البرلمان العراقي يتلكأ.. والحق في المعلومة مؤجل
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
4 مايو، 2025
بغداد/المسلة: تجددت الأصوات المطالبة بتشريع قانون «حق الحصول على المعلومة» في العراق، لتعود معها تساؤلات قديمة عن مغزى الاحتفاء بيوم حرية الصحافة في بلد لم يُجز فيه هذا الحق حتى الآن.
وتمضي الحكومات العراقية في مراسم التكريم والخطابات الرسمية، بينما تظل بيئة الصحافة مسكونة بالخوف والرقابة الذاتية، ويُترك الصحافي في مواجهة واقع يمزج بين التهديد الغامض والحماية القانونية الغائبة.
وتُظهِر أرقام «مراسلون بلا حدود» تقدماً طفيفاً للعراق، لكن هذا لا يغيّر من واقع أن البلاد لا تزال تصنف كواحدة من أخطر البيئات للصحافيين في العالم، إذ تجاوز عدد الضحايا منذ التسعينيات 340 صحافياً، رقم لم تبلغه حتى دول النزاعات المفتوحة كسوريا واليمن.
ويغيب تشريع «حق الحصول على المعلومة» رغم كونه شرطاً أساسياً لأي ممارسة إعلامية حقيقية، وهو الغياب الذي يفتح الباب أمام الفساد، ويمنع المجتمع من المساءلة، ويمنح السلطة أدوات السيطرة من دون مقاومة مؤسسية.
وتستمر الهيمنة الحزبية والجهوية على المؤسسات، ما يجعل الكثير من الصحافيين يلتزمون الصمت حيال قضايا كبرى خوفاً على حياتهم، إذ لا تغيب حوادث مقتل صحافيين وناشطين عن الأذهان، ولا تزال رسائل التهديد تصل إلى صحافيين كتبوا عن الفساد وسوء الادارة .
وتُعرقل الكتل النيابية تشريع القوانين الضامنة للحريات، وسط تواطؤ ناعم تحت يافطة «المصلحة الوطنية» أو «الخصوصية العراقية»، بينما ينشغل البرلمان بمناكفاته، ويغيب عن جلساته عشرات النواب، وكأن القانون المنتظر مجرد تفصيل غير ملح.
ويُعد إسقاط الدعاوى القضائية بحق صحافيين مؤخراً خطوة إيجابية لكنها تبقى في الإطار الرمزي ما لم تتحول إلى سياسة عامة مدعومة بتشريعات، لا بمزاج سياسي أو حملة علاقات عامة.
وتُظهِر ردود الفعل في مواقع التواصل، بأن حرية الصحافة لا تُمنح بتغريدة، بل تُحمى بنص دستوري نافذ وقانون تطبقه المؤسسات لا الأهواء، في إشارة إلى هشاشة الموقف الرسمي تجاه الحريات.
وتُسائل هذه اللحظة السياسية الجميع: هل تكفي الإشادات ببطولة الصحافي العراقي، أم أن الحق في المعلومة بات ضرورة لإنقاذ النظام الديمقراطي من التحلل داخل شعاراته؟.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
غضب من التعتيم الإعلامي وقرار منع البث الحي لمظاهرات كينيا
أثار قرار السلطات الكينية بوقف البث الحي للمظاهرات التي شهدتها البلاد يوم الأربعاء موجة من الإدانات من منظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية، وسط اتهامات للحكومة بمحاولة التعتيم على الانتهاكات الأمنية.
وكانت هيئة الاتصالات الكينية أمرت في بيان رسمي، جميع محطات التلفزيون والإذاعة بوقف التغطية المباشرة للاحتجاجات، معتبرة أن البث الحي "ينتهك مواد دستورية" تتعلق بحرية التعبير والإعلام.
وتزامن القرار أثناء بث القنوات لمظاهرات بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمظاهرات "جيل زد" ضد قانون المالية لعام 2024، التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى.
سارعت عدة منظمات حقوقية على غرار اللجنة الكينية لحقوق الإنسان بمطالبة وسائل الإعلام المحلية بتجاهل القرار الصادر عن لجنة الاتصالات ورفض تطبيقه.
وقالت في بيانها إنه "من غير المقبول استخدام السلطات الحكومية لفرض رقابة على المعلومات، مما يحد من حرية الصحافة".
كما أعلنت أنها طعنت في القرار أمام المحكمة العليا، واعتبرته "غير دستوري" ويهدف إلى "إخفاء انتهاكات الشرطة".
من جانبها أعربت منظمة "أفريقيا الأبية بلا رقابة" عن استنكارها لهذا القرار، معتبرة أن المنع يعد انتهاكا لحرية الصحافة في كينيا.
كما دعت المنظمة إلى استئناف بث الأحداث المباشرة بما يتماشى مع المعايير الدولية لحرية التعبير.
وأضافت المنظمة أنه يجب على الحكومة الكينية أن تلتزم بالمواثيق الدولية التي تضمن حرية الصحافة.
تأثير القرار على الإعلام المحليأفادت تقارير بأن السلطات عطّلت إشارات البث الأرضي لقنوات رئيسية مثل "أن تي في" و"كا تي في" و"سيتيزن تي في"، مما دفع مجموعة "نيشن ميديا" إلى إصدار بيان شديد اللهجة، أكدت فيه أن "إغلاق الإشارة تم دون اتباع الإجراءات القانونية، ويشكل تدخلا مباشرا في استقلالية التحرير".
إعلانولم تقتصر التضييقات على المجال الإعلامي فقط، بل امتدت أيضا إلى المجال الرقمي، حيث قيدت الحكومة الوصول إلى بعض منصات التواصل الاجتماعي مثل "تليغرام"، مما أضاف مزيدا من الصعوبة على المواطنين ووسائل الإعلام في نشر المعلومات المتعلقة بالاحتجاجات.
وقد أعربت عدة منظمات حقوقية عن قلقها من هذه القيود التقنية، معتبرة أن ذلك يشكل تهديدا آخر للحريات العامة في البلاد .
في وقت لاحق، أفاد فرع منظمة العفو الدولية في كينيا بأن 16 شخصا لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في نيروبي ومدن أخرى، معظمهم قتلوا على يد الشرطة، بينما أصيب 400 آخرون، منهم 83 في حالة حرجة.
قد شهدت الاحتجاجات مشاركة آلاف المواطنين لإحياء ذكرى احتجاجات العام الماضي ضد زيادات ضريبية، تصاعدت في ظل توترات سياسية وأمنية في البلاد، خاصة بعد مقتل المدون ألبرت أوجوانغ على يد الشرطة.
تعكس هذه الاحتجاجات تصاعد الاستياء الشعبي من إدارة الرئيس ويليام روتو، الذي وعد بتحقيق تقدم اقتصادي سريع ولكنه يواجه انتقادات بسبب الفساد والركود الاقتصادي.
كما تأتي إجراءات منع البث في وقت تتصاعد فيه الانتقادات المحلية والدولية بشأن تعامل السلطات مع الاحتجاجات، خاصة في ظل تقارير عن استخدام مفرط للقوة، واعتقالات تعسفية، وانتهاكات لحقوق الصحفيين.