6 أسئلة عن الحرب الأميركية على الحوثيين باليمن
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
تواصل الولايات المتحدة الأميركية غاراتها المكثفة على اليمن مستهدفة ما تقول إنه مواقع لجماعة الحوثيين بهدف الضغط على الجماعة وإجبارها على وقف هجماتها في البحر الأحمر.
ومنذ 15 مارس/ آذار الماضي، شنت الولايات المتحدة مئات الغارات على اليمن، ما أدى لمقتل 217 مدنيا وإصابة 436 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، حسب بيانات للحوثيين.
ورغم ذلك واصلت الجماعة استهداف إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاثنين بـ"رد قوي" على الحوثيين، وقال "أريد أن أقول شيئا واحدا للحوثيين ولكل من يرغب في إلحاق الأذى بنا.. أي هجوم ضدنا لن يمر دون رد. سيكون هناك رد قوي".
وترصد الجزيرة نت عبر هذا التقرير 6 أسئلة لفهم ما يجري في اليمن ومآلاته وتداعياته على جماعة الحوثيين ومستقبل المنطقة.
1- كيف بدأ الصراع؟أعلنت جماعة الحوثي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بدء شن هجمات تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية من إسرائيل.
وبدأت الهجمات على سفن إسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى استهداف مواقع في إسرائيل بصواريخ ومسيّرات بعضها طالت تل أبيب.
وشكّلت الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 تحالفا يضم أكثر من 20 دولة أُطلق عليه اسم "حارس الازدهار"، بدعوى الرد على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.
إعلانوبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/كانون الثاني 2024 شن غاراتها على مواقع للحوثيين في اليمن. وعقب ذلك، توعّدت جماعة الحوثيين بأن "كل المصالح الأميركية والبريطانية أهداف مشروعة لقواتها ردا على عدوانهم المباشر والمعلن على اليمن".
واستمرت هجمات الحوثيين وردود الولايات المتحدة وحلفائها حتى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في يناير /كانون الثاني 2025، قبل أن يتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان ترامب قد أدرج الحوثيين في قائمة "الجماعات الإرهابية" قبل 3 أسابيع من انتهاء فترة حكمه الأولى، وأخرجتها إدارة جو بايدن من هذه القائمة، وما لبث أن عاد ترامب مع بداية فترة حكمه الثانية لإعادة تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية".
2- ما هدف الغارات الأميركية على اليمن؟أعلن ترامب في 15 مارس/ آذار الماضي إطلاق هجوم مكثف على الحوثيين، وقال في بيان إعلانه بدء الهجمات "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين: وقتكم قد انتهى، ويجب أن تتوقف هجماتكم بدءا من اليوم، وإذا لم تفعلوا فسينهال عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل".
وأعلنت القيادة الوسطى تنفيذ 300 غارة على اليمن منذ منتصف مارس/آذار، بينما يقول الحوثيون إن نحو ألف غارة استهدفت مناطق متعددة في البلاد.
ومنذ بدء 15 مارس/آذار الجاري، أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة على حاملة الطائرات الأميركية "هاري إس ترومان" المتمركزة في البحر الأحمر، كما استأنفوا هجماتهم على إسرائيل.
وبعد أن كانت الغارات تستهدف في وقت سابق مناطق محدودة، توسعت رقعة الهجمات الأميركية لتشمل 12 محافظة يمنية، بما فيها صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب والبيضاء وذمار، مستهدفة قواعد جوية وموانئ ومنشآت اقتصادية ومراكز قيادة.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، ماجد المذحجي، "إن الضربات الحالية تستهدف جسم الجماعة الحوثية مباشرة، وتلحق ضرراً بالبنية التي ظلت محمية". وأضاف المذحجي، في حديث سابق للجزيرة نت "الآن يُستهدف القادة الحوثيون ومقر القيادة، وأماكن غير عسكرية، ولكنها ذات أهمية مركزية بالنسبة للحركة".
إعلانبدوره يرى الخبير العسكري علي الذهب أن "الرئيس الأميركي اتخذ قرارا بتقويض قدرات الحوثيين عموما، وليس قدرتهم التهديدية فقط"، بهدف إسقاطهم من "محور المقاومة" والقضاء عليهم.
3- ما دور إسرائيل في الصراع؟تشكل الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل تحديا لحكومة نتنياهو، ويرى الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي أن تلك الصواريخ تحقق الغاية منها، إذ تعطل حركة الملاحة في مطار بن غوريون بتل أبيب، وتدخل الملايين في الملاجئ، وتثير حالة من الهلع والرعب والفزع في الداخل الإسرائيلي.
وقال الصمادي للجزيرة إن صواريخ الحوثيين لديها سرعة انقضاضية عالية، خاصة صاروخ "فلسطين 2"، إذ يمتلك قدرة عالية على المناورة والتهرب من وسائل الدفاع الجوي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام تطبيق نظام جديد للتحذير من الصواريخ التي يطلقها الحوثيون من اليمن، ما يمنح الإسرائيليين وقتا للاستعداد والتوجه إلى الملاجئ.
ووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، تواجه إسرائيل معضلتان، الأولى نفسية مع استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن بعد وقفها من غزة ولبنان، وهذا يتطلب دخول الملايين إلى الملاجئ، ويخلق حالة طوارئ في ظل أزمة اقتصادية.
كما تواجه إسرائيل معضلة ثانية، وهي إلى أي مدى زمني سوف تقبل عدم ضرب اليمن بناء على طلب أميركي، وهو ما يفقدها قدرة الردع.
ورجح مصطفى 3 سيناريوهات لتعامل إسرائيل مع الصواريخ القادمة من اليمن:
الالتزام بالموقف الأميركي وعدم الرد على اليمن وتسليم الملف بالكامل لإدارة ترامب. أن تقوم إسرائيل بشن هجمات جوية على اليمن ولكن بكثافة وحدة أكبر. ضرب إيران، وهو السيناريو الأرجح الذي تفضله حكومة نتنياهو لإضعاف الحوثيين.وفي انتظار أي فرصة للتدخل عسكريا، تشارك إسرائيل في العمليات التي ينفذها الجيش الأميركي عبر مشاركة معلومات استخباراتية، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل قدمت معلومات حساسة عن قائد عسكري كبير من الحوثيين استُهدف في الهجمات الأخيرة.
إعلان 4- ماذا يقول الحوثيون؟قلل زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي من آثار الهجمات الأميركية الجديدة متوعدا بالتصعيد، وقال "العدوان الأميركي الجديد سيسهم في تطوير قدراتنا العسكرية أكثر فأكثر وسنواجه التصعيد بالتصعيد، ولن يحقق هذا العدوان أهدافه في تقويض القدرات العسكرية لبلدنا".
وحذر الحوثي من أن "حاملة الطائرات والقطع الحربية الأميركية ستكون هدفا لنا، وقرار حظر الملاحة سيشمل واشنطن طالما استمرت في عدوانها".
واعترف المتحدث باسم الحوثيين محمد البخيتي -في حديث سابق للجزيرة- بأن الجماعة تكبدت خسائر مادية وبشرية، دون الكشف عن حجم الأضرار، ونفى فكرة أن تؤثر هذه الخسائر على هجمات الجماعة على حاملات الطائرات الأميركية وإسرائيل، وأكد أن العمليات ستستمر ما لم تنته الحرب في غزة.
بدوره، توعد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط باستهداف شركات الأسلحة والنفط الأميركية "باعتبارها شريكة في الإجرام على أهلنا في غزة"، وأضاف "سيدرك المواطن الأميركي أن ترامب جلب لهم الخزي والخسارة، فليقولوا له لا، وإلا يتحملوا التبعات".
وفي مقال بمجلة ناشونال إنترست، يرى رامون ماركس أن الحوثيين تفوقوا على الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وأكد أن جهود البحرية الأميركية لم تفلح في منع الحوثيين من إغلاق مضيق باب المندب لما يقرب من عامين، مما أجبر حركة الملاحة البحرية على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة.
ولفت ماركس إلى أن واشنطن قد اضطرت إلى نشر مجموعات حاملات طائرات قتالية في البحر الأحمر، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لحلّ الوضع، كما صعّدت ردها بنشر المزيد من القوة الجوية، غير أن النتائج الأولية تُشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيًا.
بدوره، قال الكاتب الأميركي روبرت ورث في مقال بمجلة أتلانتيك إن الضربات ألحقت بعض الأضرار بالآلة الحربية للحوثيين، وقتلت بعض الضباط والمقاتلين، ودفعت الباقين إلى العمل تحت الأرض. لكن القوة الجوية وحدها نادرا ما تحسم الحروب.
إعلانونقل عن المحلل الأمني اليمني محمد الباشا قوله إن الحوثيين يتمتعون بميزة المناطق الجبلية النائية والمناطق الوعرة والمعزولة التي تؤمّن لأسلحتهم الحماية. وإذا صمدوا في وجه هذه الحملة المكثفة، فقد يخرجون منها أقوى سياسيا، وبقاعدة دعم شعبية أكثر صلابة.
5- هل يمكن ان يتطور الصراع لحرب برية؟يؤكد روبرت ورث أن انتزاع الأراضي من الحوثيين يتطلب حملة برية، وهو ما لا تتضمنه العملية التي أطلقها دونالد ترامب منتصف الشهر الماضي، كما أن الإدارة الأميركية لم تقم بأي محاولات دبلوماسية مع خصوم الحوثيين المحليين في جنوب وغرب اليمن.
وقال ورث إن إدارة ترامب أضرت في الواقع بحلفائها اليمنيين من دون قصد "فالحكومة اليمنية المعترف بها شرعيا تعتمد على برامج مساعدات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ألغتها إدارة إيلون ماسك، موّلت هذه المساعدات جهدا لتوحيد خصوم الحوثيين، لكن المشروع أُلغي".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب قد يسعى لاغتيال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. ومثل هذه الضربة قد تهز الجماعة بعض الشيء، وتمنح ترامب لحظة نصر تلفزيونية، لكن إذا ظن ترامب وفريقه أن بإمكانهم قطع رأس جماعة الحوثي وتجاهلها بعدها، فعليهم إعادة النظر في التاريخ. فجماعة الحوثي -حسب الكاتب- تعرضت للتدمير عدة مرات خلال العقدين الماضيين، وفي كل مرة عادت أقوى.
ويرى ورث أن إيجاد حل حقيقي لمشكلة الحوثيين ليس أمرا سهلا؛ ويتطلب جهدا منظما لتوحيد أطرف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي تنقسم حاليا إلى 8 فصائل مسلحة، ونقل عن مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن وزارة الدفاع الأميركية قد تنجح في هزيمة الحوثيين إذا وفرت دعما جويا للقوات اليمنية البرية، ووفرت الحماية للخليج من انتقام الحوثيين.
من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر دبلوماسية في وقت سابق قولها إن إدارة الرئيس دونالد ترامب وافقت على شن عملية برية ضد الحوثيين، قد تنطلق من جنوب وشرق اليمن، بهدف السيطرة على ميناء الحديدة.
إعلانغير أن محرر الشؤون اليمنية في قناة الجزيرة أحمد الشلفي استبعد هذا السيناريو، موضحا أن واشنطن قد تكتفي بتقديم دعم للفصائل المحلية، لكنها لن تزج بقواتها على الأرض، في ظل رفض سعودي وإماراتي لأي تدخل بري مباشر، واستمرار التفاوض مع إيران بشأن ملفات إقليمية عدة.
وأكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن دخول القوات الأميركية اليمن سيعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، لأن الطبيعة الجغرافية الوعرة والشبيهة بأفغانستان، ستُفشل أي تدخل بري، مشيرا إلى أن الكتلة السكانية الكبرى تقع في مناطق الحوثيين، مما يجعل أي اجتياح مغامرة غير محسوبة.
وأضاف الدويري أن واشنطن قد تلجأ فقط لعمليات نوعية محدودة، عبر وحدات كوماندوز أو إنزال جوي، تهدف لاختطاف أو تصفية قيادات حوثية، لكنه شدد على أن التاريخ العسكري الأميركي يثبت فشله في حروب لا تملك أهدافا سياسية واضحة، بدءا من فيتنام وانتهاء بالعراق وأفغانستان.
وأوضح أن الصواريخ الحوثية لا تُطلق من الموانئ وإنما من عقد جغرافية داخل المرتفعات الجبلية، مما يجعل السيطرة على مواقع الإطلاق شبه مستحيلة عبر إنزال بحري، واستحضر في هذا السياق هجوما سابقا دمر فيه الإسرائيليون منشآت نفطية في الحديدة دون التأثير على مواقع إطلاق الصواريخ.
واعتبر الدويري أن الحرب الأميركية في اليمن تمثل نموذجا صارخا "للعنف بلا جدوى"، لأن غياب الهدف السياسي يعني تكرار فشل الولايات المتحدة في حروبها السابقة.
6- هل هناك أفق لحل الصراع؟يتوقع المحلل السياسي اليمني عبد الواسع الفاتكي -في تصريح سابق للجزيرة نت- 3 سيناريوهات لمستقبل المواجهات بين الولايات المتحدة والحوثيين:
السيناريو الأول: في حال كانت الضربات الأميركية أكثر تأثيرا على الحوثيين وقدراتهم العسكرية، قد تجبر الجماعة على اتخاذ مسار الهدوء النسبي والتوقف عن استهداف خطوط الملاحة الدولية. السيناريو الثاني: استمرار الحوثيين في التصعيد باستهدافهم السفن في البحر الأحمر وخليج عدن مع هجمات مضادة أميركية، وقد يتوسع ذلك بتدخل عسكري تشارك فيه دول عدة ضد الجماعة. السيناريو الثالث: مرتبط بانفراجة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي يدفع الحوثيين إلى الكف عن استهداف خطوط الملاحة. إعلانولا يحظى التصعيد ضد الحوثيين بتأييد مطلق داخل الولايات المتحدة، إذ برز تيار يرى أنه يجب على واشنطن أن تنهي فورا نشاطها العسكري ضد الحوثيين، وأن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية للقيام بدور أكثر استباقية في حماية سفن الشحن الخاصة بها.
ويأتي النائب الجمهوري توماس ماسي على رأس هؤلاء المطالبين بعدم تدخل بلاده في الدول الأجنبية، وتقليص استخدام الجيش الأميركي في الخارج، وقال ماسي في تغريدة سابقة إن الولايات المتحدة ليست ضمن الدول التي تتأثر تجارتها باضطراب الملاحة في البحر الأحمر.
وأوضح أن أكثر دول تخسر من تلك الاضطراب هي الصين فقد خسرت 9.6 مليارات دولار، والسعودية 5.8 مليارات، وألمانيا 3.4 مليارات، واليابان 3.1 مليارات، ثم كوريا الجنوبية 2.7 مليار دولار.
وينتمي ماسي إلى تيار الأحرار في الحزب الجمهوري، وهو تيار لا يؤمن بوجود مصالح لواشنطن في التدخل في حروب لا تنتهي بالشرق الأوسط.
ويرى جون هوفمان محلل السياسة الخارجية في معهد كاتو في تحليل منشور له أن نهج واشنطن تجاه الحوثيين هو مثال لسوء التصرف الإستراتيجي، وقال "لن تنجح إستراتيجية واشنطن، فهي ذات تكلفة كبيرة وتعرّض حياة الجنود الأميركيين المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية للخطر، وتخاطر بزعزعة استقرار اليمن وكذلك استقرار المنطقة الأوسع".
وأكد هوفمان أنه "لا توجد مصالح وطنية حيوية للولايات المتحدة على المحك في اليمن تبرر هذا المستوى من التدخل العسكري الأميركي، أو تبديد مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة فی البحر الأحمر جماعة الحوثیین على الحوثیین جماعة الحوثی على الیمن فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الصين وأوروبا تقودان التحول نحو الطاقة الخضراء مع التراجع الأميركي
رغم الخلاف السياسي والتجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي، فقد برز مجال واحد للتعاون على الأقل جدير بالملاحظة أثناء القمة التي عقدت بين الطرفين في أواخر يوليو/تموز في بكين، وهو مجال الطاقة الخضراء. ويأتي ذلك على حساب الولايات المتحدة، التي تراهن اليوم أكثر على مخزونها من الوقود الأحفوري.
وفي القمة، أصدر الجانبان بيانا مشتركا اتفقا فيه على تسريع تطوير ونشر تقنيات الطاقة الخضراء، كما أكدا دعمهما اتفاقية باريس للمناخ، التي انسحبت منها إدارة الرئيس ترامب بعيد عودته إلى البيت الأبيض.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3للمرة الأولى.. طاقة الشمس والرياح تتفوق على الطاقة الحرارية بالصينlist 2 of 3توسع عالمي في الطاقة الشمسية والصين تتصدرlist 3 of 3هل تعوّض الطاقة الشمسية الغاز الإيراني لحل أزمة الكهرباء بالعراق؟end of listويرى محللون أن هذا التعاون، بالنسبة لكل من بروكسل وبكين، يمثل فرصة مشتركة ونادرة لترك بصمة إيجابية على النظام الدولي، في حين أن السياسات الأميركية الحالية تُضعف دور واشنطن كقائد عالمي للابتكار والتكنولوجيا.
كما أن أوروبا تكتسب نفوذا على الولايات المتحدة في ظل الخلافات الراهنة، بإظهار استقلاليتها الإستراتيجية واحتفاظها بمصدر للواردات الرخيصة التي تأتي غالبا من الصين، وهو أمر حيوي لانتقال أوروبا إلى الطاقة الخضراء.
وتُعتبر الصين شريان حياة للعديد من الاقتصادات المتقدمة والأسواق العالمية، بفضل تقنيتها الخضراء المنتجة بكميات كبيرة والمتوافرة بأسعار معقولة، مثل الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، لكن بكين حصلت على الصفقة الأفضل مع أوروبا، في ظل التراجع الأميركي، كما يقول محللون.
ومع اتجاه الولايات المتحدة نحو "العزلة المناخية"، وزيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري، تستعد الصين لزيادة اكتساحها الأسواق في هذا المجال ومجالات أخرى رئيسية، بينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وتطوير الاعتماد على الطاقة المتجددة، بالتعاون مع الصين.
الريادة الصينية
ويرجح الخبراء أن تصبح الصين قريبا قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة، وهي فعلا رائدة عالميا في إنتاجها واستخدامها، حيث تُمثل 40% من إجمالي الطاقة المتجددة في العالم.
كما استثمرت بكين 818 مليار دولار في الطاقة الخضراء حتى عام 2024، وهو ما يتجاوز إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين، وهي تتهيأ لزيادة موازنتها واستثماراتها في هذا المجال.
وفقا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي.، فقد قامت الصين بين يناير/كانون الأول ومايو/أيار2025، بتركيب ما يكفي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد ما يعادل ما تنتجه إندونيسيا أو تركيا من الكهرباء.
وفي الأشهر القليلة الأولى من عام 2025 فقط، قدّر مركز أبحاث "إمبر إنرجي" أن الصين أنتجت من الطاقة الشمسية ما يعادل إنتاجها في عام 2020 بأكمله، مما يُظهر سرعة تطور الطاقة الخضراء في بكين.
كما تلتزم الصين أيضا بزيادة اعتماد سكانها على الطاقة النووية. وقد سعت إلى أن تصبح أكبر دولة منتجة للطاقة النووية بحلول عام 2030، وتمتلك حاليا 58 مفاعلا نوويًا عاملا، مقابل 94 مفاعلا للولايات المتحدة بنتها خلال 40 عاما.
وفي الثلاثين عاما الماضية، قامت الولايات المتحدة بتشغيل محطة طاقة نووية واحدة فقط، وحسب الخبراء تُعد المفاعلات النووية الصينية أحدث وأكثر كفاءة من معظم المفاعلات الأميركية، التي شُيِّد معظمها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
كما تُعدّ بكين رائدة في تطوير مفاعلات نووية معيارية صغيرة، تعد أصغر بكثير من حجم المفاعلات التقليدية، ويمكن تجميعها في مصنع قبل شحنها إلى مكان آخر بسهولة لبدء توليد الطاقة.
وتتجاوز فوائد هذه الاستثمارات والإنجازات الصينية المنطق القائل بأن انخفاض أسعار الطاقة يعني اقتصادا أقوى. فسياسات الطاقة وصادرات مكونات الطاقة عالية التقنية تتيح للصين فرصة للارتقاء بسلسلة القيمة المضافة للصادرات وإعادة تشكيل منظومة الطاقة الدولية.
ويرى الخبراء أن الصين تستغل ثغرةً في انسحاب الولايات المتحدة وتخليها عن حلفائها الأوروبيين في مبادراتهم المشتركة للطاقة المتجددة.
وأفادت مجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" أن مشاريع تكنولوجيا المناخ في الولايات المتحدة، التي تبلغ قيمتها نحو 8 مليارات دولار، قد قُلصت أو أُلغيت بحلول عام 2025، في حين تواصل الصين وأوروبا توسيع تعاونهما في هذا المجال.
ورغم أن الصين تعد أكبر منتج للطاقة الخضراء في العالم، لكنها أيضا تُصدر غازات دفيئة أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لكن تعاون الصين مع الأوروبيين يعكس أيضا التزامها واستثمارها الكبير في الطاقة النظيفة والتحول الأخضر، كما يقول الخبراء.
والطاقة المتجددة تُعد أيضا جانبا أساسيا من القوة الناعمة للصين اليوم في الخارج. فقد استثمرت في تطوير الطاقة المتجددة في آسيا وأفريقيا والأميركيتين، معززةً سيطرتها على سلاسل التوريد الرئيسية في الدول النامية مع تزايد طلب هذه الدول على الكهرباء.
وإضافة إلى الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية ومكونات طاقة الرياح، تهدف الصين إلى بيع 30 مفاعلا نوويًا إلى دول من مبادرة الحزام والطريق بحلول عام 2030.
وتعزز بكين بذلك حضورها العالمي بتطوير الطاقة. حتى في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث استحوذت شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية على حصص سوقية كبيرة في العديد من الاقتصادات الأوروبية.
إعلانويرى خبراء أن نفوذ الصين المتزايد في قطاع المناخ على وشك أن يترك الولايات المتحدة في المؤخرة، طالما أن إستراتيجية واشنطن الراهنة في مجال الطاقة تركز على استغلال مواردها من الوقود الأحفوري والتخلي عن المعايير البيئية وسياسات المناخ التي كانت رائدة فيها وداعمة لها.