صحيفة إيست أفريكا: لماذا تنشر أوغندا قواتها في جوبا؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
في خطوة أثارت جدلا واسعا، أعلنت أوغندا عن إرسال قوات عسكرية إلى العاصمة جوبا في جنوب السودان، بناءً على طلب رسمي من الرئيس سلفاكير حسب ما تقول صحيفة إيست أفريكا التي تصدر في كينيا.
ويهدف هذا التحرك، وفق قول الصحيفة، إلى تقديم دعم أمني لحماية حكومة سلفاكير في ظل تصاعد التوترات العسكرية والسياسية، خاصةً في الفترة الأخيرة التي شهدت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة.
جاء هذا التدخل الأوغندي بعد أيام من انعدام الاستقرار في العاصمة جوبا.
دوافع التدخل الأوغنديوتساءلت صحيفة "إيست أفريكا" في تقرير لها حول دوافع هذه الخطوة وأبعادها الإقليمية والدولية في ظل التدهور الأمني الذي شهده جنوب السودان في الأيام الأخيرة، خاصة العاصمة التي تعرضت عدة مناطق فيها لما يشبه الانفلات الأمني.
وأفاد التقرير بأن هناك جماعات مسلحة شكلت تهديدا كبيرا للقوات الحكومية من بينها مليشيات مرتبطة بنائب الرئيس رياك مشار، الذي توترت علاقته بالرئيس.
وتعد هذه الجماعات المسلحة طرفا رئيسيا في النزاع المستمر منذ 2013، والذي أودى بحياة مئات الآلاف وأدى إلى نزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.
إعلانفي ضوء هذه الأوضاع، تقول الصحيفة، إن الرئيس سلفاكير طلب الدعم العسكري من أوغندا، التي كانت قد تدخلت سابقا في الصراع، وذلك لضمان استمرار حكمه وحماية العاصمة من أي تمرد محتمل.
وفقا لما ورد في التقرير، فقد كانت هناك حالة من الارتباك حول مدى صحة هذه الأنباء في البداية، حيث نفت بعض المصادر الأوغندية أن تكون القوات قد تم نشرها.
ومع ذلك، أُعلن لاحقا أن البرلمان الأوغندي وافق على إرسال القوات، مما يسلط الضوء على التصعيد الكبير في المنطقة.
علاقة أوغندا وجنوب السودانوأكد تقرير الصحيفة أن أوغندا تعتبر واحدة من الدول التي لها علاقة وطيدة بحكومة جنوب السودان منذ سنوات.
ففي عام 2013، أرسلت أوغندا قواتها لدعم حكومة سلفاكير ضد المتمردين بقيادة رياك مشار في خضم الحرب الأهلية التي اندلعت حينها.
ومنذ ذلك الحين، استمرت العلاقات الأمنية بين الدولتين، وهو ما يفسر التدخل العسكري الحالي، حسب الصحيفة.
وأكدت الصحيفة أن هذا التعاون ظل في إطار اتفاقيات أمنية بين الحكومتين، حيث تتبادل الدولتان الدعم العسكري لمواجهة التهديدات الداخلية.
في الوقت نفسه، تبرر أوغندا تدخلها بالقول إن هذا القرار يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة ومنع انهيار الحكومة المركزية في جوبا.
أبعاد التدخل الأوغنديأفاد التقرير بأن أوغندا تعتبر أن تدخلها العسكري في جنوب السودان هو خطوة ضرورية لحفظ السلام في المنطقة، ومنع انزلاق جنوب السودان إلى مزيد من الفوضى.
ووفقا للمتحدثين باسم الحكومة الأوغندية، يهدف نشر القوات إلى تعزيز الاستقرار الأمني، خصوصا في المناطق التي شهدت نزاعات شديدة في الماضي.
ومن المتوقع أن تركز القوات الأوغندية على تنفيذ عمليات حفظ السلام، بما في ذلك تعزيز وجودها في العاصمة جوبا والمساعدة في تطبيق اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة بين الأطراف المتنازعة.
إعلانلكن البعض يعتقد أن لأوغندا أهدافًا أعمق تتجاوز حفظ السلام، فالتدخل يمنحها نفوذًا سياسيًّا في جنوب السودان، ما يعزز دورها كلاعب إقليمي مؤثر.
إضافةً إلى ذلك، يربط محللون التدخل بالمصالح الاقتصادية، إذ يُعد جنوب السودان سوقًا مهمًّا للمنتجات الأوغندية، خاصةً في قطاع النفط والموارد الطبيعية.
ومن خلال ضمان الاستقرار في جوبا، تضمن أوغندا استمرار تدفق الصادرات والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
النظرة الإقليمية والدولية للتدخلعلى الصعيد الإقليمي، قد يؤثر تدخل أوغندا في جنوب السودان على العلاقات بين دول الاتحاد الأفريقي، حيث يعتبر البعض أن هذه الخطوة قد تكون بداية لفتح الباب أمام مزيد من التدخلات العسكرية في دول أخرى بالمنطقة.
وهذا يثير قلق بعض الحكومات الإقليمية، التي تخشى أن تتحول التدخلات العسكرية إلى حالة من الاستنزاف العسكري المستمر، حسب الصحيفة.
أما على الصعيد الدولي، فإن تدخل أوغندا في جنوب السودان قد يثير ردود فعل مختلطة.
فبينما قد ترى بعض الدول أن هذا التدخل ضروري لضمان الاستقرار في المنطقة، قد تعتبر دول أخرى أنه يعزز دور أوغندا كقوة إقليمية قد تؤثر على تطورات النزاع الداخلي في جنوب السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ا فی جنوب السودان الاستقرار فی فی المنطقة فی جوبا
إقرأ أيضاً:
خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي
الخرطوم- في ثاني لقاء وسط قواته منذ اندلاع الحرب في السودان، ظهر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أمس الأول، في مكان غير معروف، موجها رسائل إلى الداخل وأخرى للإقليم، في خطوة فسرها مراقبون على أنها محاولة لإعادة تقديم نفسه بوجه جديد وبث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
وبثّت الدعم السريع خطابا لقائدها وسط حشد من المقاتلين، هو الثاني منذ آخر لقاء معها في اليوم الأول لاندلاع القتال، قرب ديوان الحكم الاتحادي في محيط القصر الجمهوري بالخرطوم، وذلك بعد أن اقتصرت إطلالاته السابقة على تسجيلات صوتية ومصورة.
ولم تفصح القوات عن الموقع، غير أن "حميدتي" ألمح إلى وجوده داخل الأراضي السودانية، ويرجح أن يكون في مناطق خاضعة لسيطرة قواته بإقليم دارفور، حيث تنتشر في رقعة جغرافية واسعة بعد التراجع الميداني الذي شهدته خلال الأشهر الماضية بخروجها من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم وأطراف ولايات النيل الأبيض ونهر النيل والنيل الأزرق وجنوب شمال كردفان.
تشكيكغير أن وزير الشباب والرياضة وسفير السودان السابق في طرابلس حاج ماجد سوار كشف أن لقاء قائد الدعم السريع مع قواته، لم يتم في داخل الأراضي السودانية كما رُوّج، بل جرى في مناطق خاضعة لسيطرة قائد الجيش الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر داخل ليبيا.
وقال سوار، في منشور على صفحته على فيسبوك، إن لديه معلومات مؤكدة من مصادر ليبية موثوقة بالاحتفال الذي ظهر فيه "حميدتي"، وإنه تم تصويره في عمق الأراضي الليبية.
في المقابل، شكك الخبير الأمني والإستراتيجي العميد المتقاعد عامر حسن في هذا الحشد العسكري، وأوضح للجزيرة نت أن قوات الدعم السريع ليس لديها هذا العدد الكبير من القوات في موقع واحد كالتي ظهرت في التسجيل المصور، لأنه لو كان في أي منطقة في دارفور أو كردفان يمكن رصده واستهدافه باعتباره مناطق عمليات مفتوحة، ورجح أن تكون الصور مركبة عبر معالجة تقنية.
إعلانوخلال كلمته، اعترف "حميدتي" بخسارته عسكريا وقال إنهم "فقدوا أراضٍ غالية وأرواحا عزيزة"، لكنه تعهد بـ"العودة بعزّة وكرامة". وأشار إلى أن سيطرة قواته على مثلث العوينات الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، يمكن أن تشكل "إضافة إيجابية لجيران السودان" عبر تأمين الحدود، مؤكدا أنه ليس لديه مشكلة مع أي دولة جارة.
ورأى أن الخلافات مع مصر يمكن حلها عبر الحوار المباشر، وتابع "مشاكلنا مع مصر زرعها هؤلاء المجرمون ونحن راجعنا حساباتنا ولازم نحل مشكلتنا معها عبر الحوار وعلى الطاولة وليس عبر المشاحنات".
وجدد "حميدتي" هجومه على الجيش السوداني، قائلا إن قواته "تقلصت إلى حد كبير"، وطمأن سكان شمال السودان بأنه في حال وصول قواته إلى مناطقهم، فلن يكون ضمنها "نهّابون".
تبريرمن جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول ملف السودان السابق بالخارجية المصرية حسام عيسى أن حديث "حميدتي"، حول مراجعة حساباته تجاه القاهرة، "إدراك منه للثقل المصري ومحاولة لتجنب استفزاز الجار القوي".
وقال عيسى، في تصريح بثته مواقع سودانية، إن قائد الدعم السريع يحاول تبرير تحركاته في المثلث الحدودي، وعدّها "وسيلة براغماتية من أجل عدم استثارة جار إقليمي قوي له تأثير في هذه الظروف".
كما أكد أن القاهرة لن تتورط في أي حروب خارج حدودها وموقفها ثابت ولن يتغير من وقوفها مع الدولة السودانية ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة، وأن وجود المليشيات والسلاح خارج سيطرتها هو الذي يؤدي إلى التقسيم وعدم الاستقرار.
تعليقا على دلالات خطاب "حميدتي" وتوقيته، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي عامر حسن أن قائد الدعم السريع يحاول معالجة عدة قضايا من خلال ظهور وسط قواته، أبرزها أنه لا يزال حيا وقادرا على الحركة وإدارة شؤون قواته، في رد ضمني على المعلومات التي راجت بسبب طول اختفائه.
ويوضح أن قوات الدعم السريع تلقت هزائم قاسية خلال المعارك في ولايات كردفان وخسرت عددا كبيرا من قادتها الميدانيين ومقاتليها وعجزت عن تعويضهم، وتنامى السخط من إهمال الجرحى، لذلك يحاول "حميدتي" بث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
خيارات محدودةكما يسعى -برأي الخبير حسن- إلى تقديم نفسه بوجه جديد وفك الحصار الخارجي بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قواته، لكنه وجه رسالة متناقضة للقاهرة بالدعوة الى الحوار معها، غير أن تهديده بالهجوم على الولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية يقلق القاهرة لأنه يؤدي لنشر الفوضى بالحدود وإغلاق طرق التجارة ويوقف انسياب السلع السودانية لمصر.
ووفقا له، فإن تهديد "حميدتي" بالهجوم على شمال السودان للمرة الثانية ليس جديا وإنما محاولة تكتيكية لشد الجيش شمالا، وصرفه عن المعارك الجارية في ولايات كردفان غربا لأنه في حال تجاوزها فإن هذه القوات ستحاصر في دارفور.
ويسعى "حميدتي" أيضا بظهوره إلى معالجة تعثر تشكيل الحكومة الموازية في مواقع سيطرته بعد فشل أخيه ونائبه في القوات عبد الرحيم دقلو الذي يقود المفاوضات مع حلفائهم في كيان تحالف السودان التأسيسي "تأسيس"، وتصاعد الخلافات بينهم، حسب الخبير الأمني حسن.
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم صديق فيقول للجزيرة نت إن عمليات الجيش خلال الفترة السابقة صارت أكثر دقة في "اصطياد" القادة الميدانيين للدعم السريع، مما أثار الاضطراب بين قيادات القوات وزعزع ثقتها، أو أصبحت حركتها بعيدة عن الأنظار في مناطق معزولة.
إعلانوحسب حديث الكاتب، فإن "حميدتي ظهر مختبئا، ومحاطا بقوة عسكرية لافتة، ويبدو وجهه أكثر دعة (راحة)"، مما يرجح أنه ليس في ميدان القتال.
ويعتقد أن القوة التي خاطبها "حميدتي" هدفها مهاجمة ولايتي نهر النيل والشمالية لإرباك المشهد، مع انشغالات القيادة السياسية وقادة الحركات المسلحة باقتسام السلطة. وعدّه "رجلا مغامرا يبحث عند مجد طار من يديه وباتت الخيارات أمامه محدودة، وستكون محاولة عسكرية يائسة".