لجريدة عمان:
2025-05-09@22:02:41 GMT

الربيع بن حبيب

تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT

ولد الربيع بن حبيب بن عمرو بن الربيع الفراهيدي ويكنى بأبي عمرو البصري في غضفان بساحل الباطنة في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وفي غضفان تلقى تعليمه الأولي على يد والده، ثم انتقل إلى الخريبة بالبصرة، وهناك التقى بكبار علماء البصرة كابن سيرين وواصل بن عطاء والحسن البصري وجابر بن زيد الأزدي، وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وضمام بن السائب الندابي، وصالح بن نوح الدهان، التقى بهم ونهل من علمهم، ونتيجة لتفوقه ونبوغه في العلم أصبح الربيع من كبار علماء عصره، فجلس طلاب العلم في مجلسه وتخرج على يديه مجموعة مميزة من العلماء منهم: محبوب بن الرُحيل، وموسى بن أبي جابر الإزكوي، وبشير بن المنذر النزواني، أبو صُفرة عبدالملك بن صُفرة، وأبو غانم بشر بن غانم الخُراساني، واليمان بن أبي الجميل.

حاز الربيع على احترام الجميع وتقديرهم، فكان يفتي الناس، وكانوا يلجؤون إليه لحل ما أُشكل عليهم من قضايا فقهية. وجاءت جماعة من طلاب العلم إلى البصرة وسألوا عن شخص ثقة قريب العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم ليكتبوا عنه الحديث، فأشار عليهم أهل البصرة بالربيع بن حبيب. وحظي الربيع بتقدير أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة له، حيث عينه نائبا عنه في موسم الحج، وكان أبو عبيده يصفه دائما بـ "ثقتنا وأميننا".

تولى الربيع رئاسة علماء المذهب الإباضي ومفكريه بعد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، فكان الإمام الثالث للمذهب واستمرت رئاسته ثلاثون عاما. وشرع الربيع بمجرد استلامه لرئاسة المذهب إلى تدريب من سيخلفه، فدرب مجموعة من الشباب واختار منهم وائل بن أيوب الحضرمي. واعتنى كثير بتنظيم أمور المذهب الإباضي في العالم الإسلامي، واستمر الإمام أبي عبيدة في مشروع حملة العلم، حيث إن هذا المشروع كان السبب الرئيس في انتشار المذهب خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين.

اختلفت المصادر في مكان وفاة الربيع منهم من ذكر أنه عاد إلى موطنه غضفان وفيها مات، وذكر بعضهم أنه مات في البصرة وأن العمانيين صلوا عليه صلاة الغائب.

توفي الربيع بن حبيب بين عامي 175هـ و 180هـ أي أنه كان معاصرا للخليل بن أحمد الفراهيدي، إلا أن المصادر لا تشير إلى التقاء الشخصيتان بالرغم من أنهما تعاصرا في الفترة الزمنية وسكنا الخريبة بالبصرة وهما ينتميان لنفس القبيلة. ويعود ذلك إلى قلت المصادر التي تناولت الوجود العماني في البصرة، والدور الكبير الذي أداه العمانيون حضاريا فيها.

تميز العمانيون في البصرة بغزارة الإنتاج المعرفي فكتبوا الكثير من المؤلفات التي لا تزال تشهد لهم بعمقهم المعرفي وجسارتهم في نيل المعالي من العلم، وللربيع دور وإسهام في الحركة العلمية في البصرة، حيث كتب عدد من المؤلفات منها: كتاب العقيدة ويضم 140 حديثا سعى الربيع من خلال هذا الكتاب إلى شرح عدد من الأمور العقدية وتوضيحها، خاصة فيما يتعلق بالإيمان بالله وصفات الله والقضاء والقدر. وللربيع أيضا كتاب " آثار الربيع بن حبيب" وهو كتاب في النوازل الفقهية، ويشمل روايات الربيع عن ضُمَام بن السائب عن جابر بن زيد. وللربيع أيضا كتاب "فتيا الربيع بن حبيب" وفيه فتاوى الإمام الربيع، ورسالة تعرف بعنوان الرسالة الحُجة.

من أشهر مؤلفات الربيع بن حبيب "المُسند" ويضم هذا الكتاب عدد من الأحاديث النبوية، وهو أول كتاب في العالم الإسلامي تُجمع فيه الأحاديث النبوية، حيث قرر الربيع ضرورة تدوين الأحاديث وحفظها في كتاب خوفا من دخول التحريف والزيادات عليها من قبل الرواة، حيث كانت الأحاديث النبوية تنتقل مشافهة مما يعرضها للتغير والتحريف. جمع الربيع في مُسنده 743 حديثا، و27 أثرا موقوفا ومقطوعا. وبلغ عدد الصحابة الذين روى عنهم 45 صحابيا.

اهتم العلماء بهذا الكتاب واعتنوا بشرحه منهم أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني أحد علماء القرن السادس الهجري، والذي عمل على ترتيب المسند على أبواب الفقه، وإضافة باب لروايات الربيع وغيره. يقع الكتاب في أربعة أجزاء، الأول والثاني هما ما كتبه الربيع، أما الجزاءان الثالث والرابع فهما إضافات أضافهما الوارجلاني، فالجزء الثالث عبارة أحاديث العقيدة التي كتبها الربيع في مَعرض مناقشته لبعض علماء عصره، حيث كان يكثر في القرون الأولى من الهجرة المناظرات العلمية، والمناقشات المدعمة بالأدلة، أما الجزء الرابع فعبارة عن روايات محبوب بن الرحيل عن الربيع، وروايات الإمام أفلح بن عبد الوهاب عن أبي غانم الخراساني. وأعاد محمد يوسف أطفيش إعادة ترتيب المسند. وقام نور الدين السالمي بمقارنة نسخ المسند وخرج بأصح النسخ ثم عمل على شرح الجزءان الأول والثاني، واتبع السالمي في شرح المسند بأن يشرح عنوان الباب أولا ثم يُعرف برواة الحديث، ثم يُخرج الحديث ويقوم بشرحه شرحا تفصيليا.

وضع الوارجلاني باب النية أول باب، واستفتح المسند بهذا الحديث، قال أبو عمرو الربيع بن حبيب بن عمرو البصري: حدثني أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عن جابر بن زيد الأزدي عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى".

كتب العلماء عن الربيع وأشادوا بعلمه وحسن خلقه، فالشماخي في كتابه السير يقول عنه ( طود المذهب الأشم، وبحر العلم الخضم). ولقد وثقه جملة من علماء المسلمين مثل يحيى بن معين وابن شاهين والإمام أحمد بن حنبل الذي ذكره في ترجمة الهثيم بن عبدالغفار الطائي حيث قال: "كان يقدم علينا من البصرة رجل يقال له الهيثم بن عبدالغفار الطائي يحدثنا عن همام عن قتادة رأيه عن رجل يقال له الربيع بن حبيب عن ضمام عن جابر بن زيد". وذكره البخاري وابن حبان.

رحم الله الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي كان علما ونجما ساطعا ونموذجا للعماني ومثالا يحتذى به في العلم والأخلاق سواء داخل عمان أو خارجها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جابر بن زید فی البصرة

إقرأ أيضاً:

ما دور علماء الأمة تجاه ما يحدث في غزة؟ الشيخ ولد الددو يجيب

فمع استمرار حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 18 شهرا، تتزايد الأسئلة بشأن موقف علماء الأمة من هذه الحرب وما تشهده من خذلان رسمي واضح.

وفي حين دعت كيانات إسلامية إلى النفرة من أجل غزة، تقول أخرى إن الجهاد لا يصدر إلا عن قادة الأمة ووفق المتاح لهم من أدوات، وهو ما ينطوي عليه الأمر من مصالح ومفاسد.

ووفقا لحلقة 2025/5/7 من برنامج "موازين"، فإن موقف العلماء في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ الأمة، يكون محط أنظار العوام الذين ينتظرون من "ورثة الأنبياء" موقفا واضحا يحدد لهم ما يجب وما لا يجب، حتى لا يختلط حابل الأمور بنابلها.

وقد أكد ولد الددو أن على كل مؤمن بالله أن يعرف ابتداءً أنه بايع الله على الجهاد بماله ونفسه، مع عدم تجاهل حقيقة أنه لا تُكلف نفس إلا وسعها، ومن ثم فإن ذمة المسلم لا تبرأ من مساعدة المسلمين في غزة إلا عندما يستنفد كل وسائل النصرة المتاحة له.

الدعاء ليس كافيا

ومن هذا المنطلق، يرى ولد الددو أن الاكتفاء بالدعاء فقط لا يبرئ ذمة المسلم مما يجري في غزة إن كان قادرا على ما هو أكثر، لأن الله تعالى قال "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا".

إعلان

ويرى ولد الددو، أن غالبية حكام المسلمين لم يبذلوا شيئا يذكر لوقف هذه الحرب التي كان بإمكانهم وقفها من أول يوم، ويقول "إن دماء من سقطوا فيها ستكون في رقابهم يوم القيامة".

واستشهد على حديثه بما فعله الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عندما أوقف الحرب عام 2012، وما فعله الملك فيصل بن عبد العزيز، خلال حرب 1973 عندما استخدم سلاح النفط لمساعدة مصر.

وحتى الشعوب، يقول ولد الددو، إنها مطالبة بالاعتصام سلما لدفع الحكومات نحو تغيير مواقفها من الحرب، "دون الإخلال بنظام البلد أو الاعتداء على مؤسساته أو الجنوح نحو التخريب لأنه هذا لا يجوز شرعا".

دور العلماء

أما العلماء، فعليهم بيان الحق من الباطل بالدليل وعدم كتمانه، ولو كان الثمن قطع رقابهم، لأن سكوتهم عن الحق وهم يعلمونه يجعلهم مستحقين للعنة الله، كما يقول ولد الددو.

وقال الددو، إن دخول العالم السجن أو التنكيل به عقابا له على بيانه للحق، "لا يعتبر نوعا من أنواع إلقاء النفس في التهلكة"، مؤكدا أن "الهلكة كلها في مخالفة أمر الله الذي بيده مقاليد كل شيء وله تصير الأمور".

ويجب على العلماء أن يبادروا بأنفسهم عبر تقديم ما يملكونه كل حسب استطاعته (مالا، بيانا، تظاهرا، خطابة، كتابة)، أما القتال فهو أمر الجيوش المؤهلة له والتي تمسك بسلاح الأمة، كما يقول ولد الددو.

ويرى ولد الددو أن علماء الأمة انقسموا إزاء ما يحدث في غزة فمنهم من انحاز للحق وبيَّنه ومنهم من سكت أو وقف إلى جانب الباطل عندما طعن في المجاهدين وقال إنهم لم يستشيروا أحدا قبل حربهم.

تلبيس الحق بالباطل

وقال إن الحديث عن عدم استشارة القادة في أمر الحرب يعتبر تلبيسا على الناس، لأن من شنوا الحرب كانوا هم ولاة الأمر في غزة، وقد استشاروا بعض العلماء وأفتوا لهم بالحرب، مضيفا أنهم ليسوا مطالبين باستشارة الجميع لأن بعض الأطراف قد تنقل هذه المعلومات للعدو.

إعلان

ومع ذلك، يؤكد ولد الددو أن عدم استشارة بقية الأمة في أمر الحرب لا يرفع عن كاهلها واجب الدعم والتداعي للمسلمين الذين يقتلون في غزة، لأن الدين يوجب نصرتهم حتى من الدول التي وقعت اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، لأن هذه المعاهدات لا علاقة لها بالقواعد الشرعية.

وحتى الحديث عن ضرورة تكافؤ القوى فهو "ليس صحيحا ولا شرعيا" لأن الله تعالى قال "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، فضلا عن أن "الجهاد في سبيل الله لا مفسدة فيه ولا يتعارض مع مصالح الأمة، والعلماء يفهمون هذا جيدا"، كما يقول ولد الددو.

وعن تداعيات الحرب من قتل للنساء والأطفال وتدمير المدن، قال ولد الددو، إن هذا ليس جديدا فقد فعله التتار في بغداد والإسبان في الأندلس، بل وفعله الإسرائيليون مرارا في غزة، مؤكدا أن ما يحدث "هو أمر الله"، وأن من فعل الواجب لا يلام، وأن المجاهدين مطالبون بالصبر الذي هو مفتاح النصر.

7/5/2025

مقالات مشابهة

  • روبي سندريلا الربيع في المعادي.. صور
  • تحذير في البصرة من تدهور التعليم الحكومي وتهديده لمستقبل الأجيال
  • السيطرة على حريق ضخم وسط البصرة
  • ارتفاع خام البصرة رغم استقرار أسعار النفط
  • ما دور علماء الأمة تجاه ما يحدث في غزة؟ الشيخ ولد الددو يجيب
  • سحب الربيع تزين سماء عسير وتجذب المتنزهين
  • خرجت بعدة قرارات.. جلسة استثائية لمجلس محافظة البصرة في الزبير
  • الحصيني: أيام الربيع تصرمت ولم يتبق منها إلا الثلث الأخير
  • إيران ترسل وفداً طبياً لمعالجة نحو 1000 حالة مستعصية في البصرة
  • السخرية تطال مجلس محافظة البصرة بسبب خطأ مطبعي