف الجاذبية إلى مستويات قادرة على تشويه الزمكان، وتقذف العناصر الثقيلة الضرورية للحياة عبر المجرات. ويرجح الباحثون أن تظل هذه الظاهرة علامة مرجعية فريدة سيقارن بها العلماء أي انفجار مستقبلي مماثل لمعرفة ما إذا كان ينتمي للفئة ذاتها أم يمثل نمطا مختلفا تماما.