سواليف:
2025-06-17@07:43:32 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT

#تحت_الضوء

د. #هاشم_غرايبه

في عام 1992 جرى اغتيال الكاتب “فرج فوده”، وهذا الكاتب الذي يعتبره العلمانيون العرب مناضلا، إنما ذهب ضحية تطرفه في معاداة الإسلام (تحديدا وليس أي معتقد ديني آخر)، فقد نال منه تطرف جاهلين بالدين يعتقدون أن الله كلفهم بإعدام من يحكمون بكفره.
لا شك أن هذا الكاتب مثل غيره ممن كرسوا أنفسهم لمعاداة منهج الله، ويسمون أنفسهم علمانيين للإيحاء بأن دافعهم تخليص الناس مما يدعونه (الكهنوت الديني)، وهو ما كان يسود أوروبا قبل نشأة العلمانية من محاربة رجال الكنيسة للتفكير البحثي والعلمي خارج المفهوم اللاهوتي، والذي ليس موجودا في الاسلام البتة، فلا وجود لمؤسسة كهنوتية تحتكر فهم الدين، كما أن الدين يحث على العلم والتفكر والبحث.


لذا فحجة التصدي للدين باطلة، وما هي الا امتداد لجهود الطبقة المترفة، كون تطبيق منهج الله كنظام حكم ينتقص من مكتسباتها الظالمة، متضافرة مع جهود المنافقين المعادين تاريخيا له كونه جاء مهيمنا على الدين كله.
حتى نكشف زيف ادعاء هؤلاء، أعرض لأهم المرتكزات التي يستندون عليها، من خلال استعراض كتاب “الحقيقة الغائبة” لفرج فوده.
يبذل الكاتب جهدا كبيرا في الإيحاء أنه حريص على الدين وأنه يسعى الى جعله نقيا من أهواء السياسيين، ويستخدم الأحداث التاريخية لإثبات أن تطبيق الشريعة ليس هو السبيل لصلاح الحكم، ويستشهد بما حدث في زمن عثمان، فقد حدث تمرد ضد حكمه رغم أنه تقي ورع، فكانت الفتنة، وتمثلت بالخروج عليه واغتياله، وأمتد ذلك ليؤدي الى النزاع على الحكم وانقسام الأمة بين الولاء لدولة المدينة ودولة دمشق.
لكن ذلك ناجم عن النقيصة البشرية في حب السلطة، وليس اختيارا بين المتدين وغير المتدين.
كما يركز على موضوع تسخير فقهاء السلاطين لخدمة الحاكم، ويعتبر ذلك استغلالا للدين لمصلحة الإستبداد، لكنه يتناسى أن ذلك ضعف أشخاص وليس قصور الدين عن منع الإستبداد، فهؤلاء الفقهاء أدوات مستأجرة بسبب ضعف إيمانهم وليس بسبب ضعف الدين ذاته، وهم سيبقوا أدوات في يد الظالمين حتى ولو كانوا ملحدين.
صحيح أن هنالك ضرورة لمراجعة التاريخ وتسمية الأشياء بمسمياتها، وعدم إغفال السلبيات فيه، فليس هنالك قدسية لغير القرآن الكريم، وأي كتاب كتبه البشر مهما بلغوا من العلم خاضع للنقد والتمحيص.
لكن السؤال المهم الذي لا يمكنه الإجابة عليه: إن كان الدين إصلاحا للنفوس، قد ينفع قليلا أو كثيرا حسب درجة قناعة الشخص به، أو صدق التزامه به، فما هو الضرر منه كقناعة فردية ومنهاج حكم؟.
ولماذا يكون فصله عن المجتمع في صالح تقدمه ورخائه؟ هل سيوقف ذلك الإنتهازيين؟، وهل يعدموا ايجاد وسائلهم في استغلال السلطة بأشياء أخرى كالوطنية والقومية والشعارات الإنسانية!؟.
ولماذا هو مقتنع بأن التجارب الإنسانية في ترسيخ مبادئ الحكم الرشيد أفضل من التشريعات الإلهية!؟، هل تستقيم هذه القناعات مع الإيمان بالله وحكمته المطلقة!؟.
بالمقابل فحجة الحكم بموجب منهج الله يدعمها:
1 – أن الدين أنزله الله على البشر رحمة منه بهم، ليهدي من شاء منهم أن يهتدي الى المنهج الأمثل في الحياة الدنيا، ومن يرفضه فقد برئت منه ذمة الله، فلا حجة له يوم الحساب، ولم يفرض على الناس اتباعه: “إنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا” [المزمل:19].
2 – الدين ليس مجرد عبادات بطقوس وشعائر صماء، بل هو منهاج متكامل يتضمن مبادئ وتشريعات بتفصيلات ناظمة لكل شؤون الحياة، وأما العبادات فهي الضوابط الفردية لتعزيز التقوى للإلتزام بما حدده الله من حلال وحرام، وهو الضابط الداخلي الوحيد الذي يضمن حسن التنفيذ.
3 – أفرد الله البشر بالعقل مزودا بآليات المنطق، المعتمد على الشك للوصول الى الاقتناع فاليقين، لكي يؤمنوا به ويتبعوا صراطه المستقيم باختيارهم وعن قناعاتهم.
4 – ولأن الإسلام أنزله الله لكل الأزمنة القادمة، فهو ليس نصوصا جامدة ولا قوالب مصبوبة، بل فتح الإجتهاد فيما وراء تلك الثوابت من حيثيات متغيرة حسب المكان والزمان…وهذا هو الفقه، وسيبقى الباب مشرعا الى يوم الدين لكل مجتهد عالم ولكل فقيه مجدد.
الدين واسع، يتسع لكل المتوافقين والمتخالفين، ولا يضيقه إلا جاهل، وقد أمدنا الله بنعمة كبرى وهي القرآن، الداحض لكل حجة، لذا فالحوار وسيلتنا الأنجح للإقناع، وليس اغتيال المخالف.

مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2025/04/24

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحت الضوء هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: ترامب منح إسرائيل الضوء الأخضر لقصف إيران

أكد الإعلامي أحمد موسى، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى ما وصفه بـ"الضوء الأخضر" لإسرائيل لتنفيذ هجمات ضد إيران، وسط تصاعد حدة التوتر بين الجانبين.

عراقجي: مكالمة من ترامب تنهي الحرب الإيرانية الإسرائيلية


أوضح أحمد موسى، خلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي" المذاع عبر قناة صدى البلد، أن مجموعة الدول السبع الكبرى تمارس حاليًا ضغوطًا على واشنطن لإقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار مع طهران.

وأضاف موسى أن الإدارة الأمريكية تضغط على إيران للقبول بشروطها المتعلقة بملف البرنامج النووي، مشيرًا إلى أن هذه الضغوط تأتي في توقيت حساس يشهد تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق في المنطقة.


كما لفت إلى أن هناك قلقًا دوليًا متزايدًا من احتمال توسع رقعة الصراع بين إيران وإسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المستوى العالمي.

وتساءل موسى عن مدى قدرة إسرائيل على التصدي للهجمات الإيرانية، خاصة في ظل إعلان طهران المسبق عن نواياها العسكرية. 


وقال: "إذا كانت إيران تعلن عن ضرباتها بوقت وجيز ورغم ذلك تصيب أهدافها، فهل تستطيع إسرائيل تحمّل هذا الكم من الصواريخ؟".


واختتم حديثه بالإشارة إلى أن القصف الإيراني على مواقع إسرائيلية سيستمر في إطار الرد على الاعتداءات التي تعرضت لها أراضيها، متسائلًا عن مدى قدرة جيش الاحتلال على مواجهة هذه الموجة من الهجمات.  

طباعة شارك الرئيس الأمريكي ترامب الضوء الأخضر

مقالات مشابهة

  • عاجل | ترامب يعطي الضوء الأخضر لانخراط أميركا في الحرب ضد إيران
  • هل يجب إعادة الصلاة بعد أدائها بسرعة؟.. الإفتاء توضح الحكم
  • أحمد موسى: ترامب منح إسرائيل الضوء الأخضر لقصف إيران
  • رضا عبدالعال: أفشة كان الأنسب للمشاركة مع الأهلي بعد إصابة إمام عاشور وليس زيزو
  • الكاتب محي الدين لاذقاني يتناول كتابه “مثقف السلطة بين عهدين” خلال ندوة بدمشق
  • الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد وجودنا
  • لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين
  • لطيفة التونسية تعلن وفاة شقيقها نور الدين برسالة مؤثرة
  • فعلها ترامب وليس نتنياهو… ونجحت إيران بالرد
  • ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما