ترامب يعلن استقلال الاقتصاد الأمريكي.. والعالم يدفع الثمن
تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT
في خطوة أشعلت غضب العالم وأربكت الأسواق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية متبادلة على واردات بلاده من جميع دول العالم، معتبرًا ذلك "يوم تحرير اقتصادي" وإعلان استقلال جديد للولايات المتحدة.
وأثار القرار الذي استهدف الجميع دون استثناء بنسب متفاوتة، تحذيرات من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي.
ووقّع ترامب الأربعاء أمرا تنفيذيا فرض بموجبه "رسوما جمركية متبادلة" على واردات بلاده من "دول العالم أجمع" بنسب متفاوتة تبدأ من 10%، في خطوة لاقت تنديدا من شركاء واشنطن وخصومها في آن وتحذيرا من مخاطرها الجسيمة على الاقتصاد العالمي.
وفي ما وصفه بـ"يوم التحرير"، قال ترامب في خطاب ألقاه في حديقة البيت الأبيض إنّ "الأمر التنفيذي التاريخي" الذي وقّعه "يفرض رسوما جمركية متبادلة على الواردات من دول العالم".
وأضاف أنّ "الرسوم المتبادلة تعني: ما يفعلونه بنا نفعله بهم. هذا أمر سهل جدا. لا يمكن أن يكون أسهل من ذلك"، متابعا "هذا، في رأيي، أحد أهم الأيام في التاريخ الأمريكي".
وفرض ترامب رسوما نسبتها 34 بالمئة على واردات بلاده من الصين و20% من الاتحاد الأوروبي، وهما من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وأضاف أن حدّا أدنى للرسوم الجمركية نسبته 10% سيفرض على سائر دول العالم، في حين أن بلدانا أخرى ستفرض عليها رسوم باهظة، تبلغ على سبيل المثال 31% لسويسرا، و24% لليابان و26% للهند.
وأعلن الرئيس الجمهوري في خطابه المطوّل أنّ قراره هذا إنما هو بمثابة "إعلان استقلال اقتصادي" للولايات المتحدة و"يوم تحرير" لها.
وبحسب مسؤول في البيت الأبيض فإنّ الرسوم الجديدة ستدخل حيّز التنفيذ على مرحلتين كالآتي: في 5 نيسان/أبريل للتعرفات البالغة نسبتها 10%، وفي 9 نيسان/أبريل لتلك التي تزيد عن هذا الحدّ.
ماذا يريد ترامب من العالم؟
تعتبر الرسوم الأمريكية الجديدة أعلى بكثير من تلك التي فرضت خلال ولاية ترامب الأولى بين العامين 2017 و2021.
ويزعم ترامب أن السوق العالمية غير عادلة، وأن العالم يستغل بلاده منذ عقود حتى من الشركاء التجاريين لواشنطن، إلى جانب الأعداء، ورأى أن النتيجة هي ميزان تجاري غير عادل حيث انخفضت الصادرات الأمريكية للخارج، بينما أسواق الولايات المتحدة مفتوحة في وجه الواردات الأجنبية.
ويؤمن ترامب بأن الرسوم الجمركية ستعزز التصنيع الأمريكي المحلي، وتحمي الوظائف، فضلا عن زيادة الإيرادات الضريبية وتنمية الاقتصاد، لدرجة أنه قال إن بلاده ستصبح ثرية جدا ولن تعرف أين تذهب بالأموال.
كيف تعمل الرسوم الجمركية؟
تفرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة من دول أجنبية، وذلك في سبيل تحصيل إيرادات إضافة للدولة، وفي حالات أخرى كتدبير لحماية الصناعة المحلية من المنافسين الأجانب الذين يمكنهم تصنيع السلع بتكلفة أرخص، وكفاءة أعلى.
لكن صحيفة الغارديان تقول إن ترامب يستخدم الرسوم كوسيلة ضغط، وإكراه، لتحقيق سياسات إدارته الخارجية.
ويتفق معظم الاقتصاديين، بحسب الصحيفة، على أن مواطني البلاد التي تفرض الرسوم هم الذين يتحملون في النهاية غالبية تكلفة الرسوم الجمركية، حيث يقوم المستوردون عادة بتمرير التكلفة الإضافية إلى المستهلك عن طريق رفع الأسعار.
صدمة في أسواق المال
وما إن وقّع ترامب أمره التنفيذي حتى انقلبت أحوال أسواق المال وتراجع سعر الدولار أمام العملات الرئيسة وارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي.
وتهاوت البورصات الآسيوية عند الافتتاح صباح الخميس لما لقرار ترامب من تأثير كبير على اقتصادات دولها التي تعتمد بشدّة على التصدير.
واستهدف ترامب الصين بإجراء ثان الأربعاء إذ وقّع أمرا تنفيذيا ألغى بموجبه الإعفاء الجمركي الممنوح للطرود الصغيرة المرسلة من الصين، وهي آلية سمحت لشركتي التجارة الإلكترونية الصينيتين "شين" و"تيمو" بالتوسّع في الولايات المتحدة.
وحتى صدور هذا الأمر التنفيذي كانت كل الطرود الصغيرة المرسلة من الصين إلى الولايات المتحدة والتي لا تزيد قيمة محتوياتها عن 800 دولار معفية من الرسوم الجمركية.
وكانت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد استبقت رسوم ترامب بقولها لإذاعة إيرلندية الأربعاء إن ما سيعلنه الرئيس الأمريكي "لن يكون في مصلحة الاقتصاد العالمي، لن يكون في مصلحة أولئك الذين يفرضون الرسوم الجمركية ولا أولئك الذين يردّون عليها. هذا سيُلحِق اضطرابا بعالم التجارة كما نعرفه".
قلق عالمي
وحاول شركاء الولايات المتحدة الاستعداد للصدمة باعتماد خطاب حازم وفي الوقت نفسه إبداء استعداد للحوار واتخاذ مبادرات تهدئة.
ويأمل عدد من الدول في الحصول على معاملة أكثر مراعاة، على غرار فيتنام التي خفضت رسومها الجمركية على مجموعة من السلع في محاولة لاسترضاء واشنطن.
وتسعى دول مصدّرة كبرى أخرى إلى عقد تحالفات تمكّنها من اكتساب وزن بمواجهة واشنطن.
في هذا السياق أعلنت بكين وطوكيو وسيول "تسريع" مفاوضاتها من أجل التوصل إلى اتفاق تبادل حر.
سياسيا، لا يستطيع ترامب أن يتراجع تماما عن فرض الرسوم الجمركية التي وصفها بأنها "أجمل كلمة في القاموس"، بعدما روّج لها على أنها عصا سحرية قادرة على النهوض مجددا بالصناعة الأمريكية وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري وسد العجز في الميزانية.
وترامب المعجب بالنهج الحمائي المطبق في الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، يقلل من المخاوف بشأن مخاطر التضخم وانهيار البورصات، وهو الذي انتُخِب بناءً على وعد بخفض كلفة المعيشة على الأمريكيين.
وتحدث محللون في غولدمان ساكس في مذكرة عن المخاطر الاقتصادية المرتبطة بمجموعة واسعة من الرسوم الجمركية سيكون لها التأثير السلبي ذاته مثل زيادة في الضرائب، على الاستهلاك والقدرة الشرائية.
وعمد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في مطلع العام إلى زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية وقسم كبير من البضائع الآتية من المكسيك وكندا المجاورتين، وعلى كل واردات الصلب والألمنيوم التي تدخل الولايات المتحدة.
وخفضت الحكومة المكسيكية منذ الثلاثاء توقعاتها للنمو عام 2025، مشيرة إلى غموض على ارتباط بـ"التوترات التجارية" مع شريكها الاقتصادي الأول الأمريكي، وبات الناتج المحلي الإجمالي المكسيكي المرتقب يتراوح بين 1,5 % و2,3 %، مقابل 2 % إلى 3 % سابقا.
وتعتزم واشنطن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25 % اعتبارا من الخميس الساعة على السيارات المصنوعة في الخارج وعلى قطع التبديل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب رسوم اقتصادي الصين اقتصاد امريكا الصين أوروبا رسوم المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة دول العالم بلاده من
إقرأ أيضاً:
تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. والضربات تهز الاقتصاد العالمي.. بالأرقام
في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، تتباين المواقف الدولية حيال احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية أوسع، في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية شديدة التأثر بتطورات المشهد في الشرق الأوسط.
وبينما تحاول بعض الأصوات في الولايات المتحدة الدفع نحو التهدئة، تتجه مواقف أخرى إلى تبني نبرة أكثر حدة، وسط قلق عالمي من تداعيات كارثية على الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وفي هذا الصدد، يقول السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، إن الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل ستؤدي إلى تكبد كلا الطرفين خسائر فادحة، ولن تخرج أي منهما منها دون أذى. ورغم ما تم استهدافه من مواقع داخل إيران.
وأضاف العرابي خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القدرات النووية الإيرانية الجوهرية لم تتعرض لضربات حاسمة، إذ لا تزال منشآت إيران النووية الحيوية قائمة في أعماق الأرض وعلى مسافات يصعب الوصول إليها، أما ما طالته الهجمات، فهي في معظمها منشآت سطحية أو ذات طابع خارجي لا تمثل عمق البرنامج النووي الإيراني الحقيقي.
وأشار العرابي، إلى أن إسرائيل تدخل مرحلة جديدة من المواجهة، وتضع نفسها في مواجهة مفتوحة مع الإقليم بأكمله، فهي لا تزال منخرطة في حرب مستمرة في قطاع غزة والضفة الغربية، وتبدو محاولاتها للتصعيد ضد إيران كنوع من صرف الأنظار عن تصعيداتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى توسيع رقعة العداء لها في المنطقة بشكل غير مسبوق.
ومن جانبه، أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أنه يسعى إلى "نهاية حقيقية" للملف النووي الإيراني، مشددا على ضرورة "تخلي إيران الكامل عن برنامجها النووي".
وجاءت هذه التصريحات بحسب ما نقله مراسل شبكة CBS News عبر منصة "إكس"، عقب مغادرة ترامب كندا منتصف ليل الاثنين، بعد مشاركته في قمة مجموعة السبع.
وألمح ترامب إلى أن إسرائيل لن توقف هجماتها على إيران في الوقت القريب، وقال خلال حديثه على متن الطائرة الرئاسية: "ستعرفون ذلك خلال اليومين المقبلين.. لم يخفف أحد هجماته حتى الآن".
وعند سؤاله عن احتمالية إرسال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أو نائب الرئيس جيه دي فانس للقاء مسؤولين إيرانيين، رد ترامب قائلا: "ربما"، مضيفا: "الأمر يعتمد على ما سيحدث عند عودتي".
على صعيد آخر، أعلن النائب الجمهوري توماس ماسي، المعروف بموقفه الرافض للتدخلات العسكرية الخارجية، أنه سيقود مبادرة داخل مجلس النواب تهدف إلى منع أي تدخل عسكري أميركي في النزاع المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
وكتب ماسي على منصة "إكس": "هذه ليست حربنا، لكن إن كانت كذلك، فيجب أن يكون القرار بيد الكونغرس وفقا لدستورنا".
وأشار إلى أنه سيقدم مشروع قرار ثنائي الحزب بموجب قانون صلاحيات الحرب، داعيا أعضاء الكونجرس إلى دعمه والانضمام إليه.
ورغم ذلك، فإن فرص طرح هذا المشروع للتصويت تبقى ضئيلة، خاصة في ظل معارضة سابقة لمشروع مشابه عام 2020.
وفي السياق نفسه، تقدم السيناتور الديمقراطي تيم كاين بمشروع قرار مشابه في مجلس الشيوخ، يهدف إلى منع أي انخراط عسكري أميركي في الصراع، وهو من نوع "القرارات الخاصة"، ما يمنحه القدرة على فرض التصويت عليه مباشرة.
الإدارة الأميركية: لا نية للمشاركة الهجومية ضد إيرانرغم تنامي التكهنات بشأن احتمال تدخل الولايات المتحدة عسكريا إلى جانب إسرائيل، أكدت مصادر أميركية لشبكة CBS أن الإدارة الأميركية لا تعتزم الانخراط في العمليات الهجومية الإسرائيلية ضد إيران، ما لم تقم طهران باستهداف المصالح أو الأفراد الأميركيين.
وبحسب موقع "أكسيوس"، أبلغت إدارة ترامب عددا من الحلفاء في الشرق الأوسط، الأحد، بأنها لا تخطط للتدخل العسكري الفعال ما لم تهاجم إيران المصالح الأميركية مباشرة.
ضربات إسرائيل على إيران تهز الأسواق العالميةلم تكن التداعيات محصورة في الجانب السياسي والعسكري، إذ أحدثت الغارات الجوية الإسرائيلية على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية صدمة قوية في الأسواق المالية العالمية.
وأشارت صحيفة "الكوميرثيو" الإسبانية إلى أن تلك الضربات أحدثت "تحولا نفسيا عميقا في السوق العالمي"، من التفاؤل إلى القلق، ومن السعي وراء الأرباح إلى الهروب من الخسائر.
وقد تراجعت مؤشرات الأسهم حول العالم، ففي آسيا، انخفض مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 1.3%، وكوسبي الكوري الجنوبي 1.1%، وهانغ سنغ في هونغ كونغ 0.8%.
وفي أوروبا، هبط مؤشر ستوكس 600 الإقليمي إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع بنسبة 0.6%، بينما تراجع مؤشر داكس الألماني بنسبة 1.2%، وانخفض مؤشر فوتسي 100 البريطاني بنسبة 0.4%.
أما في الولايات المتحدة، فقد أظهرت العقود الآجلة تراجعات ملحوظة:
- داو جونز بنسبة 1.8%
- ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.1%
- ناسداك التكنولوجي بنسبة 1.3%
وقد أكد هذا الانخفاض أن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط أصبحت العامل الأبرز في توجيه ثقة المستثمرين عالميا.
الملاذ الآمن في زمن الأزماتورافق تراجع الأسهم إقبال ملحوظ على أصول الملاذ الآمن، فقد ارتفع الذهب بنسبة 1% ليتداول عند 3426 دولارا للأونصة، مقتربا من ذروته التاريخية عند 3500 دولار.
كما شهد سوق السندات تدفقا كبيرا، ما أدى إلى انخفاض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.31%، وهو أدنى مستوى له خلال شهر، ما يعكس رغبة المستثمرين في حماية رؤوس أموالهم وسط الضبابية.
والجدير بالذكر، أن بين التصعيد العسكري، والمواقف السياسية المتباينة في واشنطن، والتقلبات الحادة في الأسواق المالية، تبقى الأزمة بين إيران وإسرائيل مفتوحة على جميع الاحتمالات.
ففي حين تسعى بعض الأطراف إلى تهدئة الأوضاع، قد تؤدي أي خطوة خاطئة إلى انزلاق أوسع لنزاع إقليمي قد يصعب احتواؤه، مع ما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية على المستوى العالمي.