بيدرسن يدعو لرفع عقوبات «سوريا المنهكة» ويشدّد على أولوية التعافي.. دمشق تستعيد سد تشرين وآلية إقليمية لتعزيز الاستقرار
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
البلاد – دمشق
في تحرك لافت يعكس تقاطع مسارات محلية وإقليمية متشابكة، دخلت قوات الجيش السوري وقوى الأمن العام إلى سد تشرين بريف حلب الشرقي، بينما أعلن نائب وزير الخارجية التركي عن آلية إقليمية جديدة للتصدي للدور الإسرائيلي في زعزعة الاستقرار، في حين دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا إلى إلغاء العقوبات المفروضة على دمشق، مؤكدًا أن إعادة البناء لن تكون ممكنة دون ذلك.
فقد دخلت وحدات من الجيش السوري وقوى الأمن العام إلى سد تشرين، الواقع شرق محافظة حلب، في خطوة تهدف إلى فرض الأمن والاستقرار تنفيذاً للاتفاق الموقع سابقًا مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وشهد السد أمس السبت اجتماعًا ثلاثيًا ضم ممثلين عن الحكومة السورية وقسد، إضافة إلى وفد من التحالف الدولي، ناقشوا خلاله آليات تنفيذ الاتفاق الذي يقضي بتسليم الحكومة السورية الإدارة الكاملة للسد، وسحب كافة التشكيلات العسكرية من محيطه.
وينص الاتفاق على تشكيل قوة أمنية مشتركة من الطرفين تتولى حماية المنشأة الحيوية، ما يعكس رغبة مشتركة بتحييد السد عن أي توترات مستقبلية، باعتباره موقعًا إستراتيجيًا لتوليد الكهرباء وتخزين المياه. وسب هذه التحركات دخول فرق فنية لإصلاح الأعطال استعدادًا لإعادة تشغيل محطة التحويل، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا).
وفي السياق الإقليمي، أعلن نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز عن إنشاء آلية إقليمية جديدة تضم تركيا والعراق وسوريا ولبنان والأردن، تهدف إلى مواجهة ما وصفه بالدور الإسرائيلي “المزعزع للاستقرار الاستراتيجي”. وجاء ذلك خلال أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي، موضحًا أن مركز التنسيق سيكون داخل سوريا، وأن مهام الآلية ستنطلق قريبًا بتنسيق مباشر مع الحكومة السورية.
وأفاد يلماز أن الآلية لا تسعى إلى إنشاء نظام بديل بقدر ما تهدف إلى دعم قدرات الدول المنضوية فيها، خاصة سوريا، لمواجهة محاولات زعزعة الاستقرار، في وقت التقى فيه الرئيسان السوري والتركي على هامش المنتدى، تناول العلاقات الثنائية وعددًا من القضايا الإقليمية والدولية، وأعرب أردوغان عن امتنانه لإحباط ما وصفه بمحاولات نشر الفوضى مجددًا في سوريا، مؤكدًا أهمية استمرار الاستقرار في البلاد.
وقد شكّل الملف السوري محورًا بارزًا في جلسات المنتدى، سواء في اللقاءات الثنائية أو على هامش الفعاليات، وذلك بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع.
وخلال لقائهما على هامش المنتدى، أكد غير بيدرسن، المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أن الرئيس السوري أحمد الشرع تسلّم دولة “منهكة تمامًا”، محذرًا من صعوبة إعادة البناء في ظل العقوبات المفروضة. واعتبر بيدرسن أن هذه العقوبات تمثل عائقًا كبيرًا أمام التعافي، مطالبًا المجتمع الدولي برفعها، كما وجّه تحذيرًا مباشرًا إلى إسرائيل من مغبّة تكرار الاعتداءات على الأراضي السورية.
وتشير هذه التحركات مجتمعة إلى تقاطع إرادات محلية وإقليمية ودولية تبحث في سبل إعادة ضبط المعادلة السورية، بما يحفظ الأمن الداخلي ويحدّ من التوترات الإقليمية المتفاقمة.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
بين الدول المارقة والراعية للإرهاب.. أين تقف سوريا بعد قرار الكونغرس؟
صوت مجلس الشيوخ الأميركي مؤخرًا على شطب سوريا من “قائمة الدول المارقة”، وهي قائمة غير رسمية تعتمدها الإدارات الأميركية منذ تسعينيات القرن الماضي لتصنيف الدول التي تُعتبر معارضة للسياسات الأميركية على المستوى السياسي والأمني، وتستخدم هذه القائمة كأداة تقييدية لمنع التعاون مع هذه الدول في مجالات حساسة، مثل برامج الطاقة النووية المدنية، فضلاً عن فرض قيود سياسية واقتصادية غير رسمية.
ماهي “الدول المارقة” ومن هم الآخرون في القائمة؟
تضم “قائمة الدول المارقة” دولًا يُتهم بعضها بدعم الإرهاب الدولي، أو بالسعي لتطوير أسلحة دمار شامل، أو بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو بتهديد الاستقرار الأمني الإقليمي والدولي، ومن أبرز الدول التي كانت على هذه القائمة، إيران، وكوريا الشمالية، وكوبا، وفنزويلا، بالإضافة إلى سوريا، ورغم أنها قائمة غير رسمية، كانت تؤثر بشكل كبير على السياسة الخارجية الأميركية، إذ تمنع الولايات المتحدة التعاون مع هذه الدول في مجالات تقنية واقتصادية وسياسية.
الأسباب والدوافع وراء شطب سوريا من القائمة
يأتي شطب سوريا من هذه القائمة في سياق تحولات استراتيجية محتملة في السياسة الأميركية تجاه النظام السوري، وبعد سنوات من العقوبات والضغط السياسي، يبدو أن واشنطن تسعى إلى إعادة ضبط علاقاتها مع دمشق، على الأقل على المستوى السياسي، وربما تمهيد الطريق أمام تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية أو إعادة فتح قنوات دبلوماسية غير مباشرة.
ومع ذلك، لا يزال تصنيف سوريا كـ”دولة راعية للإرهاب” قائمًا منذ عام 1979، وهو تصنيف رسمي وقانوني تفرض بموجبه وزارة الخارجية الأميركية عقوبات صارمة تشمل حظر المساعدات الخارجية وتقييد الصادرات والقيود المالية والتجارية المشددة، وبالتالي، فإن شطب سوريا من “قائمة الدول المارقة” لا يعني رفع العقوبات أو إزالة التصنيف الرسمي، لكنه إشارة سياسية مهمة قد تؤدي إلى تغييرات تدريجية في العلاقات الثنائية.
الفرق بين “الدول المارقة” و”دول راعية للإرهاب”
يُعد تصنيف “دول راعية للإرهاب” تصنيفًا قانونيًا ملزمًا يخضع لاعتبارات قانونية وأمنية، ويترتب عليه تبعات مباشرة مثل العقوبات الاقتصادية وقيود التعاون العسكري والتجاري، أما “قائمة الدول المارقة”، فهي تصنيف سياسي غير رسمي يستخدمه صناع القرار الأميركيون لتبرير مواقفهم تجاه دول معينة، لكنها لا ترتب تبعات قانونية مباشرة.
وبهذا المعنى، يُعد قرار مجلس الشيوخ خطوة رمزية تعكس رغبة في إعادة النظر في السياسة الأميركية تجاه سوريا، دون التنازل عن الإجراءات القانونية والقيود المفروضة بموجب تصنيف “دول راعية للإرهاب”.
تداعيات القرار على السياسة الأميركية والإقليمية
يُفسر هذا القرار على أنه محاولة أميركية للانفتاح المحدود مع دمشق، وربما جزء من استراتيجية أكبر تشمل تحركات دبلوماسية جديدة في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن يشجع القرار بعض الدول الإقليمية والدولية على إعادة تقييم علاقاتها مع سوريا، التي تعرضت لعقود من العزلة السياسية والاقتصادية، كما يمكن أن يفتح القرار الباب أمام مفاوضات جديدة حول ملفات إقليمية شائكة مثل مكافحة الإرهاب، إعادة الإعمار، والملف السوري في المحافل الدولية. لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات حول مدى استجابة النظام السوري لهذا الانفتاح السياسي، خصوصًا في ظل استمرار العقوبات القانونية المفروضة عليه.