المرزوقي يهاجم سياسات الرئيس التونسي تجاه اللاجئين الأفارقة.. دعا إلى حلول إنسانية
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
وجه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي انتقادات لاذعة لسياسات الرئيس الحالي قيس سعيد في التعامل مع أزمة اللاجئين الأفارقة، معتبرًا أن هذه الأزمة ما هي إلا انعكاس لمأساة أعمق تعيشها البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية.
ووصف المرزوقي، في تصريحات نشرها اليوم في صفحته على منصة "فيسبوك"، سياسات سعيد بأنها تعكس "فشلًا في الحفاظ على استقلالية القرار الوطني"، متهمًا إياه بالخضوع لتأثيرات خارجية، لا سيما من الجزائر، التي قال إنها دفعت بالمهاجرين نحو الحدود التونسية دون اعتراض من السلطات.
المرزوقي اعتبر أن العجز عن وقف تدفق المهاجرين أو السماح لهم بالعبور إلى أوروبا يكشف عن "جبن سياسي"، مشيرًا إلى أن سعيد يروج لخطاب عن مؤامرة تستهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد، بينما هو يساهم بنفسه في تفاقم الأزمة.
ودعا المرزوقي إلى تبني حلول إنسانية من خلال إنشاء مخيمات لجوء مؤقتة تتوفر فيها الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، على غرار مخيم شوشة الذي أُقيم إبان الثورة الليبية. وأعرب عن أسفه لما وصفه بـ"عجز الدولة عن حماية اللاجئين" وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة من قبل بعض الجهات الأمنية.
وعلى الصعيد المجتمعي، انتقد المرزوقي مظاهر العنصرية التي برزت خلال الأزمة، محذرًا من أن تونس باتت تواجه خطر العزلة على المستوى الأفريقي، ما يهدد علاقاتها الاقتصادية وفرص الاستثمار. وأشار إلى أن دولًا مثل المغرب تبنت سياسات أكثر انفتاحًا تجاه القارة الأفريقية، ما عزز مكانتها الإقليمية.
واستعاد المرزوقي تجربة استقبال تونس لمليوني لاجئ ليبي خلال فترة رئاسته، مشيرًا إلى الإشادة الدولية التي حظيت بها البلاد آنذاك. وختم بدعوة التونسيين إلى استعادة قيم التضامن والإنسانية، مؤكدًا أن تونس تستحق مستقبلًا أفضل بعيدًا عن مظاهر العار والانهيار الأخلاقي، كما قال.
وبوتيرة شبه أسبوعية تعلن السلطات التونسية عن إحباط محاولات هجرة غير نظامية إلى سواحل أوروبا وضبط مئات المهاجرين، من تونس أو دول أفريقية أخرى.
وتعد محافظة صفاقس (جنوبا) نقطة مهمة أمام المهاجرين غير النظاميين، للوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي تبعد نحو 130 كيلومترا عن السواحل التونسية.
وسبق للرئيس قيس سعيّد أن تحدث عن الوضع في صفاقس قائلا إن البلاد "لا تقبل أن يقيم على أراضيها من لا يحترم قوانينها، ولا أن تكون دولة عبور (باتجاه أوروبا) أو أرض توطين لمواطني دول أفريقية معينة".
وذكر الرئيس التونسي أن "هناك شبكات إجرامية مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس"، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
وتتعرض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة لممارسة المزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة من المغادرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية التونسي تصريحات سياسات تصريحات تونس سياسات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حديث شغور منصب الرئيس في تونس…
المـؤكّد حاليا في تونس شيء واحد فقط: الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ومن غير المقبول أصلا أن يستمر.
مؤشرات عديدة بدأت في البروز تدريجيا متجاوزة الجدل العادي حول أداء الرئيس قيس سعيّد لتصل هذه المرة للحديث عن ضرورة رحيله لتجاوز حالة الانسداد القاتل وهو حديث لم يعد متداولا بين معارضيه فقط، خاصة في الخارج، بل اتسعت دائرته إلى أبعد من ذلك.
هذا الانتقال النوعي من انتقاد سعيّد إلى المطالبة برحيله أملته مجموعة عوامل على رأسها الوصول إلى اليأس الكامل والنهائي من إمكانية تراجع الرجل عن نهجه المنفرد في الحكم منذ انقلابه عن الدستور في يوليو 2021، إلى جانب وضعه الصحي، وأخيرا الخوف من انفلات الأمور والذهاب إلى حالة خطيرة من الفوضى أو عدم الاستقرار.
لكل ما سبق ازداد الحديث عن «شغور منصب رئيس الجمهورية» بعد أن ظل طوال أشهر من المحاذير التي يفضل الجميع تجنّب الخوض فيها علنا. لم يعد غريبا، على سبيل المثال لا الحصر، أن تجد أستاذا جامعيا في القانون الدستوري هو أمين محفوظ، الذي كان من مؤيدي سعيّد في انقلابه قبل أن يغيّر موقفه، يقول في مقابلة صحافية إنه في حال حدوث مثل هذا الشغور على رئيسة الحكومة تولي رئاسة الدولة مؤقتا إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، في حين لا يتردّد الصحافي زياد الهاني في نشر تدوينة يقول فيها إن على الجيش الوطني أن يتولى ذلك بهدف «منع حصول الفراغ في أعلى هرم الدولة، ومن ثمّ رعاية مؤتمر حوار وطني جامع»، رغم الحذر الشديد من خيار الزج بالمؤسسة العسكرية في تسيير شؤون البلاد ولو مؤقتا.
مردّ هذا الاختلاف أن دستور قيس سعيّد الذي كتبه بنفسه عام 2022، وفرضه على البلاد باستفتاء هزيل، ينص على أنه في حال حصول شغور في منصب الرئاسة يتولى رئيس المحكمة الدستورية مقاليد الأمور حتى إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، لكن ما حصل هو أن سعيّد تعمّد عدم تشكيل هذه المحكمة إلى الآن، رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تصريح وعد فيه بأنه سيفعل ذلك «في أسرع وقت ممكن»!!
الحديث عن شغور منصب الرئاسة وضرورة معالجة هذه الثغرة الدستورية الخطيرة، التي تركها سعيّد متعمّدا وكأنه سيبقى رئيسا إلى الأبد، لا يعود فقط إلى ازدياد عدد المطالبين برحيل الرئيس، وإنما أيضا إلى معاينة وضعه الصحي الخطير، ليس النفسي فقط بل والجسدي كذلك، وسط تكتم رسمي عن حقيقة كل ذلك وما يشاع بين فترة وأخرى عن دخوله إلى المستشفى. المطالبة برحيله ظهرت كذلك في الشعارات التي رفعت في أكثر من مظاهرة أخيرة، بعد أن نفض الجميع اليد من إمكانية تعديل سياساته حين اتضح أنه غير مستعد أبدا لأي تراجع، أو حتى مراجعة، لاقتناعه المطلق أنه الوحيد على حق وكل من سواه خونة وعملاء.
في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث
ما يعزز الزخم المتنامي رويدا رويدا في اتجاه رحيل قيس سعيّد نزول المركزية النقابية بثقلها معلنة عن الإضراب العام في البلاد في 21 يناير/كانون الثاني المقبل في جميع القطاعات بعد أن سجّلت في بيانها الأخير الصادر عن اجتماع هيئتها الإدارية «استمرار الاحتقان السياسي والاجتماعي وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وإرساء منظومة استبداد منغلقة (…) وتواصل غلق أبواب الحوار ورفض التفاوض والتفرّد بالقرار والهروب إلى الأمام (..) وتنامي تدهور القدرة الشرائية للشغّالين وعموم الشعب بسبب التهاب الأسعار وغلاء المعيشة وتردّي خدمات المرافق العامة وتواصل الاحتكار وتقصّير الدولة من دورها الاجتماعي».
في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث، سواء نُفّذ في كامل البلاد مثل 26 يناير /كانون الثاني 1978 زمن حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، أو في بعض المحافظات الكبرى فقط مثل 14 يناير /كانون الثاني 2011 يوم مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي وانتصار الثورة. هذه المرة، يأتي هذا الإضراب العام الجديد والرئيس سعيّد فاقد لكل سند سياسي، أو شعبي واضح ومقنع، مستقويا بأجهزة الدولة لا غير. إنه يعاني عزلة سياسية واضحة، بما في ذلك بين أنصاره الأوائل ومنهم نواب برلمان تحدث بعضهم في جلسات علنية عن «الزمن السياسي» لسلطته الحاكمة، وبعضهم الآخر عن «رئيس منفصل عن الواقع»، فضلا عن تناول محيطه العائلي باعتبارهم «طرابلسية جدد» في إشارة إلى فساد أصهار الرئيس بن علي.
هذه العزلة فاقمتها عزلة دولية وبيانات تنديد خارجية، رسمية ومن منظمات حقوقية كبرى، للمحاكمات السياسية وخضوع القضاء ووضع الحريات وحقوق الإنسان. المخيف أن سعيّد لا يواجه كل ذلك إلا بمزيد من العناد والتقوقع بعد أن تلبّسته حالة غير سويّة، سبق أن عبّر عنها بعظمة لسانه حين قال إنه يشعر أنه «قادم من كوكب آخر» وإنه سيكون «أحد صانعي التغيير في العالم كله»، بل وإنه يشعر كأنه «النبي صالح في قوم ثمود»!!.
القدس العربي