أطفال السودان.. البراءة بين الجوع والمرض والعنف والنزوح
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةمنذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، أصبح الأطفال الضحايا الأبرز لصراع مسلح لا يرحم، إذ يواجهون مزيجاً مميتاً من الجوع، والمرض، والعنف، والنزوح.
وكانت نقابة الأطباء السودانيين قد كشفت عن وفاة أكثر من 45 ألف طفل بسبب سوء التغذية، بينما تُسجَّل وفاة طفل أو طفلين كل ساعة في مخيمات النزوح، مثل «زمزم وكلمة» في دارفور، و«أدري» في تشاد، والتي أصبحت ملاذاً لأكثر من 600 ألف لاجئ سوداني.
وبعيداً عن الأرقام التي لا تروي سوى جزء من المأساة، يعيش الأطفال في السودان تجربة قاسية، وسط انهيار شبه كامل للبنية الصحية والتعليمية، وغياب شبه تام للمساعدات الإنسانية في مناطق واسعة من البلاد، خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
وتشير تقارير المنظمات الدولية والأممية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، إلى أن السودان يواجه واحدة من أسوأ أزمات الطفولة في العالم، حيث يعاني أكثر من 3 ملايين طفل، تحت سن الخامسة، سوء التغذية، بينهم 700 ألف معرضون للموت الفوري إذا لم يتلقوا تدخلاً عاجلاً.
ولا تقتصر الأزمة على نقص الغذاء، بل تشمل غياب مياه الشرب النقية، وتفشي أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة في الظروف الطبيعية، مثل الحصبة والملاريا والإسهال الحاد، كما يعاني الأطفال من انقطاع تام في برامج التطعيم الدورية، وتدمير واسع للمراكز الصحية والمستشفيات.
وكان وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، قد أوضح أن 15% من الأطفال في المناطق المتأثرة بالنزاع يعانون سوء تغذية حاد، وهو ما يتجاوز الحد الذي يستدعي تدخلاً طبياً فورياً المحدد بـ 6%.
لكن الواقع على الأرض يُعد أكثر تعقيداً مما تظهره بعض التقديرات، إذ إن القيود المفروضة على حركة منظمات الإغاثة تعرقل وصول الدعم إلى من هم في أمس الحاجة إليه.
وأكد الأمين العام للمجلس القومي للطفولة، عبدالقادر الأمين أبو، أن 87% من أطفال السودان يعيشون تحت خط الفقر، وغالبيتهم لم يتلقوا أي نوع من الدعم الطارئ منذ بداية الحرب.
وتُعاني فتيات السودان مخاطر مضاعفة، تتراوح بين الزواج القسري، والاعتداءات الجنسية، والاستغلال في مناطق النزوح، حيث أفادت تقارير حقوقية بأن آلاف الفتيات تم تزويجهن قسراً في سن مبكرة، إما بدافع الحماية أو نتيجة الفقر المدقع، في ظل غياب شبه كامل لأي آليات حماية.
أوضح القيادي في حزب المؤتمر السوداني، أيمن عثمان، أن الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد الأطفال في السودان منذ اندلاع الحرب، في أبريل 2023، تُعد وصمة عار على جبين الإنسانية، وتُنذر بتدمير جيل كامل، مشيراً إلى أن الانتهاكات تشمل التجنيد القسري، والقتل العمد، وترك الأطفال يواجهون المجاعة، وغيرها من الاعتداءات التي تُمارس ضد الأطفال من دون رادع.
وذكر عثمان، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها، يجندون الأطفال قسراً ويحولونهم إلى وقود لحرب عبثية، في انتهاك صريح لكل القوانين الدولية.
وأفاد بأن تقارير عدة صادرة عن «اليونيسف» وثقت مقتل وإصابة آلاف الأطفال، بينما كشفت مشاهد مصورة عن جرائم مروعة، مثل حرق أطفال أحياء في ولاية الجزيرة، وتحديداً في ود مدني، خلال العام الماضي، من قبل قوات متحالفة مع القوات المسلحة السودانية، كانت قد استهدفت قرية «كمبو» المكتظة بالسكان.
من جانبه، قال مصعب يوسف، المحلل السياسي، إن المجاعة تهدد 14 مليون طفل سوداني، ما يفاقم حجم الكارثة الإنسانية، حيث يُترك الأطفال يتضورون جوعاً، وسط الحصار وغياب المواد الغذائية، بينما تتسبب ظروف النزوح في تعريضهم لمزيد من المخاطر، بما في ذلك العنف والمرض والإهمال.
وأضاف يوسف لـ«الاتحاد» أن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال السودان ترقى إلى مستوى «جرائم الحرب».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: السودان الجيش السوداني أزمة السودان القوات المسلحة السودانية الدعم السريع قوات الدعم السريع منظمة الأمم المتحدة للطفولة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
إيران والسودان تحالف قديم يهدد الحاضر…
إيران والسودان تحالف قديم يهدد الحاضر…
حسب الرسول العوض إبراهيم
تشهد المنطقة تصاعدًا خطيرًا في التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، وسط مخاوف من أن تتحول هذه المواجهة إلى حرب شاملة. وإذا ما طال أمد هذه الحرب أو توسعت رقعتها، فإن آثارها ستمتد إلى معظم دول المنطقة، خاصة الدول ذات الهشاشة الأمنية والانقسامات الداخلية. ويُعد السودان من أبرز هذه الدول، بالنظر إلى ما يشهده من حرب داخلية طاحنة بين الجيش والدعم السريع.
من المهم التذكير بأن لإيران تاريخًا طويلًا من العلاقة مع نظام الإسلاميين في السودان، وتحديدًا خلال فترة حكم “الإنقاذ”، حيث قدمت إيران الدعم الفني والعسكري للنظام، بما في ذلك تكنولوجيا الأسلحة، والطائرات المسيّرة، وتدريب العناصر الأمنية في طهران. في المقابل، سمح السودان لإيران باستخدام أراضيه كممر لتهريب السلاح إلى غزة، الأمر الذي دفع إسرائيل في عدة مناسبات لتنفيذ ضربات جوية داخل السودان استهدفت منشآت عسكرية يُعتقد أنها على صلة بإيران.
لم تخف إيران يومًا طموحها في تحويل السودان إلى عمق استراتيجي على البحر الأحمر، وهو ما وضع الخرطوم في خلاف دائم مع محيطها العربي، خاصة الخليج. وقد استخدم نظام الإنقاذ هذه العلاقة كوسيلة لابتزاز سياسي، من خلال التهديد بالتموضع في المعسكر الإيراني. من أبرز صور هذا الاستفزاز، رسو بوارج عسكرية إيرانية في سواحل السودان على البحر الأحمر. لكن، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، لم يجد النظام مفرًا من تغيير بوصلته، فقطع العلاقات مع إيران، وانضم إلى التحالف العربي في اليمن عبر “عاصفة الحزم”.
غير أن الحرب الحالية التي اندلعت في السودان أعادت خلط الأوراق، فقد اتخذت معظم الدول موقف الحياد، في حين وجد نظام الفريق البرهان – المدعوم سياسيًا من الإسلاميين – نفسه في حاجة إلى دعم عسكري خارجي. وهنا استغل الإسلاميون علاقاتهم القديمة مع طهران، وتمت إعادة العلاقات بين الخرطوم وطهران، والتي سرعان ما تُرجمت بدعم عسكري مباشر من إيران للجيش السوداني، شمل تزويده بالأسلحة والطائرات المسيّرة.
السؤال المطروح اليوم في ظل تصاعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية:
هل ستلجأ إيران إلى السودان ليكون ورقة عسكرية في هذه الحرب، سواء عبر استخدام أجوائه أو سواحله؟
وهل ستعتبر إسرائيل السودان حليفًا مباشرًا لإيران، فتقوم باستهدافه مجددًا؟
كل المؤشرات تدل على أن الارتباط بين الملف السوداني والصراع الإيراني الإسرائيلي يتزايد يومًا بعد يوم، لا سيما إذا استمرت الحرب في السودان وامتدت الحرب الإقليمية. ومع طول أمد النزاع في السودان، فإن أي تصعيد في الشرق الأوسط لن يكون معزولًا عنه، بل سيزيد من تعقيد المشهد السوداني سياسيًا وأمنيًا، وربما يُدخل السودان رسميًا في صراع إقليمي لا طاقة له به.
الوسومإيران الإخوان المسلمين البحر الأحمر السودان الصراع الإيراني الإسرائيلي حسب الرسول العوض ابراهيم عاصفة الحزم نظام الإنقاذ