تفاؤل أوكراني بعد اتفاقية المعادن.. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
كييف- بعد عقبات وتوترات كثيرة وغير مسبوقة بين كييف وواشنطن، وبعد خلافات ومشادّة حادة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترامب، رأت "اتفاقية المعادن النادرة" ضوءا في نهاية النفق، وتنفس الجميع الصعداء.
ويعمّ تفاؤل كبير بين الأوكرانيين، ساسة وعامة، بعد نحو 100 يوم من مخاوف وشكوك فرضتها عودة ترامب، وكأنما ارتووا بعد طول ظمأ في الصحراء الأميركية، بحثا عن استمرار الدعم بالمال والسلاح.
حتى أن الرئيس زيلينسكي قال إن "الاتفاق هو النتيجة الأولى للاجتماع مع ترامب في الفاتيكان"، الذي دام نحو 15 دقيقة فقط، على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في 26 أبريل/نيسان المنصرم.
اتفاقية "عادلة"يرى الأوكرانيون أن بنود الاتفاقية التي نشرتها نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، "عادلة"، ويعتقدون أنه على عكس ما كان متوقعا، لم تتنازل فيها كييف أمام ضغوط واشنطن.
وباختصار، يشرح مدير معهد البحوث والاستشارات الاقتصادية في كييف إيهور بوراكوفسكي أهم ما جاء فيها قائلا إن "الاتفاقية تقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، يسهم كل طرف فيه بنسبة 50%، وهو صندوق يبقي ملكية الأراضي والمنشآت والشركات لأوكرانيا، ولا يحتسب المساعدات المالية والعسكرية السابقة كديون عليها".
إعلانوأضاف في حديث للجزيرة نت "تم توسيع مجال الاتفاقية لتشمل 57 معدنا، إضافة إلى النفط والغاز، التي حال العجز والفساد عن استثمارها طيلة 34 سنة، حتى أصبح اسمها (اتفاقية باطن الأرض)".
وفي السياق ذاته أيضا، يقول الكاتب في الشأن الاقتصادي، سيرهي فورسا للجزيرة نت، إن "أهم ما في الاتفاق أنه لا ضرر فيه لنا أو تبعية استعمارية كما أراد ترامب، وأننا لا نعترف فيه بديْن وهمي حدده ترامب في رأسه، ولا نلتزم بسداده ما حيينا".
لكن الجانب الاقتصادي للاتفاقية، على أهميته، قد لا يعني الأوكرانيين بقدر ما يعنيهم الحصول على ما يدعم جبهات القتال، ويحمي المدن من الضربات الروسية، ويلحق بالروس أوجاعا أكبر.
والاتفاقية، رغم مطالب الأوكرانيين، لم تشر إلى أية ضمانات أمنية أميركية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار أن تكون المساهمة الأميركية على شكل "أسلحة ودفاعات جوية".
وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال، إن "اتفاقية باطن الأرض ستسمح بحماية سمائنا بشكل أفضل، وذلك بفضل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية".
ليس هذا فحسب، فبعد ساعات من توقيع الاتفاقية، قالت صحيفة "كييف بوست" إن "إدارة ترامب وافقت على أول عملية تصدير أسلحة لأوكرانيا، بقيمة 50 مليون دولار".
تحول أميركيهذه المستجدات كلها تتزامن مع تحول كبير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بجهود الوساطة بين أوكرانيا وروسيا لإيقاف الحرب وإحلال السلام.
ومن دلالات هذا التحول، كما يراه الأوكرانيون، تسليم نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، بأن "أفق الحرب بلا نهاية واضحة، والمهمة صعبة قد تحتاج إلى 100 يوم أخرى".
بينما لوّحت واشنطن بسحب جهودها، وغيّر ترامب نبرته تجاه الروس، فصار يتذمر من مماطلة بوتين، وتوعده فعلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار وبداية المفاوضات، قائلا "سنعطي زيلينسكي الكثير، وأكثر مما حصل عليه في أي وقت مضى"، في إشارة مباشرة إلى الدعم الأميركي.
وإزاء هذه التطورات، يرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو "أن ترامب فهم أن بوتين خدعه، وأن الأخير لا يريد السلام، حتى وإن قال وأظهر غير ذلك".
اتفاق تاريخي بين #أوكرانيا وأمريكا لتقاسم المعادن النادرة واستثمارها في إعادة الإعمار.. مراسل الجزيرة حسان مسعود يطلعنا على التفاصيل pic.twitter.com/bBO81JkHPQ
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 1, 2025
همّ مشتركمن وجهة نظر بعض الخبراء، تُشرك الاتفاقية الموقعة الولايات المتحدة في تحمل "الهمّ" الأوكراني، وتمنعها من الضغط على أوكرانيا ودفعها نحو سلام لا يواتيها.
إعلانوفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس "مركز التنسيق المشترك" أوليغ ساكيان، إن "واشنطن باتت معنية وبشكل مباشر بإحلال السلام، دون أن تخسر كييف مزيدا من الأراضي".
وأضاف موضحا "يخشى ترامب تحمل التبعات إذا تراجع دعم بلاده واستطاعت روسيا سحق أوكرانيا. وكذلك لن يستطيع ترامب إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق يعود بالضرر على الحكومة والشركات الأميركية التي ستساهم في "الصندوق الاستثماري المشترك".
ومن وجهة نظره، "بعد واشنطن، ستزيد الدول الغربية الضغوط على بوتين في المرحلة المقبلة" ويعتقد أن هذه الدول، ستزيد وتشدد العقوبات على روسيا بعد الاحتفال الأوكراني بـ 9 أيار/مايو (ذكرى يوم النصر على النازية)".
الوساطة باقيةوعلى أساس ما سبق، يستبعد مسؤولون أوكرانيا انسحاب الولايات المتحدة فعليا من جهود الوساطة وإحلال السلام، حتى وإن تعثرت تلك الجهود ولمّحت واشنطن إلى غير ذلك.
في حديث لموقع "آر بي كا"، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، في تلميح غير مباشر للأميركيين "إذا كانت لديكم اتفاقية شراكة إستراتيجية، وكانت لديكم أصول أو أرباح هنا، فلن تُسلموا هذه المنطقة لمنافس مباشر، خاصة في مجالات صناعية تعنيكم، وتخص المعادن الأرضية النادرة. ستحمون أصولكم، وهذا سيعود عليكم بالنفع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
برلماني أوكراني: روسيا تضلل العالم وتُصر على استمرار الحرب
قال أوليكسي جونشارينكو، عضو البرلمان الأوكراني، إن أوكرانيا تمتلك أوراقًا تفاوضية قوية، رغم سعي موسكو لفرض واقع جديد على الأرض، واستخدام فكرة "المنطقة العازلة" كورقة ضغط في أي مفاوضات مقبلة.
وفي مداخلة مع الإعلامية داليا نجاتي على قناة القاهرة الإخبارية، أضاف جونشارينكو: "أوكرانيا اليوم دولة قوية للغاية بفضل قواتها المسلحة وصمود شعبها، لقد أوقفنا روسيا على مدار سنوات الحرب، ولولا هذا الصمود لكانت الدولة الأوكرانية قد اختفت من الوجود".
وأكد أن الجيش الأوكراني قادر على مواجهة العدوان الروسي، مشيرًا إلى أن ما تطرحه موسكو حول "منطقة عازلة" هو محاولة جديدة لفرض شروط على الأرض، لكن أوكرانيا تسعى للسلام الحقيقي، على عكس روسيا التي تستمر في الحرب لتحقيق مكاسب إضافية.
وأضاف النائب الأوكراني أن العدوان الروسي "تسبب في انتهاكات صارخة للقانون الدولي، وسقوط ضحايا مدنيين، بينهم أطفال، خصوصًا في مناطق مثل خرسون"، مؤكدًا أن هذه الهجمات خلفت دمارًا واسعًا وأعدادًا كبيرة من الجرحى.
ورداً على سؤال حول استعداد كييف للتفاوض وفق شروط موسكو، قال جونشارينكو: "روسيا لا تبحث عن السلام، بل تسعى فقط إلى كسب الوقت واستمرار الحرب، هم يضللون الرأي العام العالمي، ويكذبون باستمرار حتى على شركائهم الغربيين".
وشدد على أن أوكرانيا لن تقبل بأي معادلة تفاوضية تفرضها روسيا بالقوة، مضيفًا: "أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يكون عادلاً، ويضمن انسحاب القوات الروسية واحترام السيادة الأوكرانية".