جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-29@20:00:17 GMT

ملح الطعام

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

ملح الطعام

 

 

وداد الإسطنبولي

قد نعيش الطفولة ببعض الحنان، وقد نسكن بيتاً عتيقاً رغم ما أنهكه الزمن، وقد يهتز جسدنا لبرودة قارسة تسللت إليه، وتتعمق التجاعيد معلنة عمر السنين. ذاكرتي ممتلئة بثقل الأفكار، ولا تزال هناك أفكار كامنة تنتظر البوح.

أصبحت المسافات طويلة، طويلة جدًا بيني وبين تلك الملامح التي تتراءى لي في زوايا المكان والزمان، في غياهب الخيالات، بصدى الصوت الذي يتردد، بالحركات، بالقصص التي انتهى سردها.

كل شيء له طعم، إلا أنا... ملح طعامي لا أتذوقه، فقد مات.

أنتِ تجهلين مشاعري الآن، لكنها كما تركتها منذ أن كنت أسبح في حوضك الدائري. عشقتُ رائحتك من يومها، كنتُ ناقصًا، واكتملت حياتي بوجودك منذ أن وعيت.

أين أجد مثيلك؟ كل ما ملأتِني به سقيته لأولادي، ليعم الخير لهم، ولكي أراكِ في فلذات أكبادي. ليذكروكِ، لتترطب ألسنتهم وعقولهم بك.

هل تصدقين؟ أصغر أبنائي، الخامس في الترتيب، يذكر سيرتك وكأنكِ حملتِه يومًا بين ذراعيكِ، رغم أنكِ رحلتِ وأنا بحوزتي الطفل الثاني. كم كنتُ محظوظًا بوجودكِ معي في ذلك الوقت...

ليت السطور تتحمل كاهل البوح، والعيب فيَّ، فما أملكه من مشاعر ثقيلة عيَّ البوح عن ترجمتها. لا أريد أن أنزف ألم الفقد، فعيناي أرض جافة، سئمت نزول الغيث... لأنكِ متصلة بي دائمًا، وجودكِ هنا، في أعماق الجوف.

تصدقين؟ ما زلتُ أحتفظ بحقيبة يدكِ الصغيرة، خضراء اللون، وقد تهالك جلدها وتناثر في صندوق الذكريات. لا تزال الجيوب الصغيرة بداخلها تحمل أرقام ملفاتك الطبية في المستشفى والمستوصف والعيادات الخاصة.

محمد، أخي، الذي قلتِ يومًا: "لن أرى أبناءه." وصدقتِ... لكنه جمع صور أبنائه ودمجهم مع صورتكِ، وفرح الأحفاد بقربهم منكِ، ولو صورةً.

وكبرت نورة، وعمل الصغير من أبنائك، وكلٌّ منا انتقل إلى بيته الخاص، وتزوج الأبناء، وجاء الأحفاد. مرت السنين والأعوام، ولم تتغير تلك الأحاسيس، بل ازدادت عمقًا، إلا أنها تحولت إلى روح على ورق، وقلم يدون، لا يعبث باتجاه هذه النفس، بل تذوب الحروف من أجل وصل مكانة هذه الروح.

كم كنتُ أتمتع بشايكِ الأحمر الصافي، وبخبزكِ الذي كان يشوي جلدكِ الرقيق وأنتِ تنكسين رأسكِ على فوهة التنور كلما اشتهينا خبزًا من يديكِ الكريمتين.

مهما كتبت، لن أوفي حقكِ، يا أمي... أقدم لكِ اعتذاري، وأنا على يقين أنكِ تسمعينني وتشعرين بي.

هنا، بين السطور، تساقطت الأبجديات جميعها تمجيدًا لكِ، ولكن ما جدوى ذلك؟ وملح طعامي لا أتذوقه...

اللهم ارحم أمي وأمهات المسلمين جميعًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: البحث عن الطعام في غزة تحول إلى «حكم بالإعدام»

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة مستوطنون يقيمون بؤرة استيطان شمال الضفة لبنان يطلب رسمياً تجديد ولاية «اليونيفيل» مدة عام

أكد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، أن البحث عن الطعام ينبغي ألا يكون بمثابة حكم بالإعدام في غزة، مندداً بالنظام الجديد لتوزيع المساعدة الإنسانية في القطاع والذي يؤدي «إلى قتل الناس».
وصرح غوتيريش للصحافيين في نيويورك: «يقتل الناس لمجرد محاولتهم إطعام عائلاتهم وأنفسهم، لا ينبغي على الإطلاق أن يكون البحث عن الطعام بمثابة حكم بالإعدام»، وذلك من دون أن يسمي مؤسسة غزة الإنسانية التي تتخلل عملياتها لتوزيع المساعدات، مشاهد فوضوية ودامية.
جاء ذلك، فيما طالبت منظمة أطباء بلا حدود، أمس، بوقف نشاط «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، معتبرةً أنها تتسبب «بمجازر متكررة».
وقالت المنظمة في بيان، إن «مؤسسة غزة الإنسانية التي بدأت نشاطها الشهر الماضي بدعم وتمويل من إسرائيل والولايات المتحدة، صممت لإهانة الفلسطينيين بإجبارهم على الاختيار بين الجوع أو المخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على الحد الأدنى من الاحتياجات»، مطالبة بوقف نشاطها فوراً.
وأشارت إلى أن أكثر من 500 شخص قتلوا وأصيب نحو 4000 آخرين أثناء توجههم إلى مراكز التوزيع للحصول على طعام.
وتستقبل الفرق الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود يومياً أشخاصاً قُتلوا أو أصيبوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في أحد المواقع التابعة للمؤسسة، وقد لاحظت زيادة كبيرة في عدد الإصابات الناجمة عن طلقات نارية مع استمرار عمليات التوزيع.
وحذرت المنظمة من أن هذه الفوضى تمنع النساء والأطفال والمسنين وذوي الإعاقة من الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
وبدأت مؤسسة غزة الإنسانية عملياتها أواخر مايو، بعدما خففت إسرائيل بشكل طفيف الحصار المطبق الذي فرضته على القطاع أوائل مارس، وأثار تحذيرات دولية من حدوث مجاعة.
وأوضح أيتور زابالخوغياسكوا، منسق عمليات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في غزة، أن «مواقع التوزيع الأربعة، وكلها في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية بشكل كامل بعد نزوح سكانها قسراً، يبلغ حجمها حجم ملعب كرة قدم وهي محاطة بنقاط مراقبة وسواتر ترابية وأسلاك شائكة، مدخلها المسوّر لا يسمح إلا بنقطة وصول واحدة».
وأضاف: «إذا وصل الناس مبكراً واقتربوا من نقاط التفتيش، يُطلق عليهم النار، إذا وصلوا في الوقت المحدد وكان هناك عدد كبير جداً من الأشخاص وقفزوا فوق السواتر والأسلاك الشائكة، يُطلق عليهم النار، وإذا وصلوا متأخرين، فلا ينبغي أن يكونوا هنا لأنها تعد منطقة تم أخلاؤها، فيُطلق عليهم النار».
وانتقدت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، مؤسسة غزة الإنسانية ورفضت التعاون معها، بسبب مخاوف بشأن عملياتها وحيادها.
أمنياً، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، أن ما يربو على 70 شخصاً لقوا حتفهم في الـ 24 ساعة الماضية نتيجة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. 
وأفادت الوزارة بمقتل إجمالي 72 شخصاً وإصابة 174 آخرين في تلك الفترة.
وبحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، قتل في الهجمات الإسرائيلية 56 ألفاً و300 فلسطيني، فيما وصل عدد المصابين إلى 132 ألفاً و600، نحو 72% منهم نساء وأطفال، علاوة على 11 ألف مفقود، فضلاً عن الكارثة الإنسانية في القطاع جراء ندرة المواد الغذائية والأدوية.

مقالات مشابهة

  • جرائم الاحتلال بحق الباحثين عن الطعام في غزة!
  • الليلة.. مواهب الأوبرا الصغيرة تتألق في باليه جيزيل على المسرح الكبير
  • 88 مشروعا صناعيا مصريا تشارك بالمعرض الدولي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالصين
  • ظننت أن زلزالاً ضرب طهران.. شمخاني عن محاولة اغتياله: لا أستطيع البوح بالسبب
  • برج الحمل .. حظك اليوم الأحد 29 يونيو 2025: تجاوز التحديات الصغيرة
  • اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام
  • الأمم المتحدة: البحث عن الطعام في غزة تحول إلى «حكم بالإعدام»
  • مشرف مول يضبط المزاج مع مهرجان الطعام – الموسم الثالث
  • غوتيريش: البحث عن الطعام ينبغي ألا يكون بمثابة حكم بالإعدام في غزة
  • اليوم العالمي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.. السعي لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة