وسط زحام التحديات القانونية التي تواجه المواطن اليمني، حيث تقف اللغة القانونية عائقًا أمام الفهم، وتغيب الاستشارات عن متناول الكثيرين، يطل علينا ابتكار يمني غير مسبوق: «حجّاج» – أول مساعد قانوني ذكي يفهم القانون اليمني ويترجمه بلغة بسيطة مفهومة.

في هذا اللقاء الحصري، نحاور الدكتور عاصم عبدالخالق، العقل اليمني الشاب المقيم في ألمانيا، وصاحب مشروع «حجّاج»، الذي قرر أن يسخّر خبرته في الذكاء الاصطناعي وهندسة الأنظمة الذكية لخدمة أبناء بلده وتمكينهم من حقوقهم القانونية، والذي سيحدثنا عن فكرة المشروع، مراحل تطويره، التحديات التي واجهها، وطموحه في تحويل «حجّاج» إلى منصة قانونية عربية شاملة:

الثورة/ هاشم السريحي

 

بدايةً، من هو المهندس عاصم عبدالخالق؟

أنا مهندس يمني نشأت في بيئة شغوفة بالعلم والتقنية، دفعتني الظروف إلى مواصلة دراستي في الخارج، حيث نلتُ الدكتوراه في هندسة أمان الأنظمة الذكية، وركّزت أبحاثي على أمن المركبات ذاتية القيادة.

أعمل حاليًا في ألمانيا كباحث ومطور لدى شركة سيارات ذكية، وأؤمن بأن التكنولوجيا قادرة على تمكين المجتمعات، خاصة في منطقتنا العربية، ولهذا أركز على ابتكار حلول تقنية تخدم الإنسان قبل أي شيء آخر.

كيف وُلدت فكرة «حجّاج»؟ وما سبب تسميته بهذا الاسم؟

الفكرة انطلقت من ملاحظة بسيطة لكنها محورية: المواطن اليمني يجهل كثيرًا من حقوقه بسبب صعوبة اللغة القانونية وقلة المصادر الموثوقة، ومن هذا التحدي تولدت لديّ الرغبة في بناء مساعد قانوني ذكي يُبسّط المفاهيم القانونية ويوفر إجابات دقيقة وسهلة. استعنت بفريق من القانونيين اليمنيين، وبدأنا رحلة تطوير «حجّاج» ليكون أداة توعوية لكل مواطن.

أما اسم «حجّاج» فله دلالة تاريخية ولغوية دقيقة، مستمدة من التراث العربي القديم. ففي الثقافة العربية، كان يُطلق لقب «الحجّاج» على من يتولى مهمة عرض قضايا الناس أمام القضاة بطريقة فصيحة ومُحكمة، وهو بمثابة المحامي في عصرنا الحديث، وقد جاءت التسمية من الفعل «يُحاجج»، أي يُقيم الحجة ويُدافع عن الموقف بالحُجّة والمنطق، وهي الوظيفة الجوهرية التي يسعى «حجّاج» لأدائها اليوم، ولكن بلغة تكنولوجية معاصرة.

ما الذي يُميز «حجّاج» عن غيره من التطبيقات القانونية؟

تميز «حجّاج» يكمن في تركيزه الحصري على البيئة القانونية اليمنية، وفهمه للسياقين الثقافي والاجتماعي للمستخدم، لقد دربناه على قوانين وأحكام يمنية، واستعنا بمحامين محليين لضمان دقة الإجابات، كما حرصنا على تبسيط اللغة القانونية بحيث تصبح مفهومة حتى لغير المتخصصين، والأهم من ذلك، أن «حجّاج» لا يقدّم إجابات جاهزة فقط، بل يحلل السؤال وسياقه ويوجه النصيحة بناءً على ذلك.

حدثنا عن الجانب التقني لتدريب «حجّاج»؟

اعتمدنا على تقنية استرجاع المعرفة (Retrieval-Augmented Generation)، حيث يقوم «حجّاج» أولًا بتحليل السؤال ثم يستدعي المعلومات من قاعدة بيانات قانونية يمنية، وهذه القاعدة تتضمن الدستور والقوانين والأحكام وأمثلة حقيقية، كما استخدمنا نماذج مفتوحة المصدر متقدمة، مثل LLaMA وFalcon، وخصصناها لتفهم اللغة القانونية العربية.

هل يمكن الاعتماد على «حجّاج» كمصدر قانوني رسمي؟

نحن نؤكد دائمًا أن «حجّاج» أداة توعوية، لا بديلًا عن المحامي أو الاستشارة القانونية المتخصصة، وهدفنا أن نمكن المواطن من الفهم الأولي للقضية، وفي القضايا المعقدة نحثه على مراجعة محامٍ مؤهل.

هل كان للمحامين اليمنيين دور في تطوير المنصة؟

بلا شك، فإنه منذ انطلاقة المشروع، شارك معنا محامون يمنيون في مراجعة المحتوى وتحديثه، ولا يزال بعضهم جزءًا من الفريق إلى اليوم، كما أننا نرحب بملاحظات المحامين والمستخدمين لتطوير الأداء باستمرار.

ما أبرز التحديات التي واجهتكم؟

أبرز الصعوبات كانت في ندرة المصادر الرقمية القانونية، وصعوبة تبسيط المصطلحات دون إخلال بالمعنى، أيضًا، تدريب النماذج على بيانات قانونية متخصصة في ظل محدودية الموارد كان تحديًا كبيرًا، أما على المستوى الاجتماعي، فواجهنا ترددًا في تقبل فكرة الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني.

كيف تضمنون وضوح اللغة القانونية لجميع المستخدمين؟

نعيد صياغة الردود بلغة قريبة من المستخدم العادي، ونشرح المصطلحات القانونية عند استخدامها، نستخدم أمثلة واقعية وأسلوب «السؤال والجواب» لتقريب الفهم، كما نطوّر واجهات صوتية ولغة عامية مبسطة لتسهيل الاستخدام.

ما مدى شمولية تغطية «حجّاج» للقوانين؟

يغطي «حجّاج» حاليًا قوانين الأحوال الشخصية، والعمل، والقضايا المدنية، وبعض جوانب القانون الجنائي، ونعمل على توسيع التغطية لتشمل فروعًا قانونية أخرى بحسب الأولوية والحاجة.

هل من خطة لتوسيع «حجّاج» إلى دول عربية أخرى؟

نعم، نخطط لتوسيع نطاق «حجّاج» إلى بلدان مثل مصر والمغرب والسعودية، لكننا بدأنا من اليمن لأن الحاجة كانت ملحة، وبعد التأكد من فعاليته محليًا، نسعى ليصبح منصة قانونية ذكية تخدم العالم العربي.

كيف كان تفاعل المستخدمين مع «حجّاج»؟

التفاعل فاق التوقعات، تلقينا آلاف الأسئلة خلال الفترة التجريبية، واهتمامًا كبيرًا من الشباب وخريجي القانون، حتى أنه تواصل معنا محامون لإبداء الإعجاب وتقديم اقتراحات.

هل هناك تعاون مرتقب مع الجهات القضائية؟

نعم، نحن منفتحون على التعاون مع الجهات القضائية والحكومية، وأجرينا محادثات أولية مع بعض الجهات ونأمل أن تتطور إلى شراكات رسمية قريبًا، ويمكن التواصل بنا في أي وقت عبر الإيميل:

[email protected]

ما هو دور الذكاء الاصطناعي في خدمة العدالة من وجهة نظرك؟

الذكاء الاصطناعي يعزز الكفاءة ولا يلغي دور الإنسان، وفي العدالة، يمكنه تسريع الوصول للمعلومة، وتسهيل الفهم، وتمكين المواطن من معرفة حقوقه، وفي بلد كاليمن، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يردم الفجوة بين الناس والقانون.

هل تخشون من إساءة استخدام «حجّاج»؟

نعم، ولذلك أدرجنا تنبيهات واضحة داخل النظام للتأكيد على أنه أداة توعوية. ونعمل على خوارزميات ترصد الأسئلة التي تتطلب تدخلًا بشريًا.

ما خططكم القادمة؟

نعمل على تطوير خاصية قراءة العقود والشكاوى قانونيًا، وإضافة قاعدة بيانات لمحامين يمنيين موثوقين، وتوفير نسخة صوتية تخدم ذوي الإعاقة البصرية.

ما رسالتك للمواهب الشابة في اليمن؟

رسالتي بسيطة: لا تنتظروا الفرصة، اصنعوها.. لديكم عقول مبدعة، فابدأوا بمشاريع صغيرة وستكبر مع الوقت، واليمن بحاجة إليكم، والذكاء الاصطناعي فرصة عظيمة لخدمة أوطاننا.

 

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد

تشهد خدمة بحث Google تحولًا جذريًا في الفترة الأخيرة، والمحرك الرئيسي لهذا التغيير ليس سوى الذكاء الاصطناعي. 

فعملاق البحث يعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل جوانب تجربة المستخدم، بدءًا من كيفية عرض النتائج ووصولًا إلى طريقة التفاعل معها. 

والآن، تأتي خطوة جديدة لتعزيز هذه التجربة، إضافة اختصار مباشر لوضع الذكاء الاصطناعي على الشاشة الرئيسية لهواتف أندرويد.

اختصار جديد لبدء البحث الذكي بضغطة واحدة

أطلقت Google اختصارًا دائري الشكل يظهر ضمن أداة البحث (Search Widget) على الشاشة الرئيسية، إلى جانب أيقونتي الميكروفون وGoogle Lens، ويتيح هذا الاختصار فتح واجهة بحث بملء الشاشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تجربة أقرب لما يشبه الدردشة التفاعلية الذكية.

ظهر هذا الاختصار لأول مرة في أبريل لبعض مستخدمي النسخة التجريبية، ثم اختفى لفترة، قبل أن يعود مجددًا ويبدو أنه سيبقى رسميًا هذه المرة.

 ويمكن تفعيله بسهولة من خلال الضغط المطول على أداة البحث، ثم اختيار "تخصيص" ومن ثم التوجه إلى قسم "الاختصارات" لتفعيل "AI Mode" الذي أصبح الخيار الثاني في القائمة.

Google تعزز أمان هواتف Android عبر ساعات Wear OS الذكية6 منتجات جديدة من جوجل.. كل ما تحتاج معرفته عن حدث Made by Google 2025؟Realme 15 يظهر في Google Play Console ويكشف عن مزيد من المواصفاتببطاريةوشاشة أكبر .. إليك أهم مواصفات ساعة Google Pixel Watch 4إزالة شعار «G» واستبداله بعلامة «Google» الكاملة في تطبيق Google MessagesComet .. متصفح جديد من Perplexity لمنافسة Google Chrome بذكاء اصطناعي تنفيذيساعة Pixel Watch 4 من Google: قفزة نوعية في مراقبة الصحة وتقنيات السلامةجوجل تحدث تصميم Google Lens وتزيل زر الواجب المنزلي لصالح Gemini AIOpenAI تستعد لمنافسة Google Chrome بإعادة تعريف تجربة البحث على الإنترنتGoogle Messages قد يحصل قريبًا على تصميم Material 3 الجديدمتاح للمستخدمين بنسخة Google App 16.28

الاختصار متوفر الآن لمستخدمي النسخة التجريبية والمستقرة من تطبيق Google (الإصدار 16.28) على نظام أندرويد. ويعتبر هذا الاختصار أسرع وسيلة للوصول إلى وضع الذكاء الاصطناعي، خاصة لمستخدمي الهواتف غير التابعة لعائلة Pixel.

لكن يجدر بالذكر أنه إذا لم يكن المستخدم مشتركًا في برنامج "Search Labs"، فقد تبدو الواجهة كما كانت سابقًا. ففي هذه الحالة، سيظهر الاختصار على شكل شريط صغير أسفل شريط البحث، ولن يتمتع بتصميم واجهة المستخدم الجديدة المتكامل مع خلاصة Discover أو ميزة "Search Live".

مزايا جديدة ضمن تجربة البحث الذكي

يتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي في بحث Google بشكل ملحوظ. فقد تم إطلاق ميزة AI Overview، التي تتيح تعميق نتائج البحث باستخدام ثلاثة أزرار تكميلية تفاعلية. 

كما أصبح بإمكان Google إجراء مكالمات هاتفية نيابة عن المستخدم للأنشطة التجارية، بالإضافة إلى التعامل مع مهام بحثية معقدة.

إلى جانب ذلك، يجري حاليًا طرح ميزة Search Live، التي تسمح للمستخدم بالتحدث بطريقة طبيعية والحصول على إجابات فورية.

 كما أن وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode يتم توسيعه ليشمل خاصية "الدائرة للبحث  Circle to Search"، مع دعم أفضل للألعاب وتحسينات في العرض البصري.

تطور مستمر... ولكن ليس دون تحفظات

رغم أن هذه التحديثات تسعى لتوفير الوقت وتحسين كفاءة البحث، إلا أن هناك بعض المخاوف.

 إذ يرى البعض أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في تقديم نتائج "متوقعة" قد يُضعف روح الاستكشاف، ويقلل من فرص العثور على محتوى جديد لم يكن المستخدم يبحث عنه أساسًا.

هكذا تدخل Google عصرًا جديدًا من البحث الذكي، لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل ستجعلنا هذه الأدوات أكثر ذكاءً أم فقط أكثر كفاءة؟ الإجابة لا تزال غير محسومة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Google تقنيات الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • خالد عبد الرحمن يتعرض لموقف محرج بسبب سؤال عن الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا
  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • خبراء يكشفون خطر الذكاء الاصطناعي على الدماغ
  • بي بي سي تختار مديرة تنفيذية من ميتا لإدارة الذكاء الاصطناعي
  • وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد