عربي21:
2025-10-16@04:59:31 GMT

كيف تغير التكنولوجيا استراتيجيات الحرب وأدواتها؟

تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT

يدلل هجوم المسيرات الأوكراني الأخير على المطارات الروسية على التحولات الجذرية التي تدخلها التكنولوجيا المتقدمة على الحرب واستراتيجياتها وأدواتها.

فبعملية استخباراتية جريئة، أدخل الأوكرانيون في شاحنات نقل عديد المسيرات إلى الأراضي الروسية، وتجاوزوا بذلك خطوط الدفاع الجوي التي عادة ما تعمل لرصد وإسقاط الأجسام المعادية على الحدود وعلى مسافات بعيدة عن المواقع الحيوية، ثم أطلقوها ومن مسافات قريبة بحمولتها المتفجرة لمهاجمة المقاتلات والقاذفات الروسية الرابضة في المطارات فدمروا وأعطبوا 40 وأظهروا قدرتهم على نقل العمليات العسكرية إلى العمق الروسي.



وبينما تقترب الخسائر المادية لروسيا، وفقا للتقديرات الأولية، وبسبب التكلفة الباهظة للمقاتلات والقاذفات من 7 مليارات دولار أمريكي، لم يتحمل الطرف الأوكراني الكثير نظرا للكلفة المحدودة للمسيرات والتي باتت تستخدم على نحو يومي في الحرب بين البلدين.

بذلك تكون التكنولوجيا المتقدمة، والتي تطورت معها المسيرات كسلاح جوي فعال وفتاك، قد قدمت للبلد الأصغر والأضعف عسكريا في الحرب الروسية-الأوكرانية الفرصة لتجاوز اختلال موازين القوة وتوظيف أداة رخيصة الثمن لتدمير أسلحة باهظة الكلفة وتغيير معادلة العمق الروسي الذي لا يمس في مقابل الأراضي الأوكرانية المستباحة. فقد مكنت التكنولوجيا، ومعها بالقطع الكفاءة الاستخباراتية، أوكرانيا من توجيه ضربة مؤلمة لروسيا في مطاراتها الواقعة في العمق السيبيري.
تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان
وبالمثل، تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان وتزيد في جميع الأحوال من قدراتها التدميرية. ليست تكنولوجيا الحرب في القرن الحادي والعشرين تكنولوجيا أقل دموية من سابقاتها، بل على العكس فهي تنشر الدماء والدمار على نحو أوسع نظرا للكلفة المحدودة لأدوات كالمسيرات التي يستخدمها الأوكرانيون في أوروبا ودول كإسرائيل وإيران في الشرق الأوسط وحركات اللادولة كالحوثيين وتسمح للأطراف الأضعف في معادلات القوة من تجاوز اختلال القدرات العسكرية بتوجيه ضربات من نوعية هجوم المسيرات الأوكراني أو من نوعية المسيرات والصواريخ التي يطلقها الحوثيون.

ولا يقل عن هذا الأمر خطورة ما ترتبه استخدامات الذكاء الاصطناعي فيما خص الحروب والصراعات العسكرية. فقد تطورت قدرات كرصد وتحديد مواقع ومهاجمة العناصر البشرية والمقومات المادية للدول وحركات اللادولة، على النحو الذي أظهرته ضربات إسرائيل المتتالية ضد إيران وحركة حماس وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن. هنا أيضا لا يرادف التقدم التكنولوجي التراجع في خرائط الدماء والدمار الناجمة عن الحروب، بل يعني في التحليل الأخير وبسبب القوة المفرطة المزيد من القتل والتشريد.

فالقوة المفرطة التي تمكن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها تغري بالتوسع في الحروب والصراعات العسكرية وإطالة أمدها (على النحو الذي آلت إليه الأمور بين روسيا وأوكرانيا وتتواصل به الحرب في غزة) وتغري أيضا بالتوسع في استهداف العناصر البشرية والمقومات المادية لدى الأطراف المعادية (على النحو الذي تمارسه روسيا يوميا بتدمير البنى التحتية الأوكرانية وتستخدمه إسرائيل ضد حماس وحزب الله).

وما بين تغيير التكنولوجيا المتقدمة لاستراتيجيات الحروب وأدواتها، بعد أن صارت المسيرات التي لا تكلف سوى آلاف الدولارات قادة على تدمير مقاتلات وقاذفات بمليارات الدولارات (الهجوم الأوكراني الأخير) وبين القوة المفرطة التي تمكن استخدامات الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها ومن توظيفها في سياق عمليات استخباراتية مدبرة (عملية الباجر التي نفذتها إسرائيل ضد عناصر حرب الله) تتصاعد عالميا سباقات تسلح محمومة ولهاث محموم أكثر خلف أسلحة الدمار الشامل دون خطوط حمراء.

وحتما ستتمثل نتائج تلك التطورات الخطيرة في اتساع نطاقات الحروب والصراعات العسكرية وارتفاع مناسيب الدماء والدمار، وفي إبعاد دول هي في أمس الحاجة إلى تخصيص إمكاناتها للعمل التنموي والأمن الإنساني ولجهود التكيف البيئي وللطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر عن كل ذلك والزج بها إلى أتون سباقات التسلح وجنون أسلحة الدمار الشامل.

وإذا كان القليل من بين دول عالم اليوم لا يعاني من محدودية الإمكانات المادية ويستحوذ على ما يكفيه لإطلاق جهود التنمية المستدامة وتطوير تسليح جيوشه (دول الخليج خاصة السعودية والإمارات نموذجا) فإنه كان من الأجدر بالدول هذه والأفضل لها أن تبتعد عن سباقات التسلح وأن توجه الموارد الموظفة لشراء الأسلحة إلى مساعدات تنموية لجوارها المباشر والإقليمي (وهو فيما خص السعودية والإمارات دول شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير المصدرة للنفط أو الغاز الطبيعي).

ليست الأزمة الحادة التي تتعرض لها منظومة العلاقات الدولية في 2025 وحسب من صناعة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا من نتاج التعريفات الجمركية التي يفرضها على الشركاء والمنافسين على حد سواء، بل هي أيضا ترتبها التغيرات المتسارعة التي تأتي بها التكنولوجيا المتقدمة إلى ساحات الحروب والصراعات العسكرية وتزيد من حدتها الأبواب التي صارت مشرعة لجحيم سباقات التسلح والقوة المفرطة وأسلحة الدمار الشامل.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه روسيا روسيا اوكرانيا طائرات مسيرة الحرب الجديدة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات صحافة اقتصاد سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التکنولوجیا المتقدمة القوة المفرطة

إقرأ أيضاً:

الناتو يبدأ اختبار أنظمة جديدة للكشف عن المسيرات الروسية وتحييدها

أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته أن الحلف سيختبر أنظمة جديدة لكشف الطائرات المسيرة وتحييدها، عقب سلسلة من الاختراقات الجوية الروسية للأجواء الأوروبية.
يعمل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي على سد الثغرات في دفاعات القارة عقب عدة انتهاكات روسية للمجال الجوي لبولندا وإستونيا في سبتمبر.
أخبار متعلقة واشنطن: ضوابط بكين على تصدير المعادن النادرة تسيء إلى العالم بأسرهالبيت الأبيض يتوقع تسريح 10 آلاف موظف بسبب الإغلاق الحكوميوقال روته لوسائل إعلام بعد اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في بروكسل يوم الأربعاء، إن الحلف "سيطبق عددًا من الإجراءات الإضافية لمكافحة الطائرات المسيرة والتي من شأنها تعزيز وتوسيع وتسريع قدرتنا على مواجهتها".
ويهدف الحلف تحديدًا إلى اختبار "أنظمة متكاملة" قادرة على "كشف التهديدات الجوية وتتبعها وتحييدها بشكل أفضل".
وناقش الوزراء أيضًا دعمهم العسكري لأوكرانيا.مبادرة "بورل" لدعم أوكرانياوعند وصوله إلى مقر الناتو دعا وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث الدول الأوروبية وكندا على زيادة دعمها لأوكرانيا من خلال مبادرة "بورل" التي أطلقتها واشنطن وتتيح لكييف شراء أسلحة أميركية بتمويل أوروبي.
وقال هيغسيث "يتحقق السلام عندما نكون أقوياء، لا عندما نستخدم عبارات مُبالغًا فيها أو نُلقي محاضرات، يتحقق عندما نمتلك قدرات فعلية ومتينة يحترمها خصومنا".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الناتو يبدأ اختبار أنظمة للكشف عن المسيرات الروسية وتحييدها -Lowy Institute
وفي إطار برنامج "بورل"، تلقت كييف دفعتين من المساعدات تُقدّر بنحو ملياري دولار، بتمويل من هولندا ودول أسكندنافية أخرى.
وتعهدت ألمانيا وكندا تمويل دفعتين إضافيتين، بقيمة 500 مليون دولار لكل منهما، وتأمل كييف في الانتهاء من إعداد دفعتين إضافيتين قريبًا.
وأكد روته أن أكثر من نصف دول حلف شمال الأطلسي البالغ عددها 32، استجابت للدعوة، من دون تحديد المبالغ المخصصة.
لا تشارك فرنسا في هذا البرنامج، ولم تُثر وزيرة الدفاع الجديدة كاترين فوتران التي تشارك للمرة الأولى في اجتماع للناتو، هذا الموضوع لدى وصولها إلى بروكسل.زيادة دعمهم العسكريوفي وقت سابق يوم الأربعاء، دعا وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميجال الحلفاء الأوروبيين إلى المشاركة في هذه المبادرة، وبشكل عام، إلى زيادة دعمهم العسكري.
وستحتاج أوكرانيا إلى 120 مليار دولار على الأقل العام المقبل لمجهودها الحربي، وستتمكن من تمويل نصف هذا المبلغ بنفسها.
لكن تحتاج كييف أيضًا بشكل عاجل إلى 4 مليارات دولار في عام 2026.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سلسلة من الاختراقات الجوية الروسية للأجواء الأوروبية - Table Briefings
وقال شميجال: "سنتمكن من صنع ما يصل إلى 10 ملايين مسيرة إذا التزم شركاؤنا بتوفير الأموال اللازمة".5600 مسيرة في سبتمبروأكد شميجال أن أوكرانيا تعرضت في سبتمبر وحده لهجمات بنحو 5600 مسيّرة و180 صاروخًا. وتعتزم دول حلف شمال الأطلسي الاستفادة من خبرة أوكرانيا في الحرب ضد المسيرات.
في سبتمبر، دفع تسللت نحو 20 طائرة مسيرة روسية إلى المجال الجوي البولندي الناتو لإسقاط 3 منها، في سابقة لم تحدث منذ تأسيس الحلف عام 1949.
وبعد أيام قليلة، رافقت مقاتلات تابعة للناتو 3 طائرات روسية من طراز "ميج" إلى خارج الأجواء الإستونية، بعد اختراق استمر 12 دقيقة، وهي فترة قياسية.
وقد أعقب هذا الرد السريع إطلاق عملية "الحارس الشرقي" (Eastern Sentry)، بهدف تعزيز المراقبة على الخاصرة الشرقية لحلف الناتو.

مقالات مشابهة

  • الناتو يبدأ اختبار أنظمة جديدة للكشف عن المسيرات الروسية وتحييدها
  • «الناتو» يسعى لتسريع بناء «جدار المسيرات» لحماية أجوائه
  • التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها
  • أوكرانيا تدق ناقوس الخطر بشأن مكونات أجنبية في المسيرات الروسية
  • وثيــقة إنــهاء الحــرب على غــزة
  • البيت الأبيض ينشر فحوى وثيقة الضمانات التي وقعها الوسطاء في شرم الشيخ
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • عاجل | فحوى الوثيقة التي وقعها الوسطاء في شرم الشيخ: ندعم جهود الرئيس ترمب لإنهاء الحرب وتحقيق سلام دائم
  • السيسي لـ ترامب: أثبتم أن القيادة ليست في شن الحروب وإنما في إنهائها
  • أنهينا 8 حروب - ترامب من الكنيست: الفوضى التي ابتليت بها المنطقة انتهت تماما