اقترب قدوم شهر ذي الحجة 1446 هـ، ولذلك يزداد معدل البحث من قبل المسلمين عن فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وهل أوصى بها رسولنا الكريم؟، لأن يصوم البعض هذه الأيام، من أجل التقرب إلى الله.

صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

ويعتبر صيام العشر من ذي الحجة استعداد روحي لاستقبال عيد الأضحى، ومن الأعمال الصالحة المستحبة، التي تضاعف الأجر والثواب، وزيادة الحسنات ومحو السيئات، وذلك وفقاً لما أوضحه علماء الدين.

فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

وكشفت دار الإفتاء المصرية، أن فضل صيام العشر من ذي الحجة، جاء في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، منها قوله: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر، قالوا: «يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟» قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».

شهر ذي الحجة صيام العشر الأوائل من ذي الحجة سُنة عن رسول الله

وقالت دار الإفتاء، إنه قد ثبت صيامُ العشر من ذي الحجة بنصوص الشريعة، وهو مروي عن مجاهد، وعطاء، ومحمد بن سيرين، وغيرهم، واتفقت كلمة الفقهاء على استحبابه، فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ».

أجر صيام العشر من ذي الحجة

وأضافت الإفتاء المصرية، أن فضل صيام العشر من ذي الحجة، جاء في حديث ورد عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: صِيَامَ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ».

صيام يوم عرفات

وتابعت، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ، يَعْدِلُ صِيَامَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامَ كُلَّ لَيْلَةٍ بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ».

اقرأ أيضاًردده الآن.. دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة

أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة.. اللهم بلغنا يوم عرفة

أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة.. الصوم وكثرة الذكر في مقدمتها

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: استقبال عيد الأضحى العشر الأوائل من ذي الحجة دار الإفتاء المصرية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة صيام العشر من ذي الحجة صيام يوم عرفات عيد الأضحى فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة صیام العشر الأوائل من ذی الحجة صیام العشر من ذی الحجة فضل صیام العشر الله ع ى الله

إقرأ أيضاً:

حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج .. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟

أجابت دار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلة: إن الإنجابَ حقٌّ مشتركٌ بين الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد بقرارِ منعه أو تأجيله دون إرادة الآخر، إلا إذا كان هناك حاجة داعية له إلى التأجيل، فإذا تحققت الحاجة؛ كتخوف الزوجة من إدمان وتعاطي زوجها للمخدرات وما يتبع ذلك من مخاطر على ولدها في حال كونه جنينًا أو بعد ولادته؛ فإنه يجوز لها حينئذٍ الانفراد بقرار تأجيل الإنجاب حتى يتعافى زوجها من الإدمان، وتأمن من عدم تأثر الجنين أو الطفل بتوابعه.

ما علاج الكسل في العبادة؟.. الإفتاء تجيبهل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. الإفتاء تجيبما الفرق بين ترتيب النزول وترتيب المصحف؟.. الإفتاء تجيبآداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح

حث الشرع على رعاية الأبناء ودور الوالدين في ذلك

أشارت الى ان من عناية الشريعة الإسلامية بالأمور الأساسية التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها، ولا تتحقق مصالحهم إلا بالحفاظ عليها ورعايتها، كالنفس والعقل والدِّين والنسل والمال، جعلت المحافظة عليها هي المقصود الأعلى لها، والذي عليه مدار أحكامها وتشريعاتها، حتى أطلق العلماء على ضرورة الحفاظ على هذه الأمور "مقاصد الشريعة الكلية" بحيث لا يخرج عن رعايتها حكمٌ من الأحكام المنصوص عليها، وإليهم أيضًا المرجع والمآل فيما يستجد من النوازل والوقائع والأحوال.

وتابعت: ولَمَّا كان حفظُ النَّسلِ مِنَ المقاصدِ الكليَّة التي حثت الشريعةُ على رعايتها، فقد فطرَ الله تعالى الإنسانَ على شدةِ التعلقِ والمحبة لذريتِه ونَسْلِه، حتى جعلهم من زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46].

فتحتم على الآباء بداعي الطبع وضرورة الفطرة بذل قصارى الجهد من أجل تنشئتهم تنشئة حسنة، إلا أنه لخطورة أثر التَّهاون أو الإهمال في حقِّ الأولاد، مع تأكُّد تفاوُت الناس في سلامة الطباع ونقاء الفطرة، واختلاف تقديرهم للمصالح والمفاسد، لم يترك الشرع الشريف أمرَ رعاية الأولاد موكولًا لعاطفة الآباء حيالهم أو مدى شفقتهم عليهم ورحمتهم بهم، بل ألزمهم بذلك إلزامًا حتميًّا بوازع الأمر والتكليف الشرعي، حتى أخبر أنه لو لم يكن للإنسان إثم في حياته إلا أنه أضاع حقَّ أولاده عليه، لكان عِظَمُ ذلك الإثم كافيًا حتى يحبط سائر عمله.

فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» أخرجه أبو داود في "السنن".

قال العلامة محمد بن إسماعيل الصَّنْعَاني في "سبل السلام" (2/ 323، ط. دار الحديث): [فإنه لا يكون آثمًا إلا على تركه لما يجب عليه، وقد بولغ هنا في إثمه بأنْ جعل ذلك الإثم كافيًا في هلاكه عن كلِّ إثم سواه] اهـ.

فإذا كان إثم إضاعة الأولاد كافيًا في هلاك الإنسان وموجبًا لعقوبته، فقد وجب حينئذٍ على الأزواج التحقق من مدى قدرتهم على رعاية أولادهم والقيام بحقِّهم، قبل الشروع في إنجابهم، ذلك لأن شؤون التربية والعطف والرعاية الصحية والنفسية والتعليمية تفوق في أهميتها أمرَ الإنفاق المادي، خاصة في مرحلة الطفولة؛ إذ إنَّ سد حاجة الأولاد المادية قد ينوب فيها عن الآباء غيرهم من الأهل أو الأقارب، ولا يوجد مَن يستطيع أن يحلّ محلهم أو ينوب عنهم في سد حاجة الأولاد مِن الرعاية والتربية.

حكم تأخير الحمل بسبب عدم القدرة على رعاية الأولاد

واوضحت انه إذا غَلَب على الإنسان الظن أنه لن يُحسن تربية أولاده أو أنه لا يستطيع أن يوفر لهم عوامل الطمأنينة والاستقرار والأمان والرعاية لسفر أو لمرض أو توقع خطر عليهم، شُرِعَ له حينئذٍ الامتناع عن الإنجاب، حتى يغلب على ظنه تحقق القدرة على القيام بذلك الحق، فيكون بذلك مراعيًا لظروفه وإمكاناته رافعًا عن نفسه إثم تكليف نفسه بما فوق وسعه وطاقته.

وذلك مقتضى ما تواردت عليه النصوص الشرعية، حيث أفادت أنه إذا خاف الزوجان أو أحدهما على ذريته من المشاق أو الضرر أو عدم القدرة على القيام بواجبه الشرعي نحوهم جاز أن يمتنع من الإنجاب حتى يزول ما يتخوف منه، وتتحقق لديه القدرة من القيام بحقِّ رعايتهم؛ قال تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].

فالآية تفيد أن الإضرار بالأولاد منهي عنه مِن كلِّ وجهٍ، فكانت الوسيلة الموصلة لذلك منهيًّا عنها لما قد تقرر أنَّ "ما أدى إلى الحرامِ فهو حرامٌ"، كما نص على ذلك الإمام عزِ الدِّين ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (2/ 218، ط. مكتبة الكليات الأزهرية).

قال الإمام الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (6 /462، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ وإن كان خبرًا في الظاهر، لكن المراد منه النهي، وهو يتناول إساءتها إلى الولد بترك الرضاع، وترك التعهد والحفظ.

وقوله: ﴿وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ يتناول كلَّ المضار، وذلك بأن يمنع الوالدة أن ترضعه وهي به أرأف، وقد يكون بأن يضيق عليها النفقة والكسوة أو بأن يسيئ العشرة فيحملها ذلك على إضرارها بالولد، فكلُّ ذلك داخلٌ في هذا النهي] اهـ.

كما تواردت نصوص السُّنَّة المطهرة على مشروعية اتخاذ وسائل منع الحمل إذا ثَبَتَ أنه يترتب على حصوله الإضرار بالولد، ومن ذلك: ما همَّ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النهي عن الغيلة -وهي أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ وَلَدَهَا، فتحملَ فيضرَّ لبنُها رضيعَها- فلما عَلِمَ أنَّ ذلك لنْ يَضر بالولد لم ينه عنه، فعَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".

كما قد تبادر إلى فهم الصحابة رضي الله عنهم أن يتخذوا وسائل منع الحمل شفقةً على أن يتضرَّر من حملِ الأم ولدها الصغير، ولم يعارض النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحة ذلك الفهم منهم، مع توضيحه أنه إذا لم يثبت الضرر لم يكن هناك ثمة داعٍ لمنع الحمل، فعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَوْلَادِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ». وَقَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا. مَا ضَارَ ذَلِكَ فَارِسَ وَلَا الرُّومَ» أخرجه مسلم في "الصحيح".

قال الإمام أبو الفرج ابن الـجَوْزي في "شرح المشكل من حديث الصحيحين" (4/ 21، ط. دار الوطن): [إِنَّمَا خَافَ أَن تحمل فيشربَ ابْنُهَا الْمُرْضَع اللَّبَأَ فيؤذيَه، فَقَالَ: "لَو ضرَّ ذَلِك فَارس" أَي: إِنَّهُم لَا يحترزون من هَذَا وأبناؤهم حِسان] اهـ.

وقال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم لما أُشْكِل من تلخيص كتاب مسلم" (4/ 175، ط. دار ابن كثير): [(قوله: لو كان ذلك ضارا ضرَّ فارس والرُّوم).. وفيه حجة على إباحة العزل] اهـ.

وقال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي الشافعي في "الإحياء" (2/ 51-52، ط. دار المعرفة) في سياق بيان آداب معاشرة النساء ما مُحصَّلُه: [الصحيح عندنا أن ذلك مباحٌ، ثم تحدث عن البواعث المشروعة لإباحة العزل وقال: إنها خمسة، وَعَدَّ منها: استبقاء جمال المرأة وحسن سماتها، واستبقاء حياتها خوفًا من خطر الولادة، والخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والتخفف من الحاجة إلى التعب والكسب، وهذا غير منهي عنه؛ لأن قلة الحرج مُعينٌ على الدِّين] اهـ.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/ 236، ط. دار الحديث): [إن الأمور التي تَحمِلُ على العزل: الإشفاق على الولد الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع، والفرار من كثرةِ العيال، والفرار من حصولهم مِن الأصل] اهـ.

حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج

وبينت ان الأصل ألَّا ينفرد أحدُ الزوجين بمنع الحمل لكونه حقًّا مشتركًا بينهما، لما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعزل عن الحرة إلَّا بإذنها" أخرجه ابن ماجه في "السنن"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وله شواهد موقوفة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وهو قول سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء؛ كما في "مصنف عبد الرزاق" و"السنن الكبرى" للبيهقي.

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (3/ 148-150، ط. أوقاف المغرب): [لا خلاف بين العلماء أيضًا في أن الحرة لا يعزل عنها إلَّا بإذنها؛ لأن الجماع من حقِّها ولها المطالبة به.. وقد روي في هذا الباب حديث مرفوع في إسناده ضعف، ولكن إجماع الحجة على القول بمعناه يقضي بصحته] اهـ.

إلا أنه يستثنى من ذلك بعض الأحوال التي يتخوف فيها من إلحاق الضرر لأحدِ الزوجين، حيث نصَّ محققو الحنفية على أن استعمال الوسائل التي من شأنها منع الحمل مشروع في حقِّ الزوجين على السواء.

قال العلامة سراج الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "النهر الفائق" (2/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [قال في "البحر": وينبغي أن يكون سد المرأة فم رحمها كما تفعله النساء بغير إذن الزوج غير جائزٍ قياسًا على عزله بغير إذنها. أقول: فيه نظر؛ لأن لها أن تعالج نفسها في إسقاطها الولد قبل اكتمال الخِلْقة.. وعلى هذا فيباح لها سد فم الرحم بغير إذنه] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 176، ط. دار الفكر): [أخذ في "النهر" من هذا ومما قدمه الشارح عن "الخانية" والكمال أنه يجوز لها سدُّ فم رحمها كما تفعله النساء مخالفًا لما بحثه في "البحر" من أنه ينبغي أن يكون حرامًا بغير إذن الزوج قياسًا على عزله بغير إذنها. قلت: لكن في "البزازية" أن له منع امرأته عن العزل. اهـ. نعم، النظر إلى فساد الزمان يفيد الجواز من الجانبين. فما في "البحر" مبني على ما هو أصل المذهب، وما في "النهر" على ما قاله المشايخ] اهـ.

هذا، وقد قرر العلامة ابن عابدين أن تصحيح مشايخ الحنفية مسوغٌ للعدول عن الفتوى فيها على ظاهر الرواية في المذهب الحنفي، وذلك في "نشر العَرْف في بناء بعض الأحكام على العُرْف" (2/ 115، ط. دار سعادات)، وينظر أيضًا: "حاشيته على الدر المختار" (4/ 556، ط. دار الفكر).

ومقتضى ذلك: أنه يجوز للزوجة في حال تخوفها مِن لحوق الضرر بجنينها أو بطفلها أن تنفرد بقرار تأجيل الحمل وأن تتخذ الوسائل المعينة لها على ذلك، خاصةً أنه قد ثبت طبيًّا حدوث عدة مخاطر صحية للجنين في حال حدوث حملٍ أثناء تعاطي أحد الأبوين المخدرات، كانخفاض وزن الجنين، أو تعرضه للإصابة بتشوهات خِلْقية، أو تأخر في معدلِ النمو العقلي، أو التعرض لخطر الوفاة. ينظر: "تعاطي وإدمان المخدرات وأثره على تحقيق التنمية المستدامة" للدكتور/ حمدي أحمد عمر (ص: 584، عدد 55- إبريل 2022م- مجلة كلية الآداب- جامعة جنوب الوادي)، وكذلك في حال تخوفها من أن يفتقد ولدها عوامل التنشئة والرعاية والتربية الصحية أو النفقة الضرورية.

وأكدت بناءً على ذلك أن الإنجابَ حقٌّ مشتركٌ بين الزوجين، ولا يجوز لأحدهما أن ينفرد بقرارِ منعه أو تأجيله دون إرادة الآخر، إلا إذا كان هناك حاجة داعية له إلى التأجيل، فإذا تحققت الحاجة كتخوف الزوجة من إدمان وتعاطي زوجها للمخدرات وما يتبع ذلك من مخاطر على ولدها في حال كونه جنينًا أو بعد ولادته؛ فإنه يجوز لها حينئذٍ الانفراد بقرار تأجيل الإنجاب حتى يتعافى زوجها من الإدمان، وتأمن من عدم تأثر الجنين أو الطفل بتوابعه.

طباعة شارك منع الإنجاب الإنجاب انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب إدمان الزوج حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب الإفتاء تأخير الحمل حكم تأخير الحمل بسبب عدم القدرة على رعاية الأولاد

مقالات مشابهة

  • حكم ترك الزوج للمنزل بغرض تأديب الزوجة.. الإفتاء تجيب
  • حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج .. الإفتاء تجيب
  • آداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح
  • هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟ .. أمين الفتوى يوضح
  • دعاء الاستفتاح في الصلاة.. اعرف ما ورد عنه في السنة النبوية
  • فتاوى تشغل الأذهان| هل يؤثر نسيان تسبيح الركوع على صحة الصلاة؟.. هل صيام أول يوم من السنة الهجرية بدعة؟.. هل تزكى المرأة عن ذهب الزينة المستعمل؟.. حكم صلاة المنفرد خلف الصف في المسجد
  • حكم صلاة المنفرد خلف الصف في المسجد.. دار الإفتاء توضح
  • هل صيام أول يوم من السنة الهجرية بدعة؟ .. دار الإفتاء تُوضح
  • ما هي علامات الحسد والعين في الرزق؟.. الإفتاء: اتقوه بـ3 سور
  • ما حكم صيام رأس السنة الهجرية الجديدة؟.. الإفتاء تجيب