د. محمد الهواري يكتب| الاجتهاد المزعوم.. هل يسوغ تعطيل فرائض الإسلام بالاستفتاء الشعبي؟
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
جاء رجلٌ إلى الإمام مالك بن أنسٍ رحمه الله تعالى، فقال له: يا أبا عبد الله، من أين أُحرم؟ فقال مالكٌ: من ذي الحُليفة، من حيث أحرم رسول الله ﷺ، فقال الرَّجل: إنِّي أريد أن أحرم من المسجد. فقال مالكٌ: لا تفعل، فقال الرَّجل: فإنِّي أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال مالكٌ: لا تفعل؛ فإنِّي أخشى عليك الفتنة.
قال الشَّاطبيُّ تعقيبًا على هذه الواقعة: «وهذه الفتنة الَّتي ذكرها مالك رحمه الله في تفسير الآية هي شأن أهل البدع وقاعدتهم الَّتي يؤسِّسون عليها بنيانهم؛ فإنَّهم يرون أنَّ ما ذكره الله في كتابه وما سنَّه نبيُّه ﷺ دون ما اهتدوا إليه بعقولهم»!.
وكلام الشَّاطبيِّ لم يصف حال الرَّجل الَّذي كلَّم الإمام مالك بن أنسٍ رحمه الله وحده، ولكنَّه يصف حال كثيرٍ من أبناء زماننا الَّذين يرون أنَّ عقولهم اهتدت إلى ما لم يصل إليه عقل الأمَّة عبر قرونٍ طويلةٍ من البحث والتَّحرير والمراجعةِ، ناهيك عن أن يظنُّوا أنَّ عقولهم تجاوزت عطاء القرآن والسُّنَّة!.
وليس من عادتي أن أجري وراء كلِّ طرحٍ ملفتٍ، يسمُّونه «التِّرند»، يقدِّمه الإعلام عبر وسائله المختلفة، ولكن رأيت وسمعت -ويا سوء ما سمعت ورأيت- طرحًا من أحد المحسوبين على العلم، يلبِّس على النَّاس المسائل والأحكام، ويخلط الحقَّ بالباطل، ويستخدم في ذلك مداخل عقليَّةً، قد تبدو لمن تعجَّل النَّظر مقبولةً أو صحيحةً، ولا أدري ما الغاية من وراء طرحه هذا الَّذي تكرَّر في كثيرٍ من المواقف!.
الرَّجل يسأل: وماذا لو أجرت الدَّولة استفتاءً شعبيًّا على المواريث؟
وماذا لو اختار الشَّعب ألَّا يطبِّق أحكام المواريث؟
وماذا لو اختار الشَّعب أن يتسامح، هل التَّسامح مرفوضٌ شرعًا؟
ولكن نحن نسأل أيضًا، وبمنتهى العقلانيَّة:
وهل تستفتي الدَّولة الشَّعب في إلغاء أحكام الدِّين، وإسقاط العمل بها؟
وماذا لو استفتت الدَّولة الشَّعب في تأخير صيام شهر رمضان إلى شوال أو غيره لشدَّة الحرِّ مثلًا؟
وماذا لو استفتت الدَّولة الشَّعب في أن يكون وقوف الحجيج بمصر يوم عرفة بجبل المقطَّم؟
إلى آخر الأسئلة الَّتي يمكن أن تطرح بهذا اللَّفِّ والدَّوران.
والسُّؤال الحقيقيُّ: هل دور الدَّولة الَّتي ينصُّ دستورها على أنَّ دينها الإسلام يسعى لإلغاء أحكام الإسلام؟.
وهل عدم العمل بالأحكام، وعدم الالتزام بالآداب الشَّرعيَّة من التَّسامح؟.
إنَّ الرَّجل بهذه المغالطة كمن يريد أن يضع مستمعه في «مزنقٍ» بحيث لا يجد المستمع إلَّا أن يقرَّ أنَّ التَّسامح من الدِّين، مع اعتذاري عن لفظ «المزنق».
والغريب أنَّ الرَّجل يحاول أن يستدلَّ من القرآن على صحَّة كلامه، ليوهم المستمعين أنَّ كلامه حقٌّ يستند إلى القرآن، ولكنَّه نسي وهو يعتمد على اللَّام في قول الله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، وهو يحاول أن يقول إنَّ اللَّام لا تثبت أنَّ الميراث واجبٌ، نسي الرَّجل أنَّ الآية نفسها ختمها الله جلَّ جلاله بقوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 11].
وهذا الاستدلال المجزوء قريبٌ من منهج القائلين بحرمة الصَّلاة اعتمادًا على قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: 4]!.
ولا أعرف هل يذكر الرَّجل أنَّ هذا العلم الَّذي بيَّن الله فيه الأنصبة ومستحقِّيها في آياتٍ واضحةٍ، هل نسي أنَّ علم المواريث اسمه «علم الفرائض»؟!
إنَّ الاجتهاد مطلوبٌ والنَّظر لا غنى عنه، بل إنَّ إعمال الفكر فريضةٌ على حدِّ تعبير الكاتب الكبير عباس العقَّاد الَّذي جعل أحد كتبه بعنوان: «التَّفكير فريضةٌ إسلاميَّةٌ»، ولكن هذا التَّفكير لا ينبغي أن يصطدم بالثَّوابت، ولا ينبغي أن يعارض المستقرَّ.
د. محمود الهواري
الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الدكتور محمود الهواري الاستفتاء الشعبي مجمع البحوث الإسلامية وماذا لو
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: حديد وأسياخ السودان القادم…
حديد وأسياخ السودان القادم…
يشغلنا القادم ونستعير له من الماضي
لهذا ننقل أنه في دافور القديمة كان المتنافسان (على الوظيفة) يقتتلان بالسيوف…
والأسلوب هذا يصلح لملء مليون وظيفة قادمة
على الأقل واسطتك هي سيفك
وأسلوب للحاضر والحرب
والإمام اليمني حين يدخل الحوثيون البيضاء يقول لهم من على المنبر
: دخلتوا البيضاء بإسلوبكم ولن تخرجوا منها إلا بإسلوبنا …. أقم الصلاة
ونقول للمرتزقة
دخلتوا السودان بإسلوبكم ولن تخرجوا إلا بإسلوبنا
…ونلتفت إلى إعلام الحرب
وإلى أن عبدالله عزام يدير إعلام حرب أفغانستان ضد أعتى إمبراطورية …. وينتصر
ولم تكن عنده إذاعة ولا محطات تلفزة ولا صحف ولا وجود لشعب بمعني شعب
وعزام كان يكتفى بطبع صور الأطفال الذين مزقتهم قنابل الروس (خمس طن) ويكتب على الصور
: أهلنا أطباء العالم المسلمين … نحن بخير… طمئنونا عليكم ….
ومخابرات الاتحاد السوفيتى تهزم أما الأوراق هذه وتنسف عبدالله عزام
القنبلة زرعها المتعاونون فى عربته
…….
لكن ما يشغلنا هو
السفراء كلامهم محسوب … لكن السفير أحمد دياب يجعلنا نتشكك وهو يكتب عن النميري
وكتابه هو (خواطر وذكريات…)
قبلها بساعات كنا نقرأ كتاب النميري (النهج الإسلامي …. كيف)
وفيه مجاهدات لها صليل
وفيه أيام الشريعة
تعاد بعد مئات الأعوام
وفيها القيادة الرشيدة …. وتحريم بنت ألحان وإستباحة الحسان
وقبلها مصادفة نكتب هنا عن أن النميري لما سمع/ قبل نزوله من الطائرة فى القاهرة إنه لم يعد رئيساً
يرفض السير على البساط الأحمر
وإنه يوصى بتسليم الزي العسكرى للجيش
وتسليم ما بقى من مصاريف الرحلة للسفير
ولما فتحوا خرانته فى بيته وجدوا فيها بضع جنيهات
وعقد من الجذع يخص والدته
……
لكن السفير دياب/ الذى لا يخفي يساريته على درجة التشيع … ويرثى لعبد الخالق ولمحمود محمد طه/ الرجل هذا يحكي كيف أن شقيقه ينصحه بإعداد السجادة. وتحديد القبلة .. و…
قال دياب
وانا أعددت هذا وحددت مواقيت الصلوات هناك وكتبت هذا على ورقة سلمتها النميري
قال: ونميري يقرأ الورقة ثم ينظر إلى بنظرة غريبة
والسفير يفسر النظرة هذه حين يقول
: ولم أر .. النميرى يصلي أبدا
قال
: وفى ساعة خروجه إلى الطائرة يدخل يده فى جيبه ويخرج الورقة تلك ويسلمنى أياها ونظراته تقول لى
: ألعب غيرا…
ودياب يقص حكاية أخري مع نقد الله/ حزب الأمة/ الذى حين يساله عن قبلة الصلاة يجد أنه لا يعرف
….. من يكتب تاريخنا
وأن كان دياب حيا نقول له
: إتلومت ….
وانا لا أصدقك
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب