عبد القادر الصالح حجي مارع.. ثائر سوري ترك تجارة الحبوب وحمل السلاح ضد الأسد
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
ثائر ضد النظام السوري السابق، ترك عمله في تجارة الحبوب وانخرط في الحراك السلمي ضد جيش الأسد ثم حمل السلاح في وجهه مع بداية تنكيل النظام بالمتظاهرين وقتلهم، وعرف في تلك الفترة بـ"حجي مارع". أسهم في تأسيس "لواء التوحيد" التابع للجيش السوري الحر، ومات متأثرا بجراحه في غارة استهدفته أواخر عام 2013.
المولد والنشأةعبد القادر الصالح من مواليد بلدة مارع في الريف الشمالي لحلب عام 1979، وكان متزوجا وله 5 أطفال.
ويشتهر بلقب "حجي مارع" نسبة إلى بلدة مارع التي كان من أوائل المنظمين فيها للنشاط السلمي والمظاهرات، وأول من حمل فيها السلاح، كما يعتبره كثير من السوريين "الأيقونة الأغلى" للثورة السورية.
التجربة الثوريةوعقب إنهائه خدمته العسكرية في وحدة الأسلحة الكيميائية بجيش النظام السوري، اتجه للعمل داعية إسلاميا ونشطا في كل من سوريا والأردن وتركيا وبنغلاديش.
وكان يعمل في تجارة الحبوب والمواد الغذائية قبل أن ينخرط في المظاهرات السلمية المطالبة بإسقاط النظام السوري عام 2011، ويقود فيها الهتافات، وأسهم في تأسيس وقيادة "المجلس الثوري في حلب وريفها" في 21 ديسمبر/كانون الأول 2011.
كان الصالح من أوائل من انخرطوا في النشاط المسلح ضد النظام السوري ردا على بطش قوات النظام وقتلها المتظاهرين السلميين، وشكّل مطلع عام 2012 أول مجموعة مسلحة ضدها في الريف الشمالي لحلب، عرفت بـ"كتيبة قبضة الشمال"، واشتهر عنه بيع الكثير من أملاكه لشراء السلاح لمواجهة النظام وقواته.
إعلانصار جزءا من "لواء أحرار الشمال" عقب اندماج "كتيبة قبضة الشمال" في كتائب الجيش الحر في ريف حلب الشمالي في 9 مارس/آذار 2012. وأدى دورا بارزا في قيادة معارك الدفاع والتحرير، التي خاضها اللواء في ريف حلب الشمالي، وظهر في مقاطع مصورة أثناء مشاركته في معارك بمدينة إعزاز في محافظة حلب، وتركزت حول مفرزة الأمن العسكري في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2012.
اختير الصالح قائدا لأول مجموعة مسلحة تعمل ضد النظام، قبل أن يعلن رسميا عن تشكيل "لواء التوحيد" بالجيش السوري الحر منتصف 2012، واختير عبد العزيز سلامة قائدا عاما للواء، والصالح قائدا للعمليات العسكرية فيه، وضم غالبية مقاتلي الجيش الحر وكتائب في ريف حلب الشمالي والغربي والشرقي، ونفذ العديد من العمليات العسكرية ضد قوات النظام في الريف الشمالي.
أبرز المعاركبدأ اللواء أولى معاركه باسم "الفرقان" للسيطرة على مدينة حلب، ودخل إلى المدينة عبر الأحياء الشمالية الشرقية في 21 يوليو/تموز 2012، وأصبح من أكبر التشكيلات العسكرية للجيش الحر في محافظة حلب.
وقاد الصالح وشارك في العديد من المعارك وأهمها معارك السيطرة على مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، ومدن الراعي وجرابلس وغيرها من البلدات الكبرى في ريف حلب الشمالي.
وكان لواء التوحيد من أوائل المجموعات التي دخلت إلى الطرف الغربي لحلب بعد أن بدأت اشتباكات بين ثوار حي صلاح الدين وقوات النظام، على الرغم من تخطيط اللواء المسبق للدخول من الطرف الشرقي لمدينة حلب.
تمكن لواء التوحيد من إدخال 275 مقاتلا في اليوم الأول للمعارك بقيادة أحمد يوسف الجانودي -الذي قتل في وقت لاحق على أيدي قوات النظام- فيما دخل الصالح مع نحو 500 مقاتل في اليوم التالي إلى الأحياء الشرقية لحلب.
شارك الصالح في العديد من المعارك الأولى في مدينة حلب، إذ أسهم في السيطرة على المراكز الأمنية في النيرب والشعار وهنانو والصالحين ومقر الجيش الشعبي وثكنة هنانو ومضافة آل بري ومدرسة المشاة بحلب ومشفى الكندي، واستطاعت قواته السيطرة على نحو 70% من المدينة في أيام.
إعلانوشارك في معارك كبرى خارج حلب، إلى جانب المئات من المقاتلين من لواء التوحيد في معارك القصير في حمص قبل أن تسيطر عليها قوات النظام بمساعدة مقاتلي حزب الله اللبناني في يونيو/حزيران 2013.
كما شارك في قيادة معارك "قادمون يا حماة" في ريف حماة، وعاد في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه للمشاركة في معارك السفيرة في الريف الجنوبي لحلب، التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها بعد معارك ضارية.
لم يقتصر موقف الصالح على معارضة النظام، بل امتد ليشمل رفضه لممارسات بعض الفصائل المسلحة. فقد اتخذ مواقف حازمة ضد الانتهاكات، كان أبرزها إقدامه على سجن أحد قادة الكتائب في حلب بعد تورطه في سرقة ذخيرة من مدرسة المشاة.
عرف بقربه من المدنيين وتفقده الدائم لأحوالهم وكان يشجعهم على الإبلاغ عن أي تجاوزات يتعرضون لها من المقاتلين، وعزز هذا النهج مكانته بين الناس، خاصة مع حرصه التمركز في الصفوف الأولى بالمعارك، ولأنه من أوائل من أعلن مواجهة النظام السوري جهرا في وقت لم يجرؤ أحد على ذلك.
شارك لواء التوحيد أثناء فترة قيادة الصالح في جهود توحيد وتنظيم فصائل المعارضة السورية، وشارك في تأسيس المجلس الانتقالي الثوري في حلب وريفها في 30 أغسطس/آب 2012، والمجلس الثوري العسكري في حلب وريفها في 10 سبتمبر/أيلول 2012. كما انضم إلى "جبهة تحرير سوريا" التي عُرفت لاحقا باسم "جبهة تحرير سوريا الإسلامية" بعد تأسيسها في 12 سبتمبر/أيلول 2012.
وكان اللواء أيضا جزءا من "الهيئة الشرعية الرباعية"، التي أصبحت المرجعية القضائية الأبرز في حلب بعد سيطرة الجيش الحر على أحيائها الشرقية منتصف ديسمبر/كانون الأول 2012. كما تم اختيار الصالح قائدا مدنيا للجبهة الشمالية في "هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر" وشارك في مؤتمر انتخابات "مجلس محافظة حلب الحرة" في 9 مارس/آذار 2013.
إعلانعرف عن الصالح حرصه على الوحدة مع مختلف فصائل المعارضة في الشمال السوري، كما حافظ على تقارب مع الفصائل الإسلامية غير المنضوية تحت الجيش الحر، إضافة إلى الفصائل الجهادية المحلية والسلفية الجهادية مثل جبهة النصرة.
وشارك الصالح في مبادرات وهيئات مشتركة عدة مع هذه الفصائل، وحافظ على خطاب يجمع بين الروح الشعبية والثورية والتوجه الإسلامي المعتدل، وعلى الرغم من ذلك، كان له موقف واضح من الائتلاف الوطني السوري والحكومة المؤقتة، ووقع مع حركة أحرار الشام الإسلامية و"جبهة النصرة" على بيان رافض للاعتراف بهما، داعيا إلى التوحد ضمن "إطار إسلامي واضح".
وكان الصالح ولواؤه في خلاف مع تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه لم يصل إلى حد المواجهة المباشرة في حياته، وكان لكل منهما مقرات في مدينة حلب، ولم يسعَ الصالح إلى الصدام مع التنظيم الذي عمد إلى التمدد في المدينة واعتقال ناشطين مقربين من اللواء.
وعندما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية لواء عاصفة الشمال في إعزاز في أكتوبر/تشرين الأول 2013، تدخل لواء التوحيد قوة فصل ووساطة، لكنه انسحب لاحقا.
خصص النظام السوري مكافأة نقدية قدرها 200 ألف دولار لمن يسلم الصالح أو يقتله، ووصفه المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بأنه "إرهابي تابع للقاعدة وسيجبر الأقليات في سوريا على الإسلام وإن لم يفعلوا سيقتلهم بالسيف".
سبق ذلك اللقاء ظهور الصالح في مقطع مصور يقول فيه "لكثرة ما تتحدثون عن الأقليات صرت أتمنى أن أصبح من الأقليات.. نحترم حقوق الأقليات، والله الأقليات سيعيشون حياة أطيب من الحياة التي يعيشونها في ظل هذا النظام، لن يظهر أي تصرف يهين أو يهضم حق الأقليات".
وشدد عبد القادر الصالح على أن الثورة السورية ليست طائفية، ودعا في أكثر من مرة إلى إقامة دولة معتدلة دينيا، مؤكدا أن "الدولة الإسلامية لن تُفرض على سوريا بقوة السلاح".
إعلانسعى إلى توحيد الفصائل تحت راية واحدة، ولهذا اجتمع قبل محاولة اغتياله بأيام مع قادة كبرى الفصائل آنذاك، ومنها جيش الإسلام وحركة أحرار الشام وصقور الشام لتحقيق هذا الهدف.
تعرض الصالح لمحاولتي اغتيال، واحدة في يونيو/حزيران 2013، وتزامنت مع اغتيال قائد لواء "أحفاد محمد" عبر تفجير عبوة ناسفة في سيارته بمدينة الميادين في دير الزور. وقبلها أثناء استهداف قائد الجيش الحر العقيد المنشق رياض الأسعد، في محاولة اغتيال أسفرت عن فقدانه إحدى قدميه.
وأصيب الصالح بإصابات بالغة إثر قصف طائرة تابعة للنظام اجتماعا لقادة لواء التوحيد في مدرسة المشاة بحلب -سماها اللواء مدرسة الشهيد أبو فرات وهو قائد عملية السيطرة على المدرسة- كان مخصصا للتخطيط لاستعادة السيطرة على اللواء 80 قرب مطار حلب، والذي تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليه قبلها بأيام.
الوفاةتوفي عبد القادر الصالح يوم الاثنين 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 في أحد مستشفيات مدينة غازي عنتاب التركية متأثرا بجروح أصيب بها في قصف لقوات النظام استهدف اجتماعا لقادة اللواء في مدرسة المشاة في حلب.
ووري جثمانه الثرى في مسقط رأسه ببلدة مارع، وجرى دفنه في قبر كان قد حفره بنفسه وأوصى بدفنه فيه عند وفاته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان فی ریف حلب الشمالی النظام السوری مدرسة المشاة قوات النظام السیطرة على الجیش الحر الصالح فی مدینة حلب من أوائل وشارک فی فی الریف فی معارک فی حلب
إقرأ أيضاً:
جمع بين العلم الراسخ والعمل الصالح.. وزير الأوقاف ينعى أحمد عمر هاشم
نعى الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، العلّامة الجليل، المحدثّ البليغ الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أحد أبرز أعلام الحديث الشريف والدعوة الإسلامية في العصر الحديث؛ الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم بعد حياة حافلة بالعلم والعطاء.
وقال وزير الأوقاف، في بيان: “كان الفقيد – رحمه الله –علمًا من أعلام الأزهر الشريف، جمع بين العلم الراسخ والعمل الصالح، وأفنى عمره في خدمة سنة النبي ﷺ ونشر تعاليم الإسلام السمحة، وأسهم بعلمه وجهده في بناء أجيال من العلماء والدعاة. كما كان الفقيد آية في الحكمة والبلاغة والوطنية؛ وخطيبًا مفوهًا، ومديرًا قديرًا، ومعطاء صبورًا؛ وما أعظم الشواهد والشاهدين على ما قدم وبذل، والله خير الشاهدين”.
وأضاف البيان: “وإذ ينعى الوزير هذا العلَم المتفرد الذي عزّ نظيره، فإنه يتقدم باسمه وباسم أبناء وزارة الأوقاف جميعًا، بخالص العزاء إلى أسرة الفقيد، وإلى علمائه وطلابه ومحبيه في شتى أنحاء العالم، وإلى الأزهر الشريف، داعيًا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويجزيه عن علمه ودعوته خير الجزاء، وأن يلهم آله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وأن يقيض من طلابه من يواصل مسيرته العلمية، ويعيد في الأمة نفَسَه الطاهر وعلمه الوافر”.