سواليف:
2025-06-26@06:50:51 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT

#تحت_الضوء

د. #هاشم_غرايبه

في عام 1992 جرى اغتيال الكاتب “فرج فوده”، وهذا الكاتب الذي يعتبره العلمانيون العرب مناضلا، إنما ذهب ضحية تطرفه في معاداة الإسلام (تحديدا وليس أي معتقد ديني آخر)، فقد نال منه تطرف جاهلين بالدين يعتقدون أن الله كلفهم بإعدام من يحكمون بكفره.
لا شك أن هذا الكاتب مثل غيره ممن كرسوا أنفسهم لمعاداة منهج الله، ويسمون أنفسهم علمانيين للإيحاء بأن دافعهم تخليص الناس مما يدعونه (الكهنوت الديني)، وهو ما كان يسود أوروبا قبل نشأة العلمانية من محاربة رجال الكنيسة للتفكير البحثي والعلمي خارج المفهوم اللاهوتي، والذي ليس موجودا في الاسلام البتة، فلا وجود لمؤسسة كهنوتية تحتكر فهم الدين، كما أن الدين يحث على العلم والتفكر والبحث.


لذا فحجة التصدي للدين باطلة، وما هي الا امتداد لجهود الطبقة المترفة، كون تطبيق منهج الله كنظام حكم ينتقص من مكتسباتها الظالمة، متضافرة مع جهود المنافقين المعادين تاريخيا له كونه جاء مهيمنا على الدين كله.
حتى نكشف زيف ادعاء هؤلاء، أعرض لأهم المرتكزات التي يستندون عليها، من خلال استعراض كتاب “الحقيقة الغائبة” لفرج فوده.
يبذل الكاتب جهدا كبيرا في الإيحاء أنه حريص على الدين وأنه يسعى الى جعله نقيا من أهواء السياسيين، ويستخدم الأحداث التاريخية لإثبات أن تطبيق الشريعة ليس هو السبيل لصلاح الحكم، ويستشهد بما حدث في زمن عثمان، فقد حدث تمرد ضد حكمه رغم أنه تقي ورع، فكانت الفتنة، وتمثلت بالخروج عليه واغتياله، وأمتد ذلك ليؤدي الى النزاع على الحكم وانقسام الأمة بين الولاء لدولة المدينة ودولة دمشق.
لكن ذلك ناجم عن النقيصة البشرية في حب السلطة، وليس اختيارا بين المتدين وغير المتدين.
كما يركز على موضوع تسخير فقهاء السلاطين لخدمة الحاكم، ويعتبر ذلك استغلالا للدين لمصلحة الإستبداد، لكنه يتناسى أن ذلك ضعف أشخاص وليس قصور الدين عن منع الإستبداد، فهؤلاء الفقهاء أدوات مستأجرة بسبب ضعف إيمانهم وليس بسبب ضعف الدين ذاته، وهم سيبقوا أدوات في يد الظالمين حتى ولو كانوا ملحدين.
صحيح أن هنالك ضرورة لمراجعة التاريخ وتسمية الأشياء بمسمياتها، وعدم إغفال السلبيات فيه، فليس هنالك قدسية لغير القرآن الكريم، وأي كتاب كتبه البشر مهما بلغوا من العلم خاضع للنقد والتمحيص.
لكن السؤال المهم الذي لا يمكنه الإجابة عليه: إن كان الدين إصلاحا للنفوس، قد ينفع قليلا أو كثيرا حسب درجة قناعة الشخص به، أو صدق التزامه به، فما هو الضرر منه كقناعة فردية ومنهاج حكم؟.
ولماذا يكون فصله عن المجتمع في صالح تقدمه ورخائه؟ هل سيوقف ذلك الإنتهازيين؟، وهل يعدموا ايجاد وسائلهم في استغلال السلطة بأشياء أخرى كالوطنية والقومية والشعارات الإنسانية!؟.
ولماذا هو مقتنع بأن التجارب الإنسانية في ترسيخ مبادئ الحكم الرشيد أفضل من التشريعات الإلهية!؟، هل تستقيم هذه القناعات مع الإيمان بالله وحكمته المطلقة!؟.
بالمقابل فحجة الحكم بموجب منهج الله يدعمها:
1 – أن الدين أنزله الله على البشر رحمة منه بهم، ليهدي من شاء منهم أن يهتدي الى المنهج الأمثل في الحياة الدنيا، ومن يرفضه فقد برئت منه ذمة الله، فلا حجة له يوم الحساب، ولم يفرض على الناس اتباعه: “إنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا” [المزمل:19].
2 – الدين ليس مجرد عبادات بطقوس وشعائر صماء، بل هو منهاج متكامل يتضمن مبادئ وتشريعات بتفصيلات ناظمة لكل شؤون الحياة، وأما العبادات فهي الضوابط الفردية لتعزيز التقوى للإلتزام بما حدده الله من حلال وحرام، وهو الضابط الداخلي الوحيد الذي يضمن حسن التنفيذ.
3 – أفرد الله البشر بالعقل مزودا بآليات المنطق، المعتمد على الشك للوصول الى الاقتناع فاليقين، لكي يؤمنوا به ويتبعوا صراطه المستقيم باختيارهم وعن قناعاتهم.
4 – ولأن الإسلام أنزله الله لكل الأزمنة القادمة، فهو ليس نصوصا جامدة ولا قوالب مصبوبة، بل فتح الإجتهاد فيما وراء تلك الثوابت من حيثيات متغيرة حسب المكان والزمان…وهذا هو الفقه، وسيبقى الباب مشرعا الى يوم الدين لكل مجتهد عالم ولكل فقيه مجدد.
الدين واسع، يتسع لكل المتوافقين والمتخالفين، ولا يضيقه إلا جاهل، وقد أمدنا الله بنعمة كبرى وهي القرآن، الداحض لكل حجة، لذا فالحوار وسيلتنا الأنجح للإقناع، وليس اغتيال المخالف.

مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2025/04/24

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحت الضوء هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

الخارجية الإيرانية: كان واضحاً من بداية المفاوضات أن أمريكا غير جادة

الثورة نت /..

قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إنه “كان واضحاً منذ بداية المفاوضات أن أمريكا ليست جادّة”.

وأضاف بقائي ، في حديث لتلفزيون إيراني، “أن تقول إنك مستعد للتفاوض وفي الوقت نفسه تمنح الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لشنّ هجوم، فهذا خيانة للدبلوماسية”.

وردّاً على وزير الخارجية الأمريكية، ماركو روبيو، بشأن عدم جدّية إيران في المفاوضات، قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية: “هذا من أكثر التصريحات خديعة يمكن لوزير الخارجية الأمريكي أن يدلي بها. إيران دخلت المفاوضات دوماً بنهج مسؤول، فعندما بعث الأمريكيون برسالة واقترحوا التفاوض، ورغم سجلّهم السيء في الانسحاب من الاتفاقات، تعاملت إيران بمسؤولية وقبلت العرض. لقد أجرينا خمس جولات من المفاوضات، بل وقلنا إننا مستعدون رسمياً للبقاء في مسقط طوال الأسبوع إذا لزم الأمر للوصول إلى نتيجة”.

وتابع : “شاركنا بفريق كامل وفريق خبراء حسب الحاجة، فكيف نُظهر جديّتنا أكثر من ذلك؟ أوضحنا أن الوصول إلى نتيجة يتطلب وقتاً، ولا يمكن التفاوض مرة واحدة في الأسبوع والتعامل بسرعة مع هذا العدد الكبير من الملفات المهمة. ومنذ البداية، أدركنا أن أمريكا ليست جادّة”.

وأكد أن “ما قامت به أمريكا وصمة عار، إذ منحت الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي في وسط المفاوضات. الطرف المخادع كان الجانب الأمريكي. كان مطلبنا واضحاً: نحن كعضو في معاهدة عدم الانتشار النووي لدينا الحق القانوني في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. هل كنا نبحث عن سلاح؟ برنامجنا كان سلمياً بالكامل، وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تثبت ذلك”.

وتساءل: “كيف يمكنكم، استناداً إلى الظنون والتكهنات، ودون أي أساس قانوني أو أخلاقي، أن تستهدفوا منشآتنا النووية السلمية؟ هذا ضربة قاسية لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة عدم الانتشار وللدول الضامنة للمعاهدة”.

وفي رده على أن واشنطن تسعى للضغط على إيران عبر الهجمات، قال بقائي: “نوايا الأمريكيين عليهم هم أن يوضحوها، لكن ما هو واضح هو أن ما حدث كان خيانة للحوار. وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، التفاعل بين الدول لحل المشكلات هو مبدأ. فأن تقول إنك مستعد للحوار وفي ذات الوقت تمنح الضوء الأخضر للهجوم، هذه خيانة للدبلوماسية”.

 

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى ناعيًا الكاتب محمد عبد المنعم بكلمات مؤثرة: من الأسماء اللامعة في الصحافة المصرية
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا في مؤتمر صحفي: بعد عملية أمنية استناداً إلى معلومات أولية وبتنسيق مشترك مع جهاز الاستخبارات العامة، نفذت وحداتنا الأمنية بريف دمشق عملية استهدفت مواقع الخلية الإرهابية التي نفذت تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدو
  • الوطنية للصحافة تنعى الكاتب محمد عبد المنعم
  • وزير الثقافة ينعى الكاتب الصحفى الكبير محمد عبد المنعم
  • ميليشيا كتائب حزب الله:سيبقى العراق تحت الحكم الشيعي الصفوي مادام خامنئي في الحياة
  • تامر عبد المنعم يعلن وفاة والده الكاتب محمد عبد المنعم
  • الإضاءة الاصطناعية تطيل عمر النباتات في المدن
  • سامسونج تسرع تحديث أندرويد 16.. وليس فقط لهواتفها الرائدة
  • الخارجية الإيرانية: كان واضحاً من بداية المفاوضات أن أمريكا غير جادة
  • محافظ الشرقية يستقبل الكاتب الصحفى مصطفي بكري