مكتبة مصر العامة بسيوة تواصل استقبال الوفود السياحية
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
صرح اللواء وليد منصور رئيس مركز ومدينة سيوة أنه بالتزامن مع احتفالات مصر بذكرى تحرير سيناء ومع ما تشهده الواحة من حركة سياحية كبيرة بالتزامن مع احتفالات الربيع.
استقبلت مكتبة مصر العامة بسيوة صباح اليوم الخميس الأستاذ محمد حسن رئيس لجنة سيوة بغرفة المنشأت الفندقية ووفدا ايطاليا وكان في استقبالهم محمد عمران جيرى مدير المكتبة حيث تم التعريف بالمكتبة وطابعها المعمارى المميز حيث تعد أول مكتبة صديقة للبيئة لما تمتاز به من استخدام الخامات المحلية الصديقة للبيئة، وحجم المساحات الخضراء بها
كما تعرف الوفد على انشطة المكتبة المتنوعة وأقسامها المختلفة من قاعة الأطفال، والمشغولات اليدوية، ومعمل الحاسب الآلى، وقاعة الاجتماعات، وحديقة الطفل، والمسرح وقاعة إطلاع الكبار، وقام الوفد بمشاهدة عرضا عن أنشطة المكتبة المتنوعة، وتم تفقد أقسام المكتبة، والاطلاع على عدد من الاصدارات عن سيوة باللغات المختلفة وتم اهداء الزوار عددا من الكتيبات للتعريف بواحة سيوة.
كما قام الوفد بزيارة متحف البيت السيوى والتعرف على تراث الواحة المادى واللامادى
وأشاد حسن والزوار بالدور الذى تقوم به المكتبة لأبناء سيوة وزوارها كما تم إجراء حوارا مع عدد من الأطفال.
وأكد رئيس مركز ومدينة سيوة أن المكتبة تعد صرحا تنويريا وتثقيفيا وتعليميا على أرض سيوة
وأضاف أن الواحة تشهد حركة سياحية كبيرة من الجنسيات المختلفة، وان الحركة السياحية تسهم في توفير عدد كبير من فرص العمل ويعمل على الرواج الاقتصادى وتحسين مستوى معيشة أفراد المجتمع.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: صديقة للبيئة رئيس مركز ومدينة المساحات الخضراء الحركة السياحية غرفة المنشآت الفندقية
إقرأ أيضاً:
مكتبةُ صديقتي وأنس الشريف
لم أنم في الليلة التي استشهدَ فيها الصحفي الفلسطيني أنس الشريف. أدركُ أنني أعاقب نفسي حتى في اللحظات التي أشعر فيها بالانكسار والهزيمة جراء ما يحدث في غزة، كأنه من غير الممكن ولا الأخلاقي أن أشعر بما أشعر به، ربما لأن تلك المشاعر تعني قدرًا من «التنفيس» الذي أظن بأنني لا أستحقه. لكنني عرفتُ بأن هذا الحدث مختلف على نحوٍ ما عن تلك الجنازات التي أفجعتنا خلال هاتين السنتين، بدت هذه الجريمة المروعة كما لو أنها «ذروة».
أنس لم يكن مراسلًا رسميًّا للجزيرة، بل صحافي مستقل يعمل هنا وهناك، كان يصور المجازر بداية الحرب وينقلون إليه الصورة لوصوله إليها. قبل أن يُصبح مراسلًا ملأ بجدارة مكان الدحدوح بعد إصابته واستشهاد أبنائه ومآس أخرى، أنس ذو الثمانية والعشرين عامًا، لا يتوقف عن النشر في حساباته وهو هناك مُعلقٌ في مربع أحمر على الشاشة، أنس يبكي، أنس عندما كنا ننتظر خبر الهدنة قبل أشهر، قال بأنه ينتظر خلع خوذة الصحفيين التي يرتديها، تحيط به مجموعة من الشباب الذين يريدون أن يظهروا في الصورة، وآخرون يهللون، فيما يبدو بعضهم كما لو أنهم انتظروا طويلًا، انتظارًا لن نعرف طبيعته، انتظروا ماذا؟ ليس هذا ما يهم حقًا، وهذا ما تقوله أعينهم أيضًا. خلع أنس الخوذة فعلًا، وحملوه على الأكتاف، وكنتُ وغيري قد صنعنا أملًا كاذبًا بأن يخلعها مجددًا عما قريب، كأنما هو من سيعلن نهاية هذه المأساة، نصبناه هناك ولم يخطر على بالنا أن يُغتال هو الآخر، هل أستطيع كتابة فكرة مخزية، فظيعة، يصعب عليّ الاعتراف بها أمام نفسي، لكنني سأكتبها هنا: ألم يبدو أنس الشريف منيعًا من الموت؟ وباستشهاده ألا يعني ذلك أنه ما من نهاية لهذا؟
جاءت صديقتي «أ» إلى مسقط قبل ثلاثة أسابيع وكانت قد غادرت غزة بعد ستة أشهر من الإبادة، ووجدتْ نفسها مثل الكثيرين عالقة في مصر، من دون أي وثائق ولا فرصة للحصول عليها، يحاسبون من النظام على أي يوم يقضونه في البلاد بعد فسحة ٤٠ يومًا التي حدد فيها القانون المصري مدة فيزا سياحة الفلسطينيين والتي لا يحصلون عليها بسهولة.
تقضي صديقتي معظم وقتها معي، لا أعرف ما الذي يمكن قوله عما يحدث، وهي أيضًا لا تتحدث عن الأمر، وعندما أسألها عن بقية أسرتها التي ما زالت في «خيم» غزة، تقول إنهم بخير كمن يريد إنهاء الحديث. ليست وحدها من تفعل ذلك، معظم أصدقائي الغزيين يتصرفون بالطريقة نفسها. لا يمكن أن يشاركني محمد اللاجئ لإسطنبول منذ ٦ سنوات لم يستطع فيها العودة لغزة؛ لتعقيدات السفر اللانهائية، بأن عائلته تموت من الجوع في هذه الأثناء. ما زلتُ أتذكر هلِعة وقتًا كنا نقضيه معًا، رجالًا ونساءً لم يجدوا ملاذا لهم عدا إسطنبول عندما كانت تسمح للفلسطينيين وغيرهم ممن جاؤوا مما يسمونه «المناطق المنكوبة» بالإقامة فيها. كنا نعمل على حواسيبنا المحمولة، عندما تلقى خبر استشهاد قسم كبير من عائلته، تلك النظرة الفارغة، التي لم تصحبها أي كلمة، قبل أن يصل الخبر عبر جوالات بقية الأصدقاء، أغلق محمد نافذة صفحة الأخبار، أعاد فتح المتصفح على موقع يعمل على برمجته. ولم يتحدث أحد منا عن الأمر.
أسأل صديقتي عندما أتحلى بشيء من الجرأة، كيف تتعاملين مع الأمر؟ أقصد كيف تمشين، تأكلين، يمكن أن تتحدثي، إذا قضت الحاجة أن تعملي على كتابة ملف عن التغير المناخي وحقوق الإنسان، ستفعلين ذلك أيضًا. كان صمتها ثم تباطؤها في الرد بعد لحظة شرود، إجابة وافية، لكنها ترد: «مش عارفة». وفي الأوقات النادرة التي تبادر فيها للحديث عما يحدث هناك، تتحدث عن خلافات اجتماعية يومية عندما بدأت رحلة التنقل داخل غزة نفسها من منطقة لأخرى هربًا من القتل؛ فلانة خبأت التفاح لزوجها وأبنائها، كنا نتوقع أننا أسرة واحدة، ألا ينبغي أن تشاركنا؟ يصدر عن صديقتي بينما تتحدث عن هذا انفعال طفيف.
لا أعرف حتى هذه اللحظة كيف يمكن تفسير ذلك. أين هي الحرب؟ الأشلاء الممزقة؟ محمد مثلًا استشهدت أخته وأبناؤها في الأيام الأولى من الإبادة، «أ» فقدت الكثيرين وتدرك أنها ستفقد البقية عاجلًا أم آجلًا. والمفجع أن ذلك ليس هربًا من الواقع، لا توجد في هذا السلوك ذرة إنكار واحدة.
تنفعل صديقتي بشدة لأمر واحد فحسب، «مكتبتها». وحتى هذا الانفعال له طريقته الخاصة؛ إذ إنها لم تتوقف منذ أول يوم خرجت فيه من غزة عن شراء الكتب التي قرأتها بالفعل، لا يثير اهتمامها أي إصدار جديد، بعض الكتب قرأتها أكثر من مرة، لكنها تحاول بكل الطرق الحصول عليها، إذا لم تكن متوفرة في القاهرة، تطلب مني تسلّم الكتب من مواقع لبيع الكتب مقتصرة على دول الخليج. سُوِّي بيت صديقتي وعائلتها بالأرض في الأسبوع الأول، بعد أن تم حرقه.
تعرّفت على صديقتي هذه من سؤالها لي عن اقتباس شاركته على حسابي عام ٢٠١٩. سنصبح مقرّبتين بسبب ذوقنا المماثل تمامًا في الكتب. كنتُ أسبقها دومًا في قراءة الكثير من الكتب، إذ إنها في غزة المحاصرة لا يمكن أن تحصل عليها، تنتظر أحيانًا نسخة مقرصنة، أو خدمة مدفوعة للقلة الذين يتمكنون من مغادرة غزة والعودة إليها. لكنني الآن لا أعرف ما الطريقة المناسبة للتعامل مع مسألة القراءة هذه؟ أذعن لرغبتها في إعادة اقتناء الكتب نفسها، أبحث لها عن نسخة متوفرة لديّ إذ اعتدتُ على اقتناء أكثر من نسخة لكتاب أحبه.
عندما أُعلن خبر استشهاد أنس، كتبتْ لي عن الكتب «صرت أتعب من فكرة انه كانوا عندي وبرجع أجيبهم، وحاسة هلّق إني وقعت في حفرة وبدي أقعد أموت لحالي»، بعدها بساعات كنتُ معها، لم نتحدّث عن أنس، لكنها وبينما نتحدث كانت تضع في سلة مشتريات متجر كتب إلكتروني كتبًا لاستدراك ما حُرق؟ عدا أن ثمن الكتب باهظ جدًا فإن تكلفة شحنها غير معقولة. لذا استدركتْ حديثنا وقالت لي، أمل ما الذي أتنازل عنه الآن؟
تنتظر صديقتي مثل غيرها من الغزيين والغزيات أي فرصة للعبور إلى فردوس «أوروبا» لا لشيء سوى إمكانية الحصول على جنسية، وثيقة يتحقق بها وجودهم في عالمنا الوضيع هذا، كل الأماكن طارئة بالنسبة لهم، لا يشترون في العادة أي شيء، إذ إنهم سيخلفون ما يشترونه وراءهم. أخبرتني أنها غلّفت الكثير من الكتب التي اشترتها في مصر ووضعتها في مكان «آمن» في شقة والديها الفارين من غزة أيضًا. تُرى أين ستضع كتبها هذه؟ هل هي مشروع لاختراع مكتبة أبيدت، حتى تُباد ثانية؟ إعادةٌ لمشهد كان عليها أن تنتصر فيه؟ أم أن في ذلك العزاء الأخير الذي يقول لها عن تاريخها الشخصي شيئًا، أي شيء في الوقت الذي لم يعد في غزة أي شيء.
كانت معي بينما أفكّر فيما سأكتب لمقالي الأسبوعي هذا، قلتُ لها بعد أن جلسنا صامتتين وقتًا طويلًا، تُرى عن ماذا أكتب؟ هل يمكن قول أي شيء، كنتُ ومن الليلة الفائتة منذ خبر الاستشهاد أبكي بلا انقطاع، وفي بعض الأحيان أنفصل تمامًا عن الواقع، إذ لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًّا، وإن كان كذلك فكيف يمكن أن يكون معقولًا، كانت تلك ليلة تاريخ ميلادي، تلقيت الخبر بعد ثلث ساعة بتوقيت مسقط من بداية اليوم، ١٢:٢٠ صباحًا، كنتُ قد شاركتها قبل أيام عدم تحمّلي الإشارة للأمر، عرفت من حسابي الخاص على «إكس» أنني محطمة بتلقي الخبر، لكنها لم تقل شيئًا عن ذلك، بعثت لي في أول رسالة بيننا تخبرني فيها عن محبتها لي وامتنانها لهذا التاريخ الذي ولدتُ فيه. لم تكن لتعقّب على فاجعة أنس والآن بينما أكتبُ المقالة تقول: «عطيني خيارات لموضوعات حتى أساعدك» صمتنا، ثم قالت وهي محرجة للغاية ومترددة جدًا كما لو أنها شخص مُتطلب: «هو انتوا بينفع تكتبوا في عُمان وبيطلع بإعلامكم عن أنس؟ اكتبي إذا فيك عن أنس لكن ضروري كمان تحكي عن الشباب الصغار الإعلاميين برضو اللي استشهدوا معه، حزنانة انه محد بيحكي عنهم.. أوف بحسني سيئة وأنا بحكي هيك كأني بسيء لأنس.. خلص إذا فيك اكتبي عن أنس». كان هذا ما شرعت في كتابته، لم أستطع تقبُّل أيٍّ مما كتبت، ثم قادني أنس إليها، كما قادتني إلى الكثيرين من أنس، الكثيرين جدًا للحد الذي تُصر فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي على تصفيتهم.