إدورد سعيد يمكن أخذه مؤشر لحالة قراءة البارومترات الفكرية في الوطن العربي و يحتاج لتأني و طول بال لفك حالة الإلتباس الذي صاحب مسيرة فكره ويعتبر فكر إدورد سعيد كخط تقسيم المياه الذي يفصل حوض نهرين يجري كل منهما في إتجاه معاكس مثل نهر النيل في سيره شمال و نهر الكنغو في سيره معاكس للنيل و أقصد هنا أن إدورد سعيد فكره في تطوره يحتاج لتتبعه بمهارة عالية لذلك يعتبر إعتذار إدورد سعيد في عام 1993 عن كتابه الإستشراق نقطة تحوّل تجعل إدورد كأنه خط تقسيم المياه و النهرين المختلفين في إتجاه جريانهما و هذا يجعل جغرافية إدورد سعيد الفكرية واسعة و تحتاج لإعادة قراءته مرات و مرات و لكن إعادة قراءة إدورد سعيد لم تتأتى ممن كتبوا عنه بل إعادة قراءة ترميم فكره عبر قلمه و كيف أعاد نظره فيما كتب و كيف أصلح من أفكاره و قلنا أن قلة الإنتباه لإعتذار إدورد سعيد عن كتابه الإستشراق عام 1993 لمن يجهلها تجعل كثر من قراءه في السودان يتتبعون مساره كنهر خرج من منطقة خط تقسيم مياه و يجهلون تتبع النهر المعاكس له لذلك تأتي قراءتهم لفكر إدورد سعيد ناقصة و غير مكتملة في تصورها لفكر إدورد سعيد.


و الحديث عن إدورد سعيد يفتح على فكر صديقه هشام شرابي و هشام شرابي مقارنة بإدورد سعيد و شهرته تقل الإحالاتت لفكره لذلك يعتبر هشام شرابي بفكره كنهر داخلي يجري في الأغوار العميقة مقارنة بإدورد سعيد إلا أن هشام شرابي قد سبق إدورد سعيد في نقده تجربته و تقويم فكره قبل إعادة إدورد سعيد النظر في تقييم تجربته و إنتقاده لأفكاره و إعتذاره عن كتابه الإستشراق و كيف إنتبه إدورد سعيد أن كتابه الإستشراق قد خدم الفكر الأصولي و الأصولية الدينية في العالم العربي التقليدي أكثر من أن يخدم التنوير.
لذلك نجد إدورد سعيد في كتابه الأخير الأنسنة و النقد الديمقراطي قد أعاد النظر في فكره و أعاد ترتيبه لدرجة تجعل أفكاره السائدة عند نخبنا في السودان و منهم المذكوريين في عنوان المقال متأخرة جدا عن تفسير أفكار إدورد سعيد و متأخرة جدا عن تفسير التطور الهائل في المفاهيم في العالم من حولنا و قد إلتقطها إدورد سعيد في أثناء مراجعته لفكره و إعادة ترميمه من جديد و بث روح الفكر المعاصر في أرجاء فكر إدورد سعيد بعد تخلص من الإلتباس الذي كان يغطي فكره عن مفهوم ممارسة السلطة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و مفهوم الدولة الحديثة.
و هنا وجب التنبيه الى كتاب إدورد سعيد الأخير و هو الأنسنة و النقد الديمقراطي و هو كتاب يندر أن تجد الحديث عنه وسط النخب السودانية و لهذا ظل إدورد سعيد و فكره وسط النخب السودانية في حيز عادتهم عن أسطرة الأفكار أي رفعها عن واقعها المعقد و وضعها في حيز عقل المجتمعات التقليدية و بالتالي أصبح إدورد سعيد عند بعض النخب السودانية أسطورة و عظمته في عدم فك غموض فكره في وقت نجده عند نخب أخرى نجدهم قد فكوا شفرات فكر إدورد سعيد بإعتذاره عن كتابه الإستشراق و أعادوا السيولة لفكر إدورد بفضل كتابه الأخير الأنسنة و النقد الديمقراطي.
مشكلة إدورد سعيد أنه إعتمد في فكره إعتماد كامل على أفكار ميشيل فوكو في أفكاره عن فلسفة و أفكار ما بعد الحداثة و هجومها على أفكار عقل الحداثة و بالتالي عندما إشتد النقد على أفكار ما بعد الحداثة من قبل فلاسفة فرنسا و خاصة لوك فيري و ألان رونو في نقدهما لفلاسفة ما بعد الحداثة و خاصة نقدهما لفكر ميشيل فوكو و جاك دريدا و جاك لاكان نجد أن شمس فلاسفة ما بعد الحداثة قد بداءت أفولها.
و بالمناسبة دور لوك فيري و ألان رونو في نقدهما لفلاسفة ما بعد الحداثة جاء كدور ثاني بعد أن إنتصر عليهم ريموند أرون أيام ثورة الشباب في فرنسا و وصفها بأنها ثورة زائفها لا يمكنك أن تمسك بها و هي رافلة و بالتالي تنازل فلاسفة ما بعد الحداثة عن هجومهم عن عقل الحداثة و بالتالي إنقطع الطريق لإدورد سعيد الذي كان يعتمد على أفكار ميشيل فوكو و خاصة ميشيل فوكو فكان في نظر ريموند أرون أنه يعاني من إلتباس فظيع عن مفهومى ممارسة السلطة في المجتمعات الحديثة و مفهوم و معنى الدولة الحديثة.
و نقد كل من ريموند أرون و لوك فيري لفلاسفة ما بعد الحداثة أنهم أي فلاسفة ما بعد الحداثة إعتمدوا على أفكار نيتشة و أتوا بها الى الفكر بشكل متسرع بل حرفوها عن مسارها لذلك نجد فلاسفة فرنسا لكي يتجاوزوا فكر فلاسفة ما بعد الحداثة نجدهم قد إهتموا بفكر نيتشة و فكر مارتن هيدجر. لذلك إنتبه إدورد سعيد لإنتقاد فلسفة و فكر ما بعد الحداثة و إنتبه لتراجع ميشيل فوكو و قد توقف عن مهاجمته لأفكار عقل الحداثة و عقل الأنوار فجاء إعتذار إدورد سعيد عن كتابه الإستشراق عام 1993 بعد سنوات من تراجع فلاسفة ما بعد الحداثة عن أفكارهم التي كان يعتمد عليها إدورد سعيد.
و نجد إدورد سعيد قد إعتذر عن كتابه كما أورده هاشم صالح في مقالة له في جريدة الشرق الأوسط و فيها يقول إدورد سعيد" أسمحوا لي بداية أن أعبّر عن أكبر أسف لي و هو أن كتابي هذا فهم على أساس أنه معاد للغرب بأكمله. فما الى هذا قصدت. قد إعتقد أصحاب هذا التفسير الخاطئ أني أعتبر الإستشراق صورة مصغرة عن الغرب كله. و إنطلاقا من ذلك إستنتج هؤلاء أنني أعتبر الغرب في كليته بمثابة عدو للعرب و المسلمين ألخ... و أخيرا إستنتج هولاء ما يلي: أن نقدي للإستشراق يعني دعم الإسلاموية أو الأصولية الإسلامية" و هنا نجد إعتذار إدورد سعيد عن كتابه الإستشراق منذ ذلك الزمن البعيد أي عام 1993 إلا أن عبد الله علي ابراهيم ما زال يحتفي بكتاب الإستشراق رغم إعتذار إدورد عنه و يقول عبد الله علي ابراهيم أن كتاب الإستشراق أعظم كتاب لإدورد سعيد و الأكيد أن عبد الله علي ابراهيم كان يجهل بالكلية بأن إدورد سعيد قد إعتذر عن كتابه الإستشراق.
أما عبد الله بولا في كتابه حوارية لاهاي و نجده قد وقع في نفس الفخ ففي الكتاب و هو مكتوب في أواخر تسعينيات القرن المنصرم نجد أن عبد الله بولا نفسه يمجّد كتاب الإستشراق لإدورد سعيد و كان حينها قد مرّت خمسة سنوات على إعتذار إدورد سعيد عن كتابه الإستشراق فكيف لم ينتبه عبد الله بولا لإعتذار إدورد سعيد عن كتابه الإستشراق؟ و هذا يدلنا على أن عبد الله بولا نفسه كان يعتمد في فكره على فلاسفة ما بعد الحداثة رغم إنكاره بأن فكره ليس له علاقة بهم و قد كتبنا من قبل أن عبد الله بولا و تلاميذه في تحديهم للسلطة ما كانوا إلا مقلديين لفكر فلاسفة ما بعد الحداثة و هم في إلتباس فكرهم عن مفهوم ممارسة السلطة في المجتمعات الحديثة و مفهوم الدولة الحديثة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية.
عبد الله بولا كان ينكر بأن أفكاره ذات علاقة بأفكار فلاسفة ما بعد الحداثة إلا أننا لنا دليل آخر على تأثر عبد الله بولا بأفكار فلاسفة ما بعد الحداثة و نجده قد سار بنفس طريقهم و لكن لمصدرهم الذي جاءوا منه بفكرهم الزائف و هو فكر نيتشة و قد كتبت مقال من قبل عشرة أعوام و قلت فيه أن مجهود عبد الله بولا في شجرة نسب الغول محاكاة و تقليد لفكر نيتشة في كتابه شجرة نسب الأخلاق و العنوان جينيولوجي دي لا مورال و طبعا نيتشة يمتاز عن عبد الله بولا بأن نيتشة فلولوجست لا يشق له غبار و أنه شاعر قبل أن يكون فيلسوف لذلك نجد عبد الله بولا في شجرة نسب الغول يقلّد نيتشة إلا أنه لا يجيد التقليد و يقع في مستوى فكر ميشيل فوكو و طريقته الأركولوجية و هي محاكاة كما قلنا من ميشيل فوكو لنيتشة لذلك جاء تقليد بولا لنيتشة في مستوى أركولوجية ميشيل فوكو لا غير. المؤسف أن عبد الله بولا و عبد الله علي ابراهيم و حامد فضل الله كأغلب مثقفي العالم الثالث لم ينتبهوا الى أن فلاسفة العالم الحي قد فارقوا أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة و عاد الفكر الى فكر الحداثة و أفكار عقل الأنوار و هو يسير في طريق يوضح مفهوم الإنسانية التاريخية و قليل من الملاحظة يوضح لك بأن نخبنا ما زالت قابعة في قمة عقل نهاية ستينيات القرن المنصرم و هذا عقل إنتهى في فرنسا مع نهاية ثورة الشباب في فرنسا عام 1968.
و عليه عندما نقول نهاية أفكار ما بعد الحداثة كأننا نعلن إنتصار فلسفة التاريخ الحديثة بشكل واضح و هي قد بداءت مع فلاسفة و علماء إجتماع و إقتصاديين وأنثروبولوجيين و شعراء منذ نهاية الحرب العالمية الأولى و بعد عقد ظهرت أفكار مدرسة الحوليات في فرنسا و ظهرت أفكار النظرية العامة لكينز و قبلهما أفكار ماكس فيبر و كلها قد أعلنت أن فلسفة التاريخ التقليدية قد أفلت و قد وصلت مبتغاها و غايتها في الماركسية و الهيغلية و لم يعد ماركس طليقا بل قد أصبح في الأغلال إلا أن عبد الله علي ابراهيم الى يومنا هذا لم يخطر بذهنه أن فلسفة التاريخ الحديثة قد بداءت منذ بداية ثلاثينيات القرن المنصرم و هذا ما فات على أتباع مؤتمر الجريجيين و أتباعهم أمثال عبد الله علي ابراهيم و حامد فضل الله و عبد الله بولا و ثلاثتهم لا نجد لهم أي فتوحات أو فيوض معرفية من وحي فلسفة التاريخ الحديثة و حالهم حال أغلب النخب السودانية فأغلب جهودهم الفكرية لم تتخطى حدود فلسفة التاريخ التقليدية.
لذلك عجز عبد الله علي ابراهيم كمؤرخ تقليدي أن يفهم أن على المدى الطويل تصبح دراسة التاريخ الإقتصادي و التاريخ الإجتماعي علم إجتماع و هذا ما فطن له هشام شرابي كعالم إجتماع و تبعه إدورد سعيد في كتابه الأخير الأنسنة و النقد الديمقراطي.
أما حامد فضل الله كل ما أقراء كتاباته لم توحي لي إلا أنه من ذلك الجيل الذي قد ردد لزمن طويل مقولة الشاعر الإنجليزي كيبلينغ" الشرق شرق و الغرب غرب و لن يلتقيا أبد" في وقت قد أصبحت الإنسانية كافة تعيش و لأول مرة تاريخ واحد لكافة الناس بعد الثورة الصناعية لذلك لم يعد هناك شرق و غرب بل أن العالم قد أصبح متساوق و يسير بإتجاه إنتصاره للفرد و العقل و الحرية و حامد فضل كطبيب في ألمانيا من عينة المثقف السوداني الذي يعيش على نمط الشرق و الغرب و الحضارة الغربية و الحضارة الشرقية لذلك تجده يدافع عن الإسلاميين في مقاله الأخير عن كتاب محمد جميل يمجد حامد فضل الله كل من الترابي و عبد الوهاب الأفندي و الطيب زين العابدين و التجاني عبد القادر و هذه الأفكار قد خرجت من مخزونه عن فكرة الشرق و الغرب و الإسلام و الغرب و غياب فكرة فلسفة التاريخ الحديثة عن أفكاره و هذه مشكلة أمثال الطبيب حامد فضل الله و هو آتي من جهة الطب و يحاول في العلوم الإنسانية و هي علوم إنسانية تحدث عن أزمتها فلاسفة و علماء إجتماع و أنثروبولوجيين في القرن الأخير و قدموا نقد معرفي و تفكير نقدي يصعب على حامد فضل الله كطبيب هاو للعلوم الإنسانية أن يفهم أزمتها أي أزمة العلوم الإنسانية و كيف يتم فيها التحول في المفاهيم.
و من ضمن التحول في المفاهيم مفهوم الدين التاريخي الذي لم يفهمه حامد فضل الله لذلك ما زال يرى في فكر الترابي و الطيب زين العابدين و عبد الوهاب الافندي بصيص أمل و هذا يذكرنا بتعاونه مع عبد الوهاب الافندي أو خديعته من قبل الأفندي و قد أعطوا جائزة ابن رشد للغنوشي و هذا مضحك من الوهلة الأولى و رأينا كيف فشل الغنوشي في عشريته في تونس و كانت دلالة أن الغنوشي يسير على هدى إحياء علوم الدين للغزالي و ليس على حكمة ابن رشد و حينها قلنا للمرة الأخيرة فاز الغزالي عبر الغنوشي على ابن رشد في عقر داره أي دار الجائزة و من المشرفين عليها حامد فضل الله و الكل يعرف كيف إنتقد ابن رشد فكر الغزالي فكيف تجراء حامد فضل الله أن يعطي الغنوشي تابع الغزالي جائزة ابن رشد؟
هذا مضحك حقا المهم في الأمر يمكنك أن تجد لحامد فضل الله العذر في أنه طبيب و أن أزمة العلوم الإنسانية في القرن الأخير من إختصاص الفلاسفة و علماء الإجتماع و الإقتصاديين و الأنثروبولوجيين و قد صادف قرنها الأخير أن تكون فيه نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة التي قد قدمت لنا فكرة الشرط الإنساني و هذا للمختصيين في العلوم الإنسانية مشكل كالمشكل االإقتصادي الذي عبره تتسلسل النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي و نظريات إقتصاد التنمية فدعك من طبيب كحامد فضل الله جاء لأزمة العلوم الإنسانية من موقع هاوي.
لذلك كل كتابته خالية من أي فكر يوضح أنه قد أدرك فلسفة التاريخ الحديثة التي تنتصر لفكرة الشرط الإنساني و في ظله لم يعد للدين أي دور بنيوي يلعب على صعد الإقتصاد و السياسة و الإجتماع فاننا في زمن زوال سحر العالم كما يقول ماكس فيبر فوهم حامد فضل الله بأن الشرق و الغرب و الإسلام و الغرب يجعله يظن أن الترابي مفكر في وقت قالها محمد أركون أن فكر الترابي فكر تقليدي و أن كتبه كتب تقليدية و محمد أركون هو من هو لو سألتني من أقرب اليك محمد أركون الجزائري في فكره النيّر أما حامد فضل لله السوداني في محاباته لفكر الإسلاميين لأجبت بلا تردد أقرب لي محمد أركون من حامد فضل الله الطبيب المحابي للكيزان و لو كان له عذر واحد نقول أنه ليس له علاقة بالعلوم الإنسانية و أزمتها خلال القرن الأخير لذلك تظل كتاباته عن العلوم الإنسانية خالية من فكر القارئ المدرب و فكرة فن القراءة التي تحدث عنها إدغار موران و لقاءه بإدورد سعيد شخصيا أو لقاءه بسمير امين لا يعني أنه مسموح له بأن يجعلنا أن نقبل فكره الذي ينطلق من إدراك ود البلد و يريدنا أن نقبله كفكر. و نقول له أن إدورد سعيد في إعتذاره عن كتابه الإستشراق المذكور في أعلى المقال قد تخلص من ظن الإسلاميين أن كتاب الإستشراق يخدم فكرهم فمتى تتخلص أنت يا حامد فضل الله من محاباتك لفكر الكيزان و تصل لمستوى وعي إدورد سعيد و مساهمته في إنتشال الوعي أم هذه مهمة المختصيين في العلوم الإنسانية و مراقبة كيفية الخروج من أزمتها؟

taheromer86@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عبد الله علی ابراهیم العلوم الإنسانیة النخب السودانیة حامد فضل الله حامد فضل على أفکار أفکار ما فی کتابه فی فرنسا أن کتاب فی فکره ابن رشد فی فکر من قبل عام 1993 إلا أن

إقرأ أيضاً:

كارثة قيس سعيد في تونس

لماذا لم تفتتح الأحزاب والفاعلون السياسيون السنة السياسية، كما في كل عام؟ ما الذي جعل المشهد السياسي في تونس، حزينا، بائسا، لا مؤشر فيه للخروج من النفق؟

درجت العائلات السياسية في تونس، منذ 30 عاما على الأقل، على افتتاح ما تسميه "السنة السياسية الجديدة" مع الفاتح من سبتمبر/أيلول من كل عام، تزامنا مع عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، وفتح الجامعات والكليات أبوابها للطلبة.

كانت الأحزاب تتشوف للموسم السياسي الجديد، عبر الإعداد له منذ فترة الصائفة، من خلال الاجتماعات الماراثونية، وإعداد ورقات عمل سياسية، وبيانات، ومبادرات سياسية، والبحث عن تحالفات حزبية، وإن بشكل محدود، وكانت جميع هذه السياقات تحيل إلى حراك سياسي لافت، كانت السلطات التونسية، خلال مرحلة الاستبداد (قبل ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011)، تتهيأ له عبر تعديلات حكومية، ومقترحات تشريعية، واستمالة بعض الأحزاب والمكونات السياسية؛ لسحب البساط من تحت المعارضة، وحراكها السياسي، ومن ثَم إفشال مساعي المعارضة، وجعلها تدور في "حلقة مفرغة" من المطالب التي لا تنتهي، والصوت العالي الذي لا يستكين، والسقوف التي ترتفع بلا أي منجز سياسي واقعي.. وهو ما كان يعطي للمشهد التونسي، زخما مثيرا، رغم محدودية الآفاق، في ظل حكم مستبد آنذاك.

ومع ثورة الشعب التونسي في يناير/كانون الثاني 2011، اتخذ المشهد السياسي، شكلا آخر من التنظيم، وارتفعت سقوف الأحزاب: نشأت مكونات سياسية عديدة حد "الإسهال الحزبي"، وصعدت وجوه وتيارات، وخرج من كان في قمقمه، خائفا أو متوجسا، وبات المشهد السياسي على وتيرة عالية من التطلعات والطموحات والمطالب، بشكل خلق زخما سياسيا وفكريا وإعلاميا، سرعان ما استتبع ثورات بعض البلدان العربية، ضمن ما سُمي بـ "ثورات الربيع العربي".

ساهمت جملة من المحددات في جعل المشهد السياسي التونسي، نموذجا في العالم العربي، تأتي إليه النخب من كل الأصقاع للاطلاع والدراسة وتقديم النصح، والدخول في مناقشات مع السياسيين والإعلاميين وصناع القرار السياسي.

إعلان ومن بين هذه المحددات:

محددات.. وشروط

المناخ السياسي الحر، الذي أوجدته الثورة، وأشعرت الناس والأحزاب والسياسيين، وغيرهم من
اللاعبين في المشهد، بوجود حرية مكفولة للجميع، وتنوع وتعدد فكري وسياسي لافت.. عرف المشهد
أكثر من 200 حزب، ونحو 10 آلاف جمعية ومنظمة، أو تزيد، وآلاف الاحتجاجات، والاجتماعات
والمبادرات السياسية والتشريعية، بالإضافة إلى تشكل تحالفات في اليسار واليمين، ضمن مكونات
أيديولوجية وحزبية، نشيطة وفاعلة. الحراك السياسي والاجتماعي، استعدادا للمواعيد الانتخابية، وما يتبع ذلك، من ترتيبات ونقاشات
وجدل واسع، حول القانون الانتخابي، والنظام السياسي، وقانون الأحزاب، وقانون الجمعيات،
ومواضيع الحريات والحقوق، وما رافق ذلك من جدل ديني، لا يبدو أنه حسم جميع الاختلافات
والتباينات بين العائلات الفكرية والسياسية في البلاد، لكنه أعطى الانطباع، بأن التونسيين، يصوغون
مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة بحرية، دون عسس أو بوليس سياسي، أو سطوة الدولة ورقابتها
البوليسية التي دأبت عليها أنظمة عديدة في عالمنا العربي، إذا استثنينا بعض الدول، وهي تعد على
أصابع اليد الواحدة. وجود تمفصل واضح، بين السلط الحاكمة، وأساسا بين رئاسة الجمهورية، والمجلس الوطني
التأسيسي، ورئاسة الحكومة، قبل أن يضاف إليها جملة من الهيئات الدستورية المستقلة، التي كانت
شكلا من أشكال الرقابة ضد أي عملية تراجع القهقرى إلى مرحلة ما قبل الثورة.. وهكذا كان المشهد
السياسي، يتحرك بعجلات متعددة ومتنوعة، يراقب بعضها البعض، فقد كان الجميع يضع يديه على
قلبه، خشية النكوص بالثورة والتجربة الوليدة، إلى الوراء. الإعلام الحر، الذي لعب دورا مركزيا في مرحلة الثورة، أي طوال السنوات الأولى من مخاضاتها،
بشكل جعله قاطرة للوعي السياسي والمجتمعي، ويكفي هنا الإشارة إلى أن تونس شهدت في تلك
الفترة، ولادة نحو 360 صحيفة؛ (يومية وأسبوعية)، ونحو 20 إذاعة محلية، وأكثر من 15 محطة
تلفزيونية، بالإضافة إلى مراكز بحوث ومخابر دراسات متخصصة في الشأن السياسي. تشكل منظمات رقابية مكثفة، تراقب السلطة، والأحزاب، والبرلمان، والانتخابات، وأشكال الفساد
المختلفة والمتعددة، بمفهومه السياسي، والمالي، والتشريعي، بما جعل مكونات المشهد السياسي، تحت
ضغط المنجز الاجتماعي والسياسي. وبطبيعة الحال، كانت الجملة السياسية، حاضرة بقوة في الحياة السياسية، وهي جملة متعددة
ومتنوعة، ونشيطة، وفي حراك دائم، بالمنطق التوليدي للأفكار، ما خلق صراعات وتجاذبات
وتباينات، شكلت إطارا لمضامين سياسية جديدة، بصرف النظر عن التقدير السياسي والأيديولوجي
لها. وعلى الرغم من مقالب الثورة المضادة في تلك الفترة، وتحالفاتها مع جهات إقليمية لم تكن ترى في الوضع التونسي، سوى أنه حاضنة لتفجير ثورات وقلاقل في الإقليم، فإن الوضع السياسي، حافظ على مساره النشيط المتنوع، بصرف النظر عن التطورات التي عرفتها، تجارب الثورات العربية الأخرى، بدءًا بالقاهرة، وصنعاء، وطرابلس، مرورا بدمشق. الانقلاب.. يقلب المشهد السياسي

فهل حافظت الحياة السياسية اليوم في تونس على زخمها وحراكها الزاخر بالأحداث والأفكار والمكونات السياسية والفكرية التي عرفتها خلال السنوات الخمس الأولى-  على الأقل ـ إبان الثورة التونسية؟

إعلان

المتابع للمشهد السياسي التونسي منذ "انقلاب يوليو/تموز 2021″، يلاحظ بلا عناء، أن البلاد عرفت منحدرا رهيبا في وضعها السياسي والمجتمعي والإعلامي والحكومي، وفي مجال الحريات وحقوق الإنسان، بل حتى في مستوى قيمة المواطنة، لم تعرفه حتى في أوج مرحلة استبداد بن علي.

لقد حرص الرئيس التونسي، قيس سعيد، على أن يقلب الوضع، بكل مضامينه، وملامحه والمعطيات المتحكمة فيه.

– حول جل نشطاء المشهد السياسي خلال العشرية الماضية، إلى سجناء سياسيين، بتهمة "التآمر" و"تدبير انقلاب" عليه، والتخابر مع الخارج، وخاصة مع سفارات أجنبية، وهي تهم يقول المحامون والمطلعون على الملفات القضائية هذه، إنها فارغة"، بل يصرون على أنها "مفبركة"، وبالنتيجة، أُفرغت الساحة السياسية من الفاعلين الرئيسيين فيها، من رموز حركة النهضة، مرورا بالحزب الجمهوري، و"مواطنون ضد الانقلاب"، ونداء تونس، والحزب الدستوري الحر، وشخصيات سياسية من خارج الأحزاب، فضلا عن رجال أعمال، عرفوا بدورهم في مرحلة ما بعد الثورة التونسية، بصرف النظر عن التقدير السياسي للمهام التي اضطلعوا بها.

– إعفاء القضاة الشرفاء الذين رفضوا التحول إلى "مجرد موظفين" لدى السلطة، وتمسكوا باستقلالية المرفق القضائي، ولم ينصاعوا إلى سياسة "القضاء وظيفة"، كما أراده الرئيس سعيد، وعلى الرغم من قرار المحكمة الإدارية، إعادة الاعتبار لهؤلاء، فقد مُنعوا من استئناف عملهم كقضاة، بل منعتهم السلطة من الترسيم ضمن هيئة المحاماة، وما تزال قضيتهم جارية إلى الآن في المحاكم التونسية.
وعندما يسقط عمود القضاء من بناية الديمقراطية، يسود الخوف والتوجس، ويهيمن التردد والارتباك..

– إعادة هيكلة القطاع الإعلامي، بعد سجن صحفيين ومدونين، في سياق منعهم من التعبير عن آرائهم ومواقفهم المناهضة للانقلاب، وتغيير المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية العمومية (الحكومية)، وتجفيفها من أي مسؤول يمكن أن تخول له نفسه ممارسة المهنة باستقلالية، وهو ما جعل المشهد الإعلامي متصحرا إلى أبعد الحدود، إلى درجة أن أحد النقاد للوضع، صرح قائلا: "لم تشهد تونس ضحالة في مستوى المحللين السياسيين، وعلى صعيد مضمون البرامج، أكثر من هذه الفترة"، حيث لم يعد المرء يسمع سوى الصوت الموالي للسلطة، بل حتى الدفاع عنها، اتخذ شكل "البروباغندا الفجة"، التي لا يبدو أن أصحاب الرأي فيها مقتنعون بما يصرحون ويقولون، بل إن بعضهم بات ينتقد "الموجة الإعلامية" السائدة حاليا، بصوت مرتفع.

– ويعاني الكثير من الإعلاميين والمحامين، والسياسيين وأعضاء البرلمان السابق، الذي أُغلقت أبوابه بدبابة عسكرية يوم 25 يوليو/تموز 2021، المنع من السفر، وتتهددهم قضايا منشورة لدى المحاكم، كشكل من أشكال الضغط على مواقفهم وتحركاتهم.

– بات ما تبقى من أحزاب سياسية، عرفت بصوتها المرتفع، ومواقفها الشجاعة، متوجسة من أن تلقى نفس مصير رموز وقيادات أحزاب أخرى، موجودين رهن الإيقاف أو الاعتقال أو الأحكام السجنية الأولية.. ومن ثم تشهد الأحزاب شبه تغييب قسري، فلا تحركات (إلا ما تعلق بالقضية الفلسطينية)، ولا بيانات سياسية، ولا اجتماعات، ولا تحالفات حزبية، ولا مبادرات، على النحو الذي شهدته البلاد خلال السنوات التي سبقت "الانقلاب".

– غلق جميع الهيئات الدستورية المستقلة، لأسباب غير مقنعة، على غرار، "هيئة النفاذ إلى المعلومة"،  و"هيئةا لتقصي في شبهات الفساد"، و"الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري" (المعروفة اختصارا بـ "هايكا")، دون محاكمة أعضائها أو إحالة ملف الفساد لديهم إلى القضاء، و"هيئة حماية المعطيات الشخصية"، التي توفي رئيسها، قبل أن ترى النور مجددا، بالإضافة إلى "الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب"، التي تواجه ضغوطا شديدة، وهي ما تزال تكابد للحفاظ على وجودها وكينونتها.

إعلان

فيما جُردت "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" من كامل صلاحياتها المستقلة، بعد أن أصدر الرئيس التونسي، في أبريل/نيسان 2022، تعديلا، قلص من عدد أعضائها (من 9 إلى 7 أعضاء)، كان البرلمان يتولى انتخابهم، وبات رئيس الدولة يعينهم بشكل فردي. ما جعلها هيئة منزوعة الاستقلالية، وضاعف الشكوك في الأرقام والمعطيات الصادرة عنها، فضلا عن فقدانها صفة الضامن لنزاهة الانتخابات، طبقا للمعايير الدولية للهيئات الانتخابية.

وبالطبع أسهم كل ذلك، في إضعاف القدرات المؤسساتية في إنفاذ قوانين عديدة تتعلق بمجال اختصاص هذه الهيئات، وتراجعٍ عملي لآليات حماية الحقوق والحريات، مقابل تعاظم نفوذ السلطة التنفيذية واستعادتها مجالات لطالما خضعت سابقا لسيطرتها زمن الاستبداد.

وهكذا تمت "تعرية" المشهد الدستوري برمته، الذي أضحى خاليا من كل المكونات الرقابية والضامنة للتفريق بين السلطات، وعدم تغول الدولة، ومؤسسات الحكم التنفيذية.

– اختلال الميزان السياسي، لصالح الانفراد بالحكم، مقابل تراجع الديمقراطية، التي قال عنها رئيس الجمهورية، إنها انتهت، وعلى البشرية البحث عن صيغ أخرى لتنظيم العلاقة بين السلطة والمجتمع، وهو ما جعل دستور الرئيس قيس سعيد، الذي خطه بيديه، لا يتضمن الآليات الديمقراطية المتعارف عليها في بقع عديدة من تجارب العالم.

– ومع ضرب القاعدة الاجتماعية للسياسة، وهو المجتمع المدني، من خلال قرارات بمنع أو حل مئات الجمعيات، بداعي التمويل الأجنبي، أفرغ المشهد من مكوناته الرئيسة، وبات أفرغ من فؤاد أم موسى.

وضع كارثي

لقد وجد المشتغلون بالسياسة منذ ما يقرب من 40 أو 50 عاما، أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه إطلاقا، فهم ليسوا ممنوعين فقط من الفعل السياسي، بل إنهم مهددون بالقضاء، وبأحكام ستبعثهم إلى السجون غير مأسوف عليهم، ما عطل حركتهم، وجعل هامش المناورة لديهم ضعيفا للغاية، إن لم نقل منعدما تماما.

ومثال "جبهة الخلاص"، التي تضم حركة النهضة (ذات المرجعية الإسلامية)، وزعماء في تيار "مواطنون ضد الانقلاب"، وشخصيات سياسية مستقلة، إلى جانب ما يعرف بـ "الجبهة الاجتماعية الديمقراطية"، بروافدها المعروفة: "الحزب الجمهوري"، و"التيار الديمقراطي"، و"التكتل الديمقراطي"، و"حزب العمال"، أبرز دليل على "قعود" الأحزاب والمنتظم السياسي برمته، واستكانتها لهذا المشهد المفتوح على جميع الاحتمالات السيئة، وهو ما أدى إلى هذا العطل السياسي الشامل، وجعل السنة السياسية الجديدة الراهنة، تُفتتح في ظل غياب الأحزاب والمكونات السياسية، بل لم تشهد البلاد، في واقع الأمر، أي حدث أو تحرك، أو مبادرة، يمكن أن تؤشر لوجود سنة سياسية جديدة.

لماذا هذا الوضع الكارثي، الذي لم تشهده حتى سنوات استبداد بن علي؟

هناك مجموعة من العوامل، مجتمعة، ساهمت في هذه المآلات البائسة:

عوامل أساسية فالأحزاب والشخصيات السياسية، ساهمت بقلة حيلتها، وخشيتها من مصير سجني، ومسلسل قضائي قد لا ينتهي، كما يحصل لرفاقهم من السجناء السياسيين حاليا، في جعل الوضع يتخذ هذا المنحى المتدهور..لقد كانت الأحزاب زمن حكم بن علي، فاعلة وشجاعة، وصوتها مسموع في الخارج قبل الداخل، ومبادراتها، "شيبت" شعر النظام، كما يقال، ولكنها اليوم، تقف شبه عاجزة، مكبلة، مرهقة، وزاد صمتها إزاء ما يجري في البلاد، أزمة وعطلا على عطل. ركون جزء هام من الفاعلين السياسيين والحزبيين، إلى أطروحات أيديولوجية عفا عليها الزمن السياسي الدولي قبل المحلي.. فما يزال البعض في المشهد السياسي التونسي، يرفض التحالف مع هذا أو ذاك لاعتبارات أيديولوجية، وكأن التحالفات تقوم على قوالب جاهزة رفض هذه المكونات الجلوس على طاولة واحدة، لبحث التقاء سياسي ما، للخروج من حالة التدهور التي تعم المشهد السياسي، وهو ما استفاد منه نظام الرئيس قيس سعيد، الذي وجد نفسه وحده في المشهد، يتحدث ويقرر، ويخيط ثوبا جديدا للبلاد، بلا أي منافس أو "إزعاج سياسي" من أي من القيادات السياسية المعارضة. ومع مغادرة الكثير من الزعامات والقيادات السياسية البلاد، واختيارها الهجرة إلى الخارج، "خوفا من بطش النظام"، كما يقولون، أفرغت الساحة السياسية من غالبية شخوصها، ليجد النظام نفسه في مواجهة الفراغ في الجبهة المعارضة له. يضاف إلى كل ذلك، أزمة الثقة الكبيرة بين الرأي العام التونسي، والنخب والطبقة السياسية، ما كرس نوعا من الاختلال المجتمعي والسياسي، لعب النظام على وتره، عبر تغذية الانقسام المجتمعي، والتشجيع على الصراعات الوهمية، بين حداثيين وإسلاميين، ومنظومة الثورة والمنظومة القديمة، و"العشرية السوداء" و"سنوات التصحيح الثوري"، وهلم جرا من أشكال الانقسام، وزرع بذور التناقضات بين العائلات السياسية، التي لم تستفق إلى الآن، من سباتها العميق.. بل ما زالت تستبطن "معارك طواحين الهواء"، وتتحرك بموجبها. وجود موجة إقليمية ودولية، مشجعة على نهاية السياسة، واستبدال الطبقة السياسية التاريخية للمجتمعات العربية، إلى جانب اهتمام الخارج، إقليميا ودوليا، بالحرب على غزة، بشكل قلص من حجم الضغوط التي كانت تمارس على بعض الأنظمة الموغلة في الممارسات اللاديمقراطية. إعلان

وهكذا بلغت الحياة السياسية التونسية، وربما في كامل أرجاء العالم العربي، أسوأ مرحلة في تاريخ البلاد السياسي، بما يجعل عملية النهوض من جديد، صعبة ومعقدة، وخيارات الغيب فيها أكثر من أي سيناريو آخر، لا يبدو اليوم واضحا لكل متتبع منصف للوضع.

لقد عطل الانقلاب جميع المحركات الديمقراطية، وأوقف شلال الحراك السياسي، وأدخل الإرباك على المنتظم الحزبي، بما غيّر المعادلة، ولو إلى حين.. والحين بأيدي المعارضة النائمة ــ والحق يقال ــ في سمن الانقلاب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأنبا بولا يترأس احتفال يوم الخادم بالإيبارشية
  • ماذا ستفعل حماس بعد وقف الحرب؟.. عبد المنعم سعيد يجيب
  • تعلن محكمة غرب إب بأن على المدعى عليه/ علي سعيد الحضور إلى المحكمة
  • ابراهيم حسن: نبارك للشعب المصري.. وسنواصل الاستعداد بقوة لأمم أفريقيا
  • كارثة قيس سعيد في تونس
  • بيان للمرة الثانية من أبناء وبنات المرحوم الحاج أحمد عبد الله سعيد الشيباني بشأن تجاوزات ومغالطات عبد الكريم أحمد عبد الله الشيباني
  • الماجستير في إدارة الأعمال للباحث ابراهيم العبيدي
  • أنبياء ذكرهم الله ببعض أسمائها فى كتابه العزيز.. تعرف عليهم
  • عرض جماهيرى لأفلام مهرجان بردية السينمائى فى ضيافة المركز القومى للسينما .. الاتنين
  • عرض جماهيرى لأفلام مهرجان بردية السينمائى فى ضيافة المركز القومى للسينما بسينما الهناجر.. الأثنين