فوزي عمار
عاد رجب توًا من المدرسة في الظهيرة إلى البيت، وكان رجب ذكيا. وسريع التعلم. وجد على الطاولة الصحيفة وبها مقال بارز: "ليبيا إلى أين؟". توقف عند علامة الاستفهام، وسأل أمه عنها التي نهرته لانشغالها بإعداد الكسكسي وجبة الغداء؛ فالأب على وشك الوصول.
عاد الأب من العمل فسأله رجب عن علامة الاستفهام فردَّ عليه بغضب أنه تعبان ويُريد أن يتغذى ويرتاح ليرجع للعمل عصرا.
في اليوم التالي سأل رجب المدرس عن علامة الاستفهام فغضب المُعلم، وقال له: هل تهزأ بالصف. قم وقف قرب السبورة ووجهك للحائط حتى نهاية الدرس.
وبعد أن وقف رجب قرب الحائط، استمر المعلم في الدرس. ومنذ ذلك اليوم لم يعد رجب يسأل أحدًا عمَّا يدور في عقله من أسئلة.
لم يعد رجب يسأل أحدًا، لكن علامة الاستفهام لم تختفِ من رأسه. كلما رأى العلامة المعقوفة في كتاب أو جريدة، توقفت عيناه عندها، وكأنها تهمس له: "ليبيا إلى أين؟".
في تلك اللحظة، خطرت له فكرة: ربما بعض الأسئلة لا تحتاج إلى إجابات جاهزة، بل إلى أن نكتشفها بأنفسنا".
في أحد الأيام، بينما كان يزور المكتبة، وقع بين يديه كتاب مغبر بعنوان "علامات الترقيم في اللغة العربية". فتحه بفضول، ووجد فيه فصلًا كاملًا عن علامة الاستفهام. وقرأ: "علامة الاستفهام (؟) توضع في نهاية الجملة الاستفهامية، وتُعبر عن السؤال والبحث عن المعنى. بعض الأسئلة تُجاب، وبعضها يبقى مُعلقًا".
ابتسم رجب. أخيرًا، وجد إجابة، ولكنها لم تكن كتلك التي توقعها. لم تكن إجابة مختصرة أو عقابًا؛ بل دعوة للاستمرار في التساؤل.
في اليوم التالي، عاد إلى المدرسة ومعه الكتاب. عند سؤال الأستاذ فرج عن معنى كلمة جديدة، رفع أصبعه كالعادة، لكن هذه المرة بدون خوف. نظر إليه المعلم، وكانت علامة الاستفهام في عيني رجب أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
- "نعم، رجب؟"
- "أستاذ، هل يمكن أن يكون السؤال أهم من الإجابة؟"
صمت الأستاذ للحظة، ثم قال بابتسامة خفيفة:
- "ربما هذا هو أول سؤال ذكي تطرحه هذا العام. اجلس، وسنناقشه معًا".
ومنذ ذلك اليوم، عاد رجب إلى طرح أسئلته، لكنه تعلم أن بعض الإجابات تأتي على مهل.
لم تكن علامة الاستفهام مجرد رمز في كتاب؛ بل أصبحت رفيقة رجب في رحلته. لقد فهم أن العالم مليء بالأسئلة التي لا تُجاب فورًا، لكن السؤال نفسه هو ما يفتح الأبواب.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ليست بدون جدوى.. كيف تشكل إطلالات المشاهير قوة ناعمة في صالحهم في المحكمة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وصلت نجمة تلفزيون الواقع، كيم كارداشيان، إلى قاعة المحكمة وسط مدينة باريس الفرنسية في مايو/أيار، متألقةً بمجوهرات تُقدَّر قيمتها بـ8 ملايين دولار.
كان اختيارها لهذه الإطلالة جريئًا، خاصةً وأنّها كانت تحضر جلسة محاكمتها الخاصة، لواحدة من أكثر عمليات السطو على المشاهير جرأةً في التاريخ الحديث.
ووصلت كارداشيان برفقة والدتها، كريس جينر، للإدلاء بشهادتها ضد اللصوص الذين يواجهون تهمًا بالسطو المسلح، والاختطاف، والتآمر، وذلك بعد سرقة مبالغ نقدية ومجوهرات بقيمة 10 ملايين دولار من النجمة، التي احتُجزت تحت تهديد السلاح خلال رحلة إلى باريس في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016.
خلال جلسة المحاكمة، ظهرت كارداشيان بنظارات شمسية من علامة "Alaïa"، وبرزت منحنيات جسدها ببدلة سوداء كلاسيكية ذات فتحة صدر واسعة من علامة "John Galliano".
تزيّن عنق كارداشيان وحده بأكثر من 52 قيراطًا من الألماس، بفضل عقد على شكل دمعة من تصميم سامر حليمة، نسّقته مع أقراط شملت قطعة على شكل حلقة توضع حول الأذن من علامة "Repossi" بعيار 4.55 قيراط، بالإضافة إلى أقراط مرصعة بالألماس والذهب الأبيض من تصميم علامة "Briony Raymond".
بالنسبة للبعض على وسائل التواصل، شكّل هذا تذكيرًا غير لائق بثروةٍ لا تنضب.
ولكن بالنسبة لأستاذ قانون الموضة في جامعة نيويورك بأمريكا، ومؤلف كتاب "قوانين الأناقة" (The Laws of Style)، دوغلاس هاند، شكّلت إطلالتها رمزًا للتحدي، فأوضح لـCNN عبر الهاتف: "اختيارها للمجوهرات أكّد رغبتها في إعلان استعادة نفوذها بعد هذا الحدث المؤلم. لو كنت أقدّم لها مشورة من منظور تجاري وقانوني، لأوصيت بإيصال رسالة مفادها أنّها ناجية".
التفاصيل الخفية للموضةلا ينبغي أبدًا الاستهانة بقوة الزيّ المُختار بعناية لقاعات المحاكم.
في عام 2023، عندما خضعت غوينيث بالترو للمحاكمة بسبب دعوى إصابة شخصية ناجمة عن حادث تزلج، اعتمدت الممثلة على مجموعة من الإطلالات الراقية والبسيطة، وساعدها ذلك في كسب تعاطف جمهور الإنترنت لصالحها.
وفي نهاية المطاف، حكمت هيئة المحلفين بالإجماع لصالح بالترو، وأخلتها من المسؤولية.
وفقًا لهاند، "عادةً ما يكون زي قاعة المحكمة محاولةً لتبديد أي انطباع بالذنب، سواءً كان الشخص متهمًا بجريمةٍ ما، أو كان متورطًا في نزاعٍ ما، أو تجربة طلاق سيئة".
وأضاف أنّ المظهر المناسب قد يساهم في ضمان "قدرٍ من المصداقية".
ولكن قد يأتي التركيز المُفرط على الموضة بنتائج عكسية، فعندما حُوكمَت مارثا ستيوارت بتهمة التداول من الداخل عام 2004، أثار اختيارها لارتداء حقيبة "بيركن" من علامة "هيرميس" جدلاً واسعًا.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في العام ذاته: "لم تُساهم حقيبة بيركن في تعزيز صورة المرأة الودودة التي كافحت وارتقت من جذور متواضعة. بدلاً من ذلك، رسّخت (الحقيبة) صورتها كامرأة مدللة".
ليست هناك دعاية سيئةفي وقتٍ سابق من هذا العام، تداخل عالما الموضة وإنفاذ القانون بشكلٍ أكبر عندما مثل مغني الراب "آيساب روكي" أمام محكمة في لوس أنجلوس بأمريكا مُواجهًا تهمتين بالاعتداء الجنائي، إحداهما بسلاح ناري.
وصل الفنان، الذي شارك مؤخرًا في رئاسة حفل "ميت غالا" لعام 2025، إلى محاكمته بمظهرٍ أنيقٍ ولافت بمعطف، وقميص مخطط، ونظارات شمسية.
وبعد أيام قليلة، أكدت منشورة وُزعت على الصحفيين أن إطلالة "آيساب روكي" كانت من تصميم علامة "سان لوران" من الرأس إلى أخمص القدمين.
عندما تم إرسال التنبيه الإعلامي، كان "روكي"، الذي بُرّئ الآن من جميع التهم، لا يزال المتهم الرئيسي في محاكمة جنائية جارية.
ولكن لم يُثنِ الموقف "سان لوران"، بل واصلت العلامة في إرسال بيانات صحفية بعد كل ظهور جديد له في المحكمة.
وفاجأ هذا التصرف مسؤولًا كبيرًا في العلاقات العامة في عالم الموضة في مدينة لندن ببريطانيا، حيث قال إنّه ينصح بعدم مشاركة تفاصيل الإطلالة أو روابط الشراء عندما تُرتدى القطع في مناسبات حساسة.
وأضاف: "ليس من المناسب التفاخر بارتدائهم لعلامتك التجارية في سياقات كهذه"، واصفًا الأمر بأنه "مبتذل".
لم ترد دار "سان لوران" على طلب CNN للتعليق.