جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-13@17:55:40 GMT

العنصرية عند العرب

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

العنصرية عند العرب

 

بدر بن خميس الظفري

waladjameel@

 

"يا أيها الناسُ! إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى. إنَّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكُم"، بهذه العبارة الواضحة والقاطعة، وضع النبي محمد ﷺ الأساس الأخلاقي والاجتماعي لمجتمع عادل، يرفض التمييز على أساس العرق أو النسب أو اللون.

ومع ذلك، فإن الواقع العربي يُظهر مسافة شاسعة بين هذا المبدأ النبوي وبين ما تعيشه المجتمعات العربية من ممارسات عنصرية متجذرة، تتخذ أشكالًا متجددة تارة، وتُغلّف بمبررات دينية أو عرفية تارة أخرى.

العنصرية في السياق العربي ليست ظاهرة جديدة أو مرضًا عرضيًا مؤقتًا، وإنما هي سلوك موروث يتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، ويُعيد إنتاج نفسه في مؤسسات الدولة والمجتمع، بداية من التوظيف ومرورًا بقضيّة الزواج إلى التعليم والإعلام.

ورغم وضوح النصوص الدينية والمبادئ الإنسانية، فإن العصبية القبلية والطبقية بقيت فاعلة في المجتمعات العربيّة، تخترق بنية الوعي العام، وتُسهم في بناء هرم اجتماعي غير عادل، يُقيّمُ فيه الناس على أساس أنسابهم لا على كفاءاتهم.

تعود الجذور التاريخية لهذا السلوك إلى ما قبل الإسلام، حين كانت القبيلة في العصر الجاهلي هي مرجعية الإنسان وهويته ودرع حمايته. وقيمة الفرد آنذاك كانت تُقاس بانتمائه القبلي لا بمواهبه التي يملكها. وقد جاء الإسلام ليقلب هذه المعادلة، فأعاد تعريف القيمة الإنسانية على أساس التقوى. لكن القيم لا تمحو في لحظة ما تراكم في النفوس عبر قرون؛ فحتى بعد مجيء الإسلام، بقيت العصبية تتسلل عبر الأعراف، وتُستدعى في اللحظات الحرجة، لتعيد رسم حدود الانتماء والاصطفاء.

من أبرز تجليات العنصرية العربية الحديثة هي التمايز في الزواج على أساس "تكافؤ النسب"، وهو تعبير جاهلي أعيد تدويره بمنطق ديني مغلوط. وحالات فسخ عقود الزواج لهذا السبب لا تزال تُسجل في المحاكم، لا في بيئات قبلية فحسب؛ بل حتى في مجتمعات حضرية وتعليمية، يقطنها متعلمون يحملون شهادات عُليا، ويتقلدون مناصب عالية في الدولة، وكأنما النسب أصبح معيارًا للكرامة، في تجاهلٍ تامٍ لما ورد في نصوص الشرع من تقديم للدين والخُلق على الأصل والمال.

كذلك تُمارَس العنصرية في سوق العمل؛ حيث تهيمن الواسطة والمحسوبية، ويُفضل "ابن القبيلة" أو "ابن العائلة" في التعيينات، بصرف النظر عن الكفاءة. ويعكس هذا النمط خللًا إداريًا يُشير إلى ثقافة اجتماعية عميقة لا تزال تُقدّم الولاء للعشيرة على الولاء للوطن، وتُكافئ الانتماء أكثر مما تكافئ الإنجاز. والنتيجة شعور متزايد بالظلم، وفقدان الثقة بالمؤسسات، وهدر للطاقات والكفاءات.

ولا يقف التمييز عند حدود القبيلة أو النسب؛ بل يمتد إلى لون البشرة. ففي بعض المجتمعات العربية، يُعامل ذوو البشرة الداكنة، بمن فيهم المواطنون، كمواطنين من درجة أدنى، في تراتبية لا تختلف كثيرًا عن النظام الطبقي في الهند.

وفي الخليج وشمال إفريقيا، يتعرض العُمال والمهاجرون الآسيويون والأفارقة لتعامل يومي ينطوي على دونية واضحة. هذه الممارسات لا تُبرَّر اقتصاديًا فقط، وإنما تسوَّقُ ضمن تصورات ثقافية ترى في "الآخر" شخصًا أقل قيمة لمجرد اختلافه.

اللغة كذلك كانت وسيلة لفرض الهيمنة؛ فاللغة العربية، بوصفها لغة القرآن، حظيت بمكانة خاصة. لكن هذه القداسة أُسيء توظيفها، حين تحوّلت إلى أداة للتفريق بين "العرب" و"الأعاجم"؛ حيث يُعد من لا يُجيد اللغة العربية ناقصًا في الانتماء.

وقد تجذَّر هذا التصور منذ العهد الأُمَوِي؛ إذ مُنع الموالي من تولي المناصب، واستُثني غير العرب من مواقع النفوذ، رغم إسلامهم وإخلاصهم. وهكذا رُبط الدين بالنسب، والقيادة بالأصل، في انحراف واضح عن رسالة الإسلام الشاملة.

الأنظمة السياسية العربية لم تكن بعيدة عن هذه المعادلة؛ بل أسهمت أحيانًا في تكريسها، فقد استثمرت بعض هذه الأنظمة في الولاءات القبلية لتثبيت حكمها، واعتمدت على التحالفات العائلية لتأمين شرعيتها. هذه العلاقة قوّضت فكرة المواطنة، وأعاقت بناء مجتمع مدني قائم على الحقوق والواجبات؛ فحين تكون القبيلة مصدر النفوذ، يصبح الانتماء إليها أهم من الولاء للدولة.

الخطير في الأمر أن العنصرية في العالم العربي غالبًا ما تأتي مُغلَّفة بالدين، فتخرجُ نصوص فقهية من سياقها، وتُوظف لتبرير التمييز والطبقية. بينما يتناسى مشائخ الدين بشكل متعمّد التأكيد القرآني على وحدة الأصل الإنساني، والمساواة في الكرامة، وأولوية التقوى. هذه الانتقائية في تفسير النصوص وتقديمها للجمهور تُعيد إنتاج العصبية بلبوس شرعي، وتمنحها غطاء من القداسة الزائفة، يجعل مواجهتها أكثر تعقيدًا.

وسائل الإعلام والتعليم لم تقم حتى الآن بالدور الكافي في تفكيك هذه البنى الذهنية، فالصور النمطية لا تزال تُكرر في الدراما والإعلانات. يقدَّم أصحاب البشرة الفاتحة على أنهم النموذج المثالي في الأخلاق والجمال، بينما يُحصر الآخرون، خصوصًا ذوي البشرة السمراء، في أدوار ثانوية أو دونية مثل حارس العمارة أو خادم في البيت. وفي المناهج التعليميّ، يصور العربيّ كأنه مركز العالم ومحور الكون، وتُهمّش إسهامات الشعوب غير العربية، ما يُعزز شعورًا بالتفوق العرقي تحت غطاء الهوية الثقافية.

إنّ كلمات النبي محمد ﷺ في خطبة الوداع: "يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد..." تشكلُ إعلانًا إنسانيًّا عميقًا كان سابقًا لعصره، ومطلوبًا اليوم أكثر من أي وقت مضى، فثقافتنا لا تنقصها المباديء، بقدر ما تغيب عنها الإرادة في تجسيدها واقعا عمليا. وما لم نواجه هذه التناقضات بصدق وشجاعة، سنظل نكرّر الأخطاء ذاتها، جيلًا بعد جيل، في مجتمعات تُكرم النسب وتُهين الإنسان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

روتين العناية بالبشرة في الصيف.. درعك الواقي من الشمس والحرارة

روتين العناية بالبشرة في فصل الصيف.. مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التعرض لأشعة الشمس، تواجه البشرة في فصل الصيف تحديات جديدة، تبدأ من الجفاف وظهور البقع، ولا تنتهي عند الحروق والالتهابات. 

لذا يصبح من الضروري اتباع روتين عناية خاص يتناسب مع ظروف الطقس ويمنح البشرة الحماية والنضارة التي تحتاجها.

الصيف والتهديدات الخفية للبشرة

تقول الدكتورة ريم عبد الله، أخصائية الجلدية والعناية بالبشرة: "في الصيف، تتعرض البشرة لأشعة الشمس فوق البنفسجية لفترات أطول، مما يؤدي إلى تلف الخلايا، وظهور علامات التقدم في السن المبكر، فضلًا عن زيادة إفراز الدهون وانسداد المسام".

كما يحذر أطباء الجلد من أن التعرق المفرط والرطوبة العالية يمكن أن يتسببا في ظهور الحبوب والبثور، خاصة لدى أصحاب البشرة الدهنية والمختلطة.

خطوات روتينية لا غنى عنها

للحفاظ على صحة البشرة في الصيف، ينصح المختصون باتباع الخطوات التالية:

روتين العناية بالبشرة في الصيف.. درعك الواقي من الشمس والحرارةتنظيف البشرة مرتين يوميًا: استخدمي غسولًا لطيفًا يساعد على إزالة الأوساخ والدهون دون أن يسبب جفافًا.الترطيب الخفيف: اختاري مرطبًا مائيًا (جل) خفيفًا لا يسد المسام، خاصة في المناطق شديدة التعرق.واقي الشمس هو الأساس: لا غنى عن واقٍ من الشمس بمعامل حماية لا يقل عن SPF 30، ويُجدد كل ساعتين خاصة في أوقات الظهيرة.شرب كميات كافية من الماء: للحفاظ على نضارة البشرة وتعويض السوائل المفقودة بسبب التعرق.استخدام تونر قابض للمسام: يساعد في تقليل اللمعان والتحكم في الدهون الزائدة.العناية الليليّة ضرورية أيضًا

يظن البعض أن العناية بالبشرة نهارًا تكفي، لكن المساء هو وقت تعافي الجلد. ويمكن اعتماد روتين ليلي بسيط يشمل:

إزالة المكياج جيدًا.وضع سيروم فيتامين C لتفتيح البقع.استخدام كريم مرطب مناسب لنوع البشرة.تجنب النوم دون تنظيف الوجه، حتى لو كنتِ متعبة. روتين يومي للعناية بالبشرة وصفات طبيعية صيفية للبشرة

توصي خبيرة التجميل نهى سعيد باستخدام المكونات الطبيعية مثل:

جل الألوفيرا: لتهدئة البشرة بعد التعرض للشمس.ماء الورد: كمنعش طبيعي ومرطب فوري.قناع الخيار والزبادي: لتقليل الالتهاب وتفتيح البشرة بلطف.نصائح سريعة لأفضل حمايةلا تتعرضي للشمس في أوقات الذروة (من 12 إلى 4 عصرًا).ارتدي قبعة ونظارات شمسية عند الخروج.قللي من وضع المكياج الثقيل في النهار.استبدلي المنتجات الزيتية بأخرى خفيفة ومناسبة للصيف. 15 يونيو.. عرض مسلسل 6 شهور بطولة نور النبوي على قناة ON بشرة صيفية نضرة.. ممكنة مع العناية المستمرة

في النهاية، الحفاظ على إشراقة البشرة في الصيف لا يحتاج إلى مجهود كبير، بل إلى التزام مستمر بروتين متوازن يناسب طبيعة الجو والبشرة.

 ومع هذه الخطوات البسيطة، يمكن لكل امرأة أن تحافظ على جمالها وتستمتع بأيام الصيف دون قلق.

 

مقالات مشابهة

  • دراسة تؤكد: تأثير شرب الماء على البشرة قد يستغرق 4 أسابيع
  • أهمية استخدام واقي الشمس في فصل الصيف
  • وزيرة التضامن: تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إيمانًا بأن الدمج أساس التنمية
  • قانون التمرد بأميركا.. ولدته ضريبة على الخمور واستخدم لمواجهة العنصرية
  • %8.4 نمو صافي دخل البنوك خلال الربع الأول من 2025
  • روتين العناية بالبشرة في الصيف.. درعك الواقي من الشمس والحرارة
  • ماذا نريد لأنفسنا عندما نريد الحلول لأزماتنا؟
  • كيف تحمي بشرتك من الشيخوخة المبكرة؟.. 6 خطوات ضرورية
  • عدم الحياد هو أساس التشكيل!
  • حلم الاستقلال وخيبة الوعد.. القصة الكاملة للثورة العربية الكبرى