يشهد العالم تحولاً جذرياً مع انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات، حيث تعيد هذه التقنيات تعريف الكفاءة، وتحسين العمليات، وتعزيز القدرة التنافسية للشركات. من التجزئة والتخزين إلى البناء وإدارة البيانات، أصبح الذكاء الاصطناعي محركًا رئيسيًا للابتكار. للوقوف على تأثير هذه التحولات، تحدثنا مع عدد من الخبراء البارزين في مختلف الصناعات، وسلطوا الضوء على الطرق التي يُعيد بها الذكاء الاصطناعي تشكيل أعمالهم، وما يعنيه ذلك لمستقبل هذه القطاعات.

قال ماكس أفتوخوف، الرئيس التنفيذي، يانغو تك للتجزئة
في قطاع التجزئة، تعمل أنظمة إدارة المخزون المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تبسيط العمليات من خلال ضمان توافر المنتجات ودقة تسعيرها. على سبيل المثال، توفر كاميرات “Alnventory” المبتكرة من يانغو تك ميزة المراقبة الفورية للأرفف، ومواءمة المنتجات مع مخططات الأسعار مع تقليل الحاجة إلى التدخّل البشري والعمل اليدوي. وفي قطاع التخزين، يتكامل الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات لتحسين التنبؤ بالطلب وأتمتة عمليات التوصيل، مما يحسن وقت الاستجابة بشكل عام. تواصل هذه الأنظمة بالتطور، مما يضمن مرونة وكفاءة العمليات حتى في البيئات غير المتوقعة. كما أن انتشار المتاجر المظلمة الرسمية وحلول التوصيل المؤتمتة يعزز لوجستيات الميل الأخير، مما يرتقي بمرونة سلاسل التوريد وفعاليتها من حيث التكلفة مع ضمان مواكبة المتطلبات المتطورة للمستهلكين.

لقد ساهم الذكاء الاصطناعي بتحويل تجارب العملاء بصورة جذرية وذلك بتخصيص هذه التجارب، وهو العامل الرئيسي لرضاهم. من خلال تحليل سلوكيات الشراء وتفضيلات المستهلكين، يُساهم الذكاء الاصطناعي بمساعدة تجار التجزئة على تصميم توصيات مخصصة وعروض ترويجية مناسبة وتجارب تسوق تستهدف كل عميل على حدة.

قال إبراهيم إمام، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لـ PlanRadar: تواجه مشاريع الإنشاءات التقليدية العديد من التحديات. وفقًا لدراسة، شهد قطاع الإنشاءات نموًا بنسبة 12٪ في الإنتاج الإجمالي في عام 2024، إلا أنه لا يزال يعاني من نقص كبير في الكوادر الماهرة، مما يؤكد الحاجة إلى حلول أكثر كفاءة. يمكن للذكاء الاصطناعي والأتمتة مواجهة هذه التحديات من خلال تحسين إدارة الوثائق، وتعزيز تنسيق المهام، وتقليل الأخطاء البشرية. على سبيل المثال، يمكن لأدوات إدارة المشاريع القائمة على الذكاء الاصطناعي زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 40٪ عبر أتمتة المهام الروتينية وتحسين توزيع الموارد. كما تساعد تحليلات البيانات الذكية في التنبؤ بالمخاطر المحتملة، مما يؤدي إلى تقليل التأخيرات بنسبة 25٪ وخفض التكاليف بنسبة 10٪. تمثل المنصات الرقمية نموذجًا لكيفية تحسين التنفيذ، وتحقيق الدقة، وزيادة الكفاءة التشغيلية والشفافية عبر جميع أصحاب المصلحة في المشاريع الإنشائية. تشير التوقعات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع الإنشاءات سينمو من 4.86 مليار دولار في 2025 إلى 22.68 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 24.6٪. يعود هذا النمو إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين توزيع الموارد، وإدارة المخاطر، وتعزيز عملية اتخاذ القرار.
قال كارل كراوثر، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة ألتيريكس: يتمحور المستقبل حول الذكاء المعزز في مشهد واعد يعمل به الذكاء الاصطناعي والخبرات البشرية معاً. من خلال أتمتة المهام المتكررة، سيتوفّر الوقت للمحللين للتركيز على اكتشاف الأنماط والتنبؤ بالاتجاهات وتوجيه القيادة بتوصيات مدعومة بالبيانات، مما يمكّن الشركات اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة من خلال تحديد المخاطر وتحسين العمليات والتنبؤ بتحولات السوق بدقة أكبر. لهذا السبب، يرى 82% من قادة الأعمال في الإمارات العربية المتحدة أن الذكاء الاصطناعي يشكّل مستقبل مؤسساتهم وما يمكنها تحقيقه.

في ألتيريكس، نعمل على تسهيل الوصول إلى التحليلات من خلال توفير حلول مبتكرة مستندة على الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى تشفير أو بمعدل تشفير منخفض جداً، مما يساعد المهنيين على أتمتة سير العمل واستخراج رؤى قيّمة. من خلال برامج التدريب والمبادرات الرائدة مثل ألتيريكس سباركد (Alteryx SparkED)، نعمل على تعزيز المعارف حول منظومة الذكاء الاصطناعي وتمكين الجيل القادم من خبراء البيانات.

محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، سنوفليك: تستغل الشركات كميات كبيرة من البيانات غير المنظمة، والتي تشكّل 90% من مجمل البيانات، وفقاً لتقرير سنوفليك حول اتجاهات البيانات. تؤدي الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي ومهارات إدارة البيانات إلى تمكين الشركات من الحصول على رؤى قيمة بشرط أن يتواجد في المنظومة المؤسسية أساس قوي للبيانات. وعليه، ينبغي أن توحّد المؤسسات بياناتها داخل منصة مركزية للحوسبة السحابية لتعزيز المرونة والتوسع بكفاءة والحفاظ على قدرتها التنافسية. فضلاً عن أهمية ذلك في أتمتة المهام المتكررة مثل اكتشاف الاحتيال وتقييم المخاطر وخدمة العملاء، ومساعدة الشركات على كسر صوامع البيانات وتسريع جهودها للارتقاء بخدماتها وعملياتها وتبسيط التعاون بين الإدارات المختلفة.

تُعتبر ميزات التشفير والمصادقة متعددة العوامل والتحكم في الوصول إلى البيانات وفقاً للأدوار عناصر مهمة لحماية المعلومات الحساسة، في حين يساهم الامتثال لمعايير الأمان العالمية مثل القانون العام لحماية البيانات الصادر عن الاتحاد الأوروبي واللوائح المحلية مثل مركز دبي للأمن الإلكتروني بتعزيز ثقة المستخدم النهائي في المنصات السحابية. بالإضافة إلى ذلك، ستبرز أهمية دور المساعدين الأمنيين في المشهد الأمني خاصة مع تزايد أدوات الذكاء الاصطناعي، تنوّعها ودقتها. وبالتالي، سيخفف ذلك من النقص الدائم في مشهد القوى العاملة.

قال رامي يونس، المدير العام لشركة سويس لوج ميدل إيست
أدى ازدياد الاعتماد على الروبوتات في التخزين إلى تحويل العمليات من خلال أتمتة المهام المتكررة مثل الانتقاء والتعبئة وإدارة المخزون، مما أدى بدوره إلى زيادة عاملي السرعة والدقة، فبحلول عام 2025، من المتوقع أن تتعامل الروبوتات المستقلة مع 50 % من جميع طلبات التجارة الإلكترونية، وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تقليل الأخطاء البشرية وتحسين تكاليف العمالة، كما أنّ التحليلات التنبؤية القائمة على الذكاء الاصطناعي من شأنها أيضًا أن تعمل على إحداث ثورة في سلاسل التوريد، وتمكين الشركات من التنبؤ بالطلبات، وإدارة المخزون بشكل استباقي، والتخفيف من الأعطال وتوقف العمل. وهناك شركات مثل شركة سويس لوج تقوم بدمج التعلم الآلي في إدارة المستودعات، مما يتيح للأنظمة القيام بعملية التحسين الذاتي في الوقت الآني. ويبقى قطاع الخدمات اللوجستية في طليعة القطاعات المتطورة بخطوات سريعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يحتل المرتبة الأولى من بين أفضل 11 دولة على مؤشر أداء الخدمات اللوجستية للبنك الدولي، مما يشير إلى توفُّر بنية تحتية قوية ونمو عاملي الابتكار والاستثمار في الكفاءات التي تقودها الأتمتة.

مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي وتكامل الحلول الرقمية المتقدمة، تتحول القطاعات التقليدية نحو نماذج أعمال أكثر كفاءة ومرونة واستدامة. من التجزئة والإنشاءات إلى تحليلات البيانات، يبرز الذكاء الاصطناعي كمحفز رئيسي لتسريع العمليات وتحسين تجربة العملاء وتعزيز تنافسية الشركات. المستقبل الرقمي بات أقرب مما نتصور، حيث يفرض الذكاء الاصطناعي نفسه كلاعب أساسي في تشكيل المشهد الاقتصادي والتجاري للسنوات القادمة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی من خلال

إقرأ أيضاً:

تعرف على أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي

مع تسارع وتيرة الحياة اليومية بالتزامن مع عصر الذكاء الاصطناعي، لم يَعُد مستقبل الوظائف مجرد سيناريوهات مستقبلية أو تكهنات بعيدة، بل بات واقعًا يتشكّل بسرعة تفوق التوقعات، ما كان يُعتبر ضربًا من الخيال قبل سنوات، أصبح اليوم حقيقة مدعومة بأرقام وتقارير صادرة عن كبرى المؤسسات البحثية والتقنية.

أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي

وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.

الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي

لم يَعد يكتفي الذكاء الاصطناعي بأتمتة المهام الروتينية، بل بات يُعيد تشكيل سوق العمل من جذوره، ويبتكر وظائف لم تكن موجودة من قبل، دافعًا بالمهن إلى تحوّل غير مسبوق في النوع والسرعة والمهارات المطلوبة.

ووسط هذه التحولات المتسارعة، لم تعد الوظائف الجديدة خيارًا تقنيًا نخبويًا، بل أصبحت ضرورة حتمية تفرضها موجات التغيير، وتُبرز الحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد بمرونة واستعداد دائم، فالتغيير الذي كان يستغرق عقودًا بات يحدث خلال أشهر، ومهن الأمس باتت تُستبدل بوظائف لم نسمع بها من قبل، إذ تُجمِع التقارير الحديثة الصادرة عن PwC و Gartner وMcKinsey على أن الوظائف الجديدة ليست ترفًا تقنيًا، بل ضرورة إستراتيجية للتكيف مع عالم سريع التغيّر.

الذكاء الاصطناعي

من أبرز هذه الوظائف، فني الصيانة التنبُّئِية بالذكاء الاصطناعي (AI Predictive Maintenance Technician) الذي يستخدم خوارزميات لرصد الأعطال قبل وقوعها، ما قد يُوفر على الشركات ما يصل إلى 630 مليار دولار سنويًا، بحسب Cisco Systems، وكذلك مهندس سلاسل الإمداد الذكية (Smart Supply Chain Engineer )، الذي يوظف أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة ودقة تسليم المنتجات، إذ أظهرت دراسة لمؤسسة Deloitte أن هذه الوظيفة يمكن أن تقلّص وقت التسليم بنسبة 40%، وتخفض الانبعاثات بنسبة 25%.

وضمن الرؤى الاستشرافية التي تقدمها تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها، تم التنبؤ بظهور خمس مهن جديدة بحلول عام 2030، تشمل: مدقق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (AI Ethics Auditor)، ومهندس الميتافيرس (Metaverse Engineer)، ومطور برامج الحوسبة الكمومية (Quantum Software Developer)، ومعالجًا نفسيًا مختصًا في الإدمان الرقمي (Digital Detox Therapist)، ومهندس التعلم (Learning Engineer).

هذه الوظائف، التي لم يكن لها وجود فعلي قبل سنوات قليلة، تعكس ليس فقط التحولات التقنية، بل أيضًا التغير العميق في طبيعة المهارات المطلوبة.

اقرأ أيضاًالذكاء الاصطناعي يهدد عرش «جوجل».. هل انتهى عصر محركات البحث التقليدية؟

«آبل» تقيم معرضها السنوي للمطورين في ظل تعثراتها بمجال الذكاء الاصطناعي

أمازون تختبر إنشاء روبوتات محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • عبر شبكة جيل خامس “5G” مرتكزة على الذكاء الاصطناعي.. “زين السعودية” ترتقي بتجربة ضيوف الرحمن الرقمية خلال موسم حج 1446هـ
  • سامسونج إلكترونيكس مصر تحصد جائزة عن برنامج سامسونج للابتكار خلال قمة الذكاء الاصطناعي بإفريقيا في أوغندا
  • تعرف على أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي.. خبير: التكنولوجيا دائما تعيد تشكيل عالمنا طوال الوقت
  • الذكاء الاصطناعي يسرّع وتيرة العمل ويعيد تشكيل سوق الوظائف عالميًا
  • منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي من “يانغو تك” تمكّن الشركات من تعزيز عروضها عبر روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي
  • درونات الذكاء الاصطناعي تحرس أقدام الحجاج.. ثورة تقنية في موسم الحج!
  • «شرطة دبي» تنظم ورشة تعريفية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • خلال محاكمة.. الذكاء الاصطناعي يحيل إلى مرجع غير موجود
  • الفيفا تعلن إعتماد نظام جديد لكشف التسلل بإستخدام الذكاء الاصطناعي