دبي: سومية سعد
رغم جهود الجهات الأمنية وذات العلاقة في مكافحة التسول في كل مكان، يلجأ المتسولون لأساليب وأنماط مختلفة ومتعددة، بولوج البيوت وطرق الأبواب واستعطاف الساكنين، مستغلين روحانية الشهر وأيام العيد في التكسب بطرائق غير مشروعة.
أكد سكان في دبي أن هناك نساء يبتكرن أساليب جديدة للتسول وخاصة في هذه الأيام، للهرب من الشرطة، إذ ابتكرن طرائق تحايل جديدة، وهي طرق الأبواب فجراً والسؤال، لمساعدة أسرهنّ باستعطاف لطلب المال، والصدقة والمساعدات، مبررات ذلك بترك أرباب الأسرة للعمل.


ويقول المواطن عبدالله البلوشي: إن سيدة إفريقية وبصحبتها طفلة طرقت الباب فجراً وطلبت المساعدة بالاستعطاف. موضحاً أن ذلك سابقة خطرة، وهو ما يدعونا للتكاتف مع الجهات ذات العلاقة في سبيل مكافحة التسول.
وقال إبراهيم عادل (موظف بنك)، إن المحتاجين دائماً ما يكونون متعففين، ولا يخرجون إلى الطرقات للتسول، على عكس من يطلب المال ويتظاهر بالحاجة وهو ليس محتاجاً، ويعتمد على التلاعب بعواطف الناس، واستغلال المشاعر الدينية، لابتزازهم عاطفياً.
الجانب الأمني
وقال العقيد علي سالم، مدير إدارة المتسللين بشرطة دبي، إن الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية وضعت خطة أمنية متكاملة لمكافحة التسول بالتعاون مع الشركاء، وتكثيف الدوريات في الأماكن المتوقع وجود المتسولين بها. ودعا إلى عدم الاستجابة لهم، وعدم الانخداع بأساليبهم الاحتيالية.
وقال العقيد أحمد العديدي، نائب مدير إدارة المشبوهين والظواهر الجنائية في الإدارة إن «كافح التسول» من الحملات الناجحة التي تطلقها الإدارة بالتعاون مع الشركاء، وأسهمت في خفض أعداد المتسولين سنوياً، نظراً للإجراءات الصارمة حيال المضبوطين، إذ أسفرت الحملة عن ضبط 222 متسولاً من مختلف الجنسيات من الرجال والنساء في الشهر المبارك وعيد الفطر.
وقال النقيب عبدالله خميس النقبي، رئيس قسم مكافحة التسول: بمجرد وصول هذا البلاغ ضبطهم الفريق واتخذ اللازم. إن «كافح التسول» من الحملات الناجحة، والتي تسهم في خفض أعداد المُتسولين سنوياً نظراً للإجراءات الصارمة والحازمة المُتخذة حيال المُتسولين المضبوطين.
وقال إن «كافح التسول» التي أطلقتها القيادة العامة، بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، ترفع الوعي بأهمية الحفاظ على الصورة الحضارية للدولة بمكافحة جريمة التسول.
فئات المجتمع
وأكد عدد من المختصين أنّ مواجهة ظاهرة التسول المنظم ليست من مهام الجهات المعنية وحدها، وإنّما يجب أن تسهم في ذلك مختلف فئات المجتمع بتجنّب تحفيز المتسولين بمنحهم المال الذي يشجعهم على الاستمرار في تلك الممارسات المسيئة.
وأكد رجل الأعمال أحمد بن سند السويدي، أن «كافح التسول» تأتي ضمن جهود تعزيز المشاركة الإيجابية لأفراد المجتمع مع الجهات الأمنية، للحدّ من الظاهرة التي باتت تشكل سلوكاً سلبياً ينعكس على أمن المجتمع واستقراره. وأوضح أنها تسعى إلى توعية الناس بضرورة توجيه صدقاتهم وتبرعاتهم إلى الهيئات والجمعيات الخيرية المعتمدة، لضمان وصولها إلى مستحقيها الفعليين من الفقراء والمحتاجين، بدلاً من إعطائها لمتسولين قد لا يكونون بحاجة حقيقية لها.
وأشارت الخبيرة المصرفية مروة آل رحمة، إلى أن التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية كشفت أن الكثير من المتسولين لا يمارسون هذا السلوك بدافع الحاجة، بل حولوه إلى «حرفة» تدر عليهم أرباحاً قد لا يتمكنون من تحقيقها بعمل شريف، مستغلين طيبة الناس وثقتهم، ما يُعد خديعة كبيرة للمجتمع. وأضافت أن بعض المتبرعين يمنحون المتسولين ما لديهم من مال بنيّة الخير، وربما يحرمون أبناءهم من احتياجاتهم لتقديمها لهؤلاء، فيسهمون بذلك – من دون علم – في دعم ظاهرة غير أخلاقية، وزيادة ثروات من اتخذوا من التسول وسيلة للكسب السريع.
الجانب القانوني
وقالت المحامية علياء العامري، إن التسول ظاهرة، تنشط موسمياً، وتقف الدولة بالمرصاد لها بكل السبل، حيث يعاقب القانون الإماراتي المتسول، وتصل العقوبة إلى الحبس مع الإبعاد، ومصادرة الأموال التي يحوزها، وتنفذ وزارة الداخلية الكثير من المبادرات والحملات التوعوية للحدّ من الظاهرة السلبية التي تتزايد خلال رمضان خاصة.
وأكدت أن القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018 في شأن مكافحة التسول يعاقب مرتكب جريمة التسول المنفرد بالحبس مدة لا تزيد على 3 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، إلى جانب معاقبة كل من يُدير جريمة التسول المُنظم واستقدام أشخاص من الخارج ليستخدمهم في ارتكابها بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم.
الأجواء الإيمانية
أشارت الاختصاصية الاجتماعية عزة عادل، إلى أن ظاهرة التسول من السيدات اللواتي يستغللن استعطاف الناس تنشط بشكل واضح خلال شهر رمضان وأيام عيد الفطر المبارك، مستفيدة من الأجواء الإيمانية التي تدفع الناس للإنفاق والرحمة، وزيادة أعداد المتسولين في هذه الأوقات يعود إلى استغلال روحانيات الشهر الكريم، حيث يلجأ المتسولون إلى التأثير في مشاعر الصائمين الدينية، ويستغلون رغبة الأغلبية في مضاعفة أعمال الخير والصدقات.
وأكد الاختصاصي النفسي ماجد العلي، أن التسول الموسمي ينتشر في أنحاء العالم، ويظهر بوضوح في مواسم معينة، مثل رمضان والأعياد، وحذّر من أن شخصية المتسول تكون في كثير من الأحيان غير سوية، ما يجعلها أقرب إلى ارتكاب أفعال غير قانونية أو جرائم.
وقالت عائشة محمد سعيد الملا، عضو المجلس الوطني السابقة، إن علماء الدين ومؤسسات الأوقاف في الدولة شددوا على ضرورة عدم اتخاذ المساجد أماكن للتسول، لما لذلك من أثر سلبي في تشويه صورة بيوت الله ورسالتها السامية في الدعوة إلى الخير ونشر القيم النبيلة. كما أكدوا أهمية الامتناع عن دعم المتسولين الذين يمارسون هذا السلوك، بعيداً من الحاجة الحقيقية، لما في ذلك من مساهمة في استمرار الظاهرة وتوسّعها.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات شرطة دبي مكافحة التسول مکافحة التسول کافح التسول التسول الم

إقرأ أيضاً:

ميزان الناس لا ينصفك

سعيد بن حميد الهطالي

إن ميزان البشر ميزانٌ أَعْوَر، يَثْقُل فيه الظاهر، ويُهْمَل فيه الباطن؛ فلا تتوقّع الإنصاف من عيون لا تراك إلا من خلال نظرتها الضيقة، لا تعرف من حكايتك إلا العناوين العريضة، ولا تقرأ سوى سطورك المبتسمة. هم ينظرون إلى غلاف كتابك، وأنت تكتب فصولًا من الألم، تنزف حبرها من أعماقك. يسبحون على سطح بحرك، وأنت تغوص في أعماق أساك وحدك!

هم لا يرون منك إلا ما انعكس على مرآة أذهانهم وتصوراتهم الظاهرة، يحكمون على ظاهرك من خلال ابتسامة زائفة علّقتها على شفتيك، أو ما دفنته في قلبك من خذلان وألم وهزائم مريرة، لا يدركون شيئًا عن صراعات خضتها وحدك، عن معارك دارت في أعماقك، احتملتها في داخلك دون أن تبوح بها، لا يدركون حجم الحمل الذي أثقل كتفيك وأنت تتظاهر بالثبات، ولا الألم الذي خبأته تحت ابتسامتك كي لا ترى الدنيا في عينيك دمعة ضعف أو نظرة انكسار!

لا أحد منهم يعرف عدد المرات التي بلعت فيها خيبتك وحدك، وبنيت من خذلانك جُدرًا تحميك من الانهيار، لا يعلمون شيئًا عن صبرك الطويل، عن محاولاتك التي خضتها لتصلح ما انكسر فيك، ولا عن الأحلام التي دفنتها مضطرًا كي تستمر.

الناس لا تقرأك كاملًا، بل تكتفي بما يظهر من العنوان، يرونك تضحك فيقولون: ما أهنأه! يرونك تمشي بثبات فيظنون أن الطريق أمامك مفروش بالزهور والورود، ولا أحد منهم يدري كم من مرة انهارت بك الأرض فجمعتَ حطامك بصمت ومضيت!

ربما تنهض كل صباح وفي قلبك حروب لا تهدأ، لكنك تلبس وجهًا هادئًا كي لا تُقلق أحدًا، وربما تقف في طابور الحياة كأيّ شخص، فيما الداخل منك مثقوب من تعب قديم، وهمٍّ مقيم، ودمعةٍ ما زالت محبوسة في المآقي تنتظر رحمة الله!

تخيّل رجلًا وُلد في دنيا تخلو من ظلال الإخوة وأصداء العمومة، نما وحيدًا في كنف والديه، عاش طفولته بصمت وهو يرقب رقصات الفرح بين الأشقاء، بينما هو يكتفي بالتماس دفء الأم وحنان الأب، تمضي به الحياة، حتى إذا انصرم شطر رحلتها، انفرط عقد وجوده بغياب الوالد، فينطفئ جزء من داخله لم يعد يضيء، يتقدّم به الزمان، وتنقضي السنون دون أن يُرزق بولد يملأ الدار ضجيجًا، فلا يسمع صوتًا يناديه "أبي"، ولا يرى امتداد اسمه في أحد.

وفي غمرة هذا العزاء، يلقاه الناس بوجهٍ مشرقٍ متجلّد، يرون ملامحه الهادئة فيظنونها رضا، ويرون صمته فيحسبونه اطمئنانًا، ويسقطون من حساباتهم أن الإنسان قد يكون أطلالًا تحت قناع البسمة، وأن خلف سكونه مقبرة من الصمت دفن فيها ما لا يُقال، وما لا يُعوّض!

هكذا هم الناس، يخلطون بين الصبر والرضا، حين يحسبون تحمّلك للألم قبولًا به، وتجلّدك أمامهم نسيانًا له، ويقدّرون الفراغ بالامتلاء، إذا لم يروا دموعك، ظنّوا بأن عينيك لا تعرف البكاء، وإذا لم يسمعوا شكواك، ظنّوا أن قلبك لا يعرف الجرح. تلك هي المأساة: حين نحكم على البحر من خلال أمواجه، دون أن نغوص في أعماقه.

ميزان الناس هشّ، مائل، لا يُنصفك لأنه لا يزن إلا ما يظهر، أما ما يختلج في سراديب الروح فلا مكيال له إلا في يد الخالق، فكن رحيمًا بكل من تقابله، فربما يحمل في صدره مقبرة من الأحلام التي لم تُدفن بعد، وأطيافًا من الأشواق التي لم تعرف طريقها إلى النور.

فلا تنتظر منهم عدلًا، ولا تسعَ جاهدًا لتبرير نفسك في كل موقف، فمن يعرفك حقًا سيعرف أن الصمت أحيانًا لغة الأقوياء، وأن الهدوء أحيانًا غبار المعارك التي خضتها وحيدًا، ولا تنسَ أن الله يعلم، والله يُنصف، والله يرى حقيقتك كاملة، وهو وحده من يرى الحكاية من بدايتها إلى منتهاها.

وإن ضاق صدرك من الأحكام المسبقة، ومن ألسنة لا تعرف عنك سوى ما يظهر على السطح، تذكّر أن الكفة الراجحة في ميزان البشر لا تُحدّد قيمتك الحقيقية، قيمتك عند الله، عند من يعرفونك حق المعرفة، عند نفسك التي عرفت كم مرة قاومت لتبقى واقفًا.

لا تُرهق قلبك في السعي لإرضاء من لا يُبصرونك حقًا، ولا تُفسّر صمتك لمن اعتادوا الضجيج، عش مع الله، واتكئ على يقينك بأن كل لحظة ألم، وكل تنهيدة خذلان، وكل صبر طال، له حساب محفوظ عند العزيز العليم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ميزان الناس لا ينصفك
  • واشنطن والناتو يطوران آلية جديدة لتسليح كييف بـ 10 مليارات دولار
  • حريق كاد يدمر الثروة الحرجية في الشوف.. وعناصر الدفاع المدني كانت بالمرصاد
  • ترامب: نريد إطعام الناس في غزة
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • “الأمن السيبراني” وشرطة أبوظبي يحذران من التعامل مع الرسائل والمكالمات مجهولة المصدر
  • المبعوث الأمريكي يوضح عدد الساعات التي قضاها في غزة والهدف من زيارته
  • شرطة جازان تضبط عدداً من المتسولين ..فيديو
  • النيابة العامة تحيى يوم مكافحة الاتجار بالأشخاص بـ"كافح استغلالهم"
  • النيابة العامة تواكب اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص بحملة (#كافح_استغلالهم)