في مارس 2025، الذي تزامن مع رمضان 1446هـ، لم تكن السماء مجرد خلفية للعبادة، بل أصبحت شاهدة على بحث المسلمين عن ليلة القدر، تلك الليلة التي وعد الله بها أنها "خير من ألف شهر". وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ألقت الضوء على هذا الشهر بتقريرها عن رصد الشهب، لتفتح بابًا جديدًا يمزج بين العلم والروحانيات. بينما يرفع المؤمنون أيديهم بالدعاء في العشر الأواخر، جاءت بيانات ناسا لتثير تساؤلات عميقة.

. هل يمكن أن تكون الشهب مفتاحًا لكشف سر هذه الليلة المباركة؟ في هذا التقرير، نأخذكم في رحلة إنسانية عبر سماء رمضان، حيث تلتقي علامات النبي صلى الله عليه وسلم مع أرقام العلم الحديث، لنرى كيف تحولت الليالي إلى قصة حية تحكيها النجوم والشمس.

ناسا ترصد السماء
لم يكن مارس 2025 شهرًا عاديًا في سجلات الفلك. تقرير ناسا كشف عن تفاوت كبير في معدلات سقوط الشهب، ليجعل كل ليلة حديثًا بحد ذاتها. في ليالٍ مثل 18 مارس، سجلت المراصد 29 شهابًا، وهو أعلى معدل في الشهر، تلتها ليلة 19 مارس بـ27 شهابًا، ثم 25 مارس بـ23 شهابًا، مما يعكس نشاطًا شهابيًا محمومًا. على الجانب الآخر، كانت هناك ليالٍ هادئة بشكل لافت: 6 و15 مارس شهدتا شهابين فقط، بينما ليلة 26 مارس سجلت نفس العدد، وصولاً إلى ليلة 29 مارس التي لم تشهد أي شهب على الإطلاق. هذا الهدوء المفاجئ في نهاية الشهر أشعل خيال المراقبين، خاصة أنه يتزامن مع العشر الأواخر من رمضان، حيث يبحث المسلمون عن علامات ليلة القدر.

هذه الأرقام لم تكن مجرد بيانات باردة، بل تحولت إلى لغة يحاول الناس فهمها. ففي الأحاديث النبوية، ورد أن الشهب تنخفض في ليلة القدر، إذ لا تُرمى فيها النجوم على الشياطين. هل كانت ناسا، دون قصد، ترسم خريطة لليلة مباركة؟ هذا ما دفع الناس للتأمل في كل ليلة، متسائلين: هل تحمل السماء دليلاً ينتظر من يكتشفه؟

العشر الأواخر| ليالي الإيمان والترقب
مع دخول العشر الأواخر من رمضان، تتحول الليالي إلى مسرح للعبادة والبحث عن العلامات. دعونا نستعرض أبرز الليالي الوترية بناءً على بيانات ناسا وملاحظات شروق الشمس:

ليلة 21 رمضان (21 مارس): أشرقت الشمس بشعاع قوي في معظم الدول العربية، مع رصد 12 شهابًا. النشاط الشهابي والشروق الواضح يقللان من احتمال كونها ليلة القدر.
ليلة 23 رمضان (23 مارس): سجلت 16 شهابًا، والشمس ظهرت بشعاع قوي في القاهرة والأردن وتونس. هذا النشاط يبعد هذه الليلة عن الترشيحات.
ليلة 25 رمضان (25 مارس): رصدت 23 شهابًا، والشروق كان قويًا في السعودية ومصر. النشاط العالي يجعلها خارج الحسابات.
ليلة 27 رمضان (27 مارس): سجلت 10 شهب، والشمس أشرقت بشعاع قوي في الخليج وشمال إفريقيا. رغم شهرتها، فإن العلامات تضعف احتمالها.
ليلة 29 رمضان (29 مارس): ليلة استثنائية بلا منازع. لم تسجل أي شهب، والشمس خرجت بدون شعاع في مصر والخليج وشرق آسيا، لتجعلها المرشح الأبرز.
ليلة 29 بدت كأنها تحمل توقيعًا إلهيًا: سماء صافية من الشهب، وشروق هادئ يتماشى مع وصف النبي صلى الله عليه وسلم. لكن هل يمكن أن تكون هذه هي الإجابة النهائية؟

علامات النبي| دلائل تتجاوز العلم
ليلة القدر ليست مجرد ظاهرة فلكية، بل تجربة إيمانية تحمل علامات وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بدقة متناهية. من أبرزها شروق الشمس بدون شعاع، كما في قوله: "تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست" (رواه مسلم)، واعتدال الجو، حيث قال: "ليلة طلقة لا حارة ولا باردة" (رواه ابن خزيمة). وأضاف حديث آخر أن السماء تكون خالية من الشهب: "لا يرمى فيها بنجم" (رواه الطبراني). كما ذكر أن القمر يشبه "شق جفنة"، وأن السكينة تسود الأجواء.

هذه العلامات ليست مجرد كلمات، بل تجربة حية يعيشها المؤمنون. في ليلة 29 مارس، بدا أن السماء تتحدث: لا شهب، شروق هادئ، وجو معتدل في كثير من المناطق. لكن العلماء يذكرون دائمًا أن ليلة القدر غيب، والأهم هو الاجتهاد في العبادة، لا تحديد موعدها بدقة.

رحلة عبر ليالي مارس| من النشاط إلى الهدوء
لننظر إلى مسار الشهر بأكمله:

الأيام الأولى: بدأ مارس بنشاط مرتفع (24 شهابًا في 1 مارس)، ثم هدأ (5 شهب في 2 مارس، شهابان في 6 مارس). هذه التقلبات جعلت البداية بعيدة عن التركيز.
منتصف الشهر: شهدت ذروة في 18 و19 مارس (29 و27 شهابًا)، لتعكس نشاطًا لا يتماشى مع هدوء ليلة القدر.
النهاية: في العشر الأواخر، برزت ليلة 26 (شهابان) وليلة 28 (4 شهب) كهادئتين، لكن ليلة 29 (صفر شهب) تفوقت مع شروقها الهادئ.
هذا المسار يشبه قصة تتكشف تدريجيًا، لتنتهي بليلة تبدو كأنها مكتوبة بقلم القدر.

أصوات من الأرض| الناس يروون تجربتهم
في الشوارع، كان الناس جزءًا من هذه القصة. “في ليلة 29،  تقول فاطمة من الإسكندرية "شعرت بالسكينة وأنا أدعو تحت السماء”. وفي الرياض، التقط أحد الشباب صورة لشروق 29 مارس، معلقًا: "كانت الشمس كالقرص الهادئ، لم أرَ مثلها من قبل". هذه القصص حولت بيانات ناسا إلى تجربة حية، حيث يمزج الناس بين العلم والإيمان في بحثهم عن الليلة المباركة.

لماذا ليلة 29؟ تحليل الاحتمالات
ليلة 29 رمضان برزت كنجمة الشهر لأسباب متعددة مثل انعدام الشهب وهذا يتماشى مع الحديث النبوي، والشروق بدون شعاع شوهد في مناطق واسعة، من مصر إلى الخليج. لكن ليلة 26 (شهابان) وليلة 28 (4 شهب) ظلتا مرشحتين محتملتين، رغم شروق الشمس القوي في الأولى وتفاوت الملاحظات في الثانية. ليلة 29 جمعت العلامات بطريقة تجعلها الأقرب إلى الوصف النبوي، لكن الغيب يبقى سرًا إلهيًا.

ليلة القدر بين السماء والقلب
رمضان 1446 لم يكن مجرد شهر عبادة، بل كان لحظة تأمل في عظمة الله عبر خلقه. تقرير ناسا أضاف لمسة إنسانية لهذا البحث السنوي، حيث جعلنا ننظر إلى السماء بأمل جديد. ليلة 29 مارس، بصمتها الفلكي وشروقها الهادئ، بدت كأنها ترسل رسالة خفية  ولكن، وسط هذا الاكتشاف، يبقى الجوهر في قلب المؤمن، لا في أرقام أو علامات فقط. ليلة القدر ليست مجرد تاريخ نحدده، بل فرصة نعيشها بالدعاء والقرب من الله. هكذا، يتركنا هذا الشهر مع ذكرى لن تنسى وسماء تحكي، وقلوب تستمع، وأمل يتجدد كل عام. ربما وجدناها، وربما يكمن السحر في أننا لا نعلم، فالبحث بحد ذاته هو العبادة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النجوم الشمس ليلة القدر ناسا النبي صلى الله عليه وسلم رمضان المزيد العشر الأواخر لیلة القدر قوی فی شهاب ا لیلة 29 ا لیلة

إقرأ أيضاً:

الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ

عدنان عبدالله الجنيد

{ فَفَتَحْنَا أَبْوَٰبَ اَ۬لسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنْهَمِرٖۖ (١١) وَفَجَّرْنَا اَ۬لْأَرْضَ عُيُوناٗ فَالْتَقَى اَ۬لْمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٖ قَدْ قُدِرَۖ (١٢) }[سُورَةُ القَمَرِ: ١١-١٢].

طوفانُ الأقصى… إعلانُ الكَون أنَّ عدالةَ اللهِ قادمة:
إنّ طوفان الأقصى لم يكن مجرّدَ عمليةٍ عسكريةٍ عابرة، بل كان الطور الأول من الطوفان الكوني المنتظر، والشرارة التي فجّرت سكون الكون، وأعلنت أن مرحلة الحُكم الإلهيّ قد بدأت.
لقد بلغ العالم نقطة اللاعودة، وانتهت مهلة الحكمة الربانية التي كانت تُمهل ولا تُهمل، وتكشّفت الأقنعة عن وجوهٍ كانت تدّعي الإنسانية وهي تغمس يدها بدماء أطفال غزة.
غزَّةُ… حينَ خرج الطوفانُ من تحتِ الأنقاض:
لم يعد نوحٌ يبحث عن خشبٍ لصناعة سفينته… لقد صنعَ أهلُ غزة طوفانهم من تحت الركام.
من رمادِ البيوت، من دمع الثكالى، من عظام الشهداء… خرج الطوفان.
لكنه لم يأتِ بماء، بل بـصواريخ تُصيب ولا تُخطيء، وبـمسيّراتٍ تشقّ سماءَ الكيان، وبزلازلَ تُفجّرُ الأرضَ تحت أقدام الطغاة.
غزّةُ لم تكن مجرّد ساحةٍ للمعركة… بل كانت الرمز والرسالة، وكانت هي الرسولة.
أرادوا محوها، فكتبت التاريخ.
أرادوا تهجيرها، فهُجّر المستوطنون.
أرادوا تركيعها، فركع المشروع الصهيوني أمام صمودها.
فلسطين… حين يقودُ المظلومُ معركةَ العدلِ الكونيّ:
صابُ الحقِّ لا يحتاجُ إلى اعترافٍ دوليٍّ مزيّف، بل إلى شرفِ المقاومة.
طوفان الأقصى لم يأتِ ليطالبَ بحقّ، بل ليأخذَه بقوة السماء.
من جرحِ الطفلِ الفلسطيني خرج البركان، ومن ضميرِ أمٍّ ثكلى وُلد الزلزال.
هكذا عادت سنّة نوح، لا على هيئة سفينة، بل على هيئة طوفانٍ ثوريٍّ سماويٍّ، لا يُبقي ولا يذر.
إيرانُ… حينَ تصرخُ القلاعُ بالعقيدة:
بينما هرولَ المطبعون نحو سرابِ “السلام”، بقيت إيران القلعةَ الوحيدة التي لم تهتزّ.
قصفت “إسرائيل” قنصليتها، فكان الردّ عقيدةً على هيئة صواريخ.
انطلقت الشهب الإيرانية من عمق الأرض، تتهادى فوق سماء يافا المحتلة، معلنةً أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى.
كان الردُّ الإيرانيّ تجلّيًا من تجليات “بشائر الفتح”:
قصفٌ مباشرٌ لقواعد أمريكا في “العديد”
تعطيلُ الملاحة في الخليج
تهديدٌ جادٌّ بإغلاق مضيق هرمز وباب المندب
انسحاب السفن الكبرى
إعادة تشكّل التحالفات العالمية مع موسكو وبكين
لم تكن الضربة ردًّا… بل كانت إعلانًا أنَّ السماء قد فتحت أبوابها، وأن العدالة نزلت نارًا لا مطرًا.
أمريكا… حينَ ضربت فاشتعلت الأرض تحت قدميها:
أرادت أمريكا أن تُرهب إيران والعالم، فضربت بصواريخ الشبح من بعيد، لكنها فجّرت بوابة الجحيم.
سقط الردع الأمريكي، وتحوّلت القواعد الأمريكية إلى أهدافٍ مكشوفةٍ في صحنِ النار، وانكشف مشروعها الإمبراطوري في المنطقة.
إنّها نهاية عهد الهيمنة… وبداية عهد الحساب.
“بشائرُ الفتح”… حينَ نطقَ الحديدُ وسكتَ الكلام:
في قلب هذا البركان الجيوسياسي، لم تعد القوانين الدولية تحكم، بل تحكم السماء.
لم تعد الأمم المتحدة مظلّةً للحقوق، بل غرفة عمليات استخباراتية تدير الحرب لصالح العدو.
كلّ شيءٍ تحت مرمى النار:
السماءُ لم تعد آمنة
البحار لم تعد صالحة للملاحة
القواعد لم تعد محصّنة
كلّ نارٍ تحت أمر السماء… وكلّ ظلمٍ يُقابله الآن حكمٌ إلهيٌّ منفّذٌ في الأرض.
المعادلة انقلبت… والسفن تهربُ من البحار!
لم يعد الخليج تحت سيطرة الأساطيل الأمريكية، بل صار الأسطول تحت مرمى الردع.
قاعدة العديد على حافة الانفجار
مضيق هرمز في مرمى الإغلاق
باب المندب على شفا التصعيد
انسحاب السفن التجارية
هروب ناقلات النفط
وتحوّل الموانئ الخليجية إلى ساحاتِ قلقٍ وموتٍ مؤجّل
هذا هو الطوفان حين يُطلقه الله… لا يمكن إيقافه.
الطوفانُ الكونيُّ… العدالة بصيغة النيران:
ما يجري ليس تصعيدًا عسكريًّا… بل تنفيذٌ لحكمٍ ربانيٍّ مؤجّل.
لقد سُفكت دماءُ الأبرياء، وشاركت أممٌ ومؤسسات في الجريمة، فكان لا بدّ أن ينطق القدر.
عادت سنة نوح، ولكن بوجهٍ جهاديٍّ مقاوم.
من لم يأخذ نصيبه من الطوفان الأول… له موعدٌ مع الطوفان الثاني.
المستوطنون يُهجّرون… وأهل غزّة يُرسّخون الأرض
أراد العدوُّ تهجير الفلسطينيين، فها هم المستوطنون يهربون من الأرض التي احتلّوها:
انهيار البورصة في تل أبيب
هروب جماعي من “غلاف غزة”
نزوح داخلي إلى شمال الكيان
وتزايد تذاكر الهروب إلى أوروبا
بينما أهل غزة صامدون كالجبال، يُصلّون فوق أنقاض بيوتهم ويكتبون نصرهم بالدم.
الطوفانُ لا يتوقّف… والفتحُ آتٍ:
لم تعد الحرب بين دول، بل بين السماء والأرض.
لم تعد الأنظمة تفرض المعادلات، بل الدماء هي التي تصنع الجغرافيا الجديدة.
الطوفان الكونيّ بدأ، وبشائر الفتح تلوح في الأفق:
كلّ من خذل فلسطين سيُخذل، وكل من سكت عن المجازر سيكون له في العذاب نصيب.
هذا وعدُ الله… ووعدُ الله لا يُخلف: “إن سكان غزّة، الذين أرادوا تهجيرهم، ظلّوا صامدين كالصخر، بينما المستوطنون الذين اغتصبوا الأرض باسم الحق المزيف، يفرّون منها كمن يفرّ من الطاعون.
تلك هي العدالة الإلهية حين تُنفّذ، لا تحتاج لمحاكم، ولا تنتظر قرارات أممية.”
اثبتوا في مواقعكم، فالفتحُ بدأ، والطوفان لن يتوقّف إلا حين تطهُر الأرض من الظلم.
ولأنّ وعدَ الله حق… فإنّ الغدَ لنا.

مقالات مشابهة

  • غزة تحت المقصلة.. عندما تحول إسرائيل التجويع إلى عقيدة حرب علنية
  • الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ
  • تكريم سمسم شهاب بالدورة 14 لـ مهرجان " إيجي فاشون الدولي" الجمعة المقبل
  • أسواق المال تلتقط أنفاسها بعد وقف الحرب بين إيران وإسرائيل
  • "ألف ليلة وليلة".. بين الحُب والأدب والسياسة
  • كاميرات المراقبة تلتقط فيديو دهس سيدة لأسرة كاملة بسيارتها فى التجمع
  • الرقابة المالية: 9 مليارات جنيه أقساط تأمينية خلال مارس الماضي
  • قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية
  • 2.7% انخفاض في الرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية خلال شهر أبريل 2025
  • قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد