الحروب ترخي سوادها على عيد الأمّ في عدة بلدان... حزن وقهر طويل
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
تتعدّد الأيام لمناسبة واحدة: عيد الأم. وفي العالم، اليوم، أعياد للأم، بحسب ثقافة كلّ بلد وتاريخه. وبينما يبدو العيد مفرحا في عدد من البلدان، يمر العيد هذا العام حزينا في عدد من البلدان. أمّهات فقدن أطفالهن، أو آلاف الأمّهات الراحلات، وفي الحالتين السبب واحد: الحروب.
في الحادي والعشرين من آذار يحتفي معظم دول العالم بالأمهات.
ليست قصة واحدة تلك التي أوجدت العيد، رغم أن الاحتفالات متشابهة لجهة تقديم الهدايا والتعبير عن الامتنان للأمهات. وبين أسباب دينيّة كنسيّة وأسبابٍ تضامنيّة، وبين سنواتٍ متباعدة، نشأ ما يعرفه العالم اليوم بعيد الأم.
منذ منتصف القرن العشرين، وتحديدا عام 1956 تكرّس هذا اليوم من آذار عيدًا للأمهات في مصر، ومنها انطلقت هذه الفكرة إلى الدول العربية. لكنّ قصة هذه المناسبة ترجع إلى مطلع القرن العشرين، وتفيد المصادر التاريخية بأن عام 1908 كان أول عام يحتفل فيه بعيد الأم، وكان ذلك في الولايات المتحدة، قبل أن يقرّ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الأحد الثاني من شهر أيار / مايو عيدًا للأم وعطلة رسمية أمريكية.
بلدان عديدة تسير اليوم وفق "العيد الأمريكي" للأم، ومن أبرزها أستراليا، وكندا، والصين، وإيطاليا، وبنغلادش، واليابان، وسويسرا، وتركيا، والفيليبين، وفنزويلا، وزامبيا، وألمانيا، وماليزيا، وغيرها من الدول.
Relatedالولادة بالبيت وسيلة الامهات اللاتي يخشين عدوى فيروس كورونا بالمستشفيات"اكتئاب ما بعد الولادة"... خطر يحدق بالأمهات الجدد جراء إجراءات العزل المعتمدة بسبب فيروس كوروناخطة أوروبية لتدريب "الأمهات العازبات" وأبنائهن على الاندماج في المجتمع وتحقيق "استقلاليتهن المالية"تتقاطع بريطانيا مع هذه الدول في تخصيص أحد أيام الآحاد عيدًا للأم، لكن بتاريخ مختلف منذ القرن السادس عشر، وهو الأحد الأخير من شهر آذار / مارس من كل عام. أما النرويج فتنفرد في هذا العيد خلال الأحد الثاني من شباط / فبراير، فيما يكون هذا العيد "صيفيًا" في فرنسا والسويد، حيث يحتفي الفرنسيون بأمّهاتهم في الأحد الأول من حزيران / يونيو، بينما يحتفل السويديون بأمهاتهم في الأحد الأخير من الشهر نفسه.
العيد المرّ في بلدان الحروببينما تسود الاحتفالات في 21 آذار / مارس، يمرُّ هذا اليوم ثقيلًا ومحزنًا على قلوب أمّهات كثيراتٍ في عدد من البلدان المنهكة بالحروب والفقر والمجاعات. وفي بعض المناطق، كقطاع غزّة مثلًأ، تعاني الأمّهات من هذه الأمور مجتمعةً على نحوٍ كبيرٍ منذ بداية الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ تشرين الأول / أكتوبر 2023.
تتحدّث منظمة الأمم المتحدّة للأمومة والطفولة –اليونيسيف– عن "فشل العالم في تغذية أكثر مليار فتاة مراهقة وامرأة"، وذلك في نظرتها إلى الواقع العالمي اليوم في عيد الأم. وتدعو اليونيسيف إلى كسر هذه الحلقة، من خلال "جعل الأطعمة المغذية ميسورة الكلفة، ومتاحة لكل فتاة مراهقة وامرأة، ودعم النساء قبل الحمل وأثناءه وبعده".
هذا ما لا يصل إلى نساء غزة وخصوصا الأمّهات منهن. وفق تقرير أصدرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تُقتل اثنتين من الأمّهات في غزة كلّ ساعة، حيث امتد ذلك لأشهر عدّة منذ السابع من أكتوبر. وخلصت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، إلى أن نحو 70% من قتلى الحرب على غزة البالغ عددهم 46,960 حتى 19 يناير الماضي، هم من النساء والأطفال. وبحسب إحصاءات المكتب الإعلاميّ الحكومي في القطاع، تجاوز عدد القتلى من النساء بنيران الجيش الإسرائيلي 12 ألفا و316. المسؤولة الأممية ماريس غيمون لفتت في 18 من تموز / يوليو الماضي، إن أكثر من 6 آلاف أسرة فلسطينية فقدت الأم حتى تاريخ إدلائها بهذا التصريح في نيويورك.
النسبة المرتفعة من القتلى تتكرّر بين الجرحى. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن " 70% من المفقودين في قطاع غزة والذين يبلغ عددهم حتى 18 يناير الماضي 14 ألفا و222 نتيجة الإبادة، هم من الأطفال والنساء".
هذا المشهد يمتدُّ إلى لبنان، وإن بصورة مصغّرة. أرخت الحرب المدّمرة الأخيرة بظلالها، على فئة واسعة من الأمّهات لتحيل عيدهنّ إلى يومٍ حزينٍ جدًا. وفق أرقام وزارة الصحة اللبنانية، بلغ عدد الأطفال الذي قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي 316، فيما بلغ عدد القتيلات 790. كذلك، يمرُّ العيد هذا العام قاسيًا على آلاف الأمّهات اللواتي قتل أبناؤهن خلال مشاركتهم في المعارك في الحرب الأخيرة بجنوب لبنان.
Relatedتوصيات جديدة تشجع الأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز على الرضاعة الطبيعيةفيديو: لماذا بكى كيم؟ زعيم كوريا الشمالية يذرف الدموع في مؤتمر للأمهاتمفرمة لحم لأمهات الجنود القتلى في أوكرانيا.. روسيا تثير الجدل في يوم المرأة العالميشاهد: " حكومتنا غير مهتمة".. احتجاجات غاضبة لأمهات جنود إسرائيليين لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادلوليس بعيدا عن لبنان، ورغم سقوط النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، تتواصل معاناة آلاف الأمّهات السوريات، وبرز في الأسابيع الأخيرة ما تعرضت له مناطق الساحل السوري من عمليات قتل طائفي، وكشفت الفيديوهات التي نشرها مقاتلون مرتبطون بالإدارة السورية الجديدة، عن مشاهد قاسية بحق أمهّات، أبرزها مشهد الأم التي كانت واقفة أمام جثامين ولديها وزوجها، بينما دعاها مسلحون إلى أخذ جثت ولديها.
المشهد في السودان هذا العام لم يتغير عن الأعوام السابقة. وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم أعلن أخيرا "ارتفاع معدلات نسبة وفيات الأمهات والأطفال بالسودان نتيجة الصراع المسلح بالبلاد". وعرض الوزير أرقاما جديدة تشير إلى أن وفيات الأمهات بلغت 295 في كلّ 100 ألف حالة ولادة، فيما بلغت وفيات الأطفال 51 طفلا لكل ألف مولود.
وبالإضافة إلى خطر الاغتصاب الذي تتعرض له السودانيّات بفعل الحرب وسيطرة الميليشيات، نشرت اليونيسيف تقريرا نبهّت فيه من وجود احتمالات لتعرض أطفال لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة للاغتصاب. ترى السودانيات أطفالهنّ يتعرضّن للجوع، وفي هذا السياق، توقعت اليونيسيف أن يعاني 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، بمن فيهم 770 ألفا يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أشد أشكال الجوع فتكاً، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للوفاة من المرض بمقدار 11 مرة.
وبمعاناة مشابهة تستقبل الأمهات اليمنيّات عيدهن، حيث أشارت الأمم المتحدة إلى أن معدل وفيات الأمهات في اليمن هو الأعلى في الشرق الأوسط، وأشارت إلى أن 9.6 مليون امرأة وفتاة بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية لإنقاذ حياتهن، وأوضحت أن هؤلاء النساء يواجهن الجوع والعنف وانهيار نظام الرعاية الصحية، مما يزيد من معاناتهن. كذلك يعاني نحو مليون ونصف مليون امرأة يمنية حامل أو أم جديدة من سوء التغذية، ما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أحداث الساحل السوري.. شهادات مرعبة ومجازر لا تُنسى قدرها أن تبدأ حياتها يتيمة.. انتشال رضيعة من تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي دمر منزلها في خان يونس نصفهم من الأطفال.. الأمم المتحدة: مليون نازح في هايتي بسبب العنف المتصاعد غزةجمهورية السودانسورياالأمم المتحدةاليمنلبنانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا رجب طيب إردوغان روسيا تركيا دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا رجب طيب إردوغان روسيا تركيا غزة جمهورية السودان سوريا الأمم المتحدة اليمن لبنان دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا رجب طيب إردوغان روسيا تركيا الاتحاد الأوروبي معارضة الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي محادثات مفاوضات حركة حماس الأمم المتحدة یعرض الآنNext هذا العام عید الأم الأم هات إلى أن
إقرأ أيضاً:
قلق بالأسواق الإيرانية بعد ضربات إسرائيلية والتومان يهوي ومخاوف من تصعيد طويل
شهدت الأسواق الإيرانية، الجمعة، حالة من الترقب والقلق في أعقاب الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل إيران، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق الأوضاع نحو تصعيد عسكري طويل الأمد، قد يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية والوضع الاقتصادي الهش، الذي لا يزال يعاني من تبعات العقوبات الغربية، وتراجع معدلات النمو، وارتفاع نسب التضخم.
هبوط متسارع للتومانسجل سعر صرف العملة الإيرانية (التومان) انخفاضًا حادًا في السوق الحرة صباح يوم الجمعة، إذ تجاوز الدولار حاجز 94 ألف تومان، مقارنة بنحو 83 ألفًا الخميس، في واحدة من أكبر موجات التراجع اليومية منذ عدة أشهر، وفق ما نقلته وكالة "دنياي اقتصاد" المتخصصة في الشؤون المالية والاقتصادية.
ويُعد هذا الانخفاض مؤشّرًا واضحًا على تصاعد حالة عدم اليقين بالأوساط الاقتصادية، لا سيما في ظل غياب رؤية واضحة بشأن ما ستؤول إليه التطورات السياسية والأمنية.
وقد تزامن هذا التراجع مع ارتفاع طفيف بالأسعار الرسمية التي تنشرها الحكومة، حيث بلغ سعر الدولار في المنصة الرسمية "نيما" نحو 71 ألفا و325 تومانا نقدًا، و69 ألفا و382 للحوالات، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
إعلانويرى خبراء اقتصاديون أن هذا الفارق الكبير بين السعر الرسمي وسعر السوق الحرة يُبرز هشاشة النظام النقدي في البلاد، ويزيد من الضغوط على المستهلكين والمستوردين على حد سواء.
تحركات ميدانية وقلق شعبيرصدت الجزيرة نت تحركات استثنائية للمواطنين في طهران وعدد من المدن، حيث توجه العشرات إلى مكاتب الصرافة لسحب العملة الصعبة أو لتحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية أكثر استقرارًا، تحسّبًا لأي اضطرابات قادمة في حال اتسع نطاق الضربات العسكرية أو تصاعد التوتر الإقليمي.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال حسام رضايي الموظف الحكومي من سكان شرق طهران "ما حصل فجر اليوم (أمس) كان صادمًا.. الناس لم يعودوا يثقون بأن الأمور ستبقى محصورة. والكثيرون اتجهوا فورًا إلى الصرافات، وآخرون إلى المتاجر لشراء مستلزمات أساسية". وأوضح أن المخاوف لا تتعلق فقط بالوضع الأمني، بل تمتد أيضًا إلى احتمالات حدوث شلل في سلاسل التوريد أو اضطراب في الخدمات الأساسية، إذا ما تصاعدت وتيرة الضربات.
ومن جانبها، عبّرت ليلى سهرابي (ربة منزل تقطن في حي يوسف آباد) عن قلقها من تأثير الضربات على أسعار المواد الغذائية، قائلة "بعض المحلات رفعت الأسعار مباشرة بعد سماع الأخبار. لقد اشتريت كيس أرز بسعر أعلى بنسبة 20% مقارنة بالأسبوع الماضي. وإذا استمرت الضربات، نخشى أن تختفي بعض السلع من السوق". وأشارت إلى أن الذاكرة الجماعية للإيرانيين لا تزال تحتفظ بصور أزمات نقص المواد الأساسية خلال فترات العقوبات القصوى وجائحة كورونا.
ترقّب واحتياطات فرديةورغم حالة القلق السائدة، لم تُسجل حتى الآن مؤشرات على حدوث "تزاحم استثنائي" بالمحال التجارية أو متاجر المواد الغذائية داخل إيران، وفق ما وثقته مشاهدات ميدانية. ومع ذلك، أشار مراقبون إلى وجود زيادة محدودة في حركة الشراء ببعض متاجر العاصمة، وهو ما يعكس نوعًا من الاحتياط الفردي دون أن يتحول إلى حالة من الهلع الجماعي.
إعلانوقال بائع مواد غذائية في بازار تجريش -للجزيرة نت- مفضلا عدم ذكر اسمه "الأجواء اليوم غير طبيعية. الناس يشترون أكثر من المعتاد لكن بدون فوضى. البعض يسأل عن توفر الزيت والسكر والحبوب".
وقد تتغير الأمور خلال 48 ساعة القادمة إذا سمعوا بدفعة جديدة من الهجمات. وأكد أن الموردين بدؤوا يتباطؤون في تسليم البضائع خشية تقلب الأسعار.
ضغوط على الأسواق العالميةتأتي هذه التطورات في ظل ردود فعل ملحوظة بالأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار النفط بنحو 7%، وبلغ سعر خام برنت أكثر من 75 دولارًا للبرميل، في حين لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار الأميركي والفرنك السويسري، وسط تنامي المخاوف من احتمال اضطراب الملاحة في مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خُمس صادرات النفط العالمية، ويُعد شريانًا حيويًا للاقتصاد الدولي.
ويحذر محللون من أن أي تصعيد محتمل قد يُحدث اضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية، ويزيد من حدة التوتر بمنطقة الخليج، وهو ما سينعكس سلبًا على حركة التجارة وأسعار السلع والخدمات حول العالم، وليس فقط في إيران.
ترقّب وتخوفويرى مراقبون أن استمرار الضغوط الاقتصادية، إلى جانب التوترات العسكرية، قد يعيد إلى الأذهان مشاهد "هلع الشراء" الذي شهدته إيران في فترات سابقة، خصوصًا خلال تصاعد العقوبات أو خلال تفشي جائحة كورونا عام 2020. وتشير بعض التقديرات إلى أن أي صدام طويل الأمد قد يقضي على ما تبقى من الثقة بالأسواق الداخلية، ويدفع المواطنين نحو المزيد من الاكتناز والاحتياط الذاتي.
ولكن، وحتى اللحظة، تبدو الحكومة الإيرانية حريصة على ضبط المشهد الإعلامي وطمأنة السكان إلى أن الأمور تحت السيطرة. وقد بثّت القنوات الرسمية تقارير تهدف إلى تهدئة الشارع، مشددة على أن "الموقف تحت المتابعة" في حين دعا مسؤولون اقتصاديون المواطنين إلى "عدم الانجرار خلف الشائعات والمبالغات".
إعلانومع ذلك، تبقى التساؤلات مفتوحة بشأن ما إذا كانت هذه البلاد ستتمكن من احتواء تداعيات الأحداث الأخيرة، أم أن الطريق نحو أزمة اقتصادية جديدة قد بدأت بالفعل.