في زمنٍ باتت فيه براءة الطفولة تُهدَّد داخل أسوار يُفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، تأتي مأساة الطفل “ياسين” لتوقظ ضميرًا غافلًا، وتدمي قلب كل إنسان يحمل ذرة من الرحمة.

طفلٌ لم يتجاوز الخمس سنوات، كان يحمل حقيبته الصغيرة ويذهب إلى مدرسته كل صباح بعينين تلمعان بالأمل، دون أن يدري أن مكان تعلّمه سيصبح مسرحًا لجريمة تهز الوجدان.

ليست مجرد قضية في أوراق المحاكم، بل جرح في روح طفل، ووصمة في جبين مجتمعٍ لا يزال يصارع ليحمي أضعف حلقاته. فهل يكفي الحكم بالسجن المؤبد لمداواة وجع أمٍّ قُتل فيها الأمان؟ وهل تعيد العدالة للياسين ابتسامته التي سُرقت؟

هذه الحكاية ليست عن ياسين وحده، بل عن آلاف الأطفال الذين يحتاجون منّا أن نكون عيونهم في الظلام، وأصواتهم عندما يخنقهم الخوف.

البداية في 2024


بدأت القصة حين لاحظت والدة ياسين تغيّرات غريبة في سلوك طفلها، أصبح يرفض دخول الحمام بمفرده، ويستيقظ من نومه في رعب، ويغلق على نفسه باب الغرفة. بعد محاولات متعددة لفهم ما يحدث، صُدمت الأم حين بكى الطفل وأخبرها، بعفويته الطفولية، أن رجلًا مسنًا في المدرسة قد عامله بطريقة غير لائقة داخل دورة المياه.

في فبراير 2024، تقدمت الأم ببلاغ ضدّ “ص.ك” (79 عامًا) مراقب مالي في مدرسة الكرمة الخاصة للغات بمدينة دمنهور، بعد أن أدلى الطفل باعترافاتٍ بوقوع اعتداء داخل دورة المياه.

أوقفت النيابة التحقيق أكثر من مرة لأسبابٍ عائلية، ثم قبلت تظلم الأسرة وأعادت فتح القضية بعد تقديم أدلة جديدة، منها تسجيلات صوتية لمحاولات رشوة الأم بمبالغ مالية كبيرة لإسقاط البلاغ.

قُيدت القضية برقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور، ورقم كلي 1946 لسنة 2024 جنايات وسط دمنهور، بتهمة “هتك عرض طفل بغير قوة أو تهديد” (المادة 261/201 عقوبات).

الإجراءات الأولية والجلسات الأولى

كانت النيابة قد حفظت التحقيق في البداية لعدم كفاية الأدلة، إلا أن إصرار الأسرة وتقديمها لمستندات جديدة، بالإضافة إلى تقرير الطب الشرعي، أعاد فتح الملف من جديد. وتم عرض المتهم على طابور تعرّف، أكد فيه الطفل أنه هو من قام بإيذائه

استمعت النيابة يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، لأقوال والدة الطفل ومديرة المدرسة والعاملين فيها، وأحالت أوراق المتهم إلى جنايات دمنهور بإيتاي البارود بتاريخ 2 مارس 2025.

أنطلقت أولى جلسات محاكمة المتهم اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025، حيث وصل أهل الطفل في العاشرة صباحًا وسط إجراءات أمنية مشددة، وظهر الطفل ياسين في قاعة المحكمة مرتديًا قناع “سبايدر مان” كرمزٍ للدعم النفسي.

ومع تصاعد التحقيقات، تبيّن أن العاملة (المعروفة بالنّاني) كانت على علم بما يحدث، بل وسهّلت للمتهم الوصول إلى الطفل، مقابل مبلغ مالي، حسب ما ورد في التحقيقات. وقد حاولت لاحقًا تهدئة الأم وطمأنتها بطريقة أثارت الشكوك حول تورطها.

أنكرت مديرة المدرسة من جهتها، معرفتها بأي شيء يخص الواقعة، لكن مع تقدم التحقيق، تم الاستماع إلى أقوالها في النيابة، وظهر من خلال الشهادات والتقارير أن المدرسة أخفقت في حماية الطفل، ولم تتخذ إجراءات فورية حين ظهرت مؤشرات السلوك الغريب على الطفل.

ورغم محاولة البعض من أقارب المتهم التدخل للتفاوض مع الأسرة، وصلت العائلة إلى النيابة بتسجيلات صوتية تُظهر محاولات ترهيب وترغيب لإقناعهم بالتنازل، بلغت فيها المبالغ المعروضة 250 ألف جنيه

هيئة المحكمة وتعديل التكييف القانوني

انعقدت الجلسة أمام الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود برئاسة المستشار شريف كامل مصطفى وعضوية أحمد حسونة عزب وأدهم محمد سعيد ومحمد سعيد عبد الحميد.

استجابت المحكمة لطلبات دفاع الطفل، وعدّلت وصف التهمة من “التعدي بغير قوة” إلى “التعدي بالقوة تحت التهديد”، ما يرفع درجة الجناية ويعزز عقوبة السجن المؤبد.

أقوال المتهم والدفاع

استمعت هيئة المحكمة لأقوال المتهم “ص.ك.ج.ا” (79 سنة)، الذي نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدًا براءته من تهمة هتك عرض الطفل داخل أسوار المدرسة.

نطق دفاع المتهم بطلب تعديل قيد التهمة ووصْفها، لكن المحكمة رفضت هذه الطلبات جزئيًّا، وأبقت على وصف “بالتهديد والقوة”.

حكم المحكمة وردود الفعل

في أولى جلساتها، أصدرت محكمة جنايات دمنهور حكمها بالسجن المؤبد (25 سنة حبسًا فعليًّا) على المتهم، مع حالة من السعادة والحسرة لدى أسرة الطفل، وسط ترديد هتافات “حق ياسين لازم يرجع” من المتظاهرين أمام بوابات المحكمة.

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالباتٌ بتشديد التشريعات الخاصة بحماية الأطفال من التحرش والاستغلال في المؤسسات التعليمية، واتُّهمت إدارة المدرسة بالتقاعس عن حماية تلاميذها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مدينة دمنهور هتك عرض مركز دمنهور هتك عرض طفل مدرسة الكرمة طفل دمنهور هتك عرض الطفل

إقرأ أيضاً:

سرقة ووفاة وتنازل وبراءة.. القصة الكاملة لإسدال الستار على سرقة فيلا نوال الدجوي

أسدلت النيابة العامة الستار على تحقيقاتها في الواقعة المعروفة إعلاميًّا بـ«سرقة أموال الدكتورة نوال الدجوي»، وذلك عقب مبادرة الشاكية بالتنازل عن شكواها، وعدم توجيه أيّ اتهام إلى أحدٍ من أحفادها.

 وفي هذا التقرير نوضح القصة الكاملة للواقعة والتي شملت وقائع السرقة والوفاة لحفيد الشاكية والصراع بين الأحفاد والتصالح بينهم وصولا لتبرأة الأحفاد والتنازل عن الشكوى.. 

حبس شاب عشريني لاتهامه بالتحرش بصغيرةبزفتيبعد القبض عليه في الإمارات.. ما مصير مستريح السيارات المتهم بالنصب على المواطنيندعوى خلع غريبة أمام المحكمة.. والسبب زوجة شقيق رب الأسرةالانتقام الأعمى.. غمرتها بالمياه وألقتها بجوار بلاعة.. حكم رادع من المحكمةجثـ..ـة صغير تثير الفزع في المعصرة.. وجهات التحقيق تبحث في الواقعةإعادة محاكمة 5 متهمين بـ«خلية الإسماعيلية».. بعد قليل

سرقة فيلا نوال الدجوي 

في 19 مايو الماضي حققت الشرطة في ملابسات السرقة التي تعرضت لها فيلا رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب.

وأبلغت نوال الدجوي تعرضها لسرقة محتويات تقدر بملايين الجنيهات، وتضمنت المبالغ التي ذكرت الدجوي اختفاءها من الخزائن نحو 3 ملايين دولار، و15 كيلوجرامًا من الذهب، و50 مليون جنيه مصري، بالإضافة إلى 350 ألف جنيه استرليني.

وفاة حفيد نوال الدجوي 

وفي 26 مايو الماضي كشفت الأجهزة الأمنية ، ملابسات وفاة الشاب المصري أحمد الدجوي حفيد سيدة الأعمال الشهيرة نوال الدجوي بعد العثور على جثمانه داخل مسكنه وأنه استخدم سلاحا ناريا مرخصا خاصا به حال تواجده بمحل إقامته بأحد المنتجعات السكنية بدائرة قسم أكتوبر مما أدى إلى وفاته.

تصالح أفراد عائلة الدجوي 

منذ أيام عقد محامو أحفاد الدكتورة نوال الدجوى، اجتماعهم الثالث فى اطار التسوية التى يقومون بها للتوصل إلى صيغة اتفاق مرضى لطرفى النزاع الذى بدأ من منذ عام 2022، بين أحمد وعمرو شريف الدجوى من جانب، وبين إنجى ومهيتاب منصور ابنتي الراحلة منى الدجوى، والذى استمر في الخفاء حتى ظهوره للعلن في عام 2025.

تنازل نوال الدجوي 

أسدلت النيابة العامة الستار على تحقيقاتها في الواقعة المعروفة إعلاميًّا بـ”سرقة أموال الدكتورة نوال الدجوي”، وذلك عقب مبادرة الشاكية بالتنازل عن شكواها، وعدم توجيه أيّ اتهام إلى أحدٍ من أحفادها، حرصًا منها على تماسك الأسرة، وتوطيدًا لأواصر القُربى، وتعزيزًا لمساعي الصلح بين أفراد العائلة.

وقد أسفرت التحقيقات عن عدم ارتكاب كلٍّ من المدعوين أحمد شريف الدجوي وعمرو شريف الدجوي لتلك الواقعة وقد أمرت النيابة العامة بحفظ التحقيقات لتنازل الشاكية.

رد فعل ابنة أحمد الدجوي

علقت نوال الابنة الكبرى للراحل الدكتور أحمد الدجوي على براءة والدها من سرقة أموال جدته، مؤكدة أنها كانت على يقين ببراءته.

وقالت نوال أحمد الدجوي، في بوست عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “براءة أبويا مفاجئتنيش، أنا عارفة إن أبويا بريء من الأول.. أنا أعرفه كويس وأعرف تربيته وأخلاقه اللي زرعها فيا”.

وتابعت: “الدكتور أحمد الدجوي مكنش بس شاطر في شغله ولا صاحب أخلاق حميدة ده كان أب عظيم.. السؤال اللي المفروض الكل يسأله لنفسه دلوقتي: مين الشخص اللي وجه الاتهامات دي لأبويا؟.. الاتهامات اللي شوهت سمعته وضرته ضرر كبير نفسي ومعنوي”.

وواصلت تعليقها قائلة: “اللي حصل لأبويا كان ظلم كبير لأبويا ولينا، ومش هسكت ولن أرتاح أبدًا لحد ما نكتشف مين اللي عمل كده، ويأخد جزاءه، ويُحاسب على جريمته، لأن دي كانت السبب في موت أبويا معنويًا”.

واختتمت نوال حديثها برسالة مؤثرة لوالدها، وقالت: “الله يرحمك يا أحن أب في الدنيا، ربنا مش راضي على ظلمك وبيرجعلك حقك من اللي ظلموك”.

طباعة شارك النيابة العامة القصة الكاملة نوال الدجوي أحمد الدجوي الدكتورة نوال الدجوي سرقة

مقالات مشابهة

  • النيابة العامة: محكمة جنايات بنغازي تقضي بإعدام ثلاثة مدانين في قضية قتل عمد
  • عُطل أم اختطاف.. لغز سقوط الطائرة الهندية يحير العالم| القصة الكاملة
  • جنايات المحلة تؤيد حكم إعدام سفـ.ـاح عزبة رستم بتهمة إنهاء حياة أمه وأشقائه
  • كارثة في السماء.. لحظة سقوط الطائرة الهندية ومقتل جميع من كانوا على متنها.. القصة الكاملة
  • علاقة غير شرعية.. القصة الكاملة لضبط سيدة ألقت رضيعها داخل مسجد في المنوفية
  • مصرع تاجر دهب على يد شخصين في البحيرة .. القصة الكاملة
  • احتضن ابنته في فرحها ومات.. القصة الكاملة لوفاة أب أثناء حفل زفاف ابنته بالمحلة
  • القصة الكاملة لسرقة أموال الدكتورة نوال الدجوى.. من البلاغ لقرار الحفظ
  • سرقة ووفاة وتنازل وبراءة.. القصة الكاملة لإسدال الستار على سرقة فيلا نوال الدجوي
  • بعد تسمم العشرات.. القصة الكاملة لإغلاق مطعم شهير في المنيا