ماذا تعني الهند في عالم متعدد الأقطاب؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
من السهل أن ننسى الماضي عندما يكون الحاضر حلواً. وفي أوقات الدفء بين الهند والولايات المتحدة، يجدر بنا أن نوضح كيف وصلنا إلى هنا.
بهذه الكلمات، يتناول مقال فيد شيندي في موقع "أوراسيا ريفيو"، وترجمه "الخليج الجديد"، محاولات الهند منذ أيامها الأولى كجمهورية شابة، الإبحار عبر ضغوط سياسات القوى العظمى، حيث كان الشعار الذي أحبت نيودلهي إطلاقه خلال التنافس الثنائي القطب في الحرب الباردة هو "عدم الانحياز"، وهي طريقة مهذبة للقول إننا أيضًا نريد أن نعتبر قطبًا، حيث آمنت القيادة الهندية المبكرة في عهد نهرو بمكانة الهند المحددة مسبقًا كدولة حضارية.
ووفقا للمقال، فقد كانت الحقيقة الباردة المتمثلة في الهزيمة في عام 1962 ضد الصين، بمثابة "درس صارخ لدلهي"، مضيفا: "الخطاب والحجج في المنتديات المتعددة الأطراف لا تشكل أهمية بالنسبة للأمن".
وبعد توازن قصير تجاه الولايات المتحدة، أدت الشعارات الأيديولوجية والشكوك العميقة في الدوافع الأنجلوأمريكية إلى دفع دلهي بعيدًا عن واشنطن.
وكان التصور السائد هو أن الولايات المتحدة، التي ضللها البريطانيون الماكرون، تعمل على تسمين باكستان في جنوب آسيا، الأمر الذي أثار القلق في دلهي.
اقرأ أيضاً
عن الهند والصين وما بينهما
التوازن
ويضيف المقال، أنه بحلول أوائل سبعينيات القرن العشرين، أدركت الهند أن التوازن كان جزءاً من اللعبة، وكان تساوي المسافة بين المعسكرين سبباً في إلقاء الخطابات المجاملة، ولكن ليس السياسة السليمة.
وفي عهد رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي (1980-1984)، تحركت الهند بشكل حاسم نحو الاتحاد السوفييتي.
ونتيجة لذلك، وصلت العلاقات الهندية الأمريكية إلى الحضيض.
ولم تكن هناك قضية لم يتمكن الطرفان من الجدال بشأنها، فقد ترك الدعم الأمريكي لباكستان في حرب 1971، العلاقة "ممزقة".
كما أن استعداد الهند المتصور لاستخدام الأسلحة النووية أثار غضب واشنطن.
كما أغلقت دلهي الباب أمام التجارة حيث طردت شركتي كوكا كولا وآي بي إم من الهند وتم نشر الخوف من "الإمبريالية الجديدة" لحشد الجماهير المحلية.
اقرأ أيضاً
أتلانتيك كاونسل يوضح تداعيات النهج الهندي والصيني على توسيع بريكس
أحادية القطب
وفي الوقت نفسه، كان النظام العالمي ينتقل إلى مرحلة أحادية القطب نادرة نسبياً، حيث تتربع أمريكا على القمة.
كما أدى تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 إلى انهيار افتراضات السياسة الخارجية التي عملت بها نيودلهي لعقود من الزمن، ولم يعد هناك متبرع يمكن أن يحملها على ظهره.
وفي عام 1991، فرضت المشاكل الاقتصادية في الداخل إصلاحات كانت في أمس الحاجة إليها؛ ومع ذلك، سارعت الهند بتحرير التجارة قبل بناء الكفاءات المحلية.
ولم يتم الالتفات إلى التوجه العملي الذي تبناه الزعيم الصيني دنج شياو بينج، فيما يتصل بإصلاح السوق الداخلية في وقت مبكر، ثم تحرير التجارة بعد بضعة أعوام.
وكانت الصين قد طبقت نسختها من الإصلاحات الاقتصادية قبل 12 عاماً من الهند.
وبعد الإصلاحات التي نفذتها الهند، أصبحت المشاركة الاقتصادية أخيرا أحد العوامل الدافعة لبدء المحادثات بين الولايات المتحدة والهند.
ومع ذلك، فإن قرار الهند بالإعلان عن نفسها كقوة نووية في عام 1998 كان سبباً في عرقلة العلاقة الناشئة.
اقرأ أيضاً
تململ من الصين والهند وتحرك أمريكي.. هل تعود روسيا إلى اتفاقية الحبوب مجبرة؟
وبعد الكثير من الشوق الدبلوماسي، استقرت العلاقات نحو الأفضل.
وأخيرا وقع الجانبان على الاتفاق النووي المدني التاريخي في عام 2008.
ورغم أن النتائج العملية للاتفاق كانت ضئيلة، إلا أن واشنطن أذعنت لتطلعات الهند باعتبارها قوة آسيوية.
علاوة على ذلك، شعرت الولايات المتحدة بعدم الارتياح إزاء صعود الصين الهائل في آسيا، حيث ساعد الحفاظ على علاقات جيدة مع دلهي في تحقيق التوازن مع بكين.
ومع ذلك، فإن الشكوك الهيكلية للولايات المتحدة في البيروقراطية الهندية وتجاوزات واشنطن المضللة في الخارج أقنعت الهند بأن السعي إلى عالم "متعدد الأقطاب" كان حاجة الساعة.
واستخدمت دلهي منتدى روسيا والهند والصين، بالإضافة إلى مجموعة "بريكس" كآليات تحوط ضد واشنطن القوية للغاية.
وكان المقصود من التحالف مع هذه القوى الناشئة الأخرى ضمان التعددية القطبية.
اقرأ أيضاً
الصين بين السعودية وإيران.. كيف سترد الهند على سحب البساط من تحتها في غرب آسيا؟
تهديد الصين
وفي العقد الماضي، بدأت أوهام الهند الاستراتيجية تتجلى، بعدما نجحت الصين في تأمين مكانتها باعتبارها التحدي الرئيسي الذي يواجه الهند.
وقد أقنعت سلسلة من الاشتباكات على حدود الهيمالايا ونفوذ بكين المتزايد في جنوب آسيا دلهي بأن بكين هي الشغل الشاغل لها.
كما أدت شراكة الصين مع باكستان في كافة الأحوال، والتقويض الاقتصادي للهند، والطموحات البحرية التوسعية، إلى خلق الشكوك حول دوافع الصين على المدى الطويل في دلهي.
والآن، عندما تدعو الهند إلى "عالم متعدد الأقطاب"، فإنها توضح بكل وضوح أن آسيا المتعددة الأقطاب تشكل شرطاً ضرورياً لعالم متعدد الأقطاب. وفي جوهر الأمر، فإن النظام الآسيوي مجزأ.
كما أن الصعود الهائل للصين لا يعني أن بكين قادرة على التصرف مثل المافيا المحلية.
كما أن آسيا أصبحت ساحة للتنافس، حيث تعمل العديد من القوى الناشئة والمتوسطة على حماية هويتها وسيادتها بهدوء، بينما تعمل الولايات المتحدة والهند معًا لدعم هذا الواقع وضمان الاستقرار".
وقد أدركت دلهي أيضًا أن الولايات المتحدة ضرورية لنموها الاقتصادي.
ويختتم المقال بالقول إن "رأس المال والتكنولوجيا الأمريكيين يشكلان أهمية حاسمة في تحول الهند، كما يرتبط مصير الهند في العقود المقبلة ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة، سواء كانت الصين جارة لها أم لا".
اقرأ أيضاً
أميركا تسعى لكسب الهند في صراعها مع الصين
المصدر | فيد شيندي/ أوراسيا ريفيو – ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الهند الصين دلهي الولايات المتحدة الأقطاب
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني عودة التداول في بورصة دمشق لاقتصاد سوريا؟
دمشق- استأنفت سوق دمشق للأوراق المالية تداولاتها اليوم الاثنين بعد توقف دام نحو 6 أشهر، وسط حضور رسمي رفيع المستوى ومشاركة واسعة من شخصيات اقتصادية ومستثمرين وتجار.
وأكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية في كلمة ألقاها في الفعالية أن هذه الخطوة رسالة واضحة بأن عجلة الاقتصاد السوري بدأت بالدوران مجددا، مشيرا إلى أن الحكومة تسير وفق رؤية اقتصادية شاملة ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف وتعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، إلى جانب مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياlist 2 of 2الذهب والنفط يرتفعان مع تصعيد الحرب الروسية الأوكرانيةend of listوأوضح برنية أن السوق تتجه نحو التحول إلى شركة خاصة خلال الفترة المقبلة، لتكون منصة فاعلة في تطوير الاقتصاد، بالتوازي مع مواكبة التحول الرقمي في الأسواق المالية، وتهيئة بيئة استثمارية أكثر مرونة تقوم بتمكين القطاع الخاص بدلا من منافسته، وذلك عبر سياسات محفزة ومشاريع استثمارية واعدة.
محطة تاريخيةمن جانبه، قال المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية باسل أسعد إن السوق باتت مهيأة للعودة إلى أداء دورها الطبيعي، في ظل توقعات بتوسع أكبر في حجم الاستثمارات ضمن "سوريا الجديدة".
وأشار أسعد إلى أن الإدارة رغم محدودية الموارد نجحت في تنفيذ المهام الموكلة إليها بشفافية وحماية حقوق المستثمرين، مؤكدا استعداد السوق لمواكبة التغيرات الاقتصادية والتقنية المرتقبة.
إعلانوبشأن الشركات المدرجة في السوق، قال أسعد في تصريح للجزيرة نت إن عددها حتى الآن 27 شركة، وعادت منها 14 شركة للتداول، أما الشركات المتبقية فلم تلب متطلبات بسيطة بتقارير الحوكمة أو الإفصاح عن بياناتها المالية، مشيرا إلى أن تلك الشركات ستتدارك ذلك خلال وقت قصير وتعود للتداول.
وأضاف أن الشركات المدرجة للتداول تعمل في مختلف القطاعات، من القطاع المالي (مصارف وشركات تأمين)، والصناعي، والخدمي كشركات الاتصالات.
وعن حجم التداول في العام الماضي 2024 منذ بداية العام وحتى تاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول (آخر أيام التداول)، قال أسعد إنه بلغ نحو 198 مليون سهم، أي ما يعادل تريليون ليرة سورية (90.9 مليار دولار).
وأشار أسعد إلى أن السوق عادت للعمل وفق نظام تداول يمتد على 3 أيام في الأسبوع مؤقتا يتم عبر شركات الوساطة المعتمدة، والبالغ عددها 6 شركات.
واعتبر أنه في ظل العودة إلى التداول بعد توقف استمر 6 أشهر تم الأخذ في الحسبان الحاجة إلى تخفيف وتيرة التداول مؤقتا، مما يمنح المستثمرين الوقت الكافي لاستيعاب التغيرات وفهم تأثيرها على أسعار الأسهم، وذلك بهدف ضمان استقرار السوق، على أن يعود العمل بالنظام المعتاد (5 أيام تداول في الأسبوع) بعد تهيئة الظروف المناسبة.
وتقرر تعليق الصفقات خارج المقصورة لمدة شهر، في إطار سعي الإدارة لضمان أعلى درجات الشفافية والرقابة، ولا سيما أن تتبع هذا النوع من العمليات يكون أكثر صعوبة، وفق أسعد الذي أكد أن هذا الإجراء مؤقت، وقد يعاد النظر فيه خلال فترة قريبة تبعا لظروف السوق.
آلية التداولوأوضح أسعد أن آلية التداول في البورصة تشمل عمليات داخل المقصورة عبر الشاشات، إضافة إلى وجود ما تعرف بـ"الصفقات الضخمة أو التداولات خارج المقصورة"، والتي غالبا ما تبرم باتفاق مباشر بين البائع والمشتري خارج القنوات المعتادة، مع تسويات مالية موازية.
إعلانوأوضح أن عودة الشركات المساهمة إلى التداول ارتبطت بمدى التزامها بالمعايير المطلوبة، مثل الإفصاح عن البيانات المالية النهائية للعام الماضي، وتحديث تقارير الحوكمة، والإفصاح عن قوائم كبار المساهمين، وهو ما التزمت به أغلبية الشركات، في حين تعمل بعض الجهات على استكمال المتطلبات خلال فترة قصيرة.
وفيما يتعلق بالإجراءات المتخذة لعدم السماح للمجرمين باستغلال بورصة دمشق، أشار أسعد إلى أن أجهزة الدولة قامت بالكثير من الإجراءات الفنية والقانونية الدقيقة قبل إعادة التداول، وشملت التحقق من امتثال المساهمين لحقوق الملكية، مما يضمن نزاهة العمليات ويؤمّن مناخا قانونيا مناسبا، ومن أن المالكين هم من المستثمرين الذين لا غبار على سلوكهم.
وأوضح أسعد أن السوق اليوم تجد نفسها أمام واقع اقتصادي يتجه إلى مزيد من الانفتاح، مدفوعا برغبة قوية من المستثمرين المحليين والخارجيين بالمساهمة في عملية إعادة البناء والتنمية في سوريا.
وأشار إلى أن الشركات المساهمة العامة توفر بيئة مثالية للاستثمار الآمن، نظرا لما تقدمه من ضوابط حوكمة وشفافية وإدارة تشاركية، مؤكدا أن السوق مستعدة لاستقبال أي شركة تستوفي شروط الإدراج وترغب في دخول هذا المسار.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي والمصرفي السوري نبال نجمة أن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية خطوة مهمة تندرج ضمن عملية الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تشهده سوريا مؤخرا.
وقال نجمة في تعليق للجزيرة نت إن عملية الإصلاح الاقتصادي هذه حققت تقدما ملحوظا من خلال الاستعانة بكفاءات مالية واقتصادية لإدارة الوزارات المعنية والمواقع الاقتصادية الحساسة في سوريا، ومن خلال الجهد سياسي الذي أدى إلى رفع العقوبات عنها لتتعامل مع العالم بشكل نظامي وطبيعي وضمن قنوات مالية معترف بها.
إعلانوأوضح أن لإعادة التداول في هذا التوقيت دلالات اقتصادية عديدة، معتبرا أنها خطوة تعزز الثقة بالاقتصاد السوري.
وبشأن الأدوار الاقتصادية التي يمكن لسوق دمشق للأوراق المالية أن تلعبها في المرحلة المقبلة، يرى الخبير أنها تتمثل بـ3 مستويات أساسية:
تأمين قنوات تمويلية للشركات المدرجة في السوق المالية: فعمليات الطرح العام تؤدي إلى رفد خزينة هذه الشركات بالأموال اللازمة لنموها التجاري. المستوى الاستثماري: فالتداول والاستثمار في السوق المالية قد يتيحان فرصا استثمارية جديدة للمتعاملين الاقتصاديين، ويؤدي هذا إلى إمكانية الاستثمار في أصول جديدة. قرارات استثمارية شجاعة: الشركات المدرجة في السوق المالية عليها أن تستوفي الكثير من الشروط وأن تستجيب لمتطلبات الحوكمة المتعارف عليها عالميا، وذلك يسمح للمتعامل الاقتصادي باتخاذ قرارات استثمارية شجاعة، ويؤدي إلى تعزيز الشفافية وتحفيز الاستثمار وخلق السيولة في السوق المالية، وبالتالي في الاقتصاد السوري ككل.ويشير الخبير إلى أنه لا بد لهذه الخطوة أن تترافق مع مجموعة من الخطوات الأخرى التي من شأنها أن تسهم في زيادة الإنتاج وتخفيض البطالة وتحقيق الاستقرار النقدي في سوريا، لأن ذلك هو ما ينعكس بصورة فعلية على المستوى المعيشي للسوريين، ويؤدي على المدى البعيد إلى تحقيق الاستقرار السياسي والوطني.
ويأتي افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية ضمن إطار جهود الحكومة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتعزيز ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية بعد سنوات من الدمار الذي ألحقته الحرب وسياسات النظام البائد بالبنى التحتية والقطاعات الاقتصادية والمالية.
يذكر أن سوق دمشق للأوراق المالية انطلقت لأول مرة في عام 2009، لكن أداءها تأثر بشكل كبير خلال السنوات الماضية نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية، إلى جانب العقوبات الغربية والتوقفات المتكررة للتداول لأسباب تنظيمية وتقنية.
إعلان