د. عصام محمد عبد القادر يكتب: جبهة داخلية متماسكة .. أمن واستقرار
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
أدرك شعب مصر العظيم، أن البلاد في خطر مستدام، وفي مواجهة مقذوفات مدفعية نيران شائعات أصحاب الأجندات، التي تطلقها كتائبها العميلة، على مدار الساعة، بصورة متوالية، عبر بوابات متنوعة ممولة؛ كي تستهدف تشويه الوعي المجتمعي؛ بغرض أن تنفك الروابط بين فئات هذا المجتمع الكبير، ويصبح مشتتًا ما بين رؤى ضبابية، وإحباط مستمر؛ نتيجة لكثافة السموم المدسوسة، والمغلفة بأخبار مكذوبة، تبثها جماعات معلوم لدينا غاياتها الخبيثة.
الشعب الأبي استوعب الدرس جيدًا، منذ أن قامت الدعوات، منادية بهدم مؤسسات الوطن، وإقامة خلافات بتوجهات ايدولوجية، تعمل عليها أصحاب الأيدي الخفية، منذ أمد بعيد؛ فاختار الشعب حريته ورفض، واستنكر كل محاولات الوقيعة، بين مكون نسيجه من جهة، وبين مؤسساته الوطنية، وقيادته السياسية، من جهة أخرى؛ فازدادت اللحمة، وقوى الرباط، وتبددت جهود مغرضة، وذهبت أدراج الرياح.
القيادة السياسية منذ أن تولت، استهدفت أمرين عظيمين، الأول منهما بناء الدولة، وانتظام ديمومة مؤسساتها، والعمل الجاد في تطويرها، وإعادة تأهيلها، والأمر الثاني الأكثر ضرورة، العمل الممنهج من أجل بناء إنسان، يدرك ماهية الوطن والمواطنة، ويمتلك مقومات الشراكة اللازمة لبناء الدولة، وفق ماهية قيمتي الولاء والانتماء؛ ليصبح الإعمار آلية مستدامة، وتصير النهضة بقطارها دون توقف؛ ومن ثم يحافظ الشعب بأكمله على مقدراته، مهما تعالت التحديات، وتفاقمت الأزمات، وارتفعت وتيرة التوترات، الإقليمية منها والعالمية.
في خطابات عديدة للرئيس، صاحب الرؤى المستنيرة، والفكر الاستراتيجي طويل المدى، أكد على أهمية تماسك الجبهة الداخلية المصرية؛ فبها يتحقق الأمن والأمان، ومن خلالها لا يستطيع كائن من كان، أن ينال من هذا الوطن العظيم، وعبرها قوتها تستثمر الطاقات، وتعلو الهمم والإرادة؛ فلا يستطيع أن يؤثر في وجدان هذا الشعب المغوار، أصحاب راية الفتن، وساكبي الزيت على النار؛ فمصر بفضل الله – تعالى - أبية قوية، منيعة، عصية، بشعبها وشبابها الواعي، القادر على حفظ مقدراتها أبد الدهر.
جبهة مصرية الداخلية مُتماسكة، تتناغم رؤيتها مع من في الخارج من المصريين؛ فتشكل سيمفونية معزوفة وطنية، لا مثيل لها في العالم بأسره؛ فمن يروج الشائعات عبر منابرها سريعة الانتشار، لن يناله إلا النصب، ولن يحقق مآرب، أضحت مفضوحة مكشوفة للقاصي والداني؛ فقد صار شعبنا العظيم بكافة طوائفه، لديه مناعة ضد شائعات أهل الشر؛ حيث الوعي المجتمعي، القائم على حرص مؤكد في الحصول على المعلومات والبيانات، من مصادرها الرسمية بالدولة، ورؤى العين التي لا ترصد أو تشاهد أمامها إلا تقدمًا وازدهارًا، كل مشرق شمس، في كافة مشروعات الدولة القومية، كل ذلك خلق وجدانًا يعشق تراب الوطن، ولا يتقبل دعوات خبيثة، تستهدف النيل منه ومقدراته الغالية.
الرئيس أشاد وثمن إدراك الشعب للتحديات المحيطة بالوطن، وأكد على أن الإعمار منهج لحياة المصريين؛ فلديهم تاريخ عريق تليد دال، وحضارة مليئة بالإنجازات، التي يفخر بها كل مصري في الداخل والخارج؛ لذا يعشق الشعب العظيم ماهية الوحدة، وتراه يصطف في غمضة عين مع قيادته السياسية من أجل وطنه؛ فلا مكان للجور على مقدراته، ولا سعة لمن يحاول إضعاف العزيمة أو ثقته في القيادة السياسية ومؤسسات الدولة؛ فهدفه السامي حدد في نهضة رأى أنها مستحقة له، ولأجيال تلو أخرى.
شعبنا العظيم، وقيادته الرشيدة، ومؤسسات الوطن، تأكد لديهم، أن السعي تجاه تغيير خريطة العالم، بات أمرًا وشيكًا؛ ومن ثم لا منزع، ولا مجال، عن تماسك للجبهة الداخلية، التي تدحر كافة محاولات التغيير، التي يستهدفها المغرضين، في مختلف أرجاء الأرض؛ لذا أضحى الدفاع عن الوطن، وصون ترابه، فرض عين على كل المصريين، دون استثناء أو تمييز؛ فهذا معتقد راسخ في الوجدان منذ فجر التاريخ؛ فقوة النسيج هو ما حقق ماهية البلد الأمين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شعب مصر الوعي المجتمعي بناء الدولة
إقرأ أيضاً:
خناجر الخيانة في خاصرة الوطن!
من قلب المعركة الكبرى التي يخوضها اليمن، شعباً وجيشاً وقيادة، ضد المشروع الأمريكي الصهيوني وأدواته الإقليمية والمحلية، تتكشف أوراق الخيانة من جديد، وتحاول الفلول القديمة أن تنهض من تحت ركام التاريخ بوجه قبيح وروح مأجورة، علّها تظفر بفرصة أخرى لطعن الوطن في خاصرته.
إن خناجر العفافيش، التي ما زالت ملطخة بدماء الأبرياء، تسعى اليوم للعودة لتطعن في الظهر، بعدما فشل الأعداء في إسكات اليمن، فاتجه نحو الجبهة الداخلية ليبحث عن شقوقٍ يتسلل منها إلى النسيج الوطني، مستعيناً بأكثر أدواته قذارة ورخصا.
العفافيش الذين باعوا السيادة منذ زمن بعيد، هم ذاتهم الذين جعلوا من اليمن طاولة مزادات يديرها السفراء وتُحسم قراراتها في واشنطن والرياض، لقد كان مشروعهم منذ البداية واضحاً، دولة رخوة، مرتهنة، منهوبة، تُدار من خلف الستار، فثلاثة عقود من الحكم العفاشي لم تكن سوى مسيرة تدمير ممنهج، تخلّلتها صفقات فساد وتهريب ثروات وإضعاف لمؤسسات الدولة، حتى صار القرار اليمني ورقة في يد الخارج.
لقد قُسّم الوطن إلى مناطق نفوذ، وحُوّلت الثروات النفطية والغازية إلى حسابات بنكية في الخارج، وتحوّل الفساد إلى قانون غير مكتوب، حتى صار كل شيء خاضعا للبيع والنهب باسم الدولة.
لكن الأخطر من كل ذلك، أن خيانة هؤلاء لم تقتصر على الداخل، بل امتدت إلى تعاون سري وخطير مع العدو الصهيوني، بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي، حين فُتحت الأبواب للموساد ليمارس نشاطه على الأرض اليمنية تحت غطاء التهجير، في لحظة كانت فيها القضية الفلسطينية بأمسّ الحاجة للثبات، تواصل هذا التعاون وبلغ ذروته في التسعينيات، بدعم استخباراتي وتسليحي استخدم في الحرب الظالمة على صعدة، ليظهر جليًّا أن النظام السابق لم يكن مجرد أداة محلية للفوضى، بل جزء من مشروع أوسع هدفه ضرب روح المقاومة في المنطقة وتمرير أجندة التطبيع بالتقسيط .
وحين سقط الخائن عفاش، لم تسقط المؤامرة، بل ورث العفافيش أدوات الخيانة وتقمصوا أدوارًا جديدة، لكن بذات الولاء للخارج، متحولين إلى أذرع تعمل لصالح الرياض وأبوظبي، تحت الرعاية الأمريكية المباشرة، فاستمرّ العبث، واستمرت محاولات تمزيق الصف، وإشغال الداخل بالأزمات، في لحظة كانت البلاد فيها أحوج ما تكون للوحدة واليقظة.
إنهم لا يزالون يعملون بنشاط في تأجيج الصراعات، وتشويه المقاومة، وزرع الفتنة، متناسقين تماما مع مشروع صهيوني يستهدف تحويل اليمن إلى ساحة فوضى لا تنتهي.
ولأنهم تعوّدوا على نهب الوطن وكأنّه غنيمة، لم يترددوا في الاستيلاء على الأراضي العامة، ففي عام 1991، صدرت توجيهات رئاسية بتمليك مجاني وليس حتى بتأجير، لآلاف اللبَن من الأراضي الحكومية لصالح حزب المؤتمر الشعبي العام، في واحدة من أكبر عمليات النهب المشرعن في تاريخ الدولة اليمنية.
أراضٍ في قلب العاصمة، كانت ملكًا للشعب، تحوّلت بلمسة قلم إلى ملكيات شخصية يتاجر بها قيادات الحزب، بينما بقية الشعب يعيش بين الجوع والحرمان، لم تكن تلك مجرد عملية فساد، بل جريمة بحجم وطن، جسّدت كيف تحوّلت الدولة حينها إلى شركة عائلية، يُدار قرارها من فوق ويُنهب مالها من تحت.
ورغم هذا الإرث الأسود، فإن اليمن اليوم يكتب قصة جديدة، منذ انطلاق ثورة 21 سبتمبر، استعاد اليمنيون زمام المبادرة، وبدأوا بصياغة مشروع دولة حرة، تملك قرارها، وتحمي سيادتها، وتقف بصلابة في وجه عدوان لم يعرف للإنسانية طريقا، لم يعد القرار اليمني مرهوناً، ولم تعد الكلمة العليا إلا للشعب، وهذا ما أفزع أعداء الداخل والخارج، فاستنفروا أدواتهم لعرقلة المسار التحرري الذي يمضي بخطى ثابتة.
إن المعركة ليست فقط عسكرية، بل معركة وعي، معركة بين مشروع تحرري يحمل همّ الأمة ويقف إلى جانب فلسطين، وبين مشروع تابع لا يرى الوطن إلا سوقاً للنهب ومسرحاً للتطبيع، ولن يتحقق النصر الكامل إلا بتطهير الداخل من كل رموز الخيانة، وكشف كل الأقنعة، وفضح كل من تآمر على هذا الشعب.
فالعفافيش، رغم محاولاتهم للعودة من النوافذ بعدما أُخرجوا من الأبواب، لا مستقبل لهم في يمن الثورة والسيادة، وقد آن الأوان لأن يُغلق ملفهم القذر إلى الأبد، وتُطوى صفحة كانت مليئة بالقبح والخيانة، ليفتح اليمن صفحة المجد والبناء والانتصار.