البكاء في أبيي والعزاء في جوبا
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
(أكثر طاقة قحت-تقدم-صمود في وحشتها هي التباكي على المدنيين كأن هذا منتهى الأرب وآخر ما في جعبتها. وصار هذا عرضحالها الفرد لوقف الحرب كأن ما تعاقدت عليه من آليات مصاحبة لوقف الحرب فيميثاقها في أديس في العام قبل الماضي نسياً منسياً سوى زيارة يتيمة لئيمة لنازحين مصابين بأثيوبيا. وليس في تدريب هذه الجماعة السياسي التعاطي مع الظاهرة المعقدة سوى من ملكتي الامتثال أو الاحتجاج.
لا أعرف من وضع أصبعه على أزمة قوى الإجماع الوطني المعارضة مثل يوسف الكودة بقوله إنها اعتزلت مزاج الشعب. وأكبر أسباب هذا الاعتزال أنها محجوبة عنه بنظام الإنقاذ الذي ذهب بوجدانها. فرفضت نقد الجبهة الثورية على تصعيدها للحرب وبشائر السلام بالمفاوضات لائحة ولعنفها الذي رشح في أب كرشولا. وقال كمال عمر الأمين إن خبر العنف فبركه المؤتمر الوطني وأن لهم مصادراً كذبته. ولم يطلعنا على رواية مصدره بينما يثبت كل يوم أن الثورية استباحت حقوق الإنسان في غزوة شمال كردفان ولم تستجب بعد لدعوة الكثيرين لتحقق بصورة مستقلة عما أشيع عنها. أما يوسف حسين، الناطق الشيوعي، فقال إنهم لن يؤاخذوا الثورية لأن الحرب سجال. وهذا قول مردود. فحزبه لم يتوقف لحظة من إدانة الحكومة خلال حربها السجال. كما أن سجالية الحرب لا يعني أن أطرافها غير ملزومة بتجنيب المواطنين ويلاتها.
سمعت عن اللحمة التي لا ترغم. وهو القريب الذي لا يتغضب لمحنتك. ولم أجد لها تطبيقاً سوى عند مبارك الفاضل. فقد قرأت له بياناً يعزي في اغتيال سلطان دينكا نقوك المرحوم كواك دينق مجوك لوال، والاسم مربع. وهذه نباهة كبيرة. ولكني لم أجد منه بعد كلمة عن محنة شيعته الأنصار المزعزعين في أب كرشولا وما تواتر عن تقطيع أوصال العالم المرحوم محمد أبكر زعيم الأنصار وحزب الأمة وسائر أخوته. ولن يجوز هذا الكيل بمكيالين إلا إذا كان مبارك مطلعاً على غير الخبر الرائج المكذوب في نظره، أو أن أنصار أب كرشولا استحقوا ما نالهم لأنهم اختاروا غيره من شُعب المهدي وحزب الأمة.
وقرأت بمزيد الأسى والحزن على “الميدان” الشيوعية غير الورقية عن نية الاجماع الوطني السفر لدولة جنوب السودان للعزاء في سلطان كوال. ونشرت صورة لوفدها يعزي فيه بسفارة جمهورية جنوب السودان وتكون من صديق يوسف وكمال عمر وعبد الجليل الباشا وفتحي نوري. ولا بأس في ذلك حتى لو كان العزاء المستحق في أبيي موضع البكاء لا في جوبا التي فراشها خبر. ولكن ما يمحق بركة عاطفة الاجماع للسلطان وجوبا أننا لم نسمع من أي من مكونات الإجماع توجيهاً لفروعها في أحياء الخرطوم أقله لاستنفار المواطنين لعون من وفدوا إلى العاصمة من الفارين من أب كرشولا. فقرأت في الخرطوم أمس عن ترزي يؤجر ماكنة الخياطة بحي مايو وله زوجتان وفوق الدستة من العيال استضاف 25 من أهله الفارين في بيت عشوائي تتربص به الحكومة. ولما مد الصحفي له بشيء من المال رده وقال: “ديل أهلي وما بغلبني اعيشهم”. وبالطبع توقع الرجل تدخلاً أليق، بل طلبه.
وبعيداً عن كل ذلك، وبصراحة النبي، من يدفع لأسفار الاجماع الساساقة من الخرطوم، القاهرة، كمبالا، جوبا والعكس وقد شكا الاجماع لطوب الأرض عن إدقاع الإنقاذ له؟
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية
الخرطوم – خلال فترة الحرب في ولاية الخرطوم، اضطرت إيمان عبد العظيم إلى دفن شقيقها في فناء المنزل بمدينة بحري بمساعدة جيرانها، بعد أن أصبح الوصول إلى المقابر مستحيلا بسبب المعارك، وتقول للجزيرة نت إن حزنهم تجدد وعاشوا ألم الفقد مرة ثانية، بعد نقل رفاته إلى مقبرة عامة.
ومثل إيمان، عاشت مئات الأسر في الخرطوم مشهد دفن جثامين ذويها مرتين، الأولى كانت تحت أزيز الرصاص وفي ساحات المنازل والمدارس والمساجد وحتى الميادين العامة، حينما كان الخروج إلى المقابر الرسمية ضربا من المستحيل أثناء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة.
أما الثانية فتجري اليوم وسط ترتيبات رسمية وحملة حكومية تهدف إلى نقل الرفات إلى مقابر مخصصة، لتبدأ معها مرحلة جديدة من الألم.
وأعلنت ولاية الخرطوم مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدء حملة منظّمة لحصر ونقل الرفات من مواقع الدفن الاضطراري إلى مقابر مجهزة، وشُكّلت لجانا ولائية (نسبة للولايات) ومحلية تضم ممثلين من الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني، إضافة إلى لجان التسيير والخدمات بالأحياء.
وقال المدير التنفيذي لمحلية بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، للجزيرة نت، إن هذه الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي على الأسر وتنظيم المشهد الصحي والإنساني في الخرطوم.
ووفق عبد الرحمن، تشرف على هذه الحملة "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين أثناء معركة الكرامة"، وتستهدف نقلها من الميادين والأحياء السكنية.
وتعتمد عملية النقل على 4 مراحل:
حصر مواقع الدفن الاضطراري داخل الأحياء. إبلاغ العائلات وإشراك ممثلين عنهم في كل خطوة من النبش وحتى الدفن. نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي. إعادة الدفن في مقابر مخصصة مع توثيق كامل للبيانات. إعلانمن جهته، أوضح مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين -في حديث للجزيرة نت- أن عمليات نقل رفات الضحايا بدأت منذ سيطرة الجيش السوداني على الولاية، حيث قامت فرق ميدانية بدفن جثامين لمواطنين ومقاتلين في مقابر رسمية.
وأكد أن الربع الأول من العام 2026 سيشهد خلو الخرطوم بمحلياتها السبع من أي قبر مدفون خارج المقابر المخصصة، وأشار إلى تحديات تواجه عمل الفرق الميدانية المعنية بعمليات النبش والدفن، منها نقص الأكياس المخصصة للجثامين، "مما قد يؤثر على سير العمل بالصورة المطلوبة".
وحسب زين العابدبن، قامت قوات الدعم السريع بتخريب وحدات الحمض النووي (دي إن إيه) المخصصة لحفظ عينات أعداد من الجثامين المدفونة، وهو ما صعّب مهمة التعرّف على الكثير من الضحايا، وأوضح أنهم لجؤوا لحلول بديلة من خلال ترقيم الجثامين وتوثيق مراحل الدفن، ومن ثم دفنها في مقابر جُهزت خصيصا لمجهولي الهوية.
ودعا مدير هيئة الطب العدلي الجهات الفاعلة والمنظمات والمواطنين إلى مساعدتهم في تجهيز القبور، وأكد أن العمل الذي ينتظرهم كبير ويحتاج لتضافر الجهود بين الحكومة والمواطنين.
من جانبها، قالت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات بمدينة بحري شيرين الطيب نور الدائم، للجزيرة نت، إن اللجنة قامت بعمليات حصر للقبور الموجودة داخل المنازل والمساجد والميادين في عدد من الأحياء، كخطوة أولية قبل وصول الفرق الطبية وبدء عمليات النبش ونقل الجثامين.
وأضافت أن الحملة انطلقت في عدد من المناطق بمدينة بحري يوم الاثنين الماضي بمشاركة الجهات الحكومية والمنظمات.
وحول دورهم فيها، أفادت نور الدائم بأنهم يقومون بإبلاغ ذوي الضحايا للحضور ومتابعة الإجراءات الرسمية مع الفرق القانونية والطبية حتى تتم عملية النقل والدفن. وفي حالة عدم حضور أحد من أقارب المتوفين يتم إيقاف عملية النبش وفقا لتوجيهات عمل "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين".
وتشمل أدوارهم في حملة نقل الرفات:
الحصر الميداني، وتحديد مواقع القبور الاضطرارية، وتجميع البيانات، والتواصل المباشر مع الأسر. التنظيم الميداني ودعم الفرق في عمليات النبش والدفن. التنسيق بين الفرق الميدانية وأهالي المتوفين وضمان حضور الأسرة أو ممثل عنها.وطالبت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات المواطنين بالتبليغ عن أماكن وجود القبور الاضطرارية حتى تتمكن الفرق الميدانية من الوصول إليها.
وأشارت إلى أن البلاد تحتاج إلى مزيد من الجهود لاستكمال عمليات البناء وإعادة الإعمار، وأن ما يقومون به هو "عمل يمهّد لتهيئة بيئة سليمة لعودة المواطنين".
وعلى الرغم من صعوبة أن يعيش الناس وداعا ثانيا لأحبائهم، فإن عمليات النبش ونقل رفات المتوفين تمثل في جوهرها خطوة من خطوات التعافي وإعادة ترتيب ما خلفته الحرب في ولاية الخرطوم.
إعلان