تزف الحكومة السودانية “إنجازاتها” الملوّنة بينما الخرطوم تغرق في مستنقعٍ دمويّ لا يرحم. صارت الميليشيات هي السلطة الفعلية، وشرطة النظام تحوّلت إلى أزلامٍ مسلّحين يبيعون ولاءهم لمن يدفع أكثر! كل تصريحٍ رسمي عن “الاستقرار” بات أشبه بنداءٍ استعراضيّ بلا دمٍ ولا حركة؛ لأن الحقيقة الوحيدة هنا هي رصاصٌ لا يتوقف، وفسادٌ لا يُستباح.


في الوقت نفسه، يتغنّى المسؤولون بـ”المسارات النهرية” و”الرحلات البرية” لتسهيل عودة اللاجئين، متناسين أن آلاف الأسر العائدة لم تجد إلا مكبّ نفاياتٍ بشريّ: بيوتٌ بلا سقف، شوارع بلا كهرباء، وأحياءٌ يلتهمها الرعب الليلي. هل هذه هي “العودة الطوعية”؟ إنها إدانة للنظام وليست مجرد حملة علاقات عامة؛ فاستقبال اللاجئين تحول إلى إلقاء بالضحايا في فم التنين.
أما شرطة الخرطوم، التي يُفترض أن تكون الحامية للمواطن، فقد تآمرت مع الفوضى حتى باتت أقسامها مقارّ عصابات. عنصرٌ ينهب الأموال بالسلاح، وآخر يبتز التجار بالتأخير المتعمد، وثالثٌ يتعسّف ضد الضعفاء خلف القضبان الرسمية. وما يحدث ليس انحرافًا فرديًا، بل قرارٌ ممنهجٌ اتُّخِذ في سراديب الفساد الخفية.
ورغم تصريحات الحكومة عن “تحرير المناطق” وعودة السيطرة، لا تحرير حقيقي في الخرطوم ما دامت تسودها ثقافة البندقية. لقد استبدل النظام ملصق “المحرر” بآخر مكتوب عليه “وصي الحرب”، بينما أمراء الفوضى يتشاركون مع السلطتين العسكرية والمدنية في نهب الثروات وإرهاب السكان.
كفى لعبًا على العقول: لا بواخر فاخرة ولا تصريحات برّاقة ستعيد هيبة الدولة. ما يحتاجه السودان الآن هو ثورة مؤسسية تعيد للشرطة مكانتها كحارسة للعدل لا صديقة للعصابات، وقضاء مستقل يلاحق المجرمين دون مقابل، وإسقاط أمراء الحرب عن عروشهم المتسلطة. فالعودة الطوعية ستظل حلماً بعيدًا حتى يعود المواطن ليستقبل صوت الحق لا رصاص الميليشيات.
إذا كانت الدولة عاجزة عن حماية شارعٍ واحدٍ في عاصمتها، فكيف تتصدى لتحديات كبرى مثل إعادة مليون لاجئ؟ الجواب واضح: القوة الحقيقية هنا لمن يدفع أكثر، ولا مكان للدولة إلا في خطابات الأشباح!

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أسعار النفط تقفز 12% خلال 48 ساعة من اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل

سجلت أسعار النفط العالمية قفزة حادة بنسبة 12% خلال الـ48 ساعة الماضية، على خلفية اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، في تطور أثار قلق الأسواق العالمية بشأن استقرار إمدادات الطاقة من منطقة الشرق الأوسط.

وارتفع سعر خام برنت - المعيار العالمي - ليصل إلى 91.40 دولارًا للبرميل في التعاملات المسائية، مقارنة بنحو 81.60 دولارًا قبل التصعيد، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 87.20 دولارًا للبرميل.

وجاء هذا الارتفاع وسط مخاوف من احتمال تعطل شحنات النفط في مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس الإمدادات العالمية من الخام. كما عززت المخاوف الجيوسياسية من الإقبال على الذهب والنفط كملاذات آمنة.

ويراقب المستثمرون التطورات الميدانية والسياسية عن كثب، في وقت لم تستبعد فيه بعض التقارير احتمال تدخلات أوسع قد تؤثر على الإنتاج والنقل في المنطقة بأكملها.

اقرأ أيضاًإعلام عبري: إيران أرسلت إلى واشنطن ردًّا بموافقتها على بعض مطالب ترامب

عاجل| انفجار بمقر إقامة السفير النرويجي في تل أبيب

عاجل| إجلاء 700 إسرائيلي من تل أبيب بسبب الهجمات الإيرانية

مقالات مشابهة

  • ذلة لسان تكشف الحقيقة.. مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: إسرائيل تنشر الفوضى بالمنطقة
  • أسعار النفط تقفز 12% خلال 48 ساعة من اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل
  • القائد العسكري لبوركينا فاسو يؤكّد استمرار قتال الحركات المسلّحة
  • هجمات متبادلة بين الجيش والحركات المسلّحة في مالي
  • “الدراسة طيلة فترة الحرب لم تتوقف”.. والي الخرطوم يستقبل مدير جامعة النيلين ويستمع لجهود تأهيل مقارها
  • تلويح إيراني بانخراط حزب الله في المواجهة.. هل اقتربت الحرب الإقليمية؟
  • المواجهة بين إسرائيل وإيران ولحظة الحقيقة
  • حرب المعلومات المضللة بين إسرائيل وإيران.. ما أبرز الأخبار الكاذبة التي انتشرت؟
  • أول تعليق من إيران ردا على تصريحات ترامب.. تفاصيل
  • قنبلة أميركية خارقة قد تغيّر قواعد اللعبة.. هل اقتربت ساعة فوردو؟