مفتي القاعدة السابق يشرح المنهج الفكري الذي وضعه للتنظيم
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
ووفقا لما قاله ولد الوالد في الحلقة الثامنة من برنامج "مع تيسير"، فقد كان هذا التجاور مزعجا له لأنه لم يكن قادرا على استقبال أي شخص في بيته لأسباب تتعلق بتأمين "بن لادن" وكبار رجاله.
وبعد أسبوع واحد من وصوله، طلب منه بن لادن وضع برنامج ثقافي وتربوي وفكري جديد لأن غالبية من انضموا للقاعدة في فترة قتال السوفيات في أفغانستان كانوا مقاتلين أكثر من كونهم متعلمين دينيا، بل إن غالبية الأعضاء -كما يقول ولد الوالد- لديهم غلو في التكفير، ونظرة غير صحيحة لبقية الجماعات الإسلامية، فضلا عن موقفهم حتى من حكومة السودان نفسه.
ومن هذا المنطلق، كان بن لادن يعتقد بضرورة وضع برنامج فكري تربوي لإعادة إصلاح هذه الأفكار التي دفعت البعض لاعتبار زعيم التنظيم نفسه معتدلا أكثر من اللازم، وينتقدون تعاونه مع حكومة السودان وجماعات إسلامية أخرى.
معالجة الغلو
ولم يكن الأمر بعيدا عن القاعدة نفسها، لأن بعض هؤلاء كانوا يعتقدون أن "أهل الحق" هم من يحملون السلاح فقط دون غيرهم حتى لو كانوا من أعضاء التنظيم، وفق ولد الوالد، الذي تحدث عن "انتقاد البعض لعمل التنظيم في الزراعة مثلا بينما هم خرجوا من ديارهم طلبا للجهاد".
لكن بن لادن كان يرد على هؤلاء بأن التنظيم وحكومة السودان في ذلك الوقت "في زورق مخروق وسط محيط هائج"، وطلب منهم تقديم بديل قابل للتنفيذ.
إعلان
المنهج الفكري
وعلى هذا الأساس، أقر التنظيم عام 1993 دراسة كتب منها "معارج القبول لحافظ الحكمي"، و"الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري". كما شرع في تفسير بعض سور القرآن مثل الأنفال والتوبة وفقا لابن كثير، حسب ولد الوالد.
وتم أيضا إقرار كتب أخرى مثل "الأربعين النووية، ورياض الصالحين، وزاد المعاد (ابن القيم)، والتحفة العراقية (ابن تيمية)، ومدارج السالكين، ومنهاج القاصدين، وفقه السنة (سيد سابق)".
وأثارت هذه الكتب حفيظة البعض لأنهم رأوها تحمل فكر الإخوان المسلمين، لكن ولد الوالد أخبرهم أنه اختار الكتب وفق قيمتها وليس على أساس فكري أو مذهبي محدد.
وقد أصدر بن لادن قرارا يلزم أعضاء التنظيم بدراسة هذا البرنامج ومتابعة التقدم فيه بشكل إلزامي وتم تخفيفه على بعض من وجدوا فيه مشقة عليهم.
في الوقت نفسه، تم وضع منهجين آخرين، أحدهما خاص بزعيم التنظيم والآخر بكبار قادته، وكلاهما كان يدرس بشكل يومي ويتناول موقف التنظيم من أزمات البوسنة واليمن في ذلك الوقت، وفق ولد الوالد.
وكان أسامة بن لادن -وفق المتحدث- مميزا في حضور الدروس وتدوين الأسئلة والشواهد الشعرية، وكان الوحيد بين القادة الذي يملك دفترا لتدوين هذه الملاحظات. كما أنه كان حريصا على معرفة آراء المذاهب المختلفة في بعض الأمور، رغم أنه حنبلي المذهب.
وفي سبيل تأليف القلوب، ترك بن لادن بعض السنن والمندوبات، ومن ذلك أنه طلب من المجاهدين العرب في أفغانستان الالتزام بأمور يلتزم بها المسلمون الأفغان في الصلاة ومنها: عدم وضع اليدين على الصدر، وعدم رفع اليد عند الركوع والرفع منه، وعدم الجمع خلال السفر.
بحث تغيير الأنظمة
وكان التنظيم يدرس طرقا لتغيير أنظمة الحكم العربية ومنها الانقلابات العسكرية، التي قال ولد الوالد إنها ليست مضمونة النجاح وتتطلب نفوذا داخل أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، معتبرا نجاح تجربة السودان استثناءً.
إعلانوعزا ولد الوالد سبب فشل الإسلاميين في القيام بانقلابات عسكرية إلى عدم رضا المجتمع الدولي عنهم، على عكس الانقلابات التي يقوم بها العسكريون.
لذلك، كان ولد الوالد -بصفته الفقهية- يرى عدم نجاعة الانقلابات، لكنه دعم فكرة تقديم الخبرة الفنية والعسكرية والرأي والمال لمن يحاولون القيام بثورات لتحرير البلاد والمقدسات، وخصوصا في فلسطين.
وكانت هذه النظرة تتعارض مع نظرة البعض التي أرادت التنظيم مجموعة مغلقة مسلحة لا تنفتح على غيرها، وتحصر "أهل الحق" فيه حتى إنهم كانوا ينتقدون فكرة دعم جماعات أخرى حتى لو كانت إسلامية، كما يقول ولد الوالد.
غير أن ولد الوالد -كما يقول- كان يرى تقديم التعاون على التنافر، ولم يجد حرجا في البحث عن مشتركات مع الجماعات الإسلامية الأخرى التي تحمل مشروعا إسلاميا وتبحث عن تحرير المقدسات، حتى لو اختلفت مع القاعدة في بعض الأمور.
ووصف مفتي القاعدة السابق أصحاب الآراء المخالفة لهذا التوجه بأنهم "قصار النظر"، وقال إن التنظيمات التي تفرعت عن القاعدة لا تحمل فكره وإن أسسها أعضاء سابقون فيه.
كما أشار ولد الوالد إلى أن آخرين تصرفوا باسم القاعدة قبل قبول بيعتهم، أو دون إذن التنظيم كما فعل أبو مصعب الزرقاوي عندما شن الحرب على الشيعة.
ورغم عدم إنكاره لما فعله الشيعة ضد السنة، فإن المفتي السابق للقاعدة قال إن الزرقاوي هو الذي بدأ الهجوم عليهم دون موافقة بن لادن، الذي "كان يوصي بتجنب استهداف كنائس المسيحيين وأعيادهم حتى لا يستهدفوا المسلمين ومساجدهم".
وقد أكد ولد الوالد أن برنامجه الفكري حقق نتائج مهمة في الفكر الجهادي للقاعدة وإن لم ينجح بشكل كامل، لكنه يعتبر أنه نجح في تغيير فكرة قتال الأنظمة الحاكمة باعتبارها من أكبر أخطاء الحركات الإسلامية المعاصرة، التي يجب عليها قتال الأعداء المحتلين، مع استثناء القواعد الأجنبية في جزيرة العرب حتى لا تمتد المواجهة للدول نفسها.
إعلان 15/4/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ولد الوالد بن لادن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن حفظ القرآن الكريم لا ينبغي أن يُختزل في التكرار والترديد المجرد، بل لا بد أن يكون حفظًا واعيًا، متصلًا بالتدبر والتفكر، مقترنًا بالعمل والسلوك، حتى يؤتي ثماره في بناء الإنسان وتهذيب المجتمع، خاصة في زمن تتزاحم فيه الفتن وتتشعب فيه التحديات، وتشتد فيه الحاجة إلى مرجعية روحية وأخلاقية تضبط حركة الحياة وتوجهها نحو الحق والخير.
جاء ذلك خلال كلمة مفتي الجمهورية، في احتفالية قرية أم الزين بمحافظة الشرقية؛ لتكريم حفظة كتاب الله، بحضور المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، وعدد من المسؤولين والشخصيات العامة، ونخبة من القيادات الدينية والتنفيذية، وحضور شعبي كبير، في مشهد احتفالي يعكس ما للقرآن من مكانة في وجدان المجتمع المصري.
و أشار المفتي، إلى أن من مقاصد القرآن الكريم حفظ كيان الأسرة وبناء الإنسان على أسس راسخة من البر والرحمة، مؤكدًا أن من أعظم القيم التي رسخها القرآن الكريم وقامت عليها شريعته الغراء، الإحسان إلى الوالدين، بوصفه من تمام الإيمان، ومن حسن التربية التي تنعكس على تماسك الأسرة واستقامة المجتمع. واستشهد فضيلته بقوله- تعالى-: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
ولفت إلى أن بر الوالدين لا ينبغي أن يكون موسميًّا أو مشروطًا، بل هو خلق دائم، يتجلى في القول والفعل والدعاء، وفي رد الجميل بالوفاء، لا سيما حين يبلغ الوالدان الكِبَر ويشتد بهما الضعف، إذ يظهر البر في أبهى صوره وأصدق معانيه.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن التمسك بأحكام القرآن الكريم والعمل بحدوده هو السبيل الأمثل للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي، في مواجهة موجات التفكك الأخلاقي والاضطراب الفكري التي باتت تهدد تماسك المجتمعات وتمايز هوياتها.
وشدد على أن القرآن الكريم يحوي من القيم والمبادئ ما يكفل بناء إنسان متوازن، يدرك واجباته قبل أن يطلب حقوقه، ويحرص على إعمار الأرض بقيم الرحمة والعدل، ويعلي من شأن العمل والإتقان والصدق.
ولفت إلى أن بناء الأوطان لا ينفصل عن بناء الإنسان، وأن الحافظ الحقيقي للقرآن هو من اتخذ من كتاب الله دليلًا يهديه، ومن تعاليمه ميزانًا يزن به أقواله وأفعاله، ومن آياته زادًا في دروب الحياة المليئة بالتحديات.
وفي ختام كلمته، وجّه مفتي الجمهورية التهنئة للحضور بمناسبة حلول العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، مذكرًا بما ورد عن النبي ﷺ من أنها “أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله”.
وأكد أن الاجتماع على تكريم حفظة كتاب الله في هذه الأيام المباركة؛ هو في ذاته صورة من صور العمل الصالح، وشهادة عملية على بقاء الأمة متمسكة بكتاب ربها.
من جهته، أعرب المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، عن تقديره للدور الكبير الذي يقوم به حفظة القرآن الكريم في ترسيخ القيم الدينية والاجتماعية، مؤكدًا أن المحافظة تولي اهتمامًا خاصًّا بدعم الأنشطة الدينية والثقافية التي تسهم في تعزيز الهوية الوطنية، وبناء الإنسان على أسس من الفضيلة والانتماء.
وشهدت الاحتفالية في ختامها تكريم حفظة كتاب الله، وتوزيع الجوائز والهدايا، وسط أجواء من البهجة والإجلال، بحضور جماهيري واسع ضم مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، ممن جاءوا ليشهدوا هذا اللقاء الجامع تحت راية القرآن.